الموضوع: الْإِيثَارُ لِلْعِلْمِ عَلَى الِاشْتِغَالِ بِالدُّنْيَا وَكَسْبِهَا

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: " إِنَّ النَّاسَ يَقُولُونَ: أَكْثَرَ أَبُو هُرَيْرَةَ وَلَوْلَا آيَتَانِ فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مَا حَدَّثْتُ حَدِيثًا، ثُمَّ تَلَا {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ} [البقرة: 174] ، وَ {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى} [البقرة: 159] وَإِنَّ إِخْوَانَنَا الْمُهَاجِرِينَ كَانَ يَشْغَلُهُمُ الصَّفْقُ بِالْأَسْوَاقِ وَإِخْوَانُنَا الْأَنْصَارُ كَانَ يَشْغَلُهُمُ الْعَمَلُ فِي أَمْوَالِهِمْ وَإِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ كَانَ يَلْزَمُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِشِبَعِ بَطْنِهِ، وَيَحْضُرُ مَا لَا يَحْضُرُونَ "
قَالَ أَبُو عُمَرَ ابن عبد البر رَحِمَهُ اللَّهُ: " فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ مَعَانٍ: مِنْهَا أَنَّ الْحَدِيثَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حُكْمُهُ حُكْمُ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ الْمُنَزَّلِ، وَمِنْهَا إِظْهَارُ الْعِلْمِ وَنَشْرُهُ وَتَعْلِيمُهُ، وَمِنْهَا مُلَازَمَةُ الْعُلَمَاءِ وَالرِّضَا بِالْيَسِيرِ لِلرَّغْبَةِ فِي الْعِلْمِ، وَمِنْهَا الْإِيثَارُ لِلْعِلْمِ عَلَى الِاشْتِغَالِ بِالدُّنْيَا وَكَسْبِهَا "

قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: لَمَّا أَرَدْتُ أَنْ أَطْلُبَ الْعِلْمَ قُلْتُ: يَا رَبِّ إِنَّهُ لَا بُدَّ لِي مِنْ مَعِيشَةٍ، وَرَأَيْتُ الْعِلْمَ يُدْرَسُ، فَقُلْتُ: أُفرِّغُ نَفْسِي لِطَلَبِهِ، وَقَالَ: وَسَأَلْتُ رَبِّي الْكِفَايَةَ وَالتَّشَاغُلَ لِطَلَبِ الْعِلْمِ فَمَا رَأَيْتُ إِلَّا مَا أُحِبُّ إِلَى يَوْمِي هَذَا^([1]).

---

[1])) أخرجه أبو نعيم في «حلية الأولياء» (6/ 370).

قال سفيان الثوري: (كان يقال: لا تكونن حريصًا على الدنيا تكن حافظًا). [الحلية: 6/ 370)].

يَقُولُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: وَلَقَدْ تَأَمَّلْتُ نَفْسِي بِالْإِضَافَةِ إِلَى عَشِيرَتِي الَّذِينَ أَنْفَقُوا أَعْمَارَهُمْ فِي اكْتِسَابِ الدُّنْيَا، وَأَنْفَقْتُ زَمَنَ الصَّبْوَةِ وَالشَّبَابِ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ، فَرَأَيْتُنِي لَمْ يَفُتْنِي مِمَّا نَالُوهُ؛ إِلَّا مَا لَوْ حَصَلَ لِي، نَدِمْتُ عَلَيْهِ.
ثُمَّ تَأَمَّلْتُ حَالِي، فَإِذَا عَيْشِي فِي الدُّنْيَا أَجْوَدَ مِنْ عَيْشِهِمْ، وَجَاهِي بَيْنَ النَّاسِ أَعْلَى مِنْ جَاهِهِمْ، وَمَا نُلْتُهُ مِنْ مَعْرِفَةِ الْعِلْمِ لَا يُقَاوَمْ.
فَقَالَ لِيَ إِبْلِيسُ: وَنَسِيتَ تَعَبَكَ وَسَهَرَكَ؟! فَقُلْتُ لَهُ: أَيُّهَا الْجَاهِلُ، تَقْطِيعُ الْأَيْدِي لَا وَقْعَ لَهُ عِنْدَ رُؤْيَةِ يُوسُفَ، وَمَا طَالَتْ طَرِيقٌ أَدَّتْ إِلَى صَدِيقٍ.

جَزَى اللهُ الْمَسِيرَ إِلَيْهِ خَيْرًا

وَإِنْ تَرَكَ الْمَطَايَا كَالْمَزَادِ([1])

وَلَقَدْ كُنْتُ فِي حَلَاوَةِ طَلَبِي الْعِلْمَ أَلْقَى مِنَ الشَّدَائِدِ مَا هُوَ عِنْدِي أَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ؛ لِأَجْلِ مَا أَطْلُبُ وَأَرْجُو، كُنْتُ فِي زَمَانِ الصِّبَا آخُذُ مَعِي أَرْغِفَةً يَابِسَةً، فَأَخْرُجُ فِي طَلَبِ الْحَدِيثِ، وَأَقْعُدُ عَلَى نَهْرِ عِيسَى، فَلَا أَقْدِرُ عَلَى أَكْلِهَا إِلَّا عِنْدَ الْمَاءِ، فَكُلَّمَا أَكَلْتُ لُقْمَةً، شَرِبْتُ عَلَيْهَا، وَعَيْنُ هِمَّتِي لَا تَرَى إِلَّا لَذَّةَ تَحْصِيلِ الْعِلْمِ^([2]).

---

[1])) (مزاد ومزادة): وعاء من جلد: أي: أنَّ المطايا هزلت من كثرة الأسفار حتى صارت جلدًا على عظم.

[2])) «صيد الخاطر» (ص247، 248).

أحسن الله إليكم

زادكم الله نفعا وعلما وتوفيقا

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة طويلب علم مبتدىء

أحسن الله إليكم

زادكم الله نفعا وعلما وتوفيقا

وأنتم كذلك، بارك الله فيكم.

قَالَ النَّوَوِيُّ رحمه الله:
سَمِعْتُ شَيْخَنَا أَبَا إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمَ بْنَ عِيسَى الْمُرَادِيَّ يَقُولُ فِي يَوْمِ الْأَرْبَعَاءِ السَّابِعِ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِينَ وَسِتِّ مِئَةٍ بِالْمَدْرَسَةِ الْبَادْرَانِيّ َةِ بِدِمِشْقَ حَمَاهَا اللهُ وَصَانَهَا، قَالَ: سَمِعْتُ الشَّيْخَ عَبْدَ الْعَظِيمِ رحمه الله يَقُولُ: كَتَبْتُ بِيَدِي تِسْعِينَ مُجَلَّدَةً، وَكَتَبْتُ سَبْعُ مِئَةِ جُزْءٍ.
قَالَ النَّوَوِيُّ: كُلُّ ذَلِكَ مِنْ عُلُومِ الْحَدِيثِ تَصْنِيفُ غَيْرِهِ، وَكَتَبَ ذَلِكَ مِنْ مُصَنَّفَاتِهِ وَغَيْرِهَا أَشْيَاءَ كَثِيرَةً.
قَالَ النَّوَوِيُّ: قَالَ شَيْخُنَا: وَلَمْ أَرَ، وَلَمْ أَسْمَعْ أَحَدًا أَكْثَرَ اجْتِهَادًا مِنْهُ فِي الِاشْتِغَالِ؛ كَانَ دَائِمَ الِاشْتِغَالِ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ.
وَقَالَ وَجَاوَرْتُهُ فِي الْمَدْرَسَةِ - يَعْنِي بِالْقَاهِرَةِ حَمَاهَا اللهُ - بَيْتِي فَوْقَ بَيْتِهِ اثْنَي عَشَرَ سَنَةً، فَلَمْ أَسْتَيْقِظْ فِي لَيْلَةٍ مِنَ اللَّيَالِي فِي سَاعَةٍ مِنْ سَاعَاتِ اللَّيْلِ إِلَّا وَجَدْتُ ضَوْءَ السِّرَاجِ فِي بَيْتِهِ وَهُوَ مُشْتَغِلٌ بِالْعِلْمِ، وَحَتَّى كَانَ فِي حَالِ الْأَكْلِ وَالْكُتُبُ عِنْدَهُ يَشْتَغِلُ فِيهَا، وَذَكَرَ مِنْ تَحْقِيقِهِ وَشِدَّةِ بَحْثِهِ وَتَفَنُّنِهِ مَا أَعْجَزُ عَنِ التَّعْبِيرِ عَنْهُ، قَالَ: وَكَانَ لَا يَخْرُجُ مِنَ الْمَدْرَسَةِ لَا لِعَزَاءٍ، وَلَا لِهَنَاءٍ، وَلَا لِفُرْجَةٍ، وَلَا لِغَيْرِ ذَلِكَ إِلَّا لِصَلَاةِ الْجُمُعَةِ؛ يَسْتَغْرِقُ الْأَوْقَاتَ فِي الْعِلْمِ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ^([1]).

---

[1])) «بستان العارفين» (ص79)، طـ دار الريان للتراث.

وفقكم الله لمرضاته

لو صور العلم صورة لكانت أجمل من الشمس والقمر

ابن القيم رحمه الله

إبتغي في ما آتاك الله الدار الآخرة و لا تنس نصيبك من الدنيا و أحسن كما أحسن الله إليك.
قد يؤت مال و لا يؤت علما و قد يؤت علما و لا يؤت مال و قد يؤت مال و علما و قد لا يؤت لا مال و لا علما
و العبرة بالنيات

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة حسن المطروشى الاثرى

وفقكم الله لمرضاته

بارك الله فيكم يا شيخ حسن.

عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ، قَالَ: كَانَ مَالِكٌ يَقُولُ: إِنَّ هَذَا الْأَمْرَ لَنْ يُنَالَ حَتَّى يُذَاقَ فِيهِ طَعْمُ الْفَقْرِ، وَذَكَرَ مَا نَزَلَ بِرَبِيعَةَ مِنَ الْفَقْرِ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ حَتَّى بَاعَ خَشَبَ سَقْفِ بَيْتِهِ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ، وَحَتَّى كَانَ يَأْكُلُ مَا يُلْقَى عَلَى مَزَابِلِ الْمَدِينَةِ مِنَ الزَّبِيبِ وَعُصَارَةِ التَّمْرِ^([1]).

---

[1])) أخرجه ابن عبد البر في «جامع بيان العلم وفضله» (596).

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد طه شعبان

بارك الله فيكم يا شيخ حسن.

وفقكم الله شيخنا الفاضل
وزادكم الله من الله فضله

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رشيد الدين الصيدلاني

إبتغي في ما آتاك الله الدار الآخرة و لا تنس نصيبك من الدنيا و أحسن كما أحسن الله إليك.
قد يؤت مال و لا يؤت علما و قد يؤت علما و لا يؤت مال و قد يؤت مال و علما و قد لا يؤت لا مال و لا علما
و العبرة بالنيات

أخي الكريم انتبه للأخطاء اللغوية وفقك الله
والتصحيح والعلم عند الله..
وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة و لا تنس نصيبك من الدنيا و أحسن كما أحسن الله إليك وهي آية من سورة القصص.
قد تؤتى مالا و لا تؤتى علما، و قد تؤتى علما و لا تؤتى مالا، و قد تؤتى مالا و علما، و قد لا تؤتى مالا و لا علما.
و العبرة بالنيات..
وفقك الله