مناهجنا بين التطوير والتغريب 1-8
ثانياً : الكتاب الثاني :
دراسة تحليلية لكتاب التاريخ الأمريكي " في المرحلة الثانوية في ولاية فرجينا " : د. عبد الله بن عبد العزيز الموسى
وصف الكتاب :
عنوان الكتاب وعنوان هذا الكتاب هو (American History: the easy way) ويعني تاريخ أمريكا الطريقة الأسهل.
البلد الذي يدرس فيه الكتاب : أمريكا ، ولاية فريجينيا .
مؤلف الكتاب هو William O. Kellogg ويعمل معلما في مدرسة سانت بول في ولاية نيو هامبشر.
الناشر : Barron's Educational Series, Inc
تاريخ النشر: 1991م للطعبة الأولى أما الطبعة الثانية – التي سوف يتم تحليلها- فنشرت في عام 1995.
المرحلة الدراسية التي يدرس فيها الكتاب: المرحلة الثانوية High School.
الكتاب كبير الحجم ، وعدد صفحاته ( 438 ) أربعمائة وثمان وثلاثون صفحة .
نماذج من محتوى الكتاب :
الفصل الخامس فقد تناول الفترة من 1801- 1850 و التي تم فيها تقسيم أمريكا إلى ولايات وقد ظهر في هذه الفترة المعتقد الديني وهو أن التقسيم كان بإرادة الله، وأن الله اختار أمتنا لكي تعلب دوراً في التاريخ. كما يتضح في هذا الفصل تمجيد لبعض الشخصيات التي كان لها أثر من التاريخ الأمريكي. من جهة أخرى ركز هذا الفصل على موضوع الحروب الداخلية وأنه كان سبب رئيس في تقسيم الولايات الأمريكية إلى ولايات.
والفصل الثامن فقد تناول الكتاب التغيرات الاجتماعية للحياة في الولايات المتحدة الأمريكية والتي بدأت تتشكل منذ عام 1865-1914 م . وقد تناول المؤلف في هذا الفصل نظرية دارون وأنه كان لا أثر كبير في المجتمع، كما تحدث عن عصر الصناعة التجارة في هذه الفترة، كما تناول الكاتب الهجرة إلى الولايات المتحدة من البلاد الأخرى وخاصة التي مرت في ظروف اقتصادية. كما تناول هذا الفصل الحريات الخاصة بالمرأة والإعلام، كما تناول الكتاب الانتقال من حياة القرى إلى حياة المدن. من جهة أخرى فقد أكد هذا الفصل تأثر المجتمع بنظرية دارون في تلك الفترة.
والفصل العاشر فقد خُصص عن الحرب العالمية الأولى وموقف الولايات المتحدة الأمريكية من هذه الحرب. وقد تحدث هذا الفصل عن تمجيد واضح لدور الولايات المتحدة الأمريكية في هذه الحرب وأنها حاولت الدخول في هذه الحرب من مبدأ إنقاذ الشعوب من الظلم والطغيان وكذلك نشر الحرية والسلام والديموقراطية.
القيم و المبادىء والمفاهيم التي ركز عليها الكتاب :
المتتبع لعرض الكتاب يجد أن المؤلف يقوم بعرض المحتوى وتفسيره تفسيراً و عرضاً إيجابياً لصالح الولايات المتحدة الأمريكية، فمثلاً دخول أمريكا للحرب العالمية الأولى والثانية كان من أجل إنقاذ الشعوب المظلومة وبسط الحرية والديموقراطية، ولم يتحدث المؤلف والأسباب والعوامل الخفية مثل العوامل السياسية والاقتصادية التي تجعل أمريكا تشارك في هذه الحروب، ولذا فقد جاء محتوى النص مفسراً تفسيراً إيجابيا مطلقاً لصالح الولايات المتحدة الأمريكية .
ويلاحظ أن الشخصية التي يدور عليها الموضوع هي شخصية تاريخية وتمجيد للفرد الأمريكي، حيث يركز الكتاب في نهاية الكتاب على بعض الأشخاص الذين كان لهم دور بارز في تلك الفترة .
أما أهم القيم والمبادىء والمفاهيم التي وردت في الكتاب فهي مايلي:
أولاً : التمجيد للشعب الأمريكي:
من خلال قراءة الكتاب يتضح في أن هناك بروز لمفهوم الأنا الأمريكي وتمجيده في كل فصل دراسي وأن هناك أباطرة وأشخاص أمريكان صنعوا التاريخ الأمريكي وساهموا في بناء حضارته مع تجاهل واضح لمن شاركهم في صنع تلك الحضارة وخاصة الأوربيين وبعض الآسيويين الذين هاجروا إلى تلك البلاد. كما يلاحظ أن هناك إلغاء لبعض الحقائق التاريخية حيث يقرر الكتاب أن أمريكا لم تكتشف من قبل كريستوفر كولومبس بل أن الشعب الأمريكي موجود منذ أكثر من ( 5000 ) سنة دون الاستناد على أي مصدر تاريخي.
ثانياً : مفهوم الهوية وتشكيلها:
يلمس قارىء الكتاب أن هناك بروز روائح لمفهوم ( الأنا الأمريكية) وتمجيد القادة والعظماء الذين كان لهم اليد الطولى في صنع تلك الحضارة، وهذا لاشك سوف يساهم في تعزيز الهوية الإيجابية لدى الطلاب وبالتالي فقد يكون الشعور بالقوة وعدم القهر والقدرة على تحقيق أي شيء ذا أثر سلبي على الطلاب، لاسيما عندما يتم ربط هذا بعدم ذكر من ساهم في صناعة هذا المجد الأمريكي وأن هذه الحضارة بُنيت بأيدي أمريكية.
ثالثاً : الدين
تناول الباحث الدين كأحد العوامل التي ساهمت في توطين المجتمع الأمريكي، إلا أن هذا العرض للدين كان من جهة واحدة وهو الدين النصراني وجاء ذكر الكنيسة في أكثر من مرة ولم يتحدث الكاتب عن الأديان ومقارنتها أو على الأقل ذكرها، بل إن الدين الإسلامي لم يذكره الكاتب إلا مرة أو مرتين وتم عرضة بطريقة هامشية، حيث جاء ذكر الدين الإسلامي في موضع واحد وهو عندما ذكر الكاتب ( مالكومكس ) قال أنه جاء بطريقة جديدة للأفارقة الأمريكان ولم يتحدث عن الدين الإسلامي كدين إلهي فمثلا عنون لهذا الموضوع (Black Muslims) وكأن الدين خاص بالسود فقط ، وعندما تحدث عن الموضوع قال بنص الحرف الواحد ( Malcolom X presents a new approach to gaining equality for African Americans)) وهذا لاشك تحيز واضح للديانات الأخرى وتهميش للدين الإسلامي. كما نلاحظ أن الكاتب تناول دور الكنيسة في إصلاح المجتمع الأمريكي وحثه على القيم والأخلاق وأن لها دور واضح في تحديد ملامح وتوجهات الشعب الأمريكي.
رابعاً : ثقافة الحرب في مقابل السلام:
يلاحظ في هذا الكتاب شيوع ثقافة الحرب مقابل السلام ، ويتضح هذا من خلال استخدام العبارات : حرب، غزو، فتح، معركة، هجوم، نزاع، مقاومة ، قوة،قتل،الطغيان ،نصر، هزيمة، تحكم، سيطرة ، قمع ، ..الخ. حيث يشير الكاتب إلى هذه الكلمات في جميع الفصول التي تناولها الكتاب وأن لها دور واضح في التاريخ الأمريكي، وهذه المصطلحات تؤكد لدى الناشئة أن هذا المجد وهذا التاريخ الأمريكي لم يتكون بسهولة بل أن هناك حروب دامية كانت وراء هذا المجد بدأت بمقاومة القادمين من أوربا والمحتلين لهذه البلاد في القرن السابع عشر والثامن عشر الميلادي. كما أن الحروب استمرت في القرن التاسع عشر الميلادي وخاصة الحروب الداخلية بين الولايات، مروراً بالحرب العالمية الأولى والثانية، وأن ما تحقق للولايات المتحدة الأمريكية لم يكن بسهولة بل بسيل من الدماء كما عبر عنه الكاتب، وهذا العرض لاشك يؤثر على الناشئة بطريقة مباشرة أو غير مباشرة وخاصة عندما يشعر أنه لامانع من سفك الدماء من أجل الحفاظ على هذه الأمة الأمريكية.
خامساً : الرأسمالية:
من خلال فصول الكتاب يتضح بما يدع مجالا للشك أن هناك دعوة دائمة إلى الرأسمالية والتركيز عليها، وترسيخ فكرة أن رأس المال هو الأساس وهو عصب الحياة ، وأنه لا مانع من سفك الدماء وخداع الآخرين في سبيل تحقيق مصالح ومكاسب مادية، كما نلاحظ أن التنظيمات المالية والإدارية التي تتم بين الفينة والأخرى تهتم بالإصلاح الاقتصادي والمالي.
سادساً : المركزية:
ركز المؤلف على مفهوم السلطة المركزية ، وذكر أن الإصلاحات التي تمت كانت عن طريق الحكومة الفيدرالية وأنها مصدر القرارات كما تناول الكاتب أن تأسيس المحكمة العليا في الولايات المتحدة الأمريكية للفصل في القضايا التي كانت بين الولايات ، وأنها المرجعية الأولى في ذلك .
من جهة أخرى تم استخدام الدين في تأكيد المركزية ويظهر هذا جليا في قضية تقسيم الولايات وأن هذا كان بإرادة الله وأنه اختار لهذه الولايات أن تكون كذلك.
سابعاً : السياسة :
مفهوم السياسة اتضح جليا في هذا الكتاب وركز علية المؤلف باعتبار أن دراسة التاريخ هي في الأصل دراسة سياسية ، فالهدف من دراسة الماضي هو أخذ العبر والدروس ، والهدف من دراسة الحاضر هو التنبؤ للمستقبل والتخطيط له في ضوء معطيات العصر الحاضر.
والمتتبع لهذا لكتاب يجد أن المؤلف بالغ في الجانب السياسي وتم تفسير الأحداث التي تمت من وجهة نظر سياسية فالحروب الداخلية وسفك الدماء والقمع الذي تم لبعض الشعوب والقبائل كله في سبيل رقي المجتمع وتطهيره من المتسلطين الأجانب إن صح التعبير.
من جهة أخرى نجد أن بعض رجال الدين حاول تبرير استعباد الناس من فلاحين وغيرهم إلى أن الله تعالى خلقهم ليكونوا كذلك, فهم سيظلون عبيداً وفقراء. لذا فإن معظم المفردات السياسية التي وردت في هذه المرحلة تدور في إطار: الظلم, والقمع, والعبودية، والمحاولة لتبرير ذلك بأن الدخول في تلك الحروب هو من أجل أن يعم السلام سواءً على مستوى الولايات المتحدة الأمريكية أو على مستوى العالم وخاصة عند ذكر المبررات التي قادت أمريكا للدخول في الحروب العالمية الأولى والثانية .