تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 4 من 4

الموضوع: أدب طالب الفقه مع شيخه

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,454

    افتراضي أدب طالب الفقه مع شيخه

    أدب طالب الفقه مع شيخه (1)
    صالح بن صبحي القيم



    ينبغي لطالب الفقه أن يقدم النظر، ويستخير الله فيمن يأخذ عنه العلم، ويكتسب حسن الأخلاق والآداب منه، ويتحرى في كونه ممن كملت أهليته وتحققت شفقته، وطهرت مروءته, وعرفت عفته, وكان أحسن تعليماً وأجود تفهيماً، ولا يرغب الطالب في زيادة العلم مع نقص ورع أو دين أو عدم خلق جميل، وعن ابن سيرين: "هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم". وليحذر من التقليد بالمشهورين وترك الأخذ عن الخاملين، فقد عده الغزالي وغيره من الكبر في العلم، لأن الحكمة ضالة المؤمن يلتقطها حيث وجدها، ويغتنمها حيث ظفر بها، ويتقلد المنّة لمن ساقها إليه، فإنه يهرب من مخافة الجهل كما يهرب من الأسد، والهارب من الأسد لا يأنف من دلالة من يدله على الخلاص، كائناً من كان.



    وذكر أبو نعيم في الحلية، أن زينَ العابدين علي بن الحسين عليهما السلام كان يذهب إلى زيد بن أسلم، فيجلس إليه، فقيل له: أنت سيد الناس وأفضلهم تذهب إلى هذا العبد فتجلس إليه، فقال: "العلم يُتَبع حيث كان ومن كان". فإن كان الخامل ممن ترجى بركته، كان النفع به أعم والتحصيل من جهته أتم. وإذا سيرت أحوال السلف والخلف، لم تجد النفع يحصل غالباً، والفلاح يدرك طالباً إلا إذا كان للشيخ من التقوى نصيب وافر، وكذلك إذا اعتبرت المصنفات وجدت الانتفاع بتصنيف الأتقى و الأزهد أوفر، والفلاح بالاشتغال به أكثر.



    واجتهد على أن يكون الشيخ ممن له في العلوم الشرعية تمام إطلاع، وله ممن يوثق به من مشايخ عصره كثرة بحث وطول اجتماع، لا ممن أخذ من بطون الأوراق. قال الإمام الشافعي - رحمه الله - : " من تفقه من بطون الكتب ضيّع الأحكام "[(المجموع) ج1ص38]، وكان بعضهم يقول: "من أعظم البلية مشيخة الصحيفة"، أي الذين يتعلمون من الصحف.



    ويجب على الطالب أن ينقاد لشيخه في أموره، ولا يخرج عن رأيه وتدبيره، بل يكون معه كالمريض مع الطبيب الماهر، فيشاوره فيما يقصده، ويتحرى رضاه فيما يعتمده، ويبالغ في حرمته ويتقرب إلى الله بخدمته، ويعلم أن ذله لشيخه عز، وخضوعه فخر، وتواضعه له رفعة. أخذ ابن عباس رضي الله عنه، مع جلالته وقرابته من النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - وعلو مرتبته، بركاب زيد بن ثابت الأنصاري، وهو ممن أخذ عنه ابن عباس العلم، وقال: "هكذا أمرنا أن نفعل بعلمائنا"[أخرجه الطبراني والحاكم والبيهقي في المدخل إلا أنهم قالوا : "هكذا نفعل" قال الحاكم : صحيح الإسناد على شرط مسلم].



    ولا ينال العلم إلا بالتواضع وإلقاء السمع، ومهما أشار عليه شيخه بطريق في التعليم فليقلده، وليدع رأيه، فخطأ مرشده أنفع له من صوابه في نفسه.



    كما يجب عليه أن ينظره بعين الإجلال، ويوقره ويعظمه، فإن ذلك أقرب إلى نفعه به، قال بعضهم: حسن الأدب ترجمان العقل ومراعاة الأدب، فيما بين المحققين مقدم على غيره، ألا ترى كيف مدح الله أهله وشرّف محلهم، بقوله: { إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ} [الحجرات : 3].



    وينبغي على الطالب أن لا يخاطب شيخه بتاء الخطاب وكافه، ولا يناديه من بعد، بل يقول: وما تقولون في كذا، وما رأيكم في كذا، وشبه ذلك ولا يسميه في غيبته باسمه إلا مقروناً بما يشعر بتعظيمه، نحوَ قال الشيخ الأستاذ، أو قال شيخنا، أو قال مولانا ونحو ذلك.







    [آداب العلماء والمتعلمين (الحسين ابن المنصور اليمني) بتصرف].



    [سير أعلام النبلاء (الذهبي)].





    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,454

    افتراضي


    أدب طالب الفقه مع شيخه (2)
    صالح بن صبحي القيم




    يجب على طالب الفقه أن يعرف لشيخه حقه ولا ينسى له فضله، فعن أبي إمامة الباهلي مرفوعاً: "من علًم عبداً آية من كتاب الله فهو مولاه"[أخرجه الهيثمى في المجمع (1/153) طبعة دار الفكر وقال: فيه عبيد بن رزين اللاذقي ولم أر من ذكره].



    ومن ذلك، أن يعظم حضرته ويرد غيبته ويغضب لها، فإن عجز عن ذلك قام وفارق ذلك المجلس، قال محمد بن سيرين: "جلست إلى عبدالرحمن بن أبي ليلى، وأصحابه يعظمونه كأنه أمير" [سير أعلام النبلاء - (4 / 263)].



    وعليه أن يصبر على جفوة تصدر من شيخه، أو سوء خلق، ولا يصده ذلك عن ملازمته وحسن مجالسته، ويتأول أفعاله التي يظهر أن الصواب خلافها على أحسن تأويل، ويبدأ هو عند جفوة الشيخ بالاعتذار، والتوبة مما وقع والاستغفار، فإن ذلك أبقى لمودة شيخه وأحفظ لقلبه، وأنفع للطالب في دنياه وآخرته.



    وعن بعض السلف: "من لم يصبر على ذل التعليم بقي عمره في عماية الجهالة، ومن صبر عليه آل أمره إلى عز الدنيا والآخرة".



    ولبعضهم:



    اصبر لدائك إن جفوت طبيبه ..... واصبر لجهلك إن جفوت معلمًا



    وعن ابن عباس: "ذللت طالبًا فعززت مطلوبًا" [رواه الدينوري في المجالسة برقم "1635" 4/ 439 وفيه انقطاع. وانظر عيون الأخبار 2/ 137].



    وقال الشافعي رضي الله عنه: "قيل لسفيان بن عيينة: إن قومًا يأتونك من أقطار الأرض تغضب عليهم يوشك أن يذهبوا أو يتركوك، فقال للقائل: هم حمقى إذًا مثلك إن تركوا ما ينفعهم لسوء خلقي".



    وقال أبو يوسف رحمه الله: "خمسة يجب على الإنسان مُدَاراتهم، وعد منهم العالم ليقتبس من علمه".



    ومن الآداب التي على طالب الفقه التحلي بها مع شيخه شكره له على توفيقه على ما فيه فضيلة، وعلى توبيخه على ما فيه نقيصة، أو على كسل يعتريه، أو قصور يعانيه، أو غير ذلك مما في إيقافه عليه وتوبيخه وإرشاده وإصلاحه، ويعد ذلك من الشيخ من نعم الله تعالى عليه، باعتناء الشيخ به ونظره إليه، فإن ذلك أميل لقلب الشيخ وأبعث على الاعتناء بمصالحه، وإذا أوقفه الشيخ على دقيقة من أدب، أو نقيصة صدرت منه، وكان يعرفه من قبل، فلا يظهر أنه كان له في ذلك عذر وكان إعلام الشيخ به أصلح فلا بأس به، وإلا تركه.



    وعلى طالب الفقه أن لا يدخل على الشيخ في غير المجلس العام إلا بالاستئذان، سواء كان الشيخ وحده أو كان معه غيره. ولا يكرر الاستئذان، وإن شك في علم الشيخ به، فلا يزيد في الاستئذان فوق ثلاث مرات أو ثلاث طرقات بالباب أو الحلقة، وليكن طرق الباب خفيفاً.



    ومتى دخل على الشيخ في غير المجلس العام، وعنده من يتحدث معه فيسكتوا من الحديث، أو دخل والشيخ وحده يصلي، أو يذكر، أو يكتب أو يطالع، فترك ذلك أو سكت ولم يبدأه بكلام أو بسط حديث، فيسلم ويخرج سريعاً، إلا أن يحثه الشيخ على المكث، وإذا مكث فلا يطيل إلا أن يأمره بذلك.



    وإذا حضر مكان الشيخ فلم يجده جالساً، انتظره كي لا يفوت على نفسه درسه، ولا يطلب من الشيخ قراءة في وقت يشق عليه فيه، أو لم تجر عادته بالإقراء فيه، ولا يخترع عليه وقتاً خاصاً به دون غيره، وإن كان رئيساً أو كبيراً، لما فيه من الترفع والحمق على الشيخ والطلبة والعلم، فإن بدأه الشيخ بوقت معين أو خاص لعذر عائق له عن الحضور مع الجماعة أو لمصلحة رآها الشيخ فلا بأس بذلك.







    يراجع:



    [تذكرة السامع والمتكلم في أدب العالم والمتعلم].



    [آداب العلماء والمتعلمين (الحسين ابن المنصور اليمني) بتصرف].



    [سير أعلام النبلاء (الذهبي)].



    [إتحاف النبلاء بسيرة العلامة عبد الرزاق عفيفى رحمه الله].



    [جامع بيان العلم وفضله].





    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,454

    افتراضي


    أدب طالب الفقه مع شيخه (3)
    صالح بن صبحي القيم


    على طالب الفقه أن يجلس بين يدي الشيخ جلسة الأدب، كما يجلس الصبي بين يدي المقرئ، أو متربعاً بتواضع وخضوع وسكون، وخشوع، ويصغي إلى الشيخ ناظراً إليه، ويقبل بكليته عليه، متعقلاً لقوله، بحيث لا يحوجه إلى إعادة الكلام مرة ثانية، ولا يلتفت من غير ضرورة، ولا ينفض كمه ولا يحسر عن ذراعيه، ولا يعبث بيديه أو رجليه، ولا يضع يده على لحيته أو فمه، أو يعبث بها في أنفه، أو يستخرج بها منه شيئاً، ولا يفتح فاه ولا يقرع سنه، ولا يضرب الأرض براحته، أو يخط عليها بأصابعه، ولا يشبك يديه أو يعبث بإزاره. ولا يستند بحضرة الشيخ إلى حائط، أو مخدة أو يجعل يده عليها أو نحو ذلك، ولا يعطي الشيخ جنبه أو ظهره، ولا يكثر كلامه من غير حاجة، ولا يحكي ما يضحك منه وما فيه بذاءة، أو يتضمن سوء مخاطبة أو سوء أدب، ولا يضحك لغير عجب ولا لعجب دون الشيخ، فإن غلبه تبسم، تبسم من غير صوت، ولا يكثر التنحنح من غير حاجة ولا يبصق ولا يتنخع ما أمكنه، ولا يلفظ النخامة من فيه، بل يأخذها من فيه بمنديل أو خرقة أو طرف ثوب، ويتعاهد تغطية أقدامه وسكون يديه عند بحثه، أو مذاكرته، وإذا عطس خفض صوته جهده، وستر وجهه بمنديل أو نحوه، أو إذا تثاءب ستر فاه بعد رده جهده.
    وعن علي رضي الله عنه قال: "من حق العالم عليك أن تسلم على القوم عامة، وتخصه بالتحية و أن تجلس أمامه، ولا تشيرن بيدك، ولا تغمزن بعينك عنده، ولا تقولن: قال فلان: خلاف قولك، ولا تغتابن عنده أحداً ولا تطلبن عثرته، وإن زل قبلت معذرته، وعليك أن توقره لله تعالى، وإن كانت له حاجة سبقت القوم إلى خدمته، ولا تسار في مجلسه ولا تأخذ بثوبه، ولا تلح عليه إذا كسل، ولا تشبع من طول صحبته، فإنما هو كالنخلة ينتظر متى يسقط عليك منها شيء، وإن المؤمن العالم لأعظم أجراً من الصائم القائم الغازي في سبيل الله، وإذا مات العالم، انثلمت في الِإسلام ثلمة لا يسدها شيء إلى يوم القيامة". ولقد جمع رضي الله عنه في هذه الوصية ما فيه مقنع.قال بعضهم: ومن تعظيم الشيخ، أن لا يجلس إلى جانبه ولا على مصلاه أو وسادته، وإن أمره الشيخ بذلك فلا يفعله إلا إذا جزم عليه جزماً يشق عليه مخالفته، فلا بأس بامتثال أمره في تلك الحال، ثم يعود إلى ما يقتضيه الأدب.كما على الطالب أن يحسن خطابه مع الشيخ بقدر الإمكان، ولا يقول له لم ولا، ولا من يقل هذا، ولا أين موضعه؟ وشبه ذلك، فإن أراد استفادته تلطف في الوصول إلى ذلك في مجلس آخر على سبيل الاستفادة، وإذا تذكر شيئاً لا يقل هكذا قلت، أو خطر لي أو سمعت أو هكذا قال فلان. و لا يقل: قال فلان خلاف هذا، أو روى فلان خلافه، أو هذا غير صحيح أو نحو ذلك. وإذا أصر الشيخ على قول أو دليل، ولم يظهر له أو على خلاف صواب سهواً، فلا يغير وجهه أو عينيه أو يشير إلى غيره كالمنكر عليه، بل يأخذه ببشر ظاهر، وإن لم يكن الشيخ مصيباً لغفلة، أو سهو، أو قصور نظر في تلك الحال، فليعلم أنه ليس بمعصوم. وليتحفظ من مخاطبة الشيخ بما يعتاده بعض الناس في كلامه ولا يليق خطابه به، مثل إيش بك، وفهمت، وسمعت، وتدري، ويا إنسان ونحو ذلك. وكذلك لا يحكي له ما خوطب به غيره، مما لا يليق خطاب الشيخ به، وإن كان حاكياً مثل قال فلان لفلان، أنت قليل البر وما عندك خير وشبه ذلك، بل يقول: إذا أراد الحكاية ما جرت العادة بالكناية به، مثل، قال فلان لفلان: الأبعد قليل البر وما عند البعيد خير وشبه ذلك. وكذلك ينبغي أن يقول في موضع، لم ولا نعلم، فإن قيل لنا كذا أو فإن منعنا ذلك، أو فإن سئلنا عن كذا أو فإن أورد كذا وشبه ذلك ليكون سائلاً له بحسن أدب ولطف عبارة.وإذا سمع الشيخ يذكر حكماً في مساًلة أو فائدة مستغربة أو يحكي حكاية، أو ينشد شعراً وهو يحفظ ذلك، أصغى إليه إصغاء مستفيد له في الحال كأنه لم يسمعه قط، قال عطاء: "إني لأسمع الحديث من الرجل وأنا أعلم به منه، فأريه من نفسي أني لا أحسن منه شيئاً"،وعنه قال: "إن الرجل ليحدثني بالحديث، فأنصت له كأني لم أسمعه، وقد سمعته قبل أن يولد"، ولا يكرر السؤال لما يعلمه ولا يشغل ذهنه بفكر أو حديث، ثم يستعيد الشيخ ما قاله لأن ذلك إساءة أدب، بل يكون مصغياً لكلامه حاضر الذهن لما سمعه من أول مرة، فإن لم يسمع كلام الشيخ لبعده أو لم يفهمه مع الإصغاء والإقبال عليه، فله أن يسأل الشيخ الإعادة والتفهيم بعد بيان عذره.ومن الأدب أن لا يسبق الشيخ إلى شرح مسألة أو جواب سؤال منه، أو من غيره ولا يظهر معرفته به أو إدراكه قبل الشيخ، وينبغي أن لا يقطع على الشيخ كلامه أي كلام كان، ولا يسابقه فيه، بل يصبر حتى يفرغ الشيخ من كلامه ثم يتكلم ولا يتحدث مع غيره والشيخ يتحدث معه، أو مع جماعة المجلس.وفي وصف للنبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم -: كان إذا تكلم أطرق جلساؤه، كأن على رؤوسهم الطير، فإذا سكت تكلموا.[ أخرجه ابن سعد1/422 قال : أخبرنا مالك بن إسماعيل ، أبو غسان النهدي . و"الترمذي" ، في ) الشمائل( 8 و225 و336 و351].[الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع (1/199 ، رقم 347)].

    [آداب العلماء والمتعلمين (الحسين ابن المنصور اليمني) بتصرف].
    [سير أعلام النبلاء (الذهبي)].



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,454

    افتراضي


    أدب طالب الفقه مع شيخه (4)
    صالح بن صبحي القيم




    على الطالب أن يوقر معلمه، ويتأدب معه غاية ما يقدر عليه، لما له من الحق العام والخاص.



    أما حقه العام:



    فإن معلم الخير قد استعد لنفع الخلق بتعليمه وفتواه، فحقه على الناس حق المحسنين، ولا إحسان أعظم وأنفع من إحسان من يرشد الناس لأمر دينهم ويعلمهم ما جهلوا، وينبههم لما عنه غفلوا، ويحصل من الخير وانقماع الشر، ونشر الدين والمعارف النافعة ما هو أنفع شيء للموحدين، ولمن أتى من بعدهم من ذريتهم وغيرهم، فلولا العلم كان الناس كالبهائم في ظلمة يتخبطون, فهو النور الذي يهتدى به في الظلمات، والحياة للقلوب والأرواح والدين والدنيا. والبلد الذي ليس فيه ما يبين للناس أمور دينهم ويرشدهم لما ينتابهم مما هم في غاية الضرورة إليه، فَقَد أهلُه من ضروراتهم ومصالحهم ما يضر فقده بدينهم ودنياهم.



    فمن كان هذا إحسانه، وأثره على الخلق كيف لا يجب على كل مسلم محبته وتوقيره، والقيام بحقوقه ؟ !



    أما حقه الخاص على المتعلم:



    فلما بذله من تعليمه، والحرص على ما يرشده ويوصله إلى أعلى الدرجات، فليس نفع الآباء والأمهات نظيراً لنفع المعلمين المربيين للناس بصغار العلم قبل كباره، الباذلين نفائس أوقاتهم، وصفوة أفكارهم في تفهيم المسترشدين بكل طريق ووسيلة يقدرون عليها.



    وإذا كان من أحسن إلى الإنسان بهديةٍ مالية ينتفع بها ثم تزول وتذهب له حق كبير على المحسن إليه، فما الظن بهدايا العلم النافع الكثيرة المتنوعة الباقي نفعها ما دام حياً وبعد مماته، المتسلسل بحسب حال تلك الهدايا، فحينئذ يعرف أن له من الحق والتوقير وحسن الأدب والوقوف مع إشارته، وعدم الخروج عما أشار إليه مما ينفعه من الأمور التي قد جربها وهو أعرف بها منه من كيفيات التعليم ونحوها ما ليس لغيره.



    وأخيراً ينبغي أن يدعو له مدة حياته، ويرعى ذريته وأقاربه وأولاده بعد وفاته، ويتعاهد زيارة قبره، والاستغفار والصدقة عنه، ويسلك في الهدى والسمت مسلكه، ويتأدب بآدابه، ولا يدع الاقتداء به.







    [آداب العلماء والمتعلمين].



    [من آداب المعلمين والمتعلمين - الشيخ عبد الرحمن بن ناصرالسعدي-].










    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •