تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 13 من 13

الموضوع: المسافة الموجبة لإجابة النداء

  1. #1

    افتراضي المسافة الموجبة لإجابة النداء

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته,
    قال مسلم في صحيحه: "وَحَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَسُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ، وَيَعْقُوبُ الدَّوْرَقِيُّ، كُلُّهُمْ عَنْ مَرْوَانَ الْفَزَارِيِّ، قَالَ قُتَيْبَةُ: حَدَّثَنَا الْفَزَارِيُّ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ الْأَصَمِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ الْأَصَمِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ أَعْمَى، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّهُ لَيْسَ لِي قَائِدٌ يَقُودُنِي إِلَى الْمَسْجِدِ، فَسَأَلَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُرَخِّصَ لَهُ، فَيُصَلِّيَ فِي بَيْتِهِ، فَرَخَّصَ لَهُ، فَلَمَّا وَلَّى، دَعَاهُ، فَقَالَ: «هَلْ تَسْمَعُ النِّدَاءَ بِالصَّلَاةِ؟» قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: «فَأَجِبْ»" اهـ

    وفي الباب أحاديث وآثار أخرى تذكر سماع الأذان مثل "الجمعة على من سمع النداء" و"من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر" واختلف في صحتها.

    والموضوع الذي أريد مناقشته هو المقصود بسماع النداء, فلعل أكثر من تكلم في هذه المسألة قال بأن المقصود هو أن من كان على مسافة من المسجد وهو يسمع نداء المؤذن عند سكون الرياح وهدوء الأصوات, فإنه يجب عليه إجابتها, أو قال قولاً قريباً من هذا. ومنهم من تكلم في المسألة عند كلامهم فيمن تجب عليه الجمعة, ومنهم من تكلم فيها عند الكلام فيمن تجب عليه إجابة النداء للصلوات المكتوبات. وقد اختلفت أقوالهم في هذا فإليك بعض ما وقفت عليه, ومن لم يعجب قراءة النقول كلها فل يذهب إلى العنوان أدناها "أثر عطاء"

    1. قال أبو داود السجستاني: "سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ، " سُئِلَ عَنِ الْجُمُعَةِ: عَلَى مَنْ تَجِبُ؟ قَالَ: أَمَّا عَلَى مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ، فَلَيْسَ فِي نَفْسِي مَنْهُ شَيْءٌ أَنَّهُ عَلَيْهِ، قَالَ: وَيَبْلُغُ فَرْسَخٌ، يَعْنِي: النِّدَاءَ "." مسائل الإمام أحمد رواية أبي داود السجستاني ص82
    2. فال عبد الله بن أحمد: "
    - حَدثنَا قَالَ سَأَلت ابي الْجُمُعَة على من تجب
    قَالَ على من يبلغهُ الصَّوْت
    قَالَ فَبلغ الصَّوْت فرسخا
    حَدثنَا قَالَ سَمِعت ابي يَقُول تجب الْجُمُعَة على من سمع النداء والنداء يسمع من فَرسَخ الصَّوْت يذهب بِاللَّيْلِ يُقَال فَرسَخ
    435 - حَدثنَا قَالَ سَأَلت ابي على من تجب الْجُمُعَة
    قَالَ على من سمع النداء وَقَالَ ابْن عمر من آواه اللَّيْل الى اهله وَقد كَانَ اهل ذِي الحليفة يجمعُونَ مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَبينهمْ وَبَين الْمَدِينَة سِتَّة اميال إِلَّا أَنه من سمع النداء تجب عَلَيْهِ والنداء يذهب فرسخا فِي وَقت مَا يهدا النَّاس" مسائل الإمام أحمد رواية ابنه عبد الله ص121 والفرسخ قريب من 5 كيلومترات وقد يبدو هذا بعيداً عند بعض الناس.
    3. قال ابن حزم في المحلى: "وَأَمَّا مَنْ قَالَ: تَجِبُ عَلَى مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ -: فَإِنَّ النِّدَاءَ قَدْ لَا يَسْمَعُهُ لِخَفَاءِ صَوْتِ الْمُؤَذِّنِ - أَوْ لِحَمْلِ الرِّيحِ لَهُ إلَى جِهَةٍ أُخْرَى، أَوْ لِحَوَالَةٍ رَابِيَةٍ مِنْ الْأَرْضِ دُونَهُ مَنْ كَانَ قَرِيبًا جِدًّا، وَقَدْ يَسْمَعُ عَلَى أَمْيَالٍ كَثِيرَةٍ إذَا كَانَ الْمُؤَذِّنُ فِي الْمَنَارِ وَالْقَرْيَةُ فِي جَبَلٍ، وَالْمُؤَذِّنُ صَيِّتًا وَالرِّيحُ تَحْمِلُ صَوْتَهُ؟ وَبِالضَّرُورَة ِ نَدْرِي أَنَّ «قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَتَسْمَعُ النِّدَاءَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: أَجِبْ» أَنَّهُ إنَّمَا أَمَرَهُ بِالْإِجَابَةِ لِحُضُورِ الصَّلَاةِ الْمَدْعُوِّ إلَيْهَا، لَا مَنْ يُوقِنُ أَنَّهُ لَا يُدْرِكُ مِنْهَا شَيْئًا، هَذَا مَعْلُومٌ يَقِينًا وَيُبَيِّنُ ذَلِكَ إخْبَارُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِأَنَّهُ يَهُمُّ بِإِحْرَاقِ مَنَازِلِ الْمُتَخَلِّفِي نَ عَنْ الصَّلَاةِ فِي الْجَمَاعَةِ لِغَيْرِ عُذْرٍ.
    فَإِذْ قَدْ اخْتَلَفُوا هَذَا الِاخْتِلَافَ فَالْمَرْجُوعُ إلَيْهِ مَا افْتَرَضَ اللَّهُ الرُّجُوعَ إلَيْهِ مِنْ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ؟ -: فَوَجَدْنَا اللَّهَ تَعَالَى قَدْ قَالَ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ} [الجمعة: 9] .
    فَافْتَرَضَ اللَّهُ تَعَالَى السَّعْيَ إلَيْهَا إذَا نُودِيَ لَهَا، لَا قَبْلَ ذَلِكَ، وَلَمْ يَشْتَرِطْ تَعَالَى مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ مِمَّنْ لَمْ يَسْمَعْهُ، وَالنِّدَاءُ لَهَا إنَّمَا هُوَ إذَا زَالَتْ الشَّمْسُ، فَمَنْ أَمَرَ بِالرَّوَاحِ قَبْلَ ذَلِكَ فَرْضًا فَقَدْ افْتَرَضَ مَا لَمْ يَفْتَرِضْهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْآيَةِ وَلَا رَسُولُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
    فَصَحَّ يَقِينًا أَنَّهُ تَعَالَى أَمَرَ بِالرَّوَاحِ إلَيْهَا إثْرَ زَوَالِ الشَّمْسِ، لَا قَبْلَ ذَلِكَ، فَصَحَّ أَنَّهُ قَبْلَ ذَلِكَ فَضِيلَةٌ لَا فَرِيضَةٌ، كَمَنْ قَرَّبَ بَدَنَةً، أَوْ بَقَرَةً، أَوْ كَبْشًا، أَوْ مَا ذُكِرَ مَعَهَا وَقَدْ صَحَّ أَمْرُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَنْ مَشَى إلَى الصَّلَاةِ بِالسَّكِينَةِ وَالْوَقَارِ، وَالسَّعْيِ الْمَذْكُورِ فِي الْقُرْآنِ إنَّمَا هُوَ الْمَشْيُ لَا الْجَرْيُ.
    وَقَدْ صَحَّ أَنَّ السَّعْيَ الْمَأْمُورَ بِهِ إنَّمَا هُوَ لِإِدْرَاكِ الصَّلَاةِ لَا لِلْعَنَاءِ دُونَ إدْرَاكِهَا، وَقَدْ قَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا» ." اهـ من المحلى 3\261-262 فكأن المسافة عند ابن حزم هو ما إذا تمكن الإنسان أن يمشيها عند سماع النداء بالسكينة ويدرك الصلاة.
    4. قال النووي في المجموع: " أَنْ يَبْلُغَهُمْ النِّدَاءُ مِنْ قَرْيَةٍ أَوْ بَلْدَةٍ تُقَامُ فِيهَا الْجُمُعَةُ فَيَلْزَمُهُمْ الْجُمُعَةُ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ المعتبر نداء رجل علي الصَّوْتِ يَقِفُ عَلَى طَرَفِ الْبَلَدِ مِنْ الْجَانِبِ الَّذِي يَلِي تِلْكَ الْقَرْيَةَ وَيُؤَذِّنُ وَالْأَصْوَاتُ هَادِئَةٌ وَالرِّيَاحُ سَاكِنَةٌ فَإِذَا سَمِعَ صَوْتَهُ مَنْ وَقَفَ فِي طَرَفِ تِلْكَ الْقَرْيَةِ الَّذِي يَلِي بَلَدَ الْجُمُعَةِ وَقَدْ أَصْغَى إلَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ فِي سَمْعِهِ خَلَلٌ وَلَا جَاوَزَ سَمْعُهُ فِي الْجَوْدَةِ عَادَةَ النَّاسِ وَجَبَتْ الْجُمُعَةُ عَلَى كُلِّ مَنْ فيها وإلا فلا وفى وجه مشهوران
    المعتبران يَقِفَ فِي وَسَطِ الْبَلَدِ الَّذِي فِيهِ الْجُمُعَةُ وَوَجْهٌ ثَالِثٌ الْمُعْتَبَرُ وُقُوفُهُ فِي نَفْسِ الْمَوْضِعِ الَّذِي يُصَلِّي فِيهِ الْجُمُعَةَ وَاتَّفَقَ الْأَصْحَابُ عَلَى ضَعْفِ الْوَجْهَيْنِ قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ هَذَا الْوَجْهُ سَاقِطٌ لِأَنَّ الْبَلَدَ قَدْ يَتَّسِعُ خُطَّتُهُ بِحَيْثُ إذَا وَقَفَ الْمُنَادِي فِي وَسَطٍ لَا يَسْمَعُهُ الطَّرَفُ فَكَيْفَ يَتَعَدَّى إلَى قَرْيَةٍ قَالَ أَصْحَابُنَا وَلَا يُعْتَبَرُ وُقُوفُهُ عَلَى مَوْضِعٍ عَالٍ كَمَنَارَةٍ أو سور ونحوهما هكذا أَطْلَقَهُ الْأَصْحَابُ وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ قَالَ أَصْحَابُنَا لَا يُعْتَبَرُ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْبَلَدُ كَطَبَرِسْتَانَ فَإِنَّهَا بَيْنَ غِيَاضٍ وَأَشْجَارٍ تَمْنَعُ الصوت فيعتبر فيها الارتفاع علي شئ يَعْلُو الْغِيَاضَ وَالْأَشْجَارَ وَلَوْ بَلَغَ النِّدَاءُ مَنْ وَقَفَ فِي طَرَفِ الْقَرْيَةِ دُونَ مَنْ وَقَفَ فِي وَسَطِهَا لَزِمَ جَمِيعَ أَهْلِ الْقَرْيَةِ الْجُمُعَةُ صرح به امام الحرمين والمتولي وغيرهما لِأَنَّ الْقَرْيَةَ الْوَاحِدَةَ لَا يَخْتَلِفُ حُكْمُهَا قَالَ الْإِمَامُ وَغَيْرُهُ وَلَوْ كَانَ فِيهِمْ مَنْ جَاوَزَ الْعَادَةَ فِي حِدَّةِ السَّمَاعِ فَلَا تَعْوِيلَ عَلَى سَمَاعِهِ وَلَوْ كَانَتْ قَرْيَةً عَلَى قُلَّةِ جَبَلٍ فَسَمِعَ أَهْلُهَا النِّدَاءَ لِعُلُوِّهَا بِحَيْثُ لَوْ كَانَتْ عَلَى أَرْضٍ مُسْتَوِيَةٍ لَمْ يَسْمَعُوا أَوْ كَانَتْ قَرْيَةً فِي وَادٍ وَنَحْوِهِ لَا يَسْمَعُ أَهْلُهَا النِّدَاءَ لِانْخِفَاضِهَا وَلَوْ كَانَتْ عَلَى أَرْضٍ مُسْتَوِيَةٍ لَسَمِعُوا فَوَجْهَانِ (أَصَحُّهُمَا) وَبِهِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ الِاعْتِبَارُ بِتَقْدِيرِ الِاسْتِوَاءِ فَلَا تَجِبُ الْجُمُعَةُ عَلَى الْعَالِيَةِ وَتَجِبُ عَلَى الْمُنْخَفِضَةِ
    (وَالثَّانِي)
    عَكْسُهُ اعْتِبَارًا بِنَفْسِ السَّمَاعِ وَبِهِ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالْبَنْدَنِيج ِيّ أَمَّا إذَا سَمِعَ أَهْلُ الْقَرْيَةِ النَّاقِصُونَ عَنْ أَرْبَعِينَ النِّدَاءَ مِنْ بَلَدَيْنِ فَأَيَّهُمَا حَضَرُوهُ جَازَ وَالْأَوْلَى حُضُورُ أَكْثَرِهِمَا جَمَاعَةً وَاَللَّهُ أَعْلَمُ" اهـ من المجموع 4\487-488
    5. "سئل الشيخ عبد الله بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب، رحمهما الله تعالى: هل يرخص للرجل يوم الجمعة إذا كان قريباً من بلد في ترك الجمعة؟
    فأجاب: لا رخصة له إلا في أكثر من فرسخ، والفرسخ ثلاثة أميال، والميل ستة آلاف ذراع؛ فجميع ذلك ثمانية عشر ألف ذراع.
    وسئل: عمن يجب عليه السعي إلى الجمعة ... إلخ؟
    فأجاب: يجب السعي على البعيد إذا كان يسمع النداء، إذا أذن المؤذن الصيت مع هدوء الأصوات وتساوي الأرض؛ ومنهم من يحده بفرسخ عن طرف المصر. وأجاب بعضهم: أما من تجب عليه الجمعة من جهة القرب والبعد، فقالوا: تجب على من بينه وبينها فرسخ، في حق غير أهل مصر، واليوم عندهم ثمانية فراسخ" اهـ من الدرر السنية في الأجوبة النجدية 5\5
    6. وقول الألباني في المسألة: أنه تجب الإجابة إذا علم الإنسان بدخول وقت الصلاة, سواء سمع النداء أم لا, لأن سماع النداء إنما هو للإعلام بدخول الوقت, فإذا حصل الإعلام بأي طريقة, وجب عليه الحضور (تفريغ سلسلة الهدى والنور للشيخ الألباني - الإصدار 3, 2\12). هذا مع أن يكون المسجد قريباً حيث لو أذن أذان طبيعي لسمعه (المصدر السابق 189\15, و361\5)
    7. قال عبد الرحمن بن عبد الخالق اليوسف: "العبرة هي بالقرب من المسجد، وقد قدره أهل العلم بأنه إذا أذن المؤذن يستطيع أن يتوضأ ويصل ماشياً إلى المسجد فهذا يعتبر قريباً، فإذا كان بينه وبين المسجد مثلاً مسافة 5 دقائق 10 دقائق مشياً، فهذا يعتبر قريباً"

    From <http://ar.islamway.net/fatwa/29540/%D9%87%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%B0%D9%87%D8%A7 %D8%A8-%D9%84%D9%84%D9%85%D8%B3%D8%AC %D8%AF-%D9%8A%D8%AA%D8%B1%D8%AA%D8%A8-%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87-%D8%B3%D9%85%D8%A7%D8%B9-%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%AF%D8%A7 %D8%A1-%D8%A8%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%83 %D8%A8%D8%B1%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D9%88%D8%AA >

    8. قال محمد بن محمد المختار الشنقيطي: "إنما يكون في الزمان الهادي ما بين كيلوين إلى كيلو ين ونصف كما يذكر بعض مشايخنا-رحمة الله عليهم- هذا القدر إلى ثلاثة كيلو يحتاط الإنسان ويجيب المسجد ، وأما ما زاد على ذلك فلا يجب وقد كان أهل قباء على هذه المسافة وكانت هناك مساجد في المدينة وكانوا يؤذنون ومع ذلك لا يلزموا بالمسجد الأصلي وهو مسجد النبي-r- ." اهـ من موقع الشيخ

    9. قال الشيخ زيد بن مسفر البحري: "السؤال:أدرس في بلد غربية و أبعدُ عن المسجد خمس كيلوات تقريبا فهل تجب عليّ صلاة الجماعة بالمسجد ؟
    الجواب : يقول النبي صلى الله عليه وسلم (من سمع النداء فلم يجب فلا صلاة له إلا من عذر) وقال عليه الصلاة والسلام للأعمى :( أتسمع النداء ؟ قال نعم قال فأجب ), ومثلك مع هذه المسافة لا يمكن لك سماع المؤذن بصوته من غير مكبر ومع خلو الموانع من الضجيج فالحالة هذه يستحب لك أن تحضر

    From <http://www.albahre.com/publish/article_3325.php>
    10. قال سامي بن عبد العزيز الماجد: "والذي يظهر أن مقدار أقصى مسافة يسمع فيها النداء بدون مكبر عند هدوء الأصوات وعدم وجود ما يمنع السماع- في تقديري – ما بين كيلو متر إلى كيلو متر ونصف. " اهـ

    From http://www.islamtoday.net/fatawa/quesshow-60-33977.htm

    11. وانظر هذا الرابط: https://islamqa.info/ar/20655

    أثر عطاء
    جاء في مصنف عبد الرزاق: " عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: قُلْتُ لِعَطَاءٍ: أَرَأَيْتَ مَنْ لَمْ يَسْمَعِ النِّدَاءَ مِنْ أَهْلِ الْقَرْيَةِ قَالَ: «إِنْ شَاءَ جَاءَ، وَإِنْ شَاءَ فَلَا» قَالَ: قُلْتُ: وَإِنْ كَانَ قَرِيبًا مِنَ الْمَسْجِدِ؟ قَالَ: «إِنْ شَاءَ فَلْيَأْتِ، وَإِنْ شَاءَ فَلْيَجْلِسْ»، قُلْتُ: أَفَرَأَيْتَ إِنْ كُنْتُ فِي مَسْكَنٍ أَسْمَعُ فِيهِ مَرَّةً، وَلَا أَسْمَعُ فِيهِ أُخْرَى أَلِيَ رُخْصَةٌ أَنْ أَجْلِسَ إِذَا لَمْ أَسْمَعْهُ؟ قَالَ: «نَعَمْ»، قُلْتُ: وَإِنْ كُنْتُ أَعْلَمُ أَنَّ الصَّلَاةَ قَدْ حَانَ حِينُهَا الَّذِي أَظُنُّ أَنَّهَا تُصَلَّى لَهُ؟ قَالَ: «نَعَمْ، إِذَا لَمْ تَسْمَعِ النِّدَاءَ»" اهـ من المصنف 1920 وذكر مثله ابن حزم في المحلى 3\111

    وجاء فيه أيضاً: "عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: قُلْتُ لِعَطَاءٍ: فَمَنْ سَمِعَ الْإِقَامَةَ فِي الْحَضَرِ وَلمْ يَسْمَعِ الْأُولَى قَالَ: «فَإِنْ ظَنَّ أَنَّهُ يُدْرِكُهَا فَحَقٌّ عَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَهَا»" اهـ من المصنف 1922

    والظاهر أن الإسنادين صحيحان.

    فالأثر الأول كأنه يدل على أن العبرة بسماع النداء حقيقةً, لا بمجرد القرب من المسجد, لقوله: " وَإِنْ كَانَ قَرِيبًا مِنَ الْمَسْجِدِ؟ قَالَ: «إِنْ شَاءَ فَلْيَأْتِ، وَإِنْ شَاءَ فَلْيَجْلِسْ»", وكذلك لا بمجرد المسافة التي يبلغها صوت المؤذن عند الهدوء, لقوله: " أَفَرَأَيْتَ إِنْ كُنْتُ فِي مَسْكَنٍ أَسْمَعُ فِيهِ مَرَّةً، وَلَا أَسْمَعُ فِيهِ أُخْرَى أَلِيَ رُخْصَةٌ أَنْ أَجْلِسَ إِذَا لَمْ أَسْمَعْهُ؟ قَالَ: «نَعَمْ»، قُلْتُ: وَإِنْ كُنْتُ أَعْلَمُ أَنَّ الصَّلَاةَ قَدْ حَانَ حِينُهَا الَّذِي أَظُنُّ أَنَّهَا تُصَلَّى لَهُ؟ قَالَ: «نَعَمْ، إِذَا لَمْ تَسْمَعِ النِّدَاءَ»" وكذلك لا بمجرد العلم بدخول الوقت.
    وكأنه أجاز لمن كان في بيته أو موقع عمله القريب من المسجد ولم يسمع النداء لكثرة الأصوات مثلاً, أن لا يأتي المسجد.
    وكذلك الذي يكون في بعض البلاد الغربية التي لا يسمح فيها برفع الصوت بالأذان خارج المسجد, كأن فيه جواز صلاته في البيت وإن كان من جيران المسجد.
    وأما الذي يعيش في الصحراء ويسمع أذان المسجد في مدينة تبعد عنه أميالاً كثيرة، يسمعه بسبب مكبرات الصوت، فيجب عليه إجابتها. ولكن قد يرد هذا المعنى إذا نظرنا إلى الأثر الثاني.
    والأثر الثاني أقل صراحة من الأول في المسألة لأنه قد يؤيد قول ابن حزم (انظر آنفاً), ولكنه قد يحمل على من تأخر عن الصلاة لعارض ما فليس عليه أن يذهب إلى المسجد إذا ظن أنه لن يدرك الصلاة.

    وفي الباب آثار أخرى:
    جاء في مصنف عبد الرزاق: " 1943 - عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ عُبَيْدٍ قَالَ: سَأَلْتُ الْحَسَنَ قَالَ: قُلْتُ: نَمُرُّ بِالْمَسْجِدِ فَأَسْمَعُ بِالْإِقَامَةِ فَأُرِيدُ أَنْ أُجَاوِزَهُ إِلَى غَيْرِهِ، فَقَالَ: " كَانَ الرَّجُلُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَقُولُ لِأَخِيهِ إِذَا سَمِعَ الْإِقَامَةَ: احْتُبِسْتَ "
    1944 - عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ هِشَامٍ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: «إِذَا سَمِعَ الرَّجُلُ الْأَذَانَ، فَقَدِ احْتُبِسَ»" اهـ من المصنف وذكر ابن حزم الأثر الثاني في المحلى3\112

    والله أعلم بصحة إسنادي هذين الأثرين.
    قد يقال بأن هذا فيمن كان في المسجد, فليس له الخروج بعد الأذان, ولكن لعل قوله: " نَمُرُّ بِالْمَسْجِدِ" يدل على عدم دخوله.
    وقد يستدل بالأثرين على أن العبرة في سماع النداء هي بسماعه حقيقة, أي" فمن سمعه لم يسعه إلا أن يأتيه, فكأنه "احْتُبِسَ". وعموم لفظ الأثر الثاني قد يدل على هذا المعنى.

    وأرجو مشاركة الإخوة في تدارس الموضوع روايةً ودرايةً, لا سيما هذه الآثار.

  2. #2

    افتراضي

    إن قيل: "إنما تجب إجابة النداء على منأمكنه عند سماعه أن يمشي إلى المسجد بالطمأنينة ويدرك الصلاة"
    اعترض عليه بأنه يجب حضور الجمعة على سكانالمدينة (ولو عظمت) وإن لم يسمعوا النداء وإن لم يمكنهم عند سماعه المشيبالطمأنينة وإدراك الصلاة
    وأجيب عن الاعتراض من وجهين:
    أن وجوب حضور الجمعة هنا معلق بالنداء, لا سماعه: "إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع", بخلاف المكتوبات التي وجوب إجابة النداء لها معلق بسماع النداء: "هل تسمع النداء؟...فأجب".
    ومع هذا, أفلم يحدث عثمان الأذان الأول لصلاة الجمعة لما عظمت المصر الجامع, ليستعد الناس لها, أي: فيمكنهم إدراك الصلاة؟
    صلاة الجمعة واحدة في الأسبوع فلا يبعد اختلاف الحكم في هذا بينه وبين صلاة الجماعة

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,804

    افتراضي

    وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
    لعل هذا يفيد في البحث :
    ما مقدار المسافة التي توجب الصلاة في المسجد ؟


    أعلم أنه يجب على الرجال أن يؤدوا الصلوات الخمس في المسجد ، ولكن إذا كان شخص يعيش بعيداً عن المسجد ، ما هي المسافة التي يجوز له عندها عدم الذهاب للمسجد عند كل صلاة ؟
    مثال : إذا كان الذهاب يستغرق 20 دقيقة تقريباً ، وهذا هو المسجد الوحيد في المدينة ، فهل يجوز لي أن أصلي في البيت ؟.

    تم النشر بتاريخ: 2003-02-16

    الحمد لله
    أولاً :
    يجب على الرجال حضور صلاة الجماعة في المسجد ، والتخلف عن صلاة الجماعة من علامات النفاق . انظر السؤال رقم (120) .
    وكلما كان البيت أبعد زاد الأجر وعظمت المثوبة .
    فعن أبي موسى قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : (أعظم الناس أجرا في الصلاة أبعدهم فأبعدهم ممشى) . رواه البخاري ( 623 ) ومسلم ( 622 ) .
    ثانياً :
    تجب صلاة الجماعة على القريب من المسجد دون البعيد .
    وقد وردت السنة بتحديد القريب من المسجد بـ (من يسمع النداء) .
    والمراد : من يسمع الأذان المرفوع من المسجد بصوت المؤذن من غير مكبر للصوت ، مع رفع المؤذن صوته ، وسكون الرياح والضوضاء ونحو ذلك مما يؤثر على السماع .
    روى مسلم (653) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ أَعْمَى ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّه ِ، إِنَّهُ لَيْسَ لِي قَائِدٌ يَقُودُنِي إِلَى الْمَسْجِدِ ، فَسَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُرَخِّصَ لَهُ فَيُصَلِّيَ فِي بَيْتِهِ ، فَرَخَّصَ لَهُ ، فَلَمَّا وَلَّى دَعَاهُ ، فَقَالَ : هَلْ تَسْمَعُ النِّدَاءَ بِالصَّلاةِ ؟ قَالَ : نَعَمْ . قَالَ : فَأَجِبْ .
    وروى ابن ماجه (793) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ فَلَمْ يَأْتِهِ فَلَا صَلاةَ لَهُ إِلا مِنْ عُذْرٍ ) . صححه الألباني في صحيح الجامع (637) .
    قال النووي رحمه الله في "المجموع" (4/353) :
    الاعتبار في سماع النداء : أن يقف المؤذن في طرف البلد والأصوات هادئة والريح ساكنة ، وهو مستمع فإذا سمع لزمه ، وإن لم يسمع لم يلزمه اهـ .
    وقد سئلت اللجنة الدائمة : إذا سمعت المؤذن من مسافة تقدَّر بثمانمائة متر فهل أصلي في مكاني أو أذهب إلى هذا المسجد الذي أذن فيه ؟
    فأجابت :
    عليك أن تحضر إلى هذا المسجد تصلي فيه مع الجماعة ، أو أي مسجد آخر أيسر لك منه ، مادمت قادراً على ذلك . . . ثم استدلت اللجنة بالحديثين السابق ذكرهما .
    وسئلت اللجنة أيضا عن رجل يسكن بالدور الثامن ويبعد عنه المسجد حوالي 500 متر ، هل يجوز له إقامة الصلوات جماعة بأفراد أسرته بالمنزل ؟
    فأجابت :
    صلاة الجماعة في المسجد واجبة ، فعليك أن تغشى المساجد لتصلي الفريضة فيها مع المسلمين ، وليس لك أن تترخص بصلاتها مع أهلك في البيت من أجل هذه المسافة اهـ .
    "فتاوى اللجنة الدائمة" (8/59) .
    وسئل الشيخ ابن عثيمين : هل يوجد تحديد للمسافة من بيته إلى المسجد ؟
    فأجاب :
    المسافة ليس فيها تحديد شرعي ، وإنما يحدد ذلك العرف أو سماع النداء على تقدير أنه بغير ( الميكرفون ).
    "أسئلة الباب المفتوح" ( سؤال رقم 700 ) .
    وقال الشيخ ابن باز :
    الواجب على من سمع النداء بالصوت المعتاد من غير مكبّر أن يجيب إلى الصلاة في الجماعة في المسجد الذي ينادى بها فيه . . .
    أما من كان بعيداً عن المسجد لا يسمع النداء إلا بالمكبّر فإنه لا يلزمه الحضور إلى المسجد وله أن يصلي ومن معه في جماعة مستقلة . . . فإن تجشموا المشقة وحضروا مع الجماعة في المساجد التي لا يسمعون منها النداء إلا بالمكبر بسبب بعدهم عنها كان ذلك أعظم لأجرهم اهـ .
    مجموع فتاوى الشيخ ابن باز رحمه الله (12/58) .
    والله أعلم .


    https://islamqa.info/ar/20655



  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,804

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,804

    افتراضي



    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:


    فمن كان من المسجد على مسافة لا يسمع معها النداء بالصوت المعتاد بدون مكبر صوت فلا حرج عليه أن يصلي مع جيرانه ـ إن كان له جيران ـ أو مع أهل بيته. لا سيما إذا علم أنه لا يصل إلى مكان النداء ـ المسجد ـ إلا بعد فوات الجماعة، ومن المعروف أن النداء عبر المكبر يسمع من مسافة بعيدة تشق معها إجابة المؤذن مشقة لا تقل عن الأعذار المسوغة للتخلف عن الجماعة، دفعاً للحرج عن المسلمين فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر المؤذن أن ينادي " صلوا في رحالكم ـ في الليلة الباردة أو المطيرة" رواه الشيخان.
    أما من كان على مسافة من المسجد يسمع معها النداء بالصوت المعتاد عادة عند هدوء الأصوات وعدم وجود ما يمنع السمع من نحو غلق باب أو ارتفاع أصوات، فالواجب عليه أن يصلي مع جماعة المسلمين في المسجد وإن لم يسمع النداء لمانع غير البعد ككثرة الأصوات واللغط حوله أو لغلق الأبواب أو النوم ولغفلة، وذلك للحديث الذي أشرت إليه في السؤال ولقول ابن مسعود رضي الله عنه: "من سره أن يلقى الله غدا مسلماً فليحافظ على هؤلاء الصلوات حيث ينادى بهن" الحديث رواه مسلم.
    ولما رواه الشيخان من حديث أبى هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوا،ولقد هممت أن أمر بالصلاة فتقام ثم آمر رجلاً فيصلي بالناس ثم أنطلق برجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم بالنار".
    لكن يجب التنبه إلى أن توفر وسائل النقل وسهولة الطرق جعل شهود الصلاة أمراً ميسوراً، وفي حضور الجماعة من المنافع الدينية والدنيوية ما يجعل شهودها فضيلة، وإن لم يكن واجباً، لبعد المسافة ونحوها. كما أن استخدام منبه الصوت لكل الصلوات مما يعين على شهودها في أوقاتها. واتخاذ الأسباب المعينة على أداء الواجب واجب. والله أعلم.


    http://fatwa.islamweb.net/fatwa/inde...atwaId&Id=5367

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,804

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عمر بن غلام رسول مشاهدة المشاركة
    وكذلك الذي يكون في بعض البلاد الغربية التي لا يسمح فيها برفع الصوت بالأذان خارج المسجد, كأن فيه جواز صلاته في البيت وإن كان من جيران المسجد.
    إذا لم يسمح بالآذان خارج المسجد، فالمرجع إلى تقدير سماع الآذان من المؤذن فوق المكان - مثلا- بدون مكبر أصلا، فإذا كان من جيران المسجد وهو قريب يسمع الآذان لو أذن بصوت عادي، فيجب الحضور حينئذ.
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عمر بن غلام رسول مشاهدة المشاركة
    وأما الذي يعيش في الصحراء ويسمع أذان المسجد في مدينة تبعد عنه أميالاً كثيرة، يسمعه بسبب مكبرات الصوت، فيجب عليه إجابتها.
    كما مر: المرجع هو سماعه بدون مكبر، فإذا كان بعيدا عن المسجد بأميال كثيرة ولا يسمع صوت المؤذن الذي يؤذن بدون مكبر، فلا يجب عليه الحضور.

  7. #7

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو مالك المديني مشاهدة المشاركة
    وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
    لعل هذا يفيد في البحث :...
    https://islamqa.info/ar/20655

    بارك الله فيك, قد أشرتُ إلى هذا الرابط في مشاركتي الأولى

  8. #8

    افتراضي تصويب الخطأ

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو مالك المديني مشاهدة المشاركة
    إذا لم يسمح بالآذان خارج المسجد، فالمرجع إلى تقدير سماع الآذان من المؤذن فوق المكان - مثلا- بدون مكبر أصلا، فإذا كان من جيران المسجد وهو قريب يسمع الآذان لو أذن بصوت عادي، فيجب الحضور حينئذ.

    كما مر: المرجع هو سماعه بدون مكبر، فإذا كان بعيدا عن المسجد بأميال كثيرة ولا يسمع صوت المؤذن الذي يؤذن بدون مكبر، فلا يجب عليه الحضور.
    ولكن ظاهر أثر عطاء قد يرد على هذا القول, أي: التحديد بالمسافة بدلاً من حقيقة سماع النداء, فما جوابكم بارك الله فيكم عن الآثار التي ذكرتها؟

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,804

    افتراضي

    نفع الله بكم.
    لا أرى اختلافا جوهريا، فإنه إن كان قريبا لا يسمع النداء فهو كما قال عطاء بالمشيئة، وقربه هنا قد لا يسمعه الآذان، وقد يسمعه، فالقرب والبعد قد يكون أمرا نسبيا إلى حد ما، فقد يكون قريبا ولا يسمعه سبب مشوش ما، فإذا زال المانع من سماعه، وجب حضوره، وقد يكون بعيدا ويسمعه لعدم المانع كالتشويش مثلا، فالعبرة بسمع النداء حقيقة دون مكبر صوتي خال من موانع سماع النداء، والله اعلم.

  10. #10

    افتراضي

    وأضف إلى النقول السابقة ما يلي:
    12. قال الشافعي في الأم 1\221 أثناء كلامه عمن تجب عليه الجمعة: "وَقَوْلِي: سَمِعَ النِّدَاءَ إذَا كَانَ الْمُنَادِي صَيِّتًا وَكَانَ هُوَ مُسْتَمِعًا، وَالْأَصْوَاتُ هَادِئَةٌ فَأَمَّا إذَا كَانَ الْمُنَادِي غَيْرَ صَيِّتٍ وَالرَّجُلُ غَافِلٌ وَالْأَصْوَاتُ ظَاهِرَةٌ فَقَلَّ مَنْ يَسْمَعُ النِّدَاءَ." اهـ

  11. #11

    افتراضي

    بل أرى اختلافا جوهريا بين قول عطاء وقول من قال بأن العبرة بالمسافة دون سماع النداء فعلاً. فكما قلتُ, كأن عطاء أجاز لمن كان في بيته أو موقع عمله القريب من المسجد ولم يسمع النداء لكثرة الأصوات مثلاً, أن لا يأتي المسجد. وهذا بخلاف قول الفقهاء الآخرين الذين يوجبون إتيان المسجد على مثل هذا الرجل في هذه الحالة لأنه يسمع النداء إذا كانت الأصوات هادئة وهو مستمع غير غافل, فلم يعتبروا بمنعِ الأصواتِ سماعَه النداء, بخلاف ظاهر أثر عطاء والله أعلم.

  12. #12

    افتراضي

    جاء في مصنف عبد الرزاق: " 1943 - عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ عُبَيْدٍ قَالَ: سَأَلْتُ الْحَسَنَ قَالَ: قُلْتُ: نَمُرُّ بِالْمَسْجِدِ فَأَسْمَعُ بِالْإِقَامَةِ فَأُرِيدُ أَنْ أُجَاوِزَهُ إِلَى غَيْرِهِ، فَقَالَ: " كَانَ الرَّجُلُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَقُولُ لِأَخِيهِ إِذَا سَمِعَ الْإِقَامَةَ: احْتُبِسْتَ "
    1944 - عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ هِشَامٍ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: «إِذَا سَمِعَ الرَّجُلُ الْأَذَانَ، فَقَدِ احْتُبِسَ»" اهـ من المصنف وذكر ابن حزم الأثر الثاني في المحلى3\112

    والله أعلم بصحة إسنادي هذين الأثرين.
    هذان الأثران, الظاهر أنه لا ينبغي الاعتماد عليهما,
    فأما الأثر الأول فمن أجل عمرو بن عبيد هذا, قال ابن حجر: " المعتزلي المشهور كان داعية إلى بدعته" اهـ من تقريب التهذيب 5071
    وأما الأثر الثاني فمن أجل هشام هذا, لقول ابن حجر في تعريف أهل التقديس (110, المرتبة الثالثة, ص47): "هشام بن حسان البصري وصفه بذلك علي بن المديني وأبو حاتم قال جرير بن حازم قاعدت الحسن سبع سنين ما رأيت هشاما عنده قيل له قد حدث عن الحسن بأشياء فمن تراه أخذها قال من حوشب أراه وقال بن المديني كان أصحابنا يثبتون حديثه ويحيى بن سعيد
    يضعفه ويرون أنه أرسل حديث الحسن عن حوشب" اهـ والله أعلم

  13. #13

    افتراضي

    أضف إلى النقول السابقة ما يلي:
    13. قال ابن بطال: "قال ابن القصار: اعتل الكوفيون لقولهم أن الجمعة لا تجب على من كان خارج المصر، قالوا: لأن الأذان علم لمن لم يحضر، والأذان بعد دخول الوقت، ومعلوم أن من يسمع على أميال يأخذ فى المشى فلا يلحق، فيقال لهم: معنى قوله تعالى: (إذا نودى للصلاة) [الجمعة: 9] ، أى: إذا قرب وقت النداء لها بمقدار ما يدركها كل ساع إليها، فاسعوا، وليس على أنه لا يجب السعى إليها إلا حين ينادى لها، والعرب قد تضع البلوغ بمعنى المقاربة كقوله: (إن ابن أم مكتوم لا ينادى حتى يقال له: أصبحت أصبحت) ، أى: قارب الصباح ومثله: (فإذا بلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف) [الطلاق: 2] ، يريد إذا قاربن البلوغ؛ لأنه إذا بلغت آخر أجلها لم يكن له إمساكها، وفى إجماع العلماء على أن من كان فى طرف المصر العظيم، وإن لم يسمع النداء يلزمه السعى دليل واضح أنه لم يرد بالسعى حين النداء خاصة، وإنما أريد قربه، وأما من كان خارج المصر إذا سمع النداء فهو داخل فى عموم قوله تعالى: (إذا نودى للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله) [الجمعة: 9] ، ولم يخص من فى المصر أو خارجه." اهـ من شرح صحيح البخاري لابن بطال 2\494-495. وسيأتي الكلام على متى يجب الذهاب إلى المسجد فيما بعد إن شاء الله.
    14. قال ابن عبد البر: "وَأَمَّا اخْتِلَافُ الْعُلَمَاءِ فِيمَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ مِنَ الأحرار البالغين الذكور غير الْمُسَافِرِينَ ... وَرُوِيَ عَنْ رَبِيعَةَ أَيْضًا أَنَّهُ قَالَ إِنَّمَا تَجِبُ الْجُمُعَةُ عَلَى مَنْ إِذَا سَمِعَ النِّدَاءَ وَخَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ" اهـ من التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد 10\280, ولاحظ قوله "وروي" بصيغة التمريض.
    15. ونص جملة من العلماء على تقدير مسافة سماع النداء بفرسخ, غير من ذكرتُه قبل, منهم: الإمام أحمد (كما سبق) وابن قدامة (المغني 2\267) والبهوتي (كشاف القناع 2\23) وابن تيمية (مجموع الفتاوى 24\49) وحكاه ابن رجب عن بعض أصحابهم (فتح الباري 8\159) وحكاه الروياني عن أحمد (بحر المذهب للروياني 2\355)
    ونص على تقديرها بثلالة أميال (وهي فرسخ فيما أظنه): القرطبي (تفسير القرطبي 18\104) والنمري القرطبي (الكافي في فقه أهل المدينة 1\248-249) وحكاه ابن رشد أحدَ القولين عن مالك (بداية المجتهد ونهاية المقتصد 1\175) وحكاه القرافي عن ابن حنبل (الذخيرة 2\340) والنفراوي الأزهري المالكي (الفواكه الدواني 1\262) وحكاه المازري المالكي عن الأبهري (شرح التلقين 1\989) والثعلبي البغدادي المالكي (المعونة على مذهب عالم المدينة ص303, والإشراف على نكت مسائل الخلاف 1\317, وزعم أن هذه المسافة تعرف بالتجربة والعادة) وحكاه الروياني عن مالك ولليث (بحر المذهب للروياني 2\355)
    16. قال أبو الحسين يحيى العمراني اليمني الشافعي: "قال الشافعي: (فصفة النداء الذي تجب به الجمعة على من سمعه: أن يكون المؤذن صيتًا، وتكون الرياح ساكنة، والأصوات هادئة، وكان من ليس بأصم مستمعًا - يعني: مصغيًا - غير لاه، ولا ساه) ، ومن أي موضع يُعتبر سماعه من المصر؟ فيه وجهان، حكاهما في " الإبانة " [ق\95] : أحدهما - وهو الأصح -: أن الاعتبار أن يقف المؤذن في طرف البلدة إلى جانب القرية الخارجة عن البلد.
    والثاني: يعتبر من وسط البلد. ولا يعتبر أن يعلو المؤذن على سور أو منارة؛ ليعلوا أعلى البناء؛ لأن الارتفاع ليس له حد، قال القاضي أبو الطيب: وسمعت شيوخنا يقولون: إلا بطبرستان؛ فإنها مبنية بين غياض وأشجار تمنع من بلوغ الصوت، فيعتبر أن يصعد على شيء يعلو على الغياض والأشجار.
    فإن كان هناك قرية على جبل يسمعون النداء من البلد الذي تقام فيه الجمعة لعلوهم، ولو كانوا في مستوٍ من الأرض ... لم يسمعوا، أو كانت هناك قرية في وهدة من الأرض، لا يسمعون النداء فيها من البلد لانخفاض قريتهم، ولو كانوا في مستوٍ من الأرض.. لسمعوا.. ففيه وجهان:
    [الأول] : قال القاضي أبو الطيب: لا تجب على من سمع؛ لعلو قريته، وتجب على من لم يسمع؛ لانخفاض قريته.
    و [الثاني] : قال الشيخ أبو حامد: تجب الجمعة على من سمع لعلوه، ولا تجب على من لم يسمع لانخفاض قريته؛ لأنا نلحق النادر بالغالب العام.
    قال ابن الصباغ: والذي قاله القاضي أبو الطيب أشبه بكلام الشافعي؛ لأنه اعتبر أن يكون المؤذن صيتًا، والأصوات هادئة، والرياح ساكنة، فلم يعتبر حصول السماع مع عارض، وهو شدة الرياح، كذا ينبغي ألا يعتبر العلو والانخفاض، وإنما يعتبر الاستواء." اهـ من البيان في مذهب الإمام الشافعي2\549-551.
    17. وقال ابن عبد البر: "يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وأصحابه والليث فِي مُرَاعَاةِ الثَّلَاثَةِ أَمْيَالٍ لِأَنَّ الصَّوْتَ النَّدِيَّ فِي اللَّيْلِ عِنْدَ هُدُوءِ الْأَصْوَاتِ يُمْكِنُ أَنْ يُسْمَعَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَمْيَالِ وَاللَّهُ أعلم فَلَا يَكُونُ مَذْهَبُ مَالِكٍ فِي هَذَا التَّأْوِيلِ مُخَالِفًا لِمَنْ قَالَ لَا تَجِبُ الْجُمُعَةُ إِلَّا عَلَى مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ وَهُوَ قَوْلُ أكثر فقهاء الأمصار وقد ذكر ابن عبدوس فِي الْمَجْمُوعَةِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زِيَادٍ عَنْ مَالِكٍ قَالَ عَزِيمَةُ الْجُمُعَةِ عَلَى مَنْ كَانَ بِمَوْضِعٍ يَسْمَعُ مِنْهُ النِّدَاءَ وَذَلِكَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ وَمَنْ كَانَ أَبْعَدَ فَهُوَ فِي سَعَةٍ إِلَّا أَنْ يَرْغَبَ فِي شُهُودِهَا فَهُوَ أَحْسَنُ فَهَذِهِ رِوَايَةٌ مُفَسِّرَةٌ" اهـ من التمهيد 10\281-282.
    18. قال أبو الوليد الباجي: "وَوَقْتُ وُجُوبٍ وَهُوَ وَقْتُ النِّدَاءِ إذَا جَلَسَ الْإِمَامُ عَلَى الْمِنْبَرِ.
    هَذَا الَّذِي حَكَاهُ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ فِي ذَلِكَ تَفْصِيلٌ وَذَلِكَ أَنَّنَا إذَا قُلْنَا أَنَّ حُضُورَ الْخُطْبَةِ وَاجِبٌ فَيَجِبُ رَوَاحُهُ بِمِقْدَارِ مَا يَعْلَمُ أَنَّهُ يَصِلُ لِيَحْضُرَ الْخُطْبَةَ وَإِنْ قُلْنَا أَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ وَاجِبٍ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الرَّوَاحُ بِمِقْدَارِ مَا يُدْرِكُ الصَّلَاةَ... وَاَلَّذِي حَكَاهُ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ يَقْتَضِي وُجُوبَ السَّعْيِ بِمِقْدَارِ مَا يَأْتِي الْمَسْجِدَ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الْخُطْبَةِ وَهُوَ الْأَظْهَرُ عِنْدِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ... وَدَلِيلُنَا عَلَى اعْتِبَارِ الْمَسَافَةِ أَنَّنَا قَدْ دَلَّلْنَا عَلَى تَعَلُّقِ الْحُكْمِ بِالنِّدَاءِ وَيَجِبُ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِالْمَوْضِعِ الَّذِي يُسْمَعُ مِنْهُ لَا بِنَفْسِ السَّمَاعِ بِدَلِيلِ أَنَّ الْأَصَمَّ يَلْزَمُهُ إتْيَانُ الْجُمُعَةِ وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ النِّدَاءَ وَاَلَّذِي جَرَتْ عَلَيْهِ الْعَادَةُ أَنْ يَسْمَعَ النِّدَاءَ فِي غَالِبِ الْحَالِ مِنْ ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ أَوْ مَا قَرُبَ مِنْهَا فَلِذَلِكَ اُعْتُبِرَ ذَلِكَ الْمِقْدَارُ فِي وُجُوبِ إتْيَانِهَا وَإِنَّمَا يُرَاعَى فِي ذَلِكَ الْمَكَانُ الَّذِي يَكُونُ الْمُقِيمُ فِيهِ وَقْتَ وُجُوبِ السَّعْيِ عَلَيْهِ دُونَ مَكَانِ مَنْزِلِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ." اهـ من المنتقى شرح الموطإ 1\195
    19. وحكى وليد بن راشد السعيدان أن بعض المعاصرين قدروا المسافة التي يسمع منها صوت المؤذي عند الهدوء إلخ. فمنهم من قال خمسمائة مترا, ومنهم من قال كيلو, ومنهم من قال كيلو ونصف:
    وحكى أيضاً, أن من أهل العلم من يقدرها بفرسخ:
    21. وذكر محمد المختار الشنقيطي أن بعض أهل الخبرة من كبار السن ذكر المسافة قريباً من عشر كيلومترات:
    22. "فالصحيح من أقوال أهل العلم وجوب صلاة الجماعة على البالغ العاقل الذكر إلا لعذر، ولكن فعل الجماعة في المسجد سنة، وليس بواجب على الصحيح، بل لو فعلت في غير المسجد أجزأ، والأفضل أداؤها في المسجد، وإنما يلزمه إجابة النداء للجماعة إذا لم يتمكن من فعلها في غيره، والمسجد الذي يلزمه إتيانه لصلاتها هو المسجد القريب، ويقدر ذلك بسماعه لصوت المؤذن الذي يرفع صوته بدون مكبر ويؤذن على مكان عال، وإمكان إدراك الجماعة بعد الوضوء وصلاة النافلة في البيت، ثم المشي مشياً معتدلاً، فإن كان المسجد منه بحيث لو سمع الأذان قام فتوضأ ثم صلى الراتبة في البيت ثم مشى إلى المسجد فأدرك الجماعة، فهذا تلزمه الجماعة فيه، وإن كان لو فعل ذلك فاتته الجماعة لم تلزمه.
    والله أعلم." اهـ من http://fatwa.islamweb.net/fatwa/inde...twaId&Id=24476
    23. وانظر هذا الرابط: https://islamqa.info/ar/21969
    ولاحظوا كيف من كلام ابن قدامة في المسألة في آخر الجواب, ولم يُتِمّه, حيث إنما ذكر الأوصاف التي ذكرها ابن قدامة لاعتبار مسافة سماع النداء, ولم يذكر تقديره ذلك بفرسخ, فكأنه شكّ في صحة ذلك أو استغرب تقدير المسافة بفرسخ, والله أعلم.
    24. قال عبد الكريم الخضير: "لأذان الذي يسمع المقصود به من غير أسباب, كمكبرات الصوت, ومن غير موانع, كالأصوات الناتجة عن السيارات والمصانع وغير ذلك، وكان الصوت يسمع من أبعد من سبعمائة متر بالصوت العادي بدون مكبر وبدون مانع، الآن مع المكيفات والسيارات والمصانع قد لا يسمع النداء بدون مكبِّر، فكان هذا في مقابل هذا،" اهـ من: http://shkhudheir.com/fatawa/2119802688
    وقال: "الذي يبدو -والله أعلم- أن الثلاثة كيلو تسمع بدون مكبر وبدون مؤثر، فعلى هذا من كان بينه وبين المسجد ثلاثة كيلو يجب عليه إجابة الصلاة، إجابة النداء." اهـ من: shkhudheir.com/files/د0011_002_كتاب%20الصل اة_025.doc

    أثر جديد في الباب
    جاء في مصنف عبد الرزاق: "5155 - عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا دَاوُدُ بْنُ قَيْسٍ قَالَ: سُئِلَ عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ وَأَنَا أَسْمَعُ: مِنْ أَيْنَ تُؤْتَى الْجُمُعَةُ؟ قَالَ: «مِنْ مَدِّ الصَّوْتِ»" اهـ
    والظاهر أن إسناده صحيح.
    وقد يستدل به من ذهب إلى أن العبرة بالمسافة, على أنه ليس فيه من الصراحة ما في أثر عطاء, فقوله "مد الصوت" يحتمل مد صوت المؤذن في ذلك الأذان المعين, لا مد الصوت عند هدوء الأصوات إلخ, فقد يكون مد صوته أكبر وأصغر بحسب قلة الأصوات وكثرتها. والأثر في الجمعة, ولكن قد يكون من باب تفسير "سماع النداء" فينطبق على صلاة الجماعة أيضاً. ولكن هذا لا يلزم, لا سيما وقد كان كثير من الفقهاء يوجبون صلاة الجمعة على من لم يوجب عليه صلاة الجماعة, والله أعلم.

    وما يلي هو جمع أفكار لي طوال البحث في المسألة, أرجو مشاركة الإخوة بالإفادة والتنبيه على أي خطأ وقعتُ فيه, وليس شيءٌ منه فتوى, فمن رآه صواباً من أهل الترجيح فليأخذ به,
    وأعتذر عن عدم الترتيب:

    الذين قالوا بأن العبرة هي بالمسافة التي يلغها صوت المؤذن عند الهدوء, كأنهم علّلوا الأحاديث التي وردت فيها ذكر سماع النداء, بأن المقصود هو إيجاب الإجابة على كل من حول المسجد ممن يبلغه صوت المؤذن عند الهدوء. فتكون العبرة بالقرب, لا بالسماع حقيقيّا. وهذا مما ينقضه ظاهر أثر عطاء : " قُلْتُ لِعَطَاءٍ: أَرَأَيْتَ مَنْ لَمْ يَسْمَعِ النِّدَاءَ مِنْ أَهْلِ الْقَرْيَةِ قَالَ: «إِنْ شَاءَ جَاءَ، وَإِنْ شَاءَ فَلَا» قَالَ: قُلْتُ: وَإِنْ كَانَ قَرِيبًا مِنَ الْمَسْجِدِ؟ قَالَ: «إِنْ شَاءَ فَلْيَأْتِ، وَإِنْ شَاءَ فَلْيَجْلِسْ»، قُلْتُ: أَفَرَأَيْتَ إِنْ كُنْتُ فِي مَسْكَنٍ أَسْمَعُ فِيهِ مَرَّةً، وَلَا أَسْمَعُ فِيهِ أُخْرَى أَلِيَ رُخْصَةٌ أَنْ أَجْلِسَ إِذَا لَمْ أَسْمَعْهُ؟ قَالَ: «نَعَمْ»،" اهـ, فإنه دل على ترخيصه لمن لم يسمع النداء, وإن كان في مسكن يسمع النداء عند الهدوء.
    وكذلك قول الألباني بجوب الإجابة إذا علم حضور وقت الصلاة, ينقضه باقي الأثر: " قُلْتُ: وَإِنْ كُنْتُ أَعْلَمُ أَنَّ الصَّلَاةَ قَدْ حَانَ حِينُهَا الَّذِي أَظُنُّ أَنَّهَا تُصَلَّى لَهُ؟ قَالَ: «نَعَمْ، إِذَا لَمْ تَسْمَعِ النِّدَاءَ»" اهـ والله أعلم.
    فكأن العلة عند عطاء هو سماع النداء حقيقيّا.
    وتأويله بأن المراد هو صلاة الجمعة, لا الجماعة بدليل قول ابن جريج " أَرَأَيْتَ مَنْ لَمْ يَسْمَعِ النِّدَاءَ مِنْ أَهْلِ الْقَرْيَةِ", فكأنه يتكلم عن مسألة من تجب عليه الجمعة غير أهل المصر,
    فقد يرد عليه بما رواه عبد الرزاق: "5179 - عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: قُلْتُ لِعَطَاءٍ: مَا الْقَرْيَةُ الْجَامِعَةُ؟ قَالَ: ذَاتُ الْجَمَاعَةِ، وَالْأَمِيرِ، وَالْقِصَاصِ، وَالدُّورِ الْمُجْتَمِعَةِ غَيْرِ الْمُفْتَرِقَةِ ، الْآخِذِ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ كَهَيْئَةِ جُدَّةَ قَالَ: وَالْقِصَاصُ قَالَ: فجُدَّةُ جَامِعَةٌ وَالطَّائِفُ قَالَ: وَإِذَا كُنْتَ فِي قَرْيَةٍ جَامِعَةٍ فَنُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ، فَحُقَّ عَلَيْكَ أَنْ تَشْهَدَهَا إِنْ سَمِعْتَ الْأَذَانَ أَوْ لَمْ تَسْمَعْهُ"
    وحتى ولو كان في صلاة الجمعة, فماذا يمنع تطبيقه على صلاة الجماعة؟

    والقول بأن النداء للإعلام فقط, فإذا علم المرء بدخول وقت الصلاة كان بمنزلة سامع النداء, فيه نظر, لأن النداء دعوة إلى صلاة الجماعة أيضاً, فجاء في الأحاديث المروية في الباب إجابةُ النداء لمن سمعه. فعلى هذا, أفيكون الذي لم يسمع النداء قد استلم الدعوة, حتى تجب عليه إجابتها؟

    فإن قيل: هذا مخالف للعقل وهو أشبه بقول بعض الظاهرية بعدم جواز التبول في الماء الراكد, ولكن يجوز التبول في الإناء, ثم صبه في الماء الراكد! فمقتضى القول أنه لو قرب وقت الصلاة, وجعل الرجل إصبعيه في أذنيه حتى لا يسمع المؤذن فلم يسمع النداء بسبب ذلك, ما وجب عليه حضور صلاة الجماعة لأنه لم يسمع النداء حقيقياّ! وكذلك هو مثل القول بأنه لا ينتقض الوضوء إلا إذا سمع الإنسان صوتاً أو وجد ريحاً! فمقتضى القول أن الأصم لا يجب عليه صلاة الجماعة أبداً ويجب على الأعمى السامع للنداء كما في حديث ابن أم مكتوم! وكيف يكون هذا والأعمى الذي ليس له قائد يجد صعوبة أكثر في اهتداء السبيل إلى المسجد من الأصم؟!
    أجيب بأنه لعل العلة هي احترام الأذان والصلاة, وإجابة داعي الله لمن سمع نداءه، فإذا سمع الرجل "حي على الصلاة, حي على الفلاح" لم يكن كمن لم يسمعه, وإن كانا على نفس البعد من المسجد, أو كان السامع أبعد منه من غير السامع. وأما التمثيل بالأصم, فقد يرد عليه ما جاء في أثر عطاء: "قُلْتُ: أَفَرَأَيْتَ إِنْ كُنْتُ فِي مَسْكَنٍ أَسْمَعُ فِيهِ مَرَّةً، وَلَا أَسْمَعُ فِيهِ أُخْرَى أَلِيَ رُخْصَةٌ أَنْ أَجْلِسَ إِذَا لَمْ أَسْمَعْهُ؟ قَالَ: «نَعَمْ»", فدل على أن الرخصة لمن يسمع النداء أحياناً ولا يسمعه أحياناً, والأصم لا يسمعه أبداً فيكون حكمه مختلفاً. ولكن في دلالة هذا الجزء من الأثر نظرٌ, لأن فيه أيضاً: "قُلْتُ لِعَطَاءٍ: أَرَأَيْتَ مَنْ لَمْ يَسْمَعِ النِّدَاءَ مِنْ أَهْلِ الْقَرْيَةِ قَالَ: «إِنْ شَاءَ جَاءَ، وَإِنْ شَاءَ فَلَا» قَالَ: قُلْتُ: وَإِنْ كَانَ قَرِيبًا مِنَ الْمَسْجِدِ؟ قَالَ: «إِنْ شَاءَ فَلْيَأْتِ، وَإِنْ شَاءَ فَلْيَجْلِسْ»", فكأن ترخيصه قد يشمل الأصم القريب من المسجد, على افتراض أن القريب يلغه الصوت عند الهدوء, وإلا فمعنى القرب يحتاج إلى نظر. ولكن يبقى هذا الاعتراض متجهاً في رأيي والله أعلم.


    ومما يستدل به على معنى ظاهر أثر عطاء هو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان بإمكانه أن يصرح بأن العبرة بالمسافة التي يبلغه صوت المؤذن، مثل ما سيأتي في أثر عمرو بن شعيب إن شاء الله، فلما لم يفعل دل ذلك على أن الأخذ يكون بظاهر قوله.
    ويجاب بأنه ينطبق مثل هذه القاعدة على حديث البول في الماء الراكد. فلما لم يصرح بتطبيق الحكم على التغوط في الماء الراكد, فهل نغاير بين الحالتين في الحكم؟
    ولكن إذا قلنا بتحديد الفرسخ بالمسافة التي يسمع منه النداء, فما فائدة إطلاق النبي صلى الله عليه وسلم الحكم بسماع النداء؟ فلما سأل ابن أم مكتوم _ حسب الحديث المعروف الذي رواه مسلم في صحيحه – "هل تسمع النداء؟", ألم تكن المصلحة حينئذ في التصريح: "هل أنت على أقلّ من فرسخ من المسجد؟"؟ أولم يكن المناسب أن يقال: "من كان على أقلّ من فرسخ من المسجد, ولم يأت الصلاة فيه, فلا صلاة له إلا من عذر". وكل هذا ليس من باب إنكار القياس والتعليل, ولكن القول بالتحديد بمسافة معينة, ثم إفتاء الناس به, يُجَرّد التعبير بسماع النداء من الفائدة.
    ويجاب عن ذلك بأنه لعل رسول الله صلى الله عليه وسلم أطلق الحكم على سماع النداء ليسهل على الناس معرفة ما إذا وجبت عليهم صلاة الجماعة أم لا, لأن بعضهم قد يجد صعوبة في تحديد الفرسخ وما إذا كان منازلهم على أقل من فرسخ من المسجد, لا سيما رجل أعمى مثل ابن أم مكتوم, فعلق الحكم على ما إذا كانوا يسمعون النداء للصلاة في الغالب. فلعل الغالب في زمن النبي صلى الله عليه وسلم كان سكون الرياح وهدوء الأصوات إلخ, فصح تعليق الحكم على السماع في الغالب, نظراً للواقع الموجود في الزمن. ولعل الفائدة أيضاً كانت تنبيه الناس على العلة الحقيقية للحكم.
    ولكنه يعترض على ذلك بأن العلة الحقيقية للحكم, أكثر ما يقال فيها هو مسافة سماع النداء في الغالب بالنسبة لحال المرء, نظراً إلى لفظ "هل تسمع النداء؟" لأن ظاهره قد يدل على استمرار الفعل فتكون العبرة بالغالب, وإن اعترض على ذلك بلفظ "من سمع المنادي ثم لم يجب" لأن ظاهره قد يدل على تعليق الحكم بسماع النداء المعين لصلاة معينة. والشروط المشترَطة في مفهوم سماع النداء, أي: هدوء الأصوات وسكون الرياح إلخ, لم يذكر في نص الحديث, فكيف يقال بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما أراد تنبيه الناس على العلة الحقيقية وهو لم يذكر هذه الشروط؟ ولا وجه لعدم ذكرها لأنه لا يصعب على المرء معرفة ما إذا هدأت الأصوات وسكنت الرياح, فيستمع إلى المنادي من بيته, فيعرف هل تجب عليه صلاة الجماعة أم لا؟
    ويجاب بأنه لما كان تحقق الشروط هو الغالب في زمن النبي صلى الله عليه وسلم, لم يكن بحاجة إلى ذكرها لأن الناس يعرفونها بالواقع.
    ويعترض على ذلك بعدم وجود الدليل على أنه كان ذلك الغالب في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم. والقول بأنه كان يصعب على الناس تحديد المسافات فيه نظر, لأننا نجد في كتب الحديث والآثار آثاراً عن الصحابة والتابعين في تحديد المسافات لمسائل عديدة, مثل من أين تؤتى الجمعة وما يعتبر به المرء مسافراً وما أشبه.
    وإذا كانت العبرة بعموم اللفظ, لا بخصوص السبب, أفلا يكون الأقرب إلى الصواب أن تكون العبرة بمسافة سماع النداء في الغالب بالنسبة لحال المرء (فيختلف ذلك باختلاف الزمان والمكان) بدلاً من مسافة سماع النداء في الغالب في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم خاصة؟ ولاحظوا قول ابن قدامة

    فإن قيل: إن النبي صلى الله عليه وسلم هم أن يحرق بيوت المتخلفين عن الصلاة, وكيف يفرق بين من سمع النداء لتلك الصلاة المعينة ممن هو قريب من المسجد ومن لم يسمعه لعارض ما, وإن كان قريباً من المسجد؟ فوجب أن يكون المعنى هو إحراق بيوت المتخلفين ممن هو قريب من المسجد دون البعيد, للعجز عن التفريق بين الناس في حقيقة سماع النداء, فوجب أن تكون العبرة بالمسافة والقرب, لا سماع النداء حقيقياً.
    أجيب بأننا نتفق على أن عقوبة الإحراق, لم يكن يستحقها المتخلفون لعذر مثل المرض والنسيان والنوم والخوف ومدافعة الأخبثين وما أشبه. فإذا كنتم توردون السؤال الذي أوردتموه, فإنه يمكننا أن نورد سؤالاً يشبهه وهو: كيف يفرق رسول الله صلى الله عليه وسلم بين ذي العذر القريب من المسجد ومن لا عذر له ممن هو قريب من المسجد؟ ولكننا لا نقول بأن الإحراق لكل متخلف قريب من المسجد, حتى ذي العذر, فكذلك لا يكون لكل قريب من المسجد, حتى من لم يسمع النداء.

    وأما القول بأنه يجب الذهاب إلى المسجد قبل النداء إذا تعين ذلك لعدم فوات الخطبة يوم الجمعة, كما هو ظاهر قول ابن بطال, فقد يحتج عليه بما رواه البخاري عن عثمان: " إِنِّي شُغِلْتُ، فَلَمْ أَنْقَلِبْ إِلَى أَهْلِي حَتَّى سَمِعْتُ التَّأْذِينَ، فَلَمْ أَزِدْ أَنْ تَوَضَّأْتُ" فلم يذهب للجمعة إلا بعد سماع النداء,
    وتعقب بأن عمر أنكر عليه تأخره ولعل شغل عثمان أنساه فيعذر لنسيانه,
    ويرد برواية أبي هريرة للقصة في صحيح مسلم حيث قال عمر: "مَا بَالُ رِجَالٍ يَتَأَخَّرُونَ بَعْدَ النِّدَاءِ" فدل على أن السعي يجب عند النداء ويكون التأخر بعده.
    ولكن قد يقال إن المعنى: يتأخرون إلى أن يسمعوا النداء, فيتأخروا عن إتيان المسجد لاشتغالهم بالوضوء وما أشبه, لأن عمر أنكر على عثمان تأخره مع أنه لم يزد على أن يتوضأ ويذهب إلى الصلاة.
    ولكن هذا لا يعنى عدم جواز التأخر إلى أن يسمع الإنسان النداء. فلعله في زمن النبي صلى الله عليه وسلم, كان يمكن الإنسان إذا سمع نداء الجمعة, أن يتوضأ ويذهب إلى المسجد ولا يتأخر كثيرا. ثم في زمن عمر, بعد أن عظمت المدينة, لم يمكن هذا فأنكر عمر على عثمان تأخره مع أنه لم يفعل إلا أن يتوضأ ويذهب إلى المسجد. فحل عثمان المشكلة في زمنه بإنشاء الأذان الأول. فبقي أنه لا يجب السعي إلى الصلاة إلا إذا نودي لها.
    ويمكن أيضاً أن يقال: إنما أنكر عمر على عثمان لتفويته فضل التبكير إلى الجمعة ويتوقع من مثل عثمان التبكير لأنه من أهل الفضل وليس كعامة الناس, فإنما أنكر عليه ما رأى منه من ترك لسنة وفضيلة, لا لواجب, والله أعلم.
    هذا في صلاة الجمعة. وأما في صلاة الجماعة فيقال: إن الآثار الواردة في ذلك تذكر الإجابة:
    فعن أبي موسى أنه قال: من سمع المنادي ثم لم يجبه من غير عذر فلا صلاة له.
    وعن ابن عباس أنه قال: من سمع المنادي ثم لم يجب من غير عذر فلا صلاة له.
    وذكر زكريا بن غلام قادر الباكستاني هذه الآثار في كتابه "ما صح من آثار الصحابة في الفقه".
    وقد رويت مثل هذه الآثار مرفوعاً واختلف في رفعها ووقفها. ولكن يصلح للاحتجاج بها, حتى ولو لم تكن إلا أقوال الصحابة, الذين هم أحق بالرجوع إليهم في تفسير أقوال رسول الله صلى الله عليه وسلم. وكل هذه الآثار تذكر الإجابة, وهل تقع الإجابة إلا بعد وقوع النداء؟ وأما من جاء المسجد قبل أن ينادى للصلاة, فإنه مجيب إذا نودي للصلاة وكان حاضراً وصلى الصلاة, وإن كان قد أتى المسجد قبل النداء. ولكن هل يكون مجيباً من سمع النداء في منزله فمشى إلى المسجد فوصل إليه بعد انقضاء الصلاة؟ بل هذا عاجز عن إجابة النداء لأنه عجز عن إدراك الصلاة.
    ولا يقال بأنه يجب عليه عندئذ استعمال السيارة, فهل قال أحد من العلماء السابقين بوجوب ركوب الدابة إلى المسجد على من لم يمكنه إدراك الصلاة إلا كذلك. بل روى البخاري عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إِذَا سَمِعْتُمُ الإِقَامَةَ، فَامْشُوا إِلَى الصَّلاَةِ وَعَلَيْكُمْ بِالسَّكِينَةِ وَالوَقَارِ، وَلاَ تُسْرِعُوا، فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا، وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا" فلا يجب على الإنسان أكثر من المشي إلى المسجد بالسكينة وعدم الإسراع.
    هذا, ولفظ "ثم لم يجبه" يفيد أنه لا صلاة لمن سمع النداء ولم يجبه بعد سماع النداء, فما وجه ذم من لم يُجِبْ ولما يسمع النداء؟
    ويؤيد القول بأنه يتقيد وجوب حضور الصلاة بمن يمكنه إدراكها ماشياً إلى المسجد: أننا لو كنّا لنعلّلَ سماع النداء بأن المراد هو من كان بمدى الصوت عند الهدوء, لانبغى أن نقول أيضاً بأنه "إنَّمَا أَمَرَهُ بِالْإِجَابَةِ لِحُضُورِ الصَّلَاةِ الْمَدْعُوِّ إلَيْهَا، لَا مَنْ يُوقِنُ أَنَّهُ لَا يُدْرِكُ مِنْهَا شَيْئًا" (المحلى 3\261-262).
    فإن اعترض على ذلك بأنه لا يلزم من إيجاب إجابة النداء أن يمكن الإنسان إدراك الصلاة, قلنا بأنه كذلك لا يلزم من إيجاب إجابة النداء على من سمعه, أن تُوجَبَ على كل من كان بمدى الصوت عند الهدوء. ولكن إذا قلتم بذلك لأنكم تزعمون أن غيره مخالف للعقل, فإنه يمكننا أن نزعم مثل ذلك فنقول: هل يعقل أن يجب على الإنسان الذهاب إلى المسجد عندما يسمع النداء, وهو يكاد يوقن بأنه لن يدرك من الصلاة شيئاً؟
    هذا مع أن الآثار الواردة في ذلك تذكر الإجابة, وهل من إجابة "حي على الصلاة, حي على الفلاح", أن يأتي الإنسان المسجد بعد ما انقضت الصلاة؟
    وفي الباب عن عطاء ما جاء في مصنف عبد الرزاق:
    "1922 - عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: قُلْتُ لِعَطَاءٍ: فَمَنْ سَمِعَ الْإِقَامَةَ فِي الْحَضَرِ وَلمْ يَسْمَعِ الْأُولَى قَالَ: «فَإِنْ ظَنَّ أَنَّهُ يُدْرِكُهَا فَحَقٌّ عَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَهَا»"
    "1971 - عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: قُلْتُ لِعَطَاءٍ: أَرَأَيْتَ إِنْ سَمِعَ النِّدَاءَ، أَوِ الْإِقَامَةَ وَهُوَ يُصَلِّي الْمَكْتُوَبَةَ أَيَقْطَعُ صَلَاتَهُ وَيَأْتِي الْمَسْجِدَ الْجَامِعَ؟ قَالَ: «إِنْ ظَنَّ أَنَّهُ مُدْرِكٌ مِنَ الْمَكْتُوَبَةِ شَيْئًا فَنَعَمْ»، قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إِنْ سَمِعْتُ الْإِقَامَةَ أَيَحِقُّ عَلَيَّ أَنْ آتِيَ الصَّلَاةَ كَمَا يَحِقُّ إِذَا سَمِعْتُ النِّدَاءَ؟ قَالَ: «نَعَمْ»"
    ولكن قد يقال بأن معنى الإجابة هو ان يصلي الإنسان الجماعة, فيجب على الإنسان أن يتهيأ لهذه الإجابة بأن يسلك الطريق إلى المسجد قبل النداء, ليمكّن نفسَه من إجابة النداء إذا وقعت, لأن الأذان إنما هو للإعلام, والوجوب على من سمع النداء حسب النص, ولم يفَرَّق بين من يمكنه إدراك الصلاة ماشياً بعد ذلك ومن لا يمكنه. فإذا علم بقرب وقت صلاة الجماعة – وهذا سهل في العصر الحديث حيث يسهل ضبط الوقت – وجب عليه أن يغادر إليها في وقت يمكنه إدراكها. ومن لم ينتبه لقرب وقت الصلاة, ثم سمع النداء وعجز عن إدراك الصلاة, عُذِرَ لأنه يأخذ حكم الناسي.
    ومذهب الحنابلة, وهم الموجبون لصلاة الجماعة, هو أن من صلى الظهر وعليه الجمعة, لم تصح منه, فإن ظن أنه يدرك صلاة الجمعة وجب عليه السعي إليها, وإن ظن أنه لا يدركها, انتظر حتى يتيقن من فراغ الإمام من صلاته, ثم صلى الظهر. فلم يوجبوا على من لم يمكنه إدراك الصلاة أن يسعى إليها ولكنه يأثم إذا لم يكن له عذر لأنه كان واجباً عليه أن يسعى إليها قبل ذلك.
    وقد يقال في الأثرين السابقين عن عطاء: إنه في حق من قد وقع له التأخر إلى أن يسمع النداء. ولم يصرح عطاء بعدم وجوب التهيؤ على من انتبه لقرب وقت صلاة الجماعة.
    ويرد عليه بأنه إنما تجب إجابة النداء إذا وقع النداء أصلاً. ولا يمكن الإنسان أن يعرف المستقبل, هل سيسمع النداء أو هل سيكون على مدى الصوت من المسجد أو هل سيقع النداء أصلاً؟! فإنما يجب عليه التهيؤ لأداء الواجب إذا وقع عليه الوجوب أصلاً.
    ولكنه قد يقال: إن العبرة بغلبة الظن والنية, فمن غلب على ظنه أنه سيسمع النداء أو أنه سيكون على مدى الصوت من المسجد أو نوى أن يكون على مدى الصوت من المسجد عند وقوع النداء, بل وغلب على ظنه وقوع النداء أصلاً, وجب عليه أن يذهب إلى المسجد بقدر ما يدرك به الصلاة, وإن لم يقع النداء.
    قال ابن قدامة: " فَأَمَّا مَنْ كَانَ مَنْزِلُهُ بَعِيدًا لَا يُدْرِكُ الْجُمُعَةَ بِالسَّعْيِ وَقْتَ النِّدَاءِ، فَعَلَيْهِ السَّعْيُ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يَكُونُ بِهِ مُدْرِكًا لِلْجُمُعَةِ؛ لِأَنَّ الْجُمُعَةَ وَاجِبَةٌ، وَالسَّعْيُ قَبْلَ النِّدَاءِ مِنْ ضَرُورَةِ إدْرَاكِهَا، وَمَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إلَّا بِهِ وَاجِبٌ، كَاسْتِقَاءِ الْمَاءِ مِنْ الْبِئْرِ لِلْوُضُوءِ إذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى غَيْرِهِ، وَإِمْسَاكِ جُزْءٍ مِنْ اللَّيْلِ مَعَ النَّهَارِ فِي الصَّوْمِ، وَنَحْوِهِمَا." اهـ من المغني 2\220
    نقل الشوكاني عن العراقي أنه قال: "وَأَيْضًا فَالْجُمُعَة لَمْ تَجِبْ قَبْلَ الزَّوَال، وَإِنْ وَجَبَ السَّعْي إلَيْهَا قَبْله فِي حَقّ مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ وَلَا يُمْكِنهُ إدْرَاكهَا إلَّا بِالسَّعْيِ إلَيْهَا قَبْله، وَمَنْ هَذِهِ حَالُهُ يُمْكِن أَنْ يَكُون حُكْمه عِنْدَ ذَلِكَ حُكْم مَا بَعْد الزَّوَال" اهـ من نيل الأوطار 3\272-273
    ولكن من الغريب أن الحنابلة الظاهر أنهم أطلقوا وجوب صلاة الجماعة, بغض النظر عن سماع النداء أو أن يكون على مدى الصوت من المسجد, وأجازوا فعلها في غير المسجد, هذا ما أظنه أكثرهم عليه. والقول بجواز صلاة الرجل جماعة في غير المسجد متجه, ولكن ما وجه الاستدلال بحديث "من سمع النداء..." على وجوب صلاة الجماعة, ثم إهمال العلة المذكورة في الحديث؟! والله أعلم.
    وقال الشيخ ابن عثيمين: " لا يلزمهم الحضور إلا إذا سمعوا الإقامة لقوله: "إذا سمعتم الإقامة"، ما قال: "إذا أذن".
    ولكن هل نقول: إنه إذا كان محله بعيدًا بحيث يكون حضوره أو وصوله إلى المسجد بمنزلة حضور من سعى عند سماع الإقامة، فهل يلزمه أن يتقدم كما قال العلماء -رحمهم الله- فيمن كان منزله بعيدًا يوم الجمعة: إنه يجب عليه أن يسعى إلى الجمعة، وإن لم يسمع المؤذن إذا كان مكانه بعيدًا بحيث يدرك الخطبة والصلاة؟
    يحتمل هذا، ويحتمل أن يبقى الحديث على عمومه، ويقال: لا يجب السعي إلى الصلاة إلا بسماع الإقامة." اهـ من فتح ذي الجلال والإكرام بشرح بلوغ المرام 2\292.
    وقال ابن قدامة في السفر يوم الجمعة: " وَمَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ لَا يَجُوزُ لَهُ السَّفَرُ بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِهَا. وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَإِسْحَاقُ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ يَجُوزُ... وَلِأَنَّ الْجُمُعَةَ قَدْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَجُزْ لَهُ الِاشْتِغَالُ بِمَا يَمْنَعُ مِنْهَا، كَاللَّهْوِ، وَالتِّجَارَةِ.. .وَإِنْ سَافَرَ قَبْلَ الْوَقْتِ، فَذَكَرَ أَبُو الْخَطَّابِ فِيهِ ثَلَاثَ رِوَايَاتٍ... وَالثَّانِيَةَ، الْجَوَازُ: وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ، وَابْنِ سِيرِينَ، وَأَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ، لِقَوْلِ عُمَرَ، وَلِأَنَّ الْجُمُعَةَ لَمْ تَجِبْ، فَلَمْ يَحْرُمْ السَّفَرُ كَاللَّيْلِ... وَالْأَوْلَى الْجَوَازُ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ ذِمَّتَهُ بَرِيئَةٌ مِنْ الْجُمُعَةِ فَلَمْ يَمْنَعْهُ إمْكَانُ وُجُوبِهَا عَلَيْهِ كَمَا قَبْلَ يَوْمِهَا. وَذَكَرَ أَبُو الْخَطَّابِ أَنَّ الْوَقْتَ الَّذِي يَمْنَعُ السَّفَرَ، وَيُخْتَلَفُ فِيمَا قَبْلَهُ، زَوَالُ الشَّمْسِ. وَلَمْ يُفَرِّقْ الْقَاضِي بَيْنَ مَا قَبْلَ الزَّوَالِ وَمَا بَعْدَهُ. وَلَعَلَّهُ بَنَى عَلَى أَنَّ وَقْتَهَا وَقْتُ الْعِيدِ، وَوَجْهُ قَوْلِ أَبِي الْخَطَّابِ عَلَى أَنَّ تَقْدِيمَهَا رُخْصَةٌ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ، فَلَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حُكْمُ الْمَنْعِ، كَتَقْدِيمِ الْآخِرَةِ مِنْ الْمَجْمُوعَتَي ْنِ إلَى وَقْتِ الْأُولَى." اهـ من المغني 2\268-269, فلاحظ أن في مسألتنا هذه, إذا قلنا بأنه إنما يقع الوجوب عندما يقع النداء, فقد ينطبق مثل كلام ابن قدامة عليها, حيث ما وجه إيجاب الذهاب إلى المسجد قبل النداء إذا لم يقع الوجوب وإنما أمكن؟ فقد يقال بأن القاعدة: "ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب" إنما ينطبق بعد وقوع الوجوب, لا قبله.
    ولكن قد يرد الاستدلال بكلام ابن قدامة بكلامه الآنف ذكره عن السعي إلى الجمعة قبل النداء لبعيد الدار.
    ولكنه قد يعترض على هذا القول بأن السعي ينبغي أن يكون عند النداء الأول, وإلا فلماذا أحدث عثمان الأذان الأول أصلاً؟! وفي المسألة خلاف بين العلماء فالحنفية على أن السعي يجب بالأذان الأول والآخرون على أنه بالأذان الثاني, والله أعلم. ولكن إذا كان السعي واجباً عند النداء الأول, فينبغي أن يقع النداء في وقت يدرك بعيد الدار به الجمعة, وإلا فقد يقال بأنه لا يزال الوجوب عند النداء فقط, لا قبل ذلك, والوزر على الأمير أو المؤذن إذا أخّر النداء الأول حيث لا يمكن بعيد الدار إدراك الجمعة إذا سعى عنده, والله أعلم.




    وأما الاستدلال بحديث "الجمعة على من كان بمدى الصوت", فقد قال الشيخ الألباني: "وهذا سند واهٍابن عطية متهم بالكذب , وحجاج هو ابن أرطاة وهو مدلس وقد عنعنه" اهـ من إرواء الغليل 3\59.

    جواب محتمل
    ولكن, يمكن أن يقال بأن العلة ليست هي سماع النداء حقيقيا, ولا أن يكون المرء على مدى الصوت من المسجد, ولكنها حصول العلم له بوقوع النداء. فمن علم بوقوع النداء, سواء بسماعه أم بخبر الثقة به أم ما أشبه, وجبت عليه إجابتها بأن يصلي الجماعة المدعو إليها. فإن ذهب وصلى في مسجد آخر أو جماعة أخرى نودي لها, فلا بأس لأنه إما أن يجيب هذا النداء وإما أن يجيب النداء الآخر ولا تجب عليه إجابة كليهما, وهذا مما لا أظننا نختلف فيه.
    فالذي سمع النداء قد استلم الدعوة إلى الصلاة, ولكن معلوم أن الدعوة متوجهة إلى الجميع, فمن علم وقوع الدعوة, وإن لم يسمعها, وجبت عليه إجابتها.
    وليُعلَمْ أن هذا ينطبق على معرفة وقوع الإقامة أيضاً, كما أن عطاء سوّى بين الأذان والإقامة في الحكم كما في الأثر السابق ذكره, ولأن كليهما دعوةُ المؤذن الناسَ إلى الصلاة, فهو يقول في كليهما "حي على الصلاة حي على الفلاح".
    وعلى هذا يمكن تفسير أثر عطاء والآثار الواردة في الباب. فيقال بأن التعبير بسماع النداء خرج مخرج الغالب, وهو أن الإنسان يعرف وقوع النداء إذا سمعه, ولكن ليس السماع بالوسيلة الوحيدة لحصول العلم. فصح ترخيص عطاء لمن لم يسمع النداء, وإن كان قريباً من المسجد ويسمعه من مسكنه أحيانا وعلم بحضور الوقت الذي تصلى الجماعة غالباً, لأنه لم يعلم بوقوع النداء ولا الإقامة وإنما علم أن الساعة هي التي تقع فيها صلاة الجماعة غالباً.
    والعلم بحضور الوقت لا يكفي للوجوب, لأنه إنما هو علم بأنه لو كان النداء لِيَقَعَ, فهذا وقت وقوعه, بخلاف سائر اليوم, وليس هو علماً بوقوعه فعلاً.
    وبهذا التعليل قد يندفع كثير من الاعتراضات التي ترد على القول باعتبار حقيقة السماع. فالأصم لا يمكنه سماع النداء أبداً. ولكن, كما أنه لو إذا خرج منه ريح, لم ينحصر نقض الوضوء بالسببين المذكورين في الحديث, وهما أن يسمع صوتاً أو يجد ريحا. فإنما هما وسيلتان لحصول العلم بخروج الريح, ولكن الحكم بنقض الوضوء يعمّ جميع من علم بخروج الريح منه, سواء بهاتين الوسيلتين أم بغيرهما. فكما أنه قد يتعذر حصول العلم بهاتين الوسيلتين لبعض الناس, فإنه لا يتعذر بالوسائل الأخرى, فيمكن أن يحصل له العلم بغيرهما. فمن تعذر له حصول العلم بوقوع النداء بطريق سماعه, لم يتعذر له ذلك بالأسباب الأخرى, كأن يخبره بوقوعه ثقة أو ما أشبه.
    وأما الذي يتعمد عدم سماع النداء, كأن يغلق الأبواب والنوافذ حتى لا يدخل صوت المؤذن, أو يجعل إصبعيه في إذنيه, أو يرفع الأصوات حتى لا يسمع الأذان, فلا شك انه آثم بفعله هذا لأنه متشبه بالشيطان. فقال البخاري في صحيحه: " - حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الدَّسْتُوَائِي ُّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِذَا نُودِيَ بِالصَّلاَةِ أَدْبَرَ الشَّيْطَانُ، وَلَهُ ضُرَاطٌ حَتَّى لاَ يَسْمَعَ الأَذَانَ، فَإِذَا قُضِيَ الأَذَانُ أَقْبَلَ، فَإِذَا ثُوِّبَ بِهَا أَدْبَرَ، فَإِذَا قُضِيَ التَّثْوِيبُ، أَقْبَلَ حَتَّى يَخْطِرَ بَيْنَ المَرْءِ وَنَفْسِهِ، يَقُولُ: اذْكُرْ كَذَا وَكَذَا، مَا لَمْ يَكُنْ يَذْكُرُ، حَتَّى يَظَلَّ الرَّجُلُ إِنْ يَدْرِي كَمْ صَلَّى، فَإِذَا لَمْ يَدْرِ أَحَدُكُمْ كَمْ صَلَّى ثَلاَثًا أَوْ أَرْبَعًا، فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ "" اهـ من 1231, ورواه مسلم في صحيحه أيضاً.
    فسواء قلنا بأنه لا تجب عليه صلاة الجماعة حينئذ لعدم سماعه النداء, أم قلنا بوجوبها عليه وعدم الاعتبار بفعله هذا, فلا شك أنه آثم, ومع ذلك فقد يحصل الوجوب بأن يخبره ثقة بوقوع النداء أو ما أشبه. ولعل حاله مثل حال من تعمد أكل الثوم أو البصل عند قرب وقت صلاة الجماعة, أو من انتظر قضاء حاجته حتى قرب وقت صلاة الجماعة, أو من تعمد إحضار الطعام عند وقت صلاة الجماعة, لأن أكل الثوم أو البصل أو الحاجة إلى الخلاء أو حضور الطعام أعذار في التخلف.
    فإن قيل: كيف بمكبرات الصوت, فقد يحصل للإنسان العلم وقوع النداء وهو على بعد أميال كثيرة من المسجد. بل قد يكون في بلد آخر, فقد يكون الرجل في المغرب ولم يحضر وقت صلاة المغرب بعد, وهو يسمع أذان العشاء في السعودية عبر الهاتف أو التلفزيون! فهل توجب عليه إجابة نداء السعودية عندئذ؟!
    أجيب بأنه يتقيد الوجوب على من سمع النداء وهو يستطيع إدراك الصلاة ماشياً إليها بالسكينة, فقال البخاري: " حَدَّثَنَا آدَمُ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا سَمِعْتُمُ الإِقَامَةَ، فَامْشُوا إِلَى الصَّلاَةِ وَعَلَيْكُمْ بِالسَّكِينَةِ وَالوَقَارِ، وَلاَ تُسْرِعُوا، فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا، وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا»" اهـ من 908, ورواه مسلم وللحديث ألفاظ مختلفة, ففي بعضها "إذا ثوب بالصلاة" وفي بعضها "إذا نودي بالصلاة"

    أجيب بأنه يتقيد الوجوب على من سمع النداء وهو يستطيع إدراك الصلاة.
    فإنه لا تجب صلاة الجماعة قبل وقوع النداء فلا يقال بوجوب إتيانها قبل النداء, استدلالاً بقاعدة "ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب", لأن المرء لا يدري هل سيسمع النداء أم لا؟ والعبرة في ذلك بالعلم, لا بغلبة الظن, فإن أصل الوجوب مبني على العلم لا غلبة الظن, فكما أنه لا تجب صلاة الجماعة على من ظن النداء قد وقع, لحضور الوقت مثلاً, وإنما تجب عليه إذا علم بوقوعه, فكذلك لا يجب عليه إتيانها قبل النداء لما يغلب على ظنه أنه سيحصل له العلم بوقوع النداء.
    فإذا كان أصل الوجوب مبنياً على العلم لا غلبة الظن, أفلا يكون الوجوب الذي يكون بقاعدة "ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب" أولى أن يكون مبنياً على العلم لا غلبة الظن؟ وكيف تنطبق القاعدة أصلاً ولما يحصل الوجوب, لأن الوجوب لا يحصل قبل وقوع النداء؟
    ولا يقال بوجوب إتيان الصلاة عندما يقع النداء, والمرء يكاد يوقن أنه لن يدرك من الصلاة شيئاً. فإذا كان معنى إجابة النداء هو أن يصلي المرء الجماعة المدعو إليها, فإنه لم يؤدّ الواجب إذا جاء وقد انقضت الصلاة, وإنما هو معذور إذا كان تأخره لسبب معتبر. وفي الباب الأثران اللذين سبق ذكرهما عن عطاء.
    ولو قدر بأن هذا الرجل الذي في المغرب, عنده طائرة في غاية السرعة, يمكنه بها إدراك صلاة العشاء في السعودية, ولو لم يغادر إلا عند سماع النداء, فإنه لا يجب عليه إتيانها. فإن له أن يصلي في أحد المساجد عنده في المغرب. هذا مع أنه لم يصلّ المغرب بعد فلا شك أنه لا يصلي العشاء قبل المغرب! فلا يجب عليه صلاة الجماعة في السعودية قطعاً.
    والله أعلم

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •