- مما لا شك فيه لأي منصف حصيف أنه يقول أننا ندرك معنى الجملة أولا ثم نعربها بالحركات و العلامات الإعرابية خاصة إذا كانت الجملة غفلا عن الإعراب ، أما إذا كانت الجملة معربة فنفهمها كما تقتضي علامات و حركات الإعراب التي فيها ، و إذا حصل إشكال أو غموض أو لبس في المعنى حاولنا تأويله على ما أمكن ، و إذا فشلنا فلا بد من رد هذا الإعراب و تجويز الخطأ على الـمُعْرِب .
- فما الحل إذا احتملت الجملة و المعنى أكثر من إعراب ، و كل إعراب يؤدي لمعنى مخالف للأخر ، فأيهما أولى ، خاصة إذا كان كل معنى قد يخالف الآخر بل ينقضه . و المثال العملي على ذلك هو هذا الحديث :
- ( ذكاة الجنين ذكاة أمه ) .
فــــــــ (ذكاة) الثانية يختلف المعنى و الحكم الفقهي بناء على الرفع أو النصب ، فلو كانت مرفوعة فهذا معناه أن الجنين لا يحل أكله إلا بما حل به أمه ، أي يجب أن يكون حيا فيذكى كما ذكيت أمه .. و بالفتح يكون المعنى أن ذكاة أمه تكفيه و تكون له ذكاة فيؤكل إذا نزل ميتا من بطن أمه .
- فهل أفادنا الإعراب هنا شيئا ، فحدد المعنى و أزال اللبس و رفع الإشكال ؟
- و إن كنا سنلتمس المعنى المقصود في السياق الخاص أو السياق العام و بمعاونة القرائن الأخرى ، فلما لا يكون هذا الصنيع هو الأصل الذي نحتكم له و يأتي الإعراب بالحركات تابعا له . و في هذه الحالة سيكون من باب تحصيل الحاصل .
- و إن كان هذا نص شرعي و قد نال ما لم ينله أي نص آخر من الضبط و النقل ، و قد وصل لنا غير معرب ، فما معنى هذا ؟! .... هل الرسول صلى الله عليه و سلم يقصد المعنيين مثلا ؟ بالطبع لا ، فبالتأكيد معنى واحد ، إذن كيف سنعرفه من خلال الفتحة و الضمة ؟