قال العلامة ابن القيم رحمه الله في «الوابل الصيب» (29، 30):
«وما أمر الله عز وجل بأمر إلا وللشيطان فيه نزغتان: إما تقصير وتفريط، وإما إفراط وغلو.
فلا يبالي بما ظفر من العبد من الخطيئتين، فإنه يأتي إلى قلب العبد فيشتامه، فإن وجد فيه فتورًا وتوانيًا وترخيصًا أخذه من هذه الخطة فثبطه وأقعده وضربه بالكسل والتواني والفتور، وفتح له باب التأويلات والرجاء وغير ذلك، حتى ربما ترك العبد المأمور جملة.
وإن وجد عنده حذرًا، وجِدًّا وتشميرًا ونهضة وأيس أن يأخذه من هذا الباب أمره بالاجتهاد الزائد وسول له أن هذا لا يكفيك وهمتك فوق هذا، وينبغي لك أن تزيد على العاملين، وأن لا ترقد إذا رقدوا، ولا تفطر إذا أفطروا، وأن لا تفتر إذا فتروا، وإذا غسل أحدهم يديه ووجهه ثلاث مرات فاغسل أنت سبعًا، وإذا توضأ للصلاة فاغتسل أنت لها، ونحو ذلك من الإفراط والتعدي، فيحمله على الغلو والمجاوزة وتعدي الصراط المستقيم، كما يحمل الأول على التقصير دونه وأن لا يقربه، ومقصود من الرجلين إخراجهما عن الصراط المسقيم: هذا بأن لا يقربه ولا يدلو منه، وهذا بأن يجاوزه ويتعداه»اهـ.