أنواع هجر القرآن الكريم
الملتقى الفقهي: قاسم عبدالواحد


الحمد لله ربّ العالمين, والعاقبة الطّيبة للمتقين؛ وأهل القرآن, ولا عدوان إلا على الظَّالمين, والصَّلاة والسّلام على أشرف الأنبياء والمرسلين, الذي كان خلقه القرآن, وعلى آله وصحبه أجمعين. أمَّا بعد:
فلمَّا كان تدبّر القرآن الكريم وتلاوته من سيم أهل الإيمان, ومن صفات المتّقين المخلصين, كان هجره تلاوة وتدبّرًا من سيم المحرومين, ومن صفات ضعاف الإيمان, ولقد كان النَّاس يزعمون أنّه إذا أطلق: «هجر القرآن» انصرف ذلك إلى الذين تركوا تلاوته وقراءته؛ ولا يعلمون أنّ ذلك المصطلح أعمّ وأشمل من ذلك كلِّه, فلذلك نرى أنّ من النّصح لله, ولكتابه العظيم, أن ننقل لنا كلام العلامة ابن القيّم الجوزيّة في هذا المعنى؛ لنستفيد منه أوَّلاً, ونفيد.
يقول العلامة ابن القيّم الجوزيّة - رحمه الله تعالى - وهجر الْقُرْآن أَنْوَاع:
النّوع الأوّل: هجر سماعه, والإيمان به, والإصغاء إليه.
النّوع الثاني: هجر العمل به, والوقوف عند حلاله وحرامه؛ وإن قرأه وآمن به.
النّوع الثالث: هجر تحكيمه, والتّحاكم إليه في أصول الدّين وفروعه, واعتقاد أنّه لا يفيد اليقين, وأنّ أدلته لفظيّة لا تحصّل العلم.
النّوع الرابع: هجر تدبّره وتفهّمه, ومعرفة ما أراد المتكلم به منه.
النّوع الخامس: هجر الاستشفاء والتداوي به في جميع أمراض القلب وأدوائها؛ فيطلب شفاء دائه من غيره, ويهجر التّداوي به.
ثمّ قال رحمه الله تعالى: وكلّ ذلك داخل في قوله تعالى {وقال الرّسول يا ربّ إنّ قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا}1 وإن كان بعض الهجر أهون من بعض2
المراجع
1- سورة الفرقان: 30).
2- ينظر: الفوائد لابن القيم (ص: 82).