طبيعة الصراع على بيت المقدس


الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل


الحمد لله العليم الحكيم؛ خلق البشر فجعلهم فريقين:أهل حق وأهل الباطل، وقضى ببقاء الصراع بينهما إلى آخر الزمان؛ فلا يجتمعان ولا ينتفيان؛ ابتلاء منه سبحانه لعباده ï´؟ ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ ï´¾ [محمد:4] نحمده كما ينبغي له أن يحمد، ونشكره على عظيم منه وواسع فضله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ لا يقضي قضاء للمؤمنين إلا كان خيرا لهم، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فعليه السخط، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله؛ ختم الله تعالى به النبوات، وقضى بهيمنة شريعته على الشرائع كلها، فلا حق يوصل إلى الله تعالى ورضوانه إلا ما جاء به محمد عليه الصلاة والسلام، وما عارضه فهو البعد عن الله تعالى ورضوانه ï´؟ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الكِتَابَ بِالحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الحَقِّ ï´¾ [المائدة:48] صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه؛ قضوا بالحق وبه كانوا يعدلون، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد: فاتقوا الله أيها المؤمنون واعملوا صالحا؛ فإن أمامكم كربات وشدائد لا ثبات فيها، ولا مخرج منها إلا بتقوى الله عز وجل، وقوة اليقين به، والالتجاء إليه، وصدق التوكل عليه ï´؟ وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى الله فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا ï´¾ [الطَّلاق:3].


أيها الناس: من عدل الله تعالى في عباده أن جعل السيادة والريادة لمن يدين بدينه ويقيم شريعته، بغض النظر عن جنسه ولونه ولسانه وماله وسلطانه، وهؤلاء هم أهل الحق، والحق أقوى من الباطل وإن طغى أهله وظلموا ï´؟ بَلْ نَقْذِفُ بِالحَقِّ عَلَى البَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ ï´¾ [الأنبياء:18] وأهل الحق غالبون ولو كانوا قلة مستضامين مستضعفين؛ لأنهم جند الله تعالى، وقد قال سبحانه ï´؟ وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الغَالِبُونَ ï´¾ [الصَّفات:173].


وبنو إسرائيل أمة قد فضلها الله تعالى على من كانوا قبلها من الأمم، بما آتاها الله تعالى من الحكم والنبوة ï´؟ وَلَقَدْ آَتَيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الكِتَابَ وَالحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُم ْ عَلَى العَالَمِينَ ï´¾ [الجاثية:16] وفي الآية الأخرى ï´؟ وَلَقَدِ اخْتَرْنَاهُمْ عَلَى عِلْمٍ عَلَى العَالَمِينَ ï´¾ [الدُخان:32].


وإذا أطلق إسرائيل في القرآن فهو يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم السلام، جعل الله تعالى النبوة في ذريته، وكان موطنهم بيت المقدس بعد أن اتخذه جدهم الخليل إبراهيم عليه السلام موضعا يعبد الله تعالى فيه، إلى أن جرى على يوسف ما جرى عليه في مصر من الرفعة والتمكين، فهاجر يعقوب ببنيه من بيت المقدس إلى مصر؛ كما في سورة يوسف عليه السلام ï´؟ فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ آَوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقَالَ ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللهُ آَمِنِينَ ï´¾ [يوسف:99] ومكثوا فيها أربعة قرون وزيادة، كان الكنعانيون الوثنيون فيها يحكمون بيت المقدس ويسمون العمالقة والجبارين، فلما بعث الله تعالى موسى من نسل يعقوب عليهما السلام، وجرى عليه ما جرى مع فرعون وقومه أنزل الله تعالى التوراة على موسى عليه السلام، وفرض فيها الجهاد على بني إسرائيل فأمروا بقيادة موسى عليه السلام أن يطهروا بيت المقدس من وثنية الكنعانيين؛ فامتنعت بنو إسرائيل عن القيام بأمر الله تعالى وقالوا ï´؟ يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ ï´¾ [المائدة:22] فعاقبهم الله تعالى بالتيه على عصيانهم أربعين سنة على ما جاء ذكره في سورة المائدة، توفي فيها موسى وهارون عليهما السلام، ونشأ جيل جديد من بني إسرائيل، أقوى إيمانا، وأصلب عودا، وأمضى عزيمة، فقادهم يوشع بن نون عليه السلام إلى بيت المقدس ففتح الله تعالى عليه، وطهرت الأرض المباركة من شرك الكنعانيين الوثنيين، وعمرها أتباع موسى بتوحيد الله تعالى، إلى أن دبَّ الشرك والعصيان في بعضهم، فكان من بني إسرائيل موحدون، كما كان فيهم مشركون، فلما كثر العصيان فيهم سلط الله تعالى عليهم الجبابرة من الكنعانيين، فاحتلوا بيت المقدس، ونكَّلوا بهم، فضاع بنو إسرائيل وتفرقوا، فعمدوا إلى نبي لهم لينصب عليهم ملكا يسوسهم، ويعيد مملكة القدس لهم، فأرسل إليهم طالوت، فكانت المعركة العظيمة المذكورة في سورة البقرة، التي انتصر فيها بنو إسرائيل على الوثنيين، وبرز فيها نجم داوود عليه السلام حين قتل جالوت، ثم آل الملك إليه بعد طالوت، وآتاه الله تعالى النبوة، فافتتح بيت المقدس، وسميت مدينة داوود، فعزم على أن يبني لله تعالى مسجدا سماه اليهود بيت الرب أو الهيكل، وتوفي عليه السلام قبل أن يتم له ذلك فخلفه ابنه سليمان عليه السلام، وآتاه الله تعالى الملك والنبوة، فابتنى المسجد على هيئة عظيمة تليق بملكه وملك أبيه عليهما السلام.


وظل بنو إسرائيل يعبدون الله تعالى في المسجد أو الهيكل على وفق شريعة موسى عليه السلام والنبيين من بعده، ومع تقادم العهد كان بنو إسرائيل يتحللون من شرائع أنبيائهم شيئا شيئا، فيبعث الله تعالى لهم أنبياء يدعونهم إلى التوحيد وإقامة الدين، فربما صدوا عن سبيلهم أو آذوهم أو قتلوهم، فيسلط الله تعالى عليهم من يسومهم سوء العذاب كما سلط عليهم الفراعنة والبابليين، ونتج عن ذلك هدم المسجد أو الهيكل، وخُرِّبت مدينة القدس في السبي البابلي، ثم أعيد بناؤها وبناء الهيكل لما انتصر الفرس على البابليين.


واستقر الحكم بعد حروب كثيرة للرومان على بيت المقدس، فاسترضوا بني إسرائيل، وتقربوا إليهم، ولكن بني إسرائيل تمادوا في البغي والظلم فبعث الله تعالى فيهم زكريا ويحيى عليهما السلام، وكان زكريا رئيس المسجد أو الهيكل، وهو الذي كفل مريم عليها السلام المنذورة لخدمة الهيكل، ومن مريم جاء المسيح عيسى عليه السلام بلا أب بمعجزة ربانية مذكورة في القرآن.


وبلغ من فساد بني إسرائيل أن قتلوا زكريا، ثم قتلوا ولده يحيى عليهما السلام لأنه رفض الفتيا لهم بجواز البغاء لأحد ملوكهم، ورموا مريم بالإفك والبهتان، ولما بعث فيهم عيسى عليه السلام انقسم بنو إسرائيل إلى فريقين: فريق آمن بعيسى وهم الأقل والأضعف وهم النصارى، وفريق كفر به وهم الأكثر والأقوى وهم اليهود، فوعظهم عيسى وذكرهم، وكانت عقائدهم وأخلاقهم قد بلغت المنتهى في الفساد والانحطاط حتى إنهم جعلوا مسجد داود ملهى لهم، وسوقا للمرابين منهم، فحذرهم عيسى عليه السلام من العقوبة قائلاً لهم (مكتوب أن بيتي بيت للصلاة وأنتم جعلتموه مغارة لصوص) ولما استيأس منهم حذرهم من أن الهيكل سوف يهدم فقال لهم (الحق أقول لكم: إنه لا يترك ها هنا حجر على حجر لا ينقض).


وانتشرت دعوة عيسى عليه السلام ومواعظه بين الناس، وتأثروا به، فخاف المتنفذون من رجال الدين والسياسة من اليهود على نفوذهم من دعوته، وحكمت المجامع الدينية اليهودية بقتل عيسى عليه السلام، وأغروا الحاكم الروماني بذلك، وفرَّ عيسى عليه السلام ومن معه بدينهم، وسمي المسيح لمسحه الأرض، وكثرة تنقله خوفا من اليهود، إلى أن عثروا عليه فنجاه الله تعالى منهم، ورفعه إليه.


وبعد سنوات من رفع عيسى عليه السلام، وأذية أتباعه بأيدي اليهود؛ سُلِّط اليهود على أنفسهم فحاولوا التمرد على الحاكم الروماني، فاستباحهم، وسبى كثيرا منهم إلى روما، وأحرق المدينة المقدسة، وهُدِم الهيكل للمرة الثانية، وتحققت فيهم نبوءة عيسى عليه السلام فلم يُبْق الرومان في المدينة المقدسة حجرا على حجر. وانتهى أمر اليهود في بيت المقدس، وتفرقوا في أرجاء الأرض، وانتقلت أحقية المدينة المقدسة من اليهود إلى النصارى لشرك اليهود وتوحيد النصارى.


ولكن أتباع عيسى عليه السلام وهم النصارى ما لبثوا إلا يسيرا حتى بدأ الانحراف يدب فيهم، ولم يبق على التوحيد منهم إلا طائفة قليلة؛ إذ بعد ثلاثة قرون من رفع المسيح عليه السلام أعلن حاكم الروم قسطنطين عقيدة التثليث عقيدةً موحدة للنصارى، ودخلت الأمة الرومانية في النصرانية المحرفة، وهرب الموحدون من أتباع عيسى عليه السلام في البراري والأدغال خوفا من بطش أهل الشرك والتثليث.


وابتنيت الكنائس في مدينة القدس وغيرها على هذه العقيدة الشركية، وأقيمت فيها التماثيل، وصورت فيها التصاوير التي تناقض دين المسيح عليه السلام.


وظل مسجد داوود عليه السلام سورا خاليا لا بناء فيه، ولما بعث الله تعالى محمدا صلى الله عليه وسلم، وأسرى به إلى المسجد الأقصى، وأمَّ فيه الأنبياء عليهم السلام كان ذلك إيذانا بانتقال الحق في المدينة المقدسة من النصارى إلى المسلمين، وتم ذلك في فتوح الشام في عهد عمر رضي الله عنه، الذي رحل من المدينة إلى بيت المقدس ليتسلم مفاتيحه من كبار النصارى، ودخلت المدينة المقدسة ومسجدها -مسجد داود عليه السلام- في حظيرة الإسلام، وشرع شد الرحال إلى مسجدها كما شرع لحرمي مكة والمدينة، ولا حقَّ فيها لغير أهل الإسلام بناء على أنها من حق من يقيم دين الله تعالى، ولا دينَ حقا بعد بعثة محمد صلى الله عليه وسلم إلا دينُ الإسلام، وأما اليهود والنصارى فانحرفوا عن شرائع أنبيائهم، فكان المسلمون أولى بأنبيائهم عليهم السلام منهم، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لليهود (نَحْنُ أَوْلَى بِمُوسَى مِنْكُمْ) متفق عليه. وفي شأن عيسى عليه السلام قال النبي صلى الله عليه وسلم: (أنا أَوْلَى الناس بِابْنِ مَرْيَمَ) متفق عليه. وعيسى عليه السلام حين ينزل آخر الزمان فإنه يقاتل اليهود والنصارى على شريعة محمد صلى الله عليه وسلم، ويحكم بين الناس بها.


نسأل الله تعالى أن يثبتنا على الحق، وأن يجعلنا من أنصاره، وأن يكبت أعداء الإسلام والمسلمين، وأن يرد كيدهم إلى نحورهم، وأن يجعلهم خائبين خاسرين، إنه سميع مجيب.


أقول ما تسمعون وأستغفر الله تعالى لي ولكم....



الخطبة الثانية


الحمد لله حمدا طيبا كثيرا مباركا فيه كما يحب ربنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين.




أما بعد: فاتقوا الله تعالى وأطيعوه ï´؟ وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى الله ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ï´¾ [البقرة:281].

أيها المسلمون: كان المسجد الأقصى على مرِّ التاريخ مسجداً للمسلمين من قبل أن يوجد اليهود ومن بعد ما وجدوا؛ فإبراهيم عليه السلام هو أول من اتخذ تلك البقعة مسجداً، وقد قال الله تعالى عنه ï´؟ مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِياًّ وَلاَ نَصْرَانِياًّ وَلَكِن كَانَ حَنِيفاً مُّسْلِماً وَمَا كَانَ مِنَ المُشْرِكِينَ ï´¾ [آل عمران: 67]، وليس لبني إسرائيل يهودا ونصارى علاقة بالمسجد الأقصى إلا في الفترات التي كانوا فيها مسلمين مع أنبيائهم المسلمين عليهم السلام، أما بعد كفرهم بالله تعالى، وشتمهم إياه، وقتلهم الأنبياء فقد انبتت علاقتهم بهذا المسجد الذي تحول إلى إرث المسلمين المؤمنين بجميع الأنبياء عليهم السلام.


ولكن اليهود والنصارى في هذا الزمن لا يسلمون بذلك، ويحاربون المسلمين عليه؛ إذ يعتقد اليهود أن بناء الهيكل الثالث سيخرج ملكا من نسل داوود عليه السلام، يحكمون به العالم، ويقتلون غير اليهود، كما يعتقد صهاينة النصارى أن نزول المسيح سيكون في الأرض المباركة، وأنهم سيكونون أتباعه، ويقتلون به غير النصارى؛ فالصراع على بيت المقدس هو صراع ديني عقائدي، يعتقد صهاينة اليهود والنصارى أنهم لن يستطيعوا حكم العالم إلا بعد بناء الهيكل فيه؛ ولذا فلن يتنازلوا عنه مهما كلف الأمر.


وأما الملاحدة والعلمانيون من بني إسرائيل فيرون أن هذه العقائد الدينية التي تحرك صهاينتهم فرصة سانحة لإقناع شعوبهم وتحريكهم نحو استعمار منطقة الشرق الإسلامي، وبسط نفوذهم فيها؛ لتحقيق مكاسب سياسية واقتصادية بهذه المعتقدات. والعجيب أن الأهداف الصهيونية الدينية والأهداف العلمانية عند اليهود والنصارى قد التقت على هذه البقعة المباركة، واتفقت على لزوم السيطرة عليها، وكل واحد من الفريقين وإن كانت له مسوغاته ومشاريعه فإنه يدعم الفريق الآخر ويؤيده. بخلاف المسلمين فإن العلمانيين منهم يريدون التخلي عن الأرض، وبيعها للأعداء بثمن بخس، بل بلا ثمن، ويحاربون من لا يوافقهم في خيانتهم بلا هوادة.


إن الأرض المباركة هي أرض الله تعالى، ومسجدها أقيم لتوحيده سبحانه، وليس من حق أحد -كائنا من كان- أن يتنازل عن شيء منها للأعداء؛ فهي ملك لله تعالى، وأمانة عند المسلمين، ولن تحرر من رجس اليهود إلا بالتزام دين الله تعالى، وتحكيم شريعته، والتوبة من الذنوب والمعاصي التي هي سبب الذل والهوان المضروبين على المسلمين.


إن الأرض المباركة بمسجدها المقدس لن تحررها مؤتمرات تقام هنا أو هناك، يعقدها من سعروا الحروب لإشباع نزواتهم؛ فاستعمروا البلدان، وخربوا العمران، ونهبوا الثروات، وقتلوا الرجال والنساء والولدان.. هم الخصم في مؤتمراتهم وهم الحكم، وهم من يملون الاتفاقيات، ويشترطون الشروط، ويفرضون إرادتهم الظالمة بالقوة والبطش والتخويف والتهديد، ما يعقدون مؤتمراتهم إلا طمعا في تنازلات جديدة، ولن يكون حظ المسلمين من مؤتمرهم الأخير إلا كحظهم من اتفاقات مدريد وأسلو وغيرها من مؤتمرات الأعداء.


لن ينال المسلمون منها إلا تكريس الاحتلال، ومكافأة الظلمة، وجلد الضحية، وتشريع الفساد في الأرض، فلا أمل فيهم ولا في مؤتمراتهم، وإنما الأمل في الله تعالى، ثم في رجال مؤمنين مرابطين في الأرض المباركة، قد تحملوا عن الأمة كلها مسئولية الدفاع عن المسجد الأقصى، ففدوه بدمائهم وأبنائهم وأموالهم.. ما وهنت لهم عزيمة، ولا لانت لهم عريكة، جوعهم أهل الأرض على ما اختاروا فصبروا وما ضجروا.. هدم اليهود ديارهم، وأتلفوا زروعهم، وفعلوا بهم ما لا يحتمله غيرهم، وهم صابرون صامدون مرابطون، فلهم على المسلمين حق الدعاء والتضرع بأن يفرج الله تعالى كربتهم، ويقوي عزيمتهم، ويربط على قلوبهم، وينصرهم على أعدائهم، ويحرر الأقصى على أيديهم ï´؟ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ الله العَزِيزِ الحَكِيمِ ï´¾ [آل عمران:126].




وصلوا وسلموا...