تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: خطبة: ﴿وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾.

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Oct 2012
    المشاركات
    13,372

    افتراضي خطبة: ﴿وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾.

    الخطبة الأولى:
    قال الله تعالى مخاطبًا المؤمنين حين هُزِموا يوم أُحُدٍ: ﴿وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (139)﴾ [آل عمران: 139].
    قال الإمام الطبري رحمه الله: «وَهَذَا مِنَ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ تَعْزِيَةٌ لِأَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ عَلَى مَا أَصَابَهُمْ مِنَ الْجِرَاحِ وَالْقَتْلِ بِأُحُدٍ، قَالَ: ﴿وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا﴾ يَا أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ؛ يَعْنِي: وَلَا تَضْعُفُوا بِالَّذِي نَالَكُمْ مِنْ عَدُوِّكُمْ بِأُحُدٍ مِنَ الْقَتْلِ وَالْقُرُوحِ، عَنْ جِهَادِ عَدُوِّكُمْ وَحَرْبِهِمْ.
    ﴿وَلَا تَحْزَنُوا﴾؛ وَلَا تَأْسَوْا فَتَجْزَعُوا عَلَى مَا أَصَابَكُمْ مِنَ الْمُصِيبَةِ يَوْمَئِذٍ، فَإِنَّكُمْ أَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ؛ يَعْنِي: الظَّاهِرُونَ عَلَيْهِمْ، وَلَكُمُ الْعُقْبَى فِي الظَّفَرِ وَالنُّصْرَةِ عَلَيْهِمْ، ﴿إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾، يَقُولُ: إِنْ كُنْتُمْ مُصَدِّقِي نَبِيِّي مُحَمَّدٍ ﷺ فِيمَا يَعِدُكُمْ، وَفِيمَا يُنْبِئُكُمْ»اه ـ([1]).
    والناظر في حال المسلمين اليوم وما هم عليه مِن الضعف والذل والهوان، ليتوجع ألمًا، ويكاد يموت كمدًا على ما وصل إليه حال المسلمين من ضعف وهوان على الناس؛ حتى أصبح المسلمون اليوم لا يؤبه لهم، ولا يُعتدُّ برأيهم، ولا بكلامهم، وقد تكالبت علينا الأمم كما تتكالب الأكلة على قصعتها؛ كما أخبر رسول الله ﷺ.
    وهذا الحزن الذي نجده في قلوبنا لِمَا وصل إليه حال الأمة من ضعف وهوان، لا ينبغي أن يَصِلَ بنا إلى حال اليأس، والقعود عن العمل؛ لأنَّ الله تعالى نهانا عن ذلك؛ وإنما الواجب علينا أن نعلم أسباب هذا الضعف، ثم نقوم بعلاجه؛ لتستعيد الأُمَّةُ عِزَّتها وكرامتها.
    وقد تنحصر الأسباب المؤدية إلى ضعف الأمة في أسباب ثلاثة رئيسة:
    السبب الأول: كثرة الذنوب والمعاصي:
    فالناظر في واقع المسلمين اليوم، وعلاقتهم مع الله عز وجل، يجِد أنَّ المسلمين يبارزون الله تعالى بالمعاصي ليل نهار؛ سواء في أقوالهم أو أفعالهم؛ فلقد انتشرت المعاصي بين المسلمين في زماننا هذا انتشارًا فاحشًا؛ فكثُر الزنا وفشا بين الناس، وكثُرت المتبرجات الكاسيات العاريات، وكثُر النظر الْمُحرَّم، والاختلاط بين الرجال والنساء، وكثُرت الغِيبة والنميمة، وكثُر السَّبُّ والشتم.. إلى آخر ما عليه أغلب المسلمين اليوم مِنَ الذنوب والمعاصي.
    فلا بُدَّ أنْ نعلم أنَّ المعاصي سببٌ للضعف والهوان والهزيمة.
    قال تعالى: ﴿ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (41)﴾ [الروم: 41].
    وقال تعالى: ﴿وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ (30)﴾ [الشورى: 30].
    ولمَّا عصى بعضُ المسلمين أمرًا واحدًا لرسول الله ﷺ في غزوة أُحُد، تعرَّض المسلمون للهزيمة؛ وقد أخبرهم الله تعالى بأنَّ هذه الهزيمة مِنْ عند أنفسهم؛ لمعصيتهم أَمْرَ رسول الله ﷺ.
    قال تعالى: ﴿أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (165)﴾ [آل عمران: 165].
    قال الإمام ابن جرير الطبري رحمه الله: «يعني تعالى ذكره بذلك: أوَ حين أصابتكم أيها المؤمنون مصيبة؛ وهي القتلى الذين قُتِلوا منهم يوم أُحُد، والجرحى الذين جُرِحوا منهم بأُحُد؛ وكان المشركون قتلوا منهم يومئذ سبعين نفرًا؛ ﴿قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا﴾؛ يقول: قد أصبتم أنتم أيها المؤمنون مِن المشركين مِثْلَي هذه المصيبة التي أصابوا هُم منكم؛ وهي المصيبة التي أصابها المسلمون مِن المشركين ببدر؛ وذلك أنهم قَتَلُوا منهم سبعين، وأسروا سبعين؛ ﴿قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا﴾؛ يعني: قلتم لَمَّا أصابتكم مصيبتكم بأُحُد: ﴿أَنَّى هَذَا﴾؛ مِن أيِّ وجه هذا؟ ومِن أين أصابنا هذا الذي أصابنا، ونحن مسلمون، وهُمْ مشركون، وفينا نبيُّ الله ﷺ، يأتيه الوحيُ مِن السماء، وعَدُوُّنا أهل كفر بالله وشرك؟ قل يا محمد للمؤمنين بك مِن أصحابك: ﴿هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ﴾؛ يقول: قل لهم: أصابكم هذا الذي أصابكم مِن عند أنفسكم، بخلافكم أمري، وترككم طاعتي؛ لا من عند غيركم، ولا مِن قِبَلِ أَحَدٍ سواكم»اهـ([2]).
    وكذلك لَمَّا عصى المسلمون ربَّهُم سبحانه وتعالى، معصية قلبيَّة؛ حيث أُعجبوا بكثرتهم يوم حنين، تعرَّضوا للهزيمة أوَّلَ الأمر.
    قال تعالى: ﴿لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ (25)﴾ [التوبة: 25].
    ولكنَّ المسلمين في العصر الأَوَّل كانوا سرعان ما يعودون إلى الله تعالى، ويتوبون مما وقعوا فيه مِنْ ذنب؛ ولذلك كانت سرعان ما تعود لهم عزتهم ونصرهم.
    وأما نحن الآن فَلَمَّا تمادينا في الذنوب والمعاصي، تمادت هزائمنا، وتمادى ضعفنا وهوانُنا.
    السبب الثاني: حب الدنيا، وتقديمها على الآخرة:
    عَنْ ثَوْبَانَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «يُوشِكُ الْأُمَمُ أَنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمْ كَمَا تَدَاعَى الْأَكَلَةُ إِلَى قَصْعَتِهَا»، فَقَالَ قَائِلٌ: وَمِنْ قِلَّةٍ نَحْنُ يَوْمَئِذٍ؟ قَالَ: «بَلْ أَنْتُمْ يَوْمَئِذٍ كَثِيرٌ، وَلَكِنَّكُمْ غُثَاءٌ كَغُثَاءِ السَّيْلِ، وَلَيَنْزَعَنَّ اللَّهُ مِنْ صُدُورِ عَدُوِّكُمُ الْمَهَابَةَ مِنْكُمْ، وَلَيَقْذِفَنَّ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمُ الْوَهْنَ»، فَقَالَ قَائِلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا الْوَهْنُ؟ قَالَ: «حُبُّ الدُّنْيَا، وَكَرَاهِيَةُ الْمَوْتِ»([3]).
    وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «إِذَا تَبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ، وَأَخَذْتُمْ أَذْنَابَ الْبَقَرِ، وَرَضِيتُمْ بِالزَّرْعِ، وَتَرَكْتُمُ الْجِهَادَ، سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ذُلًّا لَا يَنْزِعُهُ حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ»([4]).
    السبب الثالث: التفرق والتشرذم:
    قال تعالى: ﴿وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (46)﴾ [الأنفال: 46].
    فالتفرق سبب رئيسي من أسباب الضعف والهوان.
    وقد كانت العرب في الجاهلية لا كتاب لهم، ولم يبعث الله تعالى لهم رسول فكانوا متفرقين متشرذمين، لا حكم يجمعهم ولا نظام يسيرون عليه، وكانوا يعيشون تحت سيطرة الفرس والروم، فلما بعث الله تعالى لهم النبي ﷺ، اجتمعوا وسادوا العالم في مدة قصيرة جدًّا، وانمحت إمبراطوريات الفرس والروم.
    فلما تفرق المسلمون اليوم وصاروا فرقًا وأحزابًا، وأصبحوا – كما قال تعالى -: ﴿كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ (32)﴾ [الروم: 32]، تبدل حالهم، فأصبحوا في ضعف وهوان، وسلَّط الله عليهم الكفار يؤججون بينهم الفتن، وأصبحت هذه الفرق تتقاتل وتتناحر فيما بينها، بدلًا من أن تتحد ضد عدوها.
    وذلك لأنَّا بدَّلنا ما كان عليه النبي ﷺ وأصحابه؛ فكانوا مجتمعين، وصرنا نحن متفرقين؛ فأصبحنا ضعفاء مهزومين؛ وقد قال تعالى: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ﴾ [الأنفال: 53].
    ولذلك فإنَّ الله تعالى أمر الله بالاجتماع وعدم التفرق؛ فقال تعالى: ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا﴾ [آل عمران: 103]، وقال تعالى: ﴿شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ﴾ [الشورى: 13].
    واعلموا أن كثرة المعاصي والذنوب من الأسباب المؤدية إلى الفرقة والاختلاف؛ وتأمل قول الله تعالى: ﴿وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ (14)﴾ [المائدة: 14].
    لمَّا نسوا حظًّا مما ذكروا به، عاقبهم الله تعالى بما وصف في قوله: ﴿فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ﴾؛ لأنهم فرطوا وَلَمْ يأخذوا بكتابهم ولم يطيعوا رسولهم، وتتابعت عليهم الأزمنة دون صلاح وإصلاح، ودون توبة وإنابة، فضرب الله قلوب بعضهم ببعض، وجعل لهم بعد الأمن خوفًا، فتفرقوا في البلاد شذر مذر، نسأل الله العفو والعافية.
    الخطبة الثانية:
    طرق العلاج:
    أولًا: العودة إلى طاعة الله تعالى:
    قال الله تعالى: ﴿إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (160)﴾ [آل عمران: 160].
    وقال تعالى: ﴿وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (126)﴾ [آل عمران: 126].
    فلمَّا كان النصر بيد الله تعالى، لا بيد أحد غيره، كان لا بد لنا من طاعة الله تعالى حتى ينصرنا الله على عدونا.
    قال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ (7)﴾ [محمد: 7].
    وقال تعالى: ﴿وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (40) الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ (41)﴾ [الحج: 40، 41].
    وقال تعالى: ﴿إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ (51)﴾ [غافر: 51].
    وقال تعالى: ﴿وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ (171) إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ (172) وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ (173)﴾ [الصافات: 171- 173].
    ثانيًا: تقديم الآخرة على الدنيا:
    قال تعالى: ﴿وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (32)﴾ [الأنعام: 32].
    وقال تعالى: ﴿فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ (38)﴾ [التوبة: 38].
    وقال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ (7) أُولَئِكَ مَأْوَاهُمُ النَّارُ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (8)﴾ [يونس: 7، 8].
    وقال تعالى: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ فَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ (86)﴾ [البقرة: 86].
    وقال تعالى: ﴿اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ (20) سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (21)﴾ [الحديد: 20، 21].
    وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنهما، قَالَ: مَرَّ بِنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَنَحْنُ نُصْلِحُ خُصًّا لَنَا، فَقَالَ: «مَا هَذَا؟» قُلْنَا: خُصًّا لَنَا وَهَى، فَنَحْنُ نُصْلِحُهُ، قَالَ: فَقَالَ: «أَمَا إِنَّ الْأَمْرَ أَعْجَلُ مِنْ ذَلِكَ»([5]).
    ثالثًا: الاجتماع وعدم التفرق:
    كما قال تعالى: ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا﴾ [آل عمران: 103].
    وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «يَدُ اللَّهِ مَعَ الجَمَاعَةِ»([6]).
    فعلينا معاشر المسلمين ألَّا نضْعُف، ولا نيأس؛ وأن نتقرب إلى الله تعالى بالطاعات، وترك المعاصي، وأن نُخرج حُبَّ الدنيا والركون إليها مِنْ قلوبنا، وأن نكون يدًا واحدةً على أعدائنا، مجتمعين لا متفرقين؛ فإن نحن نَصَرْنا اللهَ تعالى بطاعتنا له سبحانه ولرسوله ﷺ، نَصَرَنا اللهُ عز وجل وثبَّت أقدامنا.
    وكتبه/ أبو يوسف محمد بن طه


    [1])) «تفسير الطبري» (6/ 76).

    [2])) «تفسير الطبري» (6/ 214).

    [3])) أخرجه أحمد (22397)، وأبو داود (4297)، وصححه الألباني في «الصحيحة» (958).

    [4])) أخرجه أحمد (4825)، وأبو داود (3462)، وصححه الألباني في «الصحيحة» (11).

    [5])) أخرجه أحمد (6502)، وأبو داود (5236)، والترمذي (2335)، وقال: «حسن صحيح»، وابن ماجه (4160)، وصححه الألباني في «الصحيحة» (958).

    [6])) أخرجه الترمذي (2166).
    لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله
    الرد على الشبهات المثارة حول الإسلام

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,804

    افتراضي

    نفع الله بك أبا يوسف.

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Oct 2012
    المشاركات
    13,372

    افتراضي

    بارك الله فيكم شيخنا الحبيب.
    لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله
    الرد على الشبهات المثارة حول الإسلام

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •