إذا أتم قراءة الفاتحة قبل الإمام فهل يؤمن ؟ أم ينتظر حتى يؤمن مع الإمام؟



السؤال :
ذكرتم في فتواكم أن قراءة الفاتحة للمأموم واجبة في كل ركعة ، ولكن ما يحدث لي هو : أنني أنهي قراءة الفاتحة قبل الإمام فهل يجب علي التأمين بمجرد انتهائي من قراءة الفاتحة أم انتظار الإمام لأقول آمين بعد انتهائه من قراءة الفاتحة ؟

تم النشر بتاريخ: 2018-01-28
الجواب :
الحمد لله
أولا:
يجب على المأموم أن يقرأ سورة الفاتحة في الصلاة السرية والجهرية ، كما سبق بيانه .
في الفتوى رقم (26746).
وليس هناك وقت معيّن يقرأ فيه المأموم الفاتحة، وإنما إذا كان الإمام يسكت بعد الفاتحة ليترك مجالا للمأموم لكي يقرأ : فالأفضل أن ينصت المأموم حال قراءة الإمام ، ويقرأ حال سكوته .
وإن كان الإمام لا يسكت بعد الفاتحة : فإن المأموم له أن يقرأ الفاتحة متى شاء ، مع قراءة الإمام لها ، أو قبله ، أو بعده ، فقد يطيل الإمام في دعاء الاستفتاح ، فيجد المأموم فرصة لقراءة سورة الفاتحة .
سُئل الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى: " متى يقرأ المأموم الفاتحة في الصلاة الجهرية خلف الإمام؟
فأجاب: يقرؤها إذا سكت الإمام، يقرأ الفاتحة الإمام ، فإذا سكت يقرؤها وقت سكوت الإمام .
فإن كان الإمام لا يسكت : يقرؤها في أي وقت ، ولا حرج، يقرؤها المأموم، وإن كان إمامه يقرأ ، يقرؤها، ثم ينصت ، سواء قبل الفاتحة أو بعد الفاتحة .
لكن إن كان الإمام له عادة يسكت ، يقرؤها المأموم في حال السكوت؛ جمعا بين المصلحتين بين قراءتها ، وبين الاستماع للإمام وقت القراءة " انتهى. "فتاوى نور على الدرب" (12 / 336).
ثانيا:
إذا قرأ المأموم الفاتحة ، وأتم القراءة قبل أن يتم الإمام، فإنه يستحب له أن يؤمن بعد القراءة مباشرة، لوجود سبب التأمين.
قال ابن كثير رحمه الله تعالى: " يستحب لمن قرأ الفاتحة أن يقول بعدها: آمين ... ومعناه: اللهم استجب ...
قال أصحابنا وغيرهم: ويستحب ذلك لمن هو خارج الصلاة، ويتأكد في حق المصلي، وسواء كان منفردا أو إماما أو مأموما، وفي جميع الأحوال ... " انتهى، من "تفسير ابن كثير" (1 / 144 - 145).
ثم إذا انتهى الإمام من الفاتحة، أمّن مرة أخرى، لورود الأمر النبوي بذلك.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( إِذَا أَمَّنَ الإِمَامُ، فَأَمِّنُوا، فَإِنَّهُ مَنْ وَافَقَ تَأْمِينُهُ تَأْمِينَ المَلاَئِكَةِ، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ ) رواه البخاري (780) ومسلم (410).
قال ابن رجب رحمه الله تعالى: " دل هذا الحديث على أن الإمام والمأمومين يؤمنون جميعاً، وهذا قول جمهور أهل العلم. روي عن أبي بكر وعمر وابن عمر وأبي هريرة.
وقال عطاء: لقد كنت أسمع الأئمة يقولون على إثر أم القرآن: آمين، هم أنفسهم ، ومن وراءَهم، حتى إن للمسجد لَلَجَّةً.
وبهذا قال الثوري، وأبو حنيفة، والأوزاعي، وابن المبارك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو عبيد.
وهو رواية المدنيين عن مالك واختيارهم " انتهى، من "فتح الباري" (7 / 95).

فالحاصل؛ أنك تؤمِّن مرتين؛ بعد أن تتم الفاتحة، وبعد أن يتمها الإمام.
فإن توافق فراغك من قراءة الفاتحة ، مع فراغ الإمام : فلا حرج أن تجعل تأمينك تأمينا واحدا ، لقراءتك ، وقراءة الإمام .
قال النووي رحمه الله :
" قال البغوي فلو قرأ المأموم الفاتحة مع الإمام ، وفرغ منها قبل فراغه : فالأولى أن لا يؤمن حتى يؤمن الإمام .
وهذا الذي قاله فيه نظر ، والمختار ، أو الصواب : أنه يؤمن لقراءة نفسه ، ثم يؤمن مرة أخرى بتأمين الإمام .
قال السرخسي في الأمالي : وإذا أمن المأموم بتأمين الإمام ، ثم قرأ المأموم الفاتحة : أمن ثانيا لقراءة نفسه .
قال فلو فرغا من الفاتحة معا : كفاه أن يؤمن مرة واحدة " . انتهى، من "المجموع" (3/373) .
وقال الشيخ زكريا الأنصاري رحمه الله :
"( وَيُسْتَحَبُّ لِقَارِئِهَا) وَلَوْ خَارِجَ الصَّلَاةِ (أَنْ يَقُولَ) بَعْدَ فَرَاغِهَا (آمِينَ) ، لِلِاتِّبَاعِ ، رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ فِي الصَّلَاةِ .. وَقِيسَ بِالصَّلَاةِ خَارِجَهَا ...
(وَ) أَنْ (يُقَارِنَ تَأْمِينُهُ تَأْمِينُ الْإِمَامِ) ، لِخَبَرِ : «إذَا أَمَّنَ الْإِمَامُ فَأَمِّنُوا فَإِنَّهُ مَنْ وَافَقَ تَأْمِينُهُ تَأْمِينَ الْمَلَائِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» . وَخَبَرِ «إذَا قَالَ أَحَدُكُمْ آمِينَ ، وَقَالَتْ الْمَلَائِكَةُ فِي السَّمَاءِ آمِينَ ، فَوَافَقَتْ إحْدَاهُمَا الْأُخْرَى غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» رَوَاهُمَا الشَّيْخَانِ . وَلَفْظُ مُسْلِمٍ فِي الثَّانِي : «إذَا قَالَ أَحَدُكُمْ فِي الصَّلَاةِ آمِينَ» .
فَظَاهِرُهُمَا الْأَمْرُ بِالْمُقَارَنَة ِ ، بِأَنْ يَقَعَ تَأْمِينُ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ، وَالْمَلَائِكَة ِ دَفْعَةً وَاحِدَةً .
وَلِأَنَّ الْمَأْمُومَ لَا يُؤَمِّنُ لِتَأْمِينِ إمَامِهِ ، بَلْ لِقِرَاءَتِهِ، وَقَدْ فَرَغَتْ .
وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ إذَا أَمَّنَ الْإِمَامُ : إذَا أَرَادَ التَّأْمِينَ .
وَيُوَضِّحُهُ خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ: «إذَا قَالَ الْإِمَامُ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ فَقُولُوا آمِينَ» . قَالَ النَّوَوِيُّ : وَمَعْنَى مُوَافَقَتِهِ الْمَلَائِكَةَ : أَنَّهُ وَافَقَهُمْ فِي الزَّمَنِ . وَقِيلَ : فِي الصِّفَاتِ مِنْ الْإِخْلَاصِ وَغَيْرِهِ .
قَالَ : وَهَؤُلَاءِ الْمَلَائِكَةُ : قِيلَ هُمْ الْحَفَظَةُ . وَقِيلَ : غَيْرُهُمْ؛ لِخَبَرِ «فَوَافَقَ قَوْلُهُ قَوْلَ أَهْلِ السَّمَاءِ» . وَأَجَابَ الْأَوَّلُ بِأَنَّهُ إذَا قَالَهَا الْحَفَظَةُ قَالَهَا مَنْ فَوْقَهُمْ حَتَّى تَنْتَهِيَ إلَى أَهْلِ السَّمَاءِ وَلَوْ قِيلَ بِأَنَّهُمْ الْحَفَظَةُ وَسَائِرُ الْمَلَائِكَةِ لَكَانَ أَقْرَبَ .
( فَإِنْ فَاتَهُ) قَرْنُ تَأْمِينَهُ بِتَأْمِينِ إمَامِهِ : (أَتَى بِهِ) أَيْ بِتَأْمِينِهِ (عَقِبَهُ) أَيْ عَقِبَ تَأْمِينِ إمَامِهِ .
فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ تَأْمِينَهُ، أَوْ أَخَّرَهُ عَنْ وَقْتِهِ الْمَنْدُوبِ : أَمَّنَ .
قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ : وَلَوْ قَرَأَ مَعَهُ وَفَرَغَا مَعًا : كَفَى تَأْمِينُ وَاحِدٍ .
أَوْ فَرَغَ قَبْلَهُ : قَالَ الْبَغَوِيّ : يَنْتَظِرُهُ . وَالْمُخْتَارُ ، أَوْ الصَّوَابُ : أَنَّهُ يُؤَمِّنُ لِنَفْسِهِ ، ثُمَّ لِلْمُتَابَعَةِ . وَمَحَلُّ اسْتِحْبَابِ تَأْمِينِ الْقَارِئِ : (مَا لَمْ يَشْتَغِلْ بِغَيْرِهِ) ؛ وَإِلَّا فَاتَ، وَإِنْ قَصُرَ الْفَصْلُ." انتهى.
"أسنى المطالب" (1/154) .
والله أعلم.


موقع الإسلام سؤال وجواب
https://islamqa.info/ar/265343