قال ابن القيم في إعلام الموقعين: فإن أولى ما يتنافس به المتنافسون وأحرى ما يتسابق في حلبة سباقه المتسابقون ما كان بسعادة العبد في معاشه ومعاده كفيلا وعلى طريق هذه السعادة دليلا، وذلك العلم النافع والعمل الصالح اللذان لا سعادة للعبد إلا بهما ولا نجاة له إلا بالتعلق بسببهما، فمن رزقهما فقد فاز وغنم ومن حرمهما فالخير كله حرم، وهما مورد انقسام العباد إلى مرحوم ومحروم وبهما يتميز البر من الفاجر والتقي من الغوي والظالم من المظلوم. ولما كان العلم للعمل قرينا وشافعا وشرفه لشرف معلومه تابعا -كان أشرف العلوم على الإطلاق علم التوحيد - وأنفعها علم أحكام أفعال العبيد، ولا سبيل إلى اقتباس هذين النورين وتلقي هذين العلمين إلا من مشكاة من قامت الأدلة القاطعة على عصمته وصرحت الكتب السماوية بوجوب طاعته ومتابعته وهو الصادق المصدوق الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى. اهـ -------------قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى: لا ريب أن الذي أوتي العلم والإيمان أرفع درجة من الذين أوتوا الإيمان فقط كما دل على ذلك الكتاب والسنة. والعلم الممدوح الذي دل عليه الكتاب والسنة هو العلم الذي ورثته الأنبياء . كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن العلماء ورثة الأنبياء ؛ إن الأنبياء لم يورثوا درهما ولا دينارا وإنما ورثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر .
وهذا العلم ثلاثة أقسام : علم بالله وأسمائه وصفاته. وما يتبع ذلك وفي مثله أنزل الله سورة الإخلاص وآية الكرسي ونحوهما .
والقسم الثاني : العلم بما أخبر الله به مما كان من الأمور الماضية وما يكون من الأمور المستقبلة وما هو كائن من الأمور الحاضرة. وفي مثل هذا أنزل الله آيات القصص والوعد والوعيد وصفة الجنة والنار ونحو ذلك .
و" القسم الثالث " : العلم بما أمر الله به من الأمور المتعلقة بالقلوب والجوارح من الإيمان بالله من معارف القلوب وأحوالها، وأقوال الجوارح وأعمالها. وهذا العلم يندرج فيه العلم بأصول الإيمان وقواعد الإسلام ويندرج فيه العلم بالأقوال والأفعال الظاهرة. وهذا العلم يندرج فيه ما وجد في كتب الفقهاء من العلم بأحكام الأفعال الظاهرة فإن ذلك جزء من جزء من جزء من علم الدين. اهـ [مجموع الفتاوى]------------------------------
قال ابن أبي العز الحنفي في مقدمة شرحه على العقيدة الطحاوية: فإنه لما كان علم أصول الدين أشرف العلوم، إذ شرف العلم بشرف المعلوم، وهو الفقه الأكبر بالنسبة إلى فقه الفروع، ولهذا سمي الإمام أبو حنيفة رحمة الله عليه ما قاله وجمعه في أوراق من أصول الدين (الفقه الأكبر) وحاجة عباد الله إليه فوق كل حاجة، وضرورتهم إليه فوق كل ضرورة، لأنه لا حياة للقلوب ولا نعيم ولا طمأنينة إلا بأن تعرف ربها ومعبودها وفاطرها بأسمائه وصفاته وأفعاله، ويكون مع ذلك كله أحب إليها مما سواه. انتهى. ------------------------------
--------------------------إن العلم بالله وأسمائه وصفاته أشرف العلوم وأجلها على الإطلاق، لأن شرف العلم بشرف المعلوم، والمعلوم في هذا العلم هو الله سبحانه وتعالى بأسمائه وصفاته وأفعاله، فالاشتغال بفهم هذا العلم، والبحث التام عنه، اشتغال بأعلى المطالب، وحصوله للعبد من أشرف المواهب، ولذلك بينه الرسول صلى الله عليه وسلم غاية البيان، ولاهتمام الرسول صلى الله عليه وسلم ببيانه لم يختلف فيه الصحابة رضي الله عليهم كما اختلفوا في الأحكام -[تفسير اسماء الله الحسنى للسعدى]------------ويقول بن عثيمين رحمه الله - (علم التوحيد) أشرف العلوم، وأجلها قدرا، وأوجبها مطلبا؛ لأنه العلم بالله تعالى، وأسمائه، وصفاته، وحقوقه على عباده.
ولأنه مفتاح الطريق إلى الله تعالى، وأساس شرائعه.
ولذا أجمعت الرسل على الدعوة إليه، قال الله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} .
وشهد لنفسه تعالى بالوحدانية، وشهد بها له ملائكته، وأهل العلم، قال الله تعالى: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَة ُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} .
ولما كان هذا شأن التوحيد، كان لزاما على كل مسلم أن يعتني به تعلما، وتعليما، وتدبرا، واعتقادا، ليبني دينه على أساس سليم، واطمئنان، وتسليم يسعد بثمراته، ونتائجه.----------------------العلم خمسة أنواع:
علم هو حياة الدين وأصله، وهو علم التوحيد.
علم هو غذاء الدين، وهو علم الإيمان، والذكر والوعظ، والتفكر في الآيات الكونية، والآيات القرآنية.
علم هو دواء الدين، وهو علم المسائل الشرعية، والفتوى.
وعلم هو داء الدين، وهو كل قول على الله بلا علم.
وعلم هو هلاك الدين وأهله، وهو علم السحر والكهانة، والبدع والفواحش ونحوها.
قال الله تعالى: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِي نَ وَالْمُؤْمِنَات ِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ [19]} [محمد: 19].
وقال الله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ [33]} [الأعراف: 33].--حاجة العباد إليه فوق كل حاجة، و ضرورتهم إليه فوق كل ضرورة، لأنه لابد للعبد من معرفة ربه و معبود ه و فاطره بأسمائه وصفاته وأفعاله و لابد من حبه وهذا هو علم العقيدة والتوحيد.
فالماء والهواء مع شدة الحاجة إليهما إذا فقدهما الكافر أو المسلم مات، وإن وجدهما لم يغنيا عنه من الموت شيئا ولو بعد حين، أما فقد الإسلام الصحيح فمآله وخيم والعياذ بالله.-------------يقول بن القيم فى مفتاح راد السعادة-حاجة الناس إلى الشريعة ضرورية فوق حاجتهم إلى كل شيء ولا نسبة لحاجتهم إلى علم الطب إليها إلا ترى أن أكثر العالم يعيشون بغير طبيب ولا يكون الطبيب إلا في بعض المدن الجامعة وأما أهل البدو كلهم وأهل الكفور كلهم وعامة بني آدم فلا يحتاجون إلى طبيب وهم أصح أبدانا وأقوى طبيعة ممن هو متقيد بالطبيب ولعل أعمارهم متقاربة وقد فطر الله بني آدم على تناول ما ينفعهم واجتناب ما يضرهم وجعل لكل قوم عادة وعرفا في استخراج ما يهجم عليهم من الأدواء حتى أن كثيرا من أصول الطب إنما أخذت عن عوائد الناس وعرفهم وتجاربهم وأما الشريعة فمبناها على تعريف مواقع رضى الله وسخطه في حركات العباد الاختيارية فمبناها على الوحي المحض والحاجة إلى التنفس فضلا عن الطعام والشراب لأن غاية ما يقدر في عدم التنفس والطعام والشراب موت البدن وتعطل الروح عنه وأما ما يقدر عند عدم الشريعة ففساد الروح والقلب جملة وهلاك الأبدان وشتان بين هذا وهلاك البدن بالموت فليس الناس قط إلى شيء أحوج منهم إلى معرفة ما جاء به الرسول صلى الله عليه و سلم والقيام به والدعوة إليه والصبر عليه وجهاد من خرج عنه حتى يرجع إليه وليس للعالم صلاح بدون ذلك البتة ولا سبيل إلى الوصول إلى السعادة والفوز الأكبر إلا بالعبور على هذا الجسم ----------قال العلامة السعدي في تفسيره: ( العلم المتعلق بالله تعالى- أشرف العلوم وأجلها على الإطلاق.
فالاشتغال بفهمه والبحث التام عنه، اشتغال بأعلى المطالب، وحصوله للعبد من أشرف المواهب)