السؤال

♦ الملخص:
امرأة متزوِّجة تعرَّفت إلى شابٍّ، ثم قامتْ بينهما علاقة حب وكان فيها بعض المحرَّمات، لكن لم تصل إلى الزِّنا، وتسأل: هل أكون محرَّمة على زوجي بما فعلتُ؟

♦ التفاصيل:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا امرأة متزوِّجة، وبسبب ضيق المعيشة وما عانيتُه مِن الضغط النفسي ثم إهمال زوجي لي وعدم الحديث معي إلا قليلًا؛ حيث كان يكتفي بالسلام والاطمئنان علينا فقط - لجأتُ إلى الإنترنت، لعلي أجد مَن يُسعدني، ويُخرجني مما أنا فيه!


تعرفت إلى شاب عبر الإنترنت، وكنا نتحدث طويلًا عكس حديث زوجي معي، وتطوَّرَتْ علاقتي بهذا الشاب، وصرت أحبُّه بجنون، ولا أعلم كيف بدأ ذلك الحب!


تقابلتُ مع هذا الشاب أكثر مِن مرة، وحدثت بعض الأمور التي تُبت إلى الله منها؛ مثل المداعبات، لكن لم تصل الأمور إلى حد الزنا


يعلم الله أني تبتُ، رغم محاولات هذا الشاب التواصل معي، وبكائه لي كالأطفال، إلا أني وضعتُ الله أمام عيني، ولن أعودَ إلى الشيطان مجددًا.


اكتشف زوجي المحادثات والصور، وطلب مني أن أتركَ المنزل وأذهب إلى بيت أهلي، وهدَّدني بفضحي إن لم أستَجِبْ، لكن بعد أن توسَّلتُ له وبعد أن لمس صدق توبتي - سامحني لوجه الله، وقال لي: سأساعدك بما أستطيع، وحلفني أني تبتُ!


إحساسي بالخيانة يكاد يقتلني، وعذابُ الضمير يأكل قلبي، وخوفي مِن عذاب الله في الآخرة يكاد يُذهب لذة حياتي؛ فأهم شيء في الدنيا الحلال، مهما كان الثمن، لكنني أتساءل: هل بقائي مع زوجي حلال أو بذلك أصبحتُ محرمة عليه بما فعلتُ؟ وهل أُعتبَر زانية لما كان بيني وبين هذا الشاب، رغم أننا - والله يشهد - لم نصل إلى الزنا؟
الجواب

الحمدُ لله، والصلاةُ والسلامُ على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن والاه، أما بعدُ:
فالحمد لله الذي منَّ عليكِ بالتوبة مِن قريب أيتها الابنة الكريمة، فالتائب مِن الذنب كمَن لا ذنب له، والعبرةُ في الإنسان بما هو عليه الآن.


ما تَشعُرين به من ألم وندم دليلٌ على صدق التوبة، فأقبِلي على الله بالعمل الصالح، وأحسِنِي الظنَّ بالله تعالى، فإن الله سبحانه لا يتعاظَمُه ذنب أن يغفره لعبده التائب، وقد صحَّ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((كل بني آدم خطَّاء، وخير الخطائين التوابون)).


وتأملي سلمك الله الحديث الذي رواه البُخاريُّ عن ابن مسعود، أن رجلًا أصاب من امرأة قُبلةً، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره، فأنزل الله عز وجل: ﴿ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ﴾ [هود: 114]، فقال الرجل: يا رسول الله ألي هذا؟ قال: ((لجميع أمتي كلهم))، وفي رواية عند أحمد: إني أصبت من امرأة كل شيء إلا أني لم أجامعها؟ وذكره بتمامه.


وكذلك تأملي كيف أن الله تعالى الرؤوف الرحيم أمر جميع المؤمنين بالتوبة في قوله: ﴿ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [النور: 31]، تنبيهًا على أنه لا يخلو مؤمن من بعض الذنوب، ولكن مُستقِلٌّ ومُستكثِر، وأيضًا أمرنا بها ليَقبلها؛ فالتوبة مقبولة من سائر المذنبين؛ قال تعالى: ﴿ أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ ﴾ [التوبة: 104]، وقال تعالى: ﴿ وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ ﴾ [الشورى: 25]، وسواء كانت الفواحش مُغلَّظة لشدتها وكثرتها أو غير مُغلَّظة.


أما ما وقعتِ فيه فليس هو الزنا الحقيقي بإدخال الفرج في الفرج الحرام، والحمد لله الذي عصَمَكِ من تلك الفاحشة الكبيرة، وإنما هو مِن الزنا المخفَّف الذي يكون مقدمة للفاحشة، وهو من اللمم الذي ذكره الله في كتابه؛ ففي الصحيحين عن ابن عباس قال: "ما رأيت شيئًا أشبه باللمم مما قال أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن الله كتب على ابن آدم حظه من الزنا، أدركَ ذلك لا محالة؛ فزنا العين النظر، وزنا اللسان المنطق، والنفس تمني وتشتهي، والفرج يصدِّق ذلك أو يكذبه))، وسماه الله لمَمًا لأنَّ العبد يلمُّ بالكبيرة ولا يأتيها.


أما بقاؤك مع زوجك فحلال بلا أدنى شك، فاستعيني بالله، واطوي عنك تلك الصفحة، وأوصيك ألا تتذكَّري تلك المعصية، وكلَّما ذكَّرك الشيطان بها اصرفي عنك تلك الخطرة، وجدِّدي عندها التوبة، كما أنصحك أن تُكثري من قراءة القرآن بتدبُّر.
هذا؛ وأسأل الله أن يغفر لنا ما قدمنا وما أخَّرنا، وما أسررنا وما أعلنا
أنت المقدِّم، وأنت المؤخِّر، لا إله إلا أنت




رابط الموضوع: http://www.alukah.net/fatawa_counsel...#ixzz4xOKwW0XB