قال ابن حجر عند شرحه لحديث السبع الذين يظلهم الله في ظله: (ووجهه الكرماني بما محصله: أن الطاعة إما أن تكون بين العبد وبين الرب، أو بينه وبين الخلق، فالأولى باللسان وهو الذكر، أو بالقلب وهو المعلق بالمسجد، أو بالبدن وهو الناشئ في العبادة، والثاني عام وهو العادل، أو خاص بالقلب وهو التحاب، أو بالمال وهو الصدقة، أو بالبدن وهو العفة، وقد نظم السبعة العلامة أبو شامة عبد الرحمن بن إسماعيل فيما أنشدناه أبو إسحاق التنوخي إذنًا عن أبي الهدى أحمد بن أبي شامة عن أبيه سماعًا من لفظه قال:
وقال النبيُّ المصطفى إن سبعةً ... يظلهم اللهُ الكريمُ بظلِّه
محبٌّ عفيفٌ ناشئ متصدقٌ ... وباكٍ مصلٍّ والإمامُ بعدلِه

ووقع في صحيح مسلم من حديث أبي اليسر مرفوعًا:
(من أنظر معسرًا أو وضع له أظله الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله).
وهاتان الخصلتان غير السبعة الماضية فدل على أن العدد المذكور لا مفهوم له.
وقد ألقيت هذه المسألة على العالم شمس الدين بن عطاء الرازي المعروف بالهروي لما قدم القاهرة وادعى أنه يحفظ صحيح مسلم، فسألته بحضرة الملك المؤيد عن هذا وعن غيره فما استحضر في ذلك شيئًا، ثم تتبعت بعد ذلك الأحاديث الواردة في مثل ذلك فزادت على عشر خصال، وقد انتقيت منها سبعة وردت بأسانيد جياد ونظمتها في بيتين تذييلًا على بيتي أبي شامة، وهما:
وزد سبعة: إظلالُ غازٍ وعونــــه ... وإنظارُ ذي عسرٍ وتخفيفُ حمله
وإرفادُ ذي غُرمٍ وعونُ مكاتبٍ ... وتاجرُ صدقٍ في المقــــــــالِ وفعلـــه

فأما إظلال الغازي فرواه بن حبان وغيره من حديث عمر، وأما عون المجاهد فرواه أحمد والحاكم من حديث سهل بن حنيف، وأما إنظار المعسر والوضيعة عنه ففي صحيح مسلم كما ذكرنا، وأما إرفاد الغارم وعون المكاتب فرواهما أحمد والحاكم من حديث سهل بن حنيف المذكور، وأما التاجر الصدوق فرواه البغوي في شرح السنة من حديث سلمان وأبو القاسم التيمي من حديث أنس، والله أعلم.
ونظمته مرة أخرى فقلت في السبعة الثانية:
وتحسين خُلق مع إعانة غارم ... خفيفِ يدٍ حتى مكاتب أهله
وحديث تحسين الخلق أخرجه الطبراني من حديث أبي هريرة بإسناد ضعيف، ثم تتبعت ذلك فجمعت سبعة أخرى ونظمتها في بيتين آخرين وهما:
وزد سبعة: حزن ومشي لمسجد ... وكره وضوء ثم مطعـم فضلـــــــــه
وآخذ حــــــــــــــ ق باذل ثــــم كافــــــل ... وتاجر صِدْقٍ في المقال وفعله

ثم تتبعت ذلك فجمعت سبعة أخرى ولكن أحاديثها ضعيفة وقلت في آخر البيت:
... تربع به السبعات من فيض فضله
وقد أوردت الجميع في:
(الأمالي)، وقد أفردته في جزء سميته: (معرفة الخصال الموصلة إلى الظلال). [فتح الباري: (2/ 205 - 206)].