باب من نام عن الصلاة
ـ عَنْ أَنَسٍ قَالَ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ ( عَنِ الرَّجُلِ يَرْقُدُ عَنِ الصَّلاَةِ أَوْ يَغْفُلُ عَنْهَا) ؟ قَالَ : ( كَفَّارَتُهَا أَنْ يُصَلِّيَهَا إِذَا ذَكَرَهَا ) .([1])
ألفاظ الحديث :
رواية البخاري ومسلم : ( مَنْ نَسِىَ صَلاَةً فَلْيُصَلِّ إِذَا ذَكَرَهَا ، لاَ كَفَّارَةَ لَهَا إِلاَّ ذَلِكَ ) .
وفي رواية عند مسلم : ( إِذَا رَقَدَ أَحَدُكُمْ عَنِ الصَّلاَةِ أَوْ غَفَلَ عَنْهَا فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا فَإِنَّ اللَّهَ يَقُولُ أَقِمِ الصَّلاَةَ لِذِكْرِى ) .
المسألة الأولى : معاني الكلمات :
قوله : ( عَنِ الرَّجُلِ يَرْقُدُ عَنِ الصَّلاَةِ أَوْ يَغْفُلُ عَنْهَا)، وفي رواية : (مَنْ نَسِىَ صَلاَةً)، أي من تركها سواء كانت الصلاة فرض أم نافلة، وفي رواية : (أو نام عنها) ضمَّن نام معنى غفل أي غفل عنها في حال نومه أو نام غافلًا عنها . قاله الطَّيبيُّ
قوله : (كَفَّارَتُهَا) وفي رواية (فَكَفَّارَتُهَ ) هي في الأصل فعَّالة للمبالغة ثم صارت اسمًا للفعلة أو الخصلة التي من شأنها أن تكفر الخطيئة أي تستمر إثمها وتمحوه.
قوله (أَنْ يُصَلِّيَهَا إِذَا ذَكَرَهَا) أي بعد النسيان أو النوم وقيل فيه تغليب للنسيان فعبر بالذكر وأراد به ما يشمل الاستيقاظ والأظهر أن يقال إن النوم لما كان يورث النسيان غالبًا قابلهما بالذكر .
قوله (لاَ كَفَّارَةَ لَهَا إِلاَّ ذَلِكَ) قال النووي : معناه لا يجزئه إلا الصلاة مثلها ولا يلزمه مع ذلك شيء آخر .
قال الخطابي : يؤيد أنه لا يلزمه في تركها غُرم أو كفارة من صدقة أو نحوها كما يلزمه في ترك الصوم في رمضان من غير عذر الكفارة وكما يلزم المحرم إذا ترك شيئًا من نسكه كفارة وجبران من دم وإطعام ونحوه .
قوله (فَإِنَّ اللَّهَ يَقُولُ أَقِمِ الصَّلاَةَ لِذِكْرِى ) قال ابن حجر : وقد اختلف في ذكر هذه الآية هل هي من كلام قتادة أو هي من قول النبي صلى الله عليه وسلم وفي رواية مسلم عن هدَّاب([2]) _ هو ابن خالد _ قال قتادة _ هو ابن دعامة السدوسي _ وأقم الصلاة لذكرى وفي روايته من طريق المثنى – هو ابن سعيد - عن قتادة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رقد أحدكم عن الصلاة أو غفل عنها فليصلها إذا ذكرها فإن الله يقول أقم الصلاة لذكري وهذا ظاهر أن الجميع من كلام النبي صلى الله عليه وسلم .
قال الطَّيبي : الآية تحتمل وجوهًا كثيرة من التأويل لكن الواجب أن يصار إلى وجه يوافق الحديث؛ لأنه حديث صحيح فالمعنى أقم الصلاة لذكرها يعني وقت ذكرها، قال لأنه إذا ذكرها فقد ذكر الله يعني أقم الصلاة إذا ذكرتنا .([3])
([1]) البخاري (597)، كتاب الصلاة ، باب من نسى صلاة فليصل إذا ذكرها ولا يعيد إلا تلك الصلاة ، ومسلم (684)، كتاب الصلاة، باب قضاء الصلاة الفائتة واستحباب تعجيل قضائها، دون السؤال، والنسائي (614)، كتاب الصلاة، باب فيمن نام عن صلاة، واللفظ له، وابن ماجه (695)، كتاب الصلاة، باب من نام عن الصلاة أو نسيها، وأحمد (13262).
([2]) قلت : ما عند مسلم من طريق هدَّاب بن خالد، حدثنا همام بن يحيى، حدثنا قتادة، وعلَّ ما وقع في كلام ابن حجر سقط من النسخة أو انتقال نظر من الناسخ والعلم عند الله .
([3]) انظر معالم السنن للخطابي (1/140)، وشرح مسلم للنووي (5/269 – 270)، وفتح الباري لابن حجر (2/103)، ومرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (2/531) .