بسم الله الرحمن الرحيم:
عـلـم الاعـتـقـاد:
أولاً: لفظ الاعتقاد:
اللفظ المستعمل في الكتاب والسنة وكلام السلف هو: (العَقْد).
ثم بعد السلف استُعْمِل لفظ: (الاعتقاد) و(المعتقد)، ومن أوائل من استَعْمَل هذا اللفظ ابن جرير الطبري (ت310 ه) رحمه الله تعالى.
ثم استُعْمِل لفظ: (عقيدة) و(عقائد)، ومن أوائل من استَعْمَل هذا اللفظ القشيري (ت437ه) استعمله بصيغة الجمع (عقائد) وأبو حامد الغزالي (ت505ه) استعمله بصيغة الإفراد (عقيدة).
ولو صحت نسبة كتاب العقيدة الطحاوية للطحاوي (ت239ه) لكان هو أول من استَعْمَل لفظ (عقيدة).
ولا يعلم عن أحد من علماء ذلك الوقت أنه استنكر استعمال هذا اللفظ.
ثانيًا: معنى الاعتقاد:
استُعْمِل العقد بمعنى الربط.
والعقد قسمان:
العقد الحسي، مثل: عقد الحبل: أي ربطه.
والعقد المعنوي، وهو نوعان:
الأول: الإبرام، مثل: عقد البيع، أي إبرامه، ومن ذلك قوله تعالى: (يَأَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ) [المائدة:1].
الثاني: التأكيد، مثل: عقد الأيمان، أي تأكيده، ومن ذلك قوله تعالى: (وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ) [النساء:33].
واستعمل العلماء الاعتقاد والمعتقد والعقيدة بمعنى: الجزم، فقولك: اعتقد أن الله حق أي أجزم بأنه حق، وهذا يرجع إلى معنى التأكيد.
ثالثًا: تعريف علم الاعتقاد:
علم الاعتقاد هو: معرفة مقالات الفرق في المسائل المختلف فيها بينهم.
وسمي هذا العلم بالاعتقاد لأن قول المختلفين مبني على الجزم.
فإذا قيل: الذين عرَّفوا الاعتقاد إنما عرفوه بمعنى الإيمان فيشمل معرفة الأخبار الغيبية كلها، ومنها المسائل المختلف فيها بين الفرق، ولم يخصوه بالمسائل المختلف فيها بين الفرق.
فالجواب: الاعتقاد لفظ مصطلح، وهو عند الأوائل المراد به المسائل المختلف فيها بين الفرق، وعند المتأخرين المراد به الإيمان فيشمل معرفة الأخبار الغيبية كلها، والمشهورون بتعريف الاعتقاد هم المتأخرون، والأوائل غير مشهورين بتعريف الاعتقاد، لكن يعرف مرادهم من خلال الكتب التي ألفوها في الاعتقاد.
رابعًا: نشأة علم الاعتقاد:
اختلف التابعون وأتباع التابعين في بعض مسائل الدين، وترتب على هذا الاختلاف انقسامهم إلى فرق.
وهم في الجملة قسمان:
القسم الأول: أهل السنة.
القسم الثاني: أهل البدعة.
وبهذا الاختلاف نشأ علم الاعتقاد.
وكان هذا العلم عند سلف أهل السنة يسمى علم السنة التي هي ضد البدعة؛ لأن الغرض منه الدعوة إلى اتباع السنة واجتناب البدعة، ثم الذين بعدهم منهم من يسميه بهذا الاسم، ومنهم من يسميه باسم من أسماء الدين، كالإيمان والشريعة.
ثم غلبت تسميته بالاعتقاد والمعتقد والعقيدة.
خامسًا: طريقة أهل السنة في التأليف في علم الاعتقاد:
أهل السنة في التأليف في علم الاعتقاد لهم طريقتان:
الطريقة الأولى: التصريح بقول أهل السنة والتلميح بقول أهل البدع.
وهذه الطريقة هي الغالب في مؤلفاتهم.
الطريقة الثانية: التصريح بمقالات الفرق من أهل السنة وأهل البدع.
وهذه الطريقة قليلة في مؤلفاتهم وهي أشبه بذكر تاريخ الفرق بدايتهم وتطوراتهم ومقالاتهم.
كتبه خالد بن عبد الله باحميد الأنصاري.