تخريج (الميوعة): (الكيوتات) و(النايسات)!



هند الزميع





أضحت الصيحات الغريبة أحد المخرجات الملموسة للجامعات في الوقت الحاضر إلى جانب مخرجاتها التعليمية وكفاءات لا ينكر أحد تميّزها, ونحن هنا نسلط الأضواء على ما يستنكره العقلاء كي لا يقرّه الصمت فيزداد, إذ أنه في السنوات الثلاث الأخيرة لاحظنا وجود نقلة واضحة في الجو الجامعي للبنات, وبتنا نلاحظ سيطرة المظاهر بشكل ظاهر! وهذا الذي أدى إلى تكوين تلك الفئات التي اختارت لنفسها مسميات عرفت بها في الوسط الجامعي, ومن تأمل تلك المسميات يقوده تأمله إلى الفكر الذي احتضن هذه المسميات واندرج تحت لوائها!

وقد اختلفت تلك التصنيفات بحسب مواصفات معينة تجتمع عليها مجموعة من البنات, منها ما يحكمها الشكل الخارجي وطريقة التحدث ومنها ما تحكمها الحالات النفسية والطبائع الشخصية, ومنها ما يتم تصنيفه بحسب الطبقية المجتمعية.

من المتسبب؟

وفي استفسار عن سبب تلك الظاهرة والتي لا نبالغ إن أسميناها ظاهرة أكدت مجموعة كبيرة من البنات أن السبب هو سيطرة الإعلام الفضائي, ونقل الثقافات الغربية للمجتمع, بينما رأت مجموعة أخرى أن السبب الأقوى هو غياب الهوية الحقيقية للفتاة المسلمة, فليس العيب في التجديد أو الاهتمام بالمظهر ولكن العيب أن تتلاعب بعقولنا وأوقاتنا صيحات تنعق بها الشاشات مع مطلع كل ركود لموضة سابقة.

عادات التأثير:

المصافحة تخلف:

وقد رصدنا عجائب لتلك الظاهرة حيث كان هناك فئة تعتبر السلام مصافحة من التخلف والرجعية, وقد جهلوا أن به تتحات الخطايا ولكن هكذا هي برتوكولات الشلة.

حيوانها الأثير:

وحتى الحيوانات فقد كان اقتناء أنواع منها ومحبتها لا يفرضه الاستلطاف ولكن تفرضه التبعية المقيتة, وإلا ما الذي جعل فأرا صغيرا يحتل مساحة من أحاديث الفتيات ومقتنياتهن غير لقطة إعلامية جعلنها من متممات الصورة النرجسية التي وضعنها لمن تندرج تحت قائمتهن!

ثقافة أم تثاقف:

وفي حين كان يظن البعض أن غزو الكلمات الإنجليزية لسياق كلام الفتيات ثقافة ودليل قوة في التعليم الجامعي المتلقي حيث الإنجليزية لغة العصر وجدنا أنها مجرّد كلمات يتطلبها المظهر أو النوع الذي اختارته المجموعة لا أكثر, وفي ظل الاهتزاز النفسي والاغترار بكل ما هو غربي وغريب ظهرت قواميس لغوية جديدة هويتها ضائعة تتذبذب بين اللفظة الإنجليزية والقواعد النحوية العربية وأبرزها الجمع, ولعل من أبسطها للتوضيح: كيوتات, نايسات, وغيرها.

دموع رخيصة:

رصدنا قصصا لأغلب الحالات المندرجة تحت مسمى نحتفظ به لأننا لم نجد له تفسيرا منطقيا وذكره سينحرف بنا نحو مهزلة أن أولئك الفتيات لا يحملن في دواخلهن أية هموم, ولا حتى أهداف, أرخصن مشاعرهن ولم تكن دموعهن إلا أرخص, فتاة في السنة الجامعية الثانية تبكي بحرقة لتؤلم من حولها من صديقاتها, وترسم صورة من التوتر لا تفسير لها غير أن تتألم متأهبا لسماع الخبر, وإذا به من تفاهات الأمور فصديقة غابت عن اتصالها المعتاد, أو اختلاف وجبة الصباح عما اعتادت عليه, أو أو.

الآخر منغلق:

وفي المقابل فقد اتهمت هذه الفئة غيرها ممن يخالفها التوجه أو المفاهيم بأنهم يعيشون انغلاقا وتخلفا, وأطلقوا عليهم اسمها مع أنهم هم الأكثر نجاحا في تنافس العقول والإنتاج.

رؤية منصف:
ومع اختلاط المفاهيم أسعفتنا رؤية اجتماعية تربوية عن ذلك الواقع تقول: أنه عندما يغيب التوجيه ويفتقد الهدف ويكون الفراغ تتميّع الشخصية وتتقلب مع عواصف ما تبثه مصادر التلقي غير الآمنة, فمع ضياع هوية البعض نوجه النداء للمربين وخاصة الوالدين وبالأخص الأم إلى تقريب صور التميّز وزرع الثقة في نفوس الجيل, وفلترة مصادر التلقي خاصة الإعلامية, والاهتمام بالجوانب التربوية التي تنشيء جيلا يواجه الأزمات فالنعمة لن تدوم.