تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 13 من 13

الموضوع: هموم التوبة

  1. #1

    افتراضي هموم التوبة

    الحمد لله غافر الذنب وقابل التوب و الصلاة والسلام على المعصوم من الذنب وعلى ساداتنا آله والصحب..
    أما بعد فإن الله جل وعلا قد أمر عباده بتحقيق التوبة من الذنوب وبين أن الإخلال بها من أظلم الظلم وصاحبه في شقاوة دنيا وأخرى، وتظافرت نصوص الوحيين بالندب إلى التوبة وتبيان أهميتها، وأنها أسمى منازل الإيمان وألزمها للسائر إلى الله عز وجل؛ فطاب ليراعي خط ما تجود به القريحة الضنينة من نفحات وفتوحات تتعلق بضرورة حمل هم التوبة والإشفاق من لقيا الباري جل وعلا بقلب غافل ونفس مريضة بالآثام، فتحاملت على التكاسل عن الكتابة وهو داء ألم بي مذ هجرت مواقع التواصل، وكنت من زمن غير بعيد أتربص الدوائر بنفسي علي أجد منها نشاطا للكتابة فقدر الله اليوم .
    التوبة أحبتي في الله هي منزلة تلي منزلة اليقظة إذ تكون النفس قبلُ غارقة في متاهات الشقاء وعلل الخطايا، ثم يأذن الله في سمائه أن يتوب على المذنب فتلوح له تباشير التوبة في الأفق ويحس بقشعريرة تسري في نفسه وألم يعتصر قلبه وتوقٍ إلى الانعتاق من سجن الضنك والران؛ كل ذلك يدفعه إلى محاسبة النفس والإفاقة من سبات الإثم ومواقعة الخطيئة؛ ومصداق ذلك قول التواب جلت قدرته وتعالى جده
    ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا
    فلا سبيل إلى التوبة ما لم يتبِ الله على العبد، فتحصل أن ثمَّ توبتان متلازمتان:
    التوبة للتوبة
    فالتوبة من الخطايا.
    يتوب الله جل وعلا على من شاء ومن أحب ومن سلك أسباب القرب من الحضرة الربانية، وتبدأ الخطايا تَحاتُّ عن صاحبها وتتبخر، وكلما زاد الندم والإقبال على الطاعة زاد النور وصحا القلب وأبصر، ولا يزال يترقى ويرتقى وهو في ذلك كله يقارع داعي الهوى والشيطان ويلبي داعي الرحمن حتى يوارى الثرى قرير العين بالله مغتبطا بفتح التوبة..
    هذه باختصار بعض معاني اليقظة والتوبة ولاريب أن بينهما مفاوز من المجاهدة والامتحانات لا يجتازها إلا من تسلح بالصدق واليقين وتبصر بنور الوحي قرآنا وسنة.
    بقي الكلام على شطر من أهم موضوعات هذا المنشور وهو
    "هموم التوبة"والقصد بها أحبتي في الله: أن يحس العبد من قلبه بخوف شديد أن يلقى الله عز وجل بغير توبة نصوح وقلب سليم، وأن يشفق من الفضيحة يوم العرض الأكبر؛ هذه مسألة يفرط فيها كثير من عباد الله ولا أبرئ نفسي المسكينة والموفق من وفقه الباري ؛ فتراه بمجرد سلوك طريقة التدين والاستقامة يفرغ قلبه من حمل هم تصحيح التوبة، ويتعلق برسومها في الغالب دون تحقيق معانيها؛ فهذا وايم مجانب لما كان عليه الرعيل الأول من الخشية والإشفاق من سلب الإيمان ولقاء الله على غير ملة الإسلام وعلى غير توبة وأوبة تنفع عند الجواز على الصراط وتسلم الصحف.
    ذكر الإمام الألمعي المؤرخ الكبير العالم الجليل محمد بن عثمان الذهبي أثرا جليلا يقف له الشعر وتقشعر له الجلود وتوجل منه القلوب عن مولانا أبي الدرداء
    قال ..عَنْ يَزِيدَ بْنِ مُرْثَدٍ ، قَالَ:" ذُكِرَ الدَّجَّالُ فِي مَجْلِسٍ فِيهِ أَبُو الدَّرْدَاءِ ، فَقَالَ نَوْفٌ الْبِكَالِيُّ : لَغَيْرُ الدَّجَّالِ أَخْوَفُ مِنِّي مِنَ الدَّجَّالِ، فَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ : وَمَا هُوَ ؟ قَالَ: أَخَافُ أَنْ أُسْلَبَ إِيمَانِي ، وَأَنَا لا أَشْعُرُ ، فَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ : ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا ابْنَ الْكِنْدِيَّةِ، وَهَلْ فِي الأَرْضِ مِئَةٌ يَتَخَوَّفُونَ مَا تَتَخَوَّفُ " . والشواهد كثيرة في هذا الباب وكلها تصب في معنى واحد وهو أن العبد المتحقق بالعبودية كما يريد الله لا يرتاح له بال ولا تهنأ له نفس حتى يضع قدمه في الجنة؛ هكذا كان حال أولئك الصادقين كانت هموم التوبة والثبات عليها تلازمهم في يقظتهم ومنامهم، في حلهم وترحالهم، فأفنوا الأعمار في تحقيقها ظامئين بالهواجر قائمين في دجى الليالي مسبلين لدموع الخوف والإخبات مبتهلين ابتهال المساكين باذلين للمهج في سبيل الله ورغم كل ذلك لسان حالهم والذين يوتون ما ءاتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون.رحم الله تلك القلوب المطمئنة بذكره المستظلة بظلال التوبة الصادقة واليقين الراسخ.
    هذه بعض الخواطر في هذا الباب صادفت مني رغبة في الكتابة واستجابت لنداءٍ قلبيٍّ علها تكون سبب التذكير لنفسي أولا ثم لإخواني بهذا الأمر الجلل، ولي عودة إن شاء الله لطرق هذا الموضوع المهم في منشورات قادمة.
    هذا وإنما الموفق من وفقه الله سبحانه والحمد لله رب العالمين..

















  2. #2

    افتراضي

    من الأصول المجمع عليها بين أطباء القلوب وطلاب الولاية وأهل الله جل وعز وخاصته أن طالب التوبة منصرف الفكر إلى سرعة تقضي العمر ونهايته؛ فالعمر رأسمال العبد وذهبه الخالص، وما سمي عمرا إلا باعتباره يعــــمر بقربى أو ما يبعد من ســوء العمــــــــل.
    لا تكاد تستقيم النفس على صالح العمل وتنوء عن سيئه إلا إذا دافع صاحبها الخواطر الشيطانية ، فالخواطر إذا دوفعت بأضدادها تلاشت وتبخرت وإذا استجيب لها توشك أن تقود إلى العزائم على اتباع الهوى؛ فخاطر الشهوة يدفع بالذكر باللسان والقلب وخاطر الشبهة يدفع بتدبر الوحيين، وخاطر الوسوسة يدفع بالاستعاذة بالله من شر كل ذي شــــــــــــــ ـر.
    كل توبة لا تتأسس على إقبال شديد على كتاب الله عز وجل فهي واهية، إذ الوحي هو الروح والفرقان والنبراس.. والغفلة عن القرآن تطيل أمد غفلة القلب وتنقله في الأهواء والشهوات، ولا يرجى الخير من قلب لم يتعظ بآي الكتـــــــــــ ــــاب ..
    مثل مسوف التوبة كمثل عليل استبد به المرض فلا يزال في ضعف و علته في مضاعفة ولا حائل بينه وبين استعمل الدواء إلا خوف مراراته..ولو علم ما يأتي بعد المراراة تلك من الصحة والبرء لاستحال الدواء كالشهد في فيـــــــه..
    بعد القرآن والتعرض لأنواره، لا أنفع للعبد الراغب في تصحيح التوبة من إصلاح ذات البين ، لأن فسادها يشغل القلب بالضغائن والإحن ، وكيف تصفو توبة لمن أبطن الحقد والحـــــــــسد ، وأصر على القطيعة وإسلام إخوانه وغدرهــــــــــ ــــم؟!
    زيارة الصالحين من أعمدة الثبات على التوبة فالنظر في وجوههم يحيي القلب وسماع كلامهم يلي القلب من الميل إلى المعاصي وينقيه من أثرها، ويبغض إليه أخدان المعاصـــــــــ ـــــي..
    اللهم يا سامع كل نجوى ، يا كاشف الهموم والغموم ، يا تواب يا غافر الذنب نسألك توبة مقبولة تقر بها العين ويغفر الذنب وتتحق بها الزلفى منك يا ذا الجلال والإكــــــــــ ــــــــــرام...

  3. #3

    افتراضي

    لازلت وأحبابي نعيش في ظلال التوبة الوارفة وفرح القلب بأنواره صحتها وتحققها وتلمح تباشير قبولها؛ وإني قبل ذلك قائل أنه غير خاف على أحبتي بأني خائض بحرا لست بأغواره خبيرا وليس فلكي للجته مطيقا، ومتعرض لموضوعة تحتاج إلى ابن القيم في مدارجه والهروي في منازله، وابن رجب في رسائله؛ لكن حسبي تذكرة نفسي العليلة بالذنب المقصرة في جنب الرب بأهمية هذا الأمر ولزوم إدامة شغل البال به..
    وبعد البراءة من الحول والقوة إلا بالله والاعتصام بحبله المتين أتحدث عن عقبة من العقبات الشديدة ومانع من موانع صحة التوبة لا تكاد تستقيم قدم التئب على الطريق إلا بتعاهد النظر في أساب توقيه، إنه تعلق القلب بالدنيا ورسومها وزخارفها..
    نبينا كما روي عنه في خبر جامع مانع قال : حب الدنيا رأس كل خطيئة.
    يا سبحان الله!! أمهات الخطايا من كبر وتعال وحقد وضغينة ومقارفة شهوة ونشر شبهة وضلالة وغيرها من مغضبات الله جلت قدرته يأتي حب الدنيا الدنية على رأسها..وحب الدنيا هنا لا ينبغي أن يتبادر إلى الذهن بأن القصد به حب المال والجاه خاصة بل هو حب عام، فحب الولد والزوج الخارج عن حد الاعتدال المائل بالفطرة إلى الانسلاخ والانحلال ومزاحمة محاب الله في القلب هو من حب الدنيا المذموم؛ وحب المال والسرف في التعاطي لأسباب تحصيله وجمعه فرع من ذلك الرأس وقس على هذا كل ما يمد بسبب من أساب الصلة إلى هذه حب وإيثار هذه العاجلة..
    إن المتأمل في هدايات كتاب الله يستيقن من حقارة هذه الدنيا ونذالة أهلها وعشاقها والمغرمين بحطامها؛ وما أحاظت غياهيب ظلمة بقلب أو عشعشت فيه غفلة إلا بسبب من تلك الأسباب العائدة إلى رأس الخطايا ذاك..
    حب الدنيا يسوِّدُ القلب ويقود إلى الظلم ويفسد ذات البين ويشتت العزمات ويفتت عضد الرغبة في عمل الصالحات، ولا تكاد تصح للعبد توبة مالم يطلِّق هذه الدنيا بقلبه أصالة ويرضى منها بالكفاف..
    وأختم بهذه الجوهرة من جواهر شيخ الإسلام ابن اتيمية إذ يقول مفهما وشارحا لمعاني هذا الخبر:حرص الرجل على المال والشرف يوجب فساد الدين، فأما مجرد الحب الذي في القلب إذا كان الإنسان يفعل ما أمره الله به، ويترك ما نهى الله عنه، ويخاف مقام ربه، وينهى النفس عن الهوى، فإن الله لا يعاقبه على مثل هذا إذا لم يكن معه عمل، وجمع المال، إذا قام بالواجبات فيه ولم يكتسبه من الحرام، لا يعاقب عليه، لكن إخراج فضول المال، والاقتصار على الكفاية أفضل وأسلم، وأفرغ للقلب، وأجمع للهَمّ، وأنفع في الدنيا والآخرة‏.‏

  4. #4

    افتراضي

    مما يقصر فيه الكثير من العباد إلا من شملته رحمة الله وكلأه عفوه تأخير التوبة والتعلق بالأماني، علما أن الأعمار بيد الله وقبض الروح من مكنون الغيب والأعمال بالخواتيم، ويُخاف على المتمادي في العصيان أن يؤخذ على حين غرة وهو مقيم على ما يغضب الله .
    التوبة بالإجماع تجب على الفوز ولا يعلم قول أنها على التراخي؛ والتسويف والتأخير معصية ثانية تجب التوبة منها ولذلك مصاديق كثيرة من كلام الله وكلام رسوله .
    وكل قائل : لا أتوب حتى يهديني الله ظالم لنفسه جاهل بمقاصد شريعة الله، وتلحقه المضرة في العقبى ومقالته بينة المخالفة لكلام الله وكلام نبيه ، حائد عن طريق أئمة الدين رضي الله عنهم..
    ومراتبها تناولها العلماء الربانيون بالتبيان فقالوا : توبة من الكفر إلى الإيمان والمقصر فيها مآله إلى النار بنص القرآن، وتوبة من المعاصي إلى الطاعات كالزنا وغيرها والمقصر فيها متعرض لمقت الله ، وتوبة من السنة إلى البدعة وتحتاج إلى توفيق الله والاعتصام بحبل كتابه وسنة نبيه .
    ولابد من الإقلاع عن المعاصي والعزيمة على اتقاء الحوْمِ حول الحمى، وتلافي ما سلف من الجرم بالاستغفار، مع الوجل والإشفاق من انخرام عقد التوبة..
    ألا فلنتب لإن الفلاح معلق بصحة التوبة وإن الظلم كل الظلم للنفس أن نلقى الله على غير توبة.
    .
    نسأل الله أن يتولانا بما يتولى به الصالحين من عباده..

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Mar 2010
    المشاركات
    7,532

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو أريج الهلالي مشاهدة المشاركة

    يتوب الله جل وعلا على من شاء ومن أحب
    ومن سلك أسباب القرب من الحضرة الربانية، وتبدأ الخطايا تَحاتُّ عن صاحبها وتتبخر،


    ما تعني بقولكم: "القرب من الحضرة الربانية"؟!




    اللهم اغفر لأبي وارحمه وعافه واعف عنه اللهم اجعل ولدي عمر ذخرا لوالديه واجعله في كفالة إبراهيم عليه السلام

  6. #6

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أم علي طويلبة علم مشاهدة المشاركة
    ما تعني بقولكم: "القرب من الحضرة الربانية"؟!

    مقام خواص الله عز وجل وأهله؛ مقام يصله من ذاق معاني أسماء الله عز وجل..
    بإيجاز مقام ولاية الله، من وصله كان الله سمعه وبصره
    ويده ورجله كما ذكر في الحديث القدسي..

  7. #7

    افتراضي

    الناظر في كتاب الله وسيرة رسوله وأصحابه رضوان الله عليهم ومن سار على طريقتهم من مصابيح الدجى يرى اهتمامهم البالغ بالخلوة والتقليل من فضول الخلطة؛ فهذا نبينا عليه وسلم قبيل البعثة كان حُبِّب إليه التعبد مختليا في غار حراء حتى أتاه جبريل عليه السلام بالوحي، ونبي الله إبراهيم سلام الله عليه هاجر إلى ربه فكان به حفيا واعتزل قومه وما يعبدون من دون الله فوهب الله له إسحاق ويعقوب وعليهما السلام وكلا جعل نبيا، وكان من أمر الصحابي الجليل أبي ذر وغيره ما يعلم من اعتزال الفتنة والهروب بالدين من لهيبها وأوارها، وكان أمر سفيان الثوري وعيشه طريدا فرا بدينه ما اشتهر وتواتر، والإمام أحمد كان يتمنى مكانا يعبد الله فيه وحده..نعم كانت قلوب الصالحين الأولياء تضيق بكثرة الخلطة وتمجها قلوبهم مجا لاسيما إذا عم الهرج وتلاطمت أمواج لجج الفتن واختلط الحابل بالنابل..
    لا يقصد من عزلة الناس الخلوة بالجبال والرهبانية المذمومة المبتدعة، إنما وِردٌ من أيام يلجأ إليه السائر إلى الله كلما طرقت قلبه قسوة، وأنست نفسه بالمخلوق وتكاسلت وتقاعست عن السير؛ وذلك أضعف الإيمان..
    لهذا يندب للراغب في تجديد الإيمان في قلبه وتصحيح توبته الهرع إلى الخلوة بالله جل وعلا بهذه النية نيةِ تقويم السير وتجديد النفَس، فيتوضأُ ويحسن الوضوء ويتطيب ويلبس أحسن ما يجد (وكان لبعض السلف ثوب خاص بقيام الليل)، في ساعة مباركة كثلث الليل الآخر، ويصاف قدميه بين يدي خالقه ويتملقه بالمناجاة والدعاء ولسان حاله : أي ربي! هذا عبد ذليل بفنائك، أثقلته الذنوب وأثخنته جراح الغفلة، يسألك مسألة المسكين ويبتهل إليك ابتهال المذنب الذليل، أي إلهي! تب علي، أي ربي! خذ بيدي إليك، يا غفار الذنوب، ويا ستير العيوب خذ بناصيتي إلى البر والتقوى وليطل ما شاء الله، وليبكِ وإن لم يستطع فليتباكَ، وليثق في سعة رحمة الله وفضله، فإنه جلت قدرته يستحيي ردَّ يدي عبده السائل صفرا، فكيف وهو راغب في القرب وطامع في الأوبة؟! حاشاه حاشاه ما وجده المخلصون إلا كريما جوادا..
    نعمْ يواظب التائب على أخذ حظه من الخلوة وكثرة التعبد حتى تستقيم له نفسه على العبادة والإبحار في أنوار الطاعة والقربى، وليكن قائده في ذلك كله كتاب الله جل وعلا فإنه الروح والنور الذي ما اقتبس منه قلب إلى أضاء وما تمسك بحبله متمسك إلا قاده إلى بر الأمان..
    فالله الله في الخلوة بالله فإنها نعم المعين على صحة التوبة واستقامة القلب على الطريق ..
    هذا وإنما الموفق من وفقه الله.

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Mar 2010
    المشاركات
    7,532

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أم علي طويلبة علم مشاهدة المشاركة
    ما تعني بقولكم: "القرب من الحضرة الربانية"؟!
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو أريج الهلالي مشاهدة المشاركة

    مقام خواص الله عز وجل وأهله؛ مقام يصله من ذاق معاني أسماء الله عز وجل..
    بإيجاز مقام ولاية الله، من وصله كان الله سمعه وبصره
    ويده ورجله كما ذكر في الحديث القدسي..


    إذا أدى المسلم ما فرض الله عليه .. ثم اجتهد في التقرب إلى الله تعالى بنوافل الطاعات واستمر على ذلك ما وسعه أحبه الله تعالى ، وكان عوناً له في كل ما يأتي ويذر فإذا سمع كان مسدداً من الله في سمعه ، فلا يسمع إلا إلى الخير ، ولا يقبل إلا الحق وينزاح عنه الباطل بتأييد الله وتوفيقه ، فيرى الحق حقاً والباطل باطلاً ، وإذا بطش بشيء بطش بقوة من الله فكان بطشه من بطش الله نصرة للحق ، وإذا مشى كان مشيه في طاعة الله طلباً للعلم ، وجهاداً في سبيل الله ، وبالجملة كان عمله بجوارحه الظاهرة والباطنة بهداية من الله وقوة منه سبحانه .
    وبهذا يتبين أنه ليس في الحديث دليل على حلول الله في خلقه أو اتحاده بأحد منهم ، ويُرشِد إلى ذلك ما جاء في آخر الحديث من قوله تعالى : ولئن سألني لأعطينه ، ولئن استعاذ بي لأعيذنَّه ، وما جاء في بعض الروايات من قوله تعالى : فبي يسمع وبي يبصر .. الخ ففي ذلك إرشاد إلى المراد من أول الحديث ، وتصريح بسائل ومسؤول ومستعيذ ومُعيذ .. وهذا الحديث نظير الحديث القدسي الآخر : ( يقول الله تعالى : عبدي مرضتُ فلم تعُدني الخ ... ) فكل منهما يشرح آخره أوله ، ولكن أرباب الهوى يتبعون ما تشابه من النصوص ، ويعرضون عن المُحْكم منها فضلوا سواء السبيل .
    https://islamqa.info/ar/14397


    أليس لفظ "الحضرة الربانية" عند الصوفية؟


    اللهم اغفر لأبي وارحمه وعافه واعف عنه اللهم اجعل ولدي عمر ذخرا لوالديه واجعله في كفالة إبراهيم عليه السلام

  9. #9

    افتراضي


    أليس لفظ "الحضرة الربانية" عند الصوفية؟
    ---------

    لا يضر حتى لو كان عند المعتزلة ما لم يخالف أصلا من أصول الشرع ، لا مشاحة في الاصطلاحات إن شاء الله والعبرة بالمعاني..ثم ليس كل من تسمى بالصوفي ضال عن طريق الحق..

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Mar 2010
    المشاركات
    7,532

    افتراضي


    نرجع للكتاب والسنة نجد التوبة والإنابة... فهل نجد الحضرة الربانية؟

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو أريج الهلالي مشاهدة المشاركة

    أليس لفظ "الحضرة الربانية" عند الصوفية؟
    ---------

    لا يضر حتى لو كان عند المعتزلة ما لم يخالف أصلا من أصول الشرع ، لا مشاحة في الاصطلاحات إن شاء الله والعبرة بالمعاني..ثم ليس كل من تسمى بالصوفي ضال عن طريق الحق..

    "إن للصوفية مصطلحات تعبِّر عنها ألفاظ وكلمات وتراكيب، ولها معان خاصة ومطالب مخصوصة غير ما يدّل عليه ظاهر الألفاظ والكلمات أو تتضمّن هذه الكلمات والألفاظ على مدلولاتها الأصلية ولكن لها معان أعمق وأكثر من مفهومها ومدلولها الظاهر بداهة ولأول وهلة فإنها لم توضع إلا لنوع معيّن وقسم خاص من المفاهيم والمقاصد الغير المتبادر إليها الذهن، ولكل قوم ما اصطلحوا عليه، فلا يدرك أبعادها، ولا يفهم مطالبها إلا من كان له معرفة وإلمام، وعلم وإدراك بمصطلحات القوم وبما اختاروا لها من الكلمات والألفاظ هي كالألفاظ، والكلمات كالكلمات ولكن لا يفهم منها شيئاً مع معرفته باللغة التي استعملت فيها تلك الألفاظ والكلمات، وإتقانه إياها، ويستغرب ويتعجب ويضل في متاهاتها، ويتحيّر في مسالكها وصحاريها وبراريها..."

    https://dorar.net/firq/2031
    اللهم اغفر لأبي وارحمه وعافه واعف عنه اللهم اجعل ولدي عمر ذخرا لوالديه واجعله في كفالة إبراهيم عليه السلام

  11. #11

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أم علي طويلبة علم مشاهدة المشاركة

    نرجع للكتاب والسنة نجد التوبة والإنابة... فهل نجد الحضرة الربانية؟




    "إن للصوفية مصطلحات تعبِّر عنها ألفاظ وكلمات وتراكيب، ولها معان خاصة ومطالب مخصوصة غير ما يدّل عليه ظاهر الألفاظ والكلمات أو تتضمّن هذه الكلمات والألفاظ على مدلولاتها الأصلية ولكن لها معان أعمق وأكثر من مفهومها ومدلولها الظاهر بداهة ولأول وهلة فإنها لم توضع إلا لنوع معيّن وقسم خاص من المفاهيم والمقاصد الغير المتبادر إليها الذهن، ولكل قوم ما اصطلحوا عليه، فلا يدرك أبعادها، ولا يفهم مطالبها إلا من كان له معرفة وإلمام، وعلم وإدراك بمصطلحات القوم وبما اختاروا لها من الكلمات والألفاظ هي كالألفاظ، والكلمات كالكلمات ولكن لا يفهم منها شيئاً مع معرفته باللغة التي استعملت فيها تلك الألفاظ والكلمات، وإتقانه إياها، ويستغرب ويتعجب ويضل في متاهاتها، ويتحيّر في مسالكها وصحاريها وبراريها..."

    https://dorar.net/firq/2031
    حتى لا نخرج عن غرض المنشور، جزاك الله خيرا اجعليها إن شئت مقام الإحسان ..بارك الله فيك

  12. #12

    افتراضي التوبة و الدعاء

    لاشك أن مقادير الأمور بيد الله فهو الخالق والمدبر ولا تصرف لأحد كائنا من كان في خلقه إلا بإذنه، هو المعطي، وهو القابض، وهو الباسط تبارك وتقدس..ولا تُستنزَل رحماته وفتوحه بشيء أعظم من سؤاله ودعائه..وهو جلت قدرته يغضب إذا لم يُسأل، ومعاني أسمائه تتجلى عندما يُسأل، فترى آثار ومعاني التواب إذا تاب، والغفور إذا تجاوز عن المخطئ، والرزاق إذا رزق، والمعطي إذا أعطى وهكذا تظهر آثار أسماء الله على العبد بقدر تعبده بها وسؤاله إياه بها.
    واتصالا بموضوع التوبة النصوح وهمومها وطرق تحصيلها وتحقيقها، ثَمَّ أمر مهم هو أسُها وأسَاسُها، وركنها الركين : إنه الدعــــــاء وما له من أهمية في الثبات على التوبة.
    الله من أسمائه التوَّاب، أي الذي يتوب ويأذن بالتوبة على العصاة، هو الذي يتفضلُ على المقصر فيرجع ويؤوب سبحانه جل شأنه، فلا طريق ولا باب لتحقيق التوبة النصوح إلا باب سؤاله ، ولا فتح أعظم من أن يوفق العبد لرفع يديه إلى السماء داعيا منيبا، سائلا مبتهلا، باكيا متذللا..
    باب التوبة مفتوح على مصراعيه حتى تطلع الشمس من مغربها، وربنا يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات، لكنَّ كمال الأدب مع الله بعدما أمر فخولفْ ، ونهى فتُجُرِّئَ عليه، أن يُسأَل ويُلحَّ عليه في الدعاء، مع استصحاب كمال الذل والتعظيم والاستحياء...
    شأن الدعاء في الدين عظيم، وهو رحى العبودية؛ وهو منزلة سامية لازمة للتائب في سيره إلى الله، لأن قلبه لا تحصل له قوة، ولا لسيرِهِ صحةٌ إلا إذا كان الاستمداد من الله سبحانه، وكل تفريطٍ في سؤاله وتوانٍ في رفع أكف الضراعة إليه يؤول إلى أن يوُكَلَ العبد إلى نفسه وثَمَّ الهلاك بلا مرية..
    كان نبينا يناشد الله في جميع أحيانه ويدعوه، ويلح عليه ويتملقه في ليله ونهاره، والتَّمثيلُ لذلك من سيرته العطرة لا يحيط به وصف ولا يكفي له مقال، ولما كان كامل اليقين أن الدعاء هو باب الله الواسع الذي لا يلجه إلا المقربون كان متواصل الدعوات بعدد الأنفاس، وكانت أدعيته جامعة مانعة.
    وعلى هديه سارت تلك الصفوة الفريدة من صحابته وتابعيهم فضربوا أروع الأمثلة في التضرع والدعاء رحمهم الله ورضي عنهم..فكانوا لا يعرفون بابا غير باب السماء ولا يولون وجوههم في السراء والضراء غير وجهة الله ..
    أختم بهذا الأثر عَنْ طَاوُوسٍ ، قَالَ :
    " إِنِّي لَفِي الْحِجْرِ ذَاتَ لَيْلَةٍ ، إِذْ دَخَلَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ ، فَقُلْتُ: رَجُلٌ صَالِحٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِ الْخَيْرِ، لَأَسْتَمِعَّنّ َ إِلَى دُعَائِهِ اللَّيْلَةَ ، فَصَلِّي ثُمَّ سَجَد َ، فَأَصْغَيْتُ بِسَمْعِي إِلَيْهِ ، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ فِي سُجُودِهِ: " عُبَيْدُكَ بِفِنَائِكَ، مِسْكِينُكَ بِفِنَائِكَ ، فَقِيرُكَ بِفِنَائِكَ ، سَائِلُكَ بِفِنَائِكَ " !! قَالَ طَاوُوسٌ: فَحَفِظْتُهُنَّ ، فَمَا دَعَوْتُ بِهِنَّ فِي كَرْبٍ إِلَّا فُرِّجَ عَنِّي ".

    وهذا والتوفيق من الله وحده

  13. #13

    افتراضي

    عند أفول كل موسم من مواسم الطاعة يعلن كثير من العباد عزمهم على الاستدراك وتعويض ما فاتهم من صالح الأعمال، والوفاء بالمواثيق والعهود التي أخذوها على أنفسهم قبل دخول ذلك الموسم، ويكشفون عن عزيمتهم الأكيدة أن يكون ما يستقبلون من الأيام على غير ما كانت عليها سابقتها، تكون معمورة بطلب المغفرة والسعي الحثيث لتحقيقها، وتفريغ القلب والعقل لتَطلابها.
    نعم، لقد رأوا وشاهدوا بقلوبهم سرعة تقضي العمر وانصرام أيام الدنيا الدنية، وما حصلوا شيئا يكون سبب رفعتهم عند الله ؛ فيبدؤون في أولى خطوات السير شعارها الأوبة إلى الله والوفاء بعقد التوبة النصوح إليه..
    إن قدوم مواسم الخير فرصة سانحة ليعاهد فيها العباد ربهم بالتوبة، لعله يطلع منهم على صحة العزم، وامتلاء القلب بالإقبال والصدق والرغبة فيما عنده. وحينئذ يوشك أن يفتح الله عليهم، فينجيهم من فتن الدنيا ولهوها، ويقيهم من تعبها ونصبها، ويحول بينهم وبين شغلها للقلب عن التفكر في سلوك طريق الصادقين؛ يوشك أن يقويهم بعد أن كانوا ضعفاء، ويعلق قلوبهم به بعد أن كانت خِلوا من التوكل عليه، والاستعانة به؛ يعينهم حتي يخرجهم من حالة البعد إلى حالة العلاقة الخاصة التي تجعلهم من عباد الله المقربين الأبرار المخلَصين.
    لقد رأينا أيها العباد معالم السير، وعلمنا طريقة الاستعانة به في هذا السير، ومع ذلك نحن مصرون على الإعراض، دائموا التردد والتنقل، مؤثرون للدنيا على الانشغال بالله ، وإذا تعلق الأمر بالآخرة تباطأنا، وتلكأنا، وتأخرنا، وسوفنا،وقلنا: عما قليل نتوب، إذا أنهينا الشغل تبنا، في الإجازة نرجع ونؤوب، بعد الزواج نتوب، بعد الفوز بالصفقة نتوب؛ هكذا تتجاذبنا مشاغيل الدنيا وتسْلكُ بنا كُلَّ وادٍ..
    والسؤال الملح: هل بعد هذا الإخلاف البين بالعهد والميثاق لا زال أهل الإيمان مصرين على قوة الصلة بالشيطان؟ يعدهم ويمنيهم بالحياة إلى الغد، إلى الشهر المقبل، إلى العام القادم، يمنيهم بالعمل الصالح، فيضيع عليهم أوقاتهم وأعمارهم في التعلق بالزائف والخيالات والأوهام..ليتهم تخففوا من هذه العهود الإبليسية، واتباع أهواء النفس ، والشهوات وطول الأمل والغفلة، وعلموا أنهم إذا رجعوا إلى ربهم أغناهم، وكان في شغلهم وخدمتهم، وقوى يقينهم في وعده.
    هذه هي الحالة التي وصلنا إليها، ونتكلم في محاولة الاستشفاء من عللها وأوضارها وأوجاعها، نجاهد للخروج منها خروج المقربين الراغبين فيما عند الله المعلقين قلوبهم بالآخرة المتفكرين في هول الوقوف بين يديه جل شأنه..
    هذا وإن التوفيق من الله وحده..

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •