تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 5 من 5

الموضوع: من نام عن الصلاة

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي من نام عن الصلاة

    باب من نام عن الصلاة
    ـ عَنْ أَنَسٍ قَالَ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ ( عَنِ الرَّجُلِ يَرْقُدُ عَنِ الصَّلاَةِ أَوْ يَغْفُلُ عَنْهَا) ؟ قَالَ : ( كَفَّارَتُهَا أَنْ يُصَلِّيَهَا إِذَا ذَكَرَهَا ) .(
    [1])
    ألفاظ الحديث :
    رواية البخاري ومسلم : ( مَنْ نَسِىَ صَلاَةً فَلْيُصَلِّ إِذَا ذَكَرَهَا ، لاَ كَفَّارَةَ لَهَا إِلاَّ ذَلِكَ ) .
    وفي رواية عند مسلم : ( إِذَا رَقَدَ أَحَدُكُمْ عَنِ الصَّلاَةِ أَوْ غَفَلَ عَنْهَا فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا فَإِنَّ اللَّهَ يَقُولُ أَقِمِ الصَّلاَةَ لِذِكْرِى ) .
    المسألة الأولى : معاني الكلمات :
    قوله : ( عَنِ الرَّجُلِ يَرْقُدُ عَنِ الصَّلاَةِ أَوْ يَغْفُلُ عَنْهَا)، وفي رواية : (مَنْ نَسِىَ صَلاَةً)، أي من تركها سواء كانت الصلاة فرض أم نافلة، وفي رواية : (أو نام عنها) ضمَّن نام معنى غفل أي غفل عنها في حال نومه أو نام غافلًا عنها . قاله الطَّيبيُّ
    قوله : (كَفَّارَتُهَا) وفي رواية (فَكَفَّارَتُهَ ) هي في الأصل فعَّالة للمبالغة ثم صارت اسمًا للفعلة أو الخصلة التي من شأنها أن تكفر الخطيئة أي تستمر إثمها وتمحوه.
    قوله (أَنْ يُصَلِّيَهَا إِذَا ذَكَرَهَا) أي بعد النسيان أو النوم وقيل فيه تغليب للنسيان فعبر بالذكر وأراد به ما يشمل الاستيقاظ والأظهر أن يقال إن النوم لما كان يورث النسيان غالبًا قابلهما بالذكر .
    قوله (لاَ كَفَّارَةَ لَهَا إِلاَّ ذَلِكَ) قال النووي : معناه لا يجزئه إلا الصلاة مثلها ولا يلزمه مع ذلك شيء آخر .
    قال الخطابي : يؤيد أنه لا يلزمه في تركها غُرم أو كفارة من صدقة أو نحوها كما يلزمه في ترك الصوم في رمضان من غير عذر الكفارة وكما يلزم المحرم إذا ترك شيئًا من نسكه كفارة وجبران من دم وإطعام ونحوه .
    قوله (فَإِنَّ اللَّهَ يَقُولُ أَقِمِ الصَّلاَةَ لِذِكْرِى )
    قال ابن حجر : وقد اختلف في ذكر هذه الآية هل هي من كلام قتادة أو هي من قول النبي صلى الله عليه وسلم وفي رواية مسلم عن هدَّاب([2]) _ هو ابن خالد _ قال قتادة _ هو ابن دعامة السدوسي _ وأقم الصلاة لذكرى وفي روايته من طريق المثنى – هو ابن سعيد - عن قتادة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رقد أحدكم عن الصلاة أو غفل عنها فليصلها إذا ذكرها فإن الله يقول أقم الصلاة لذكري وهذا ظاهر أن الجميع من كلام النبي صلى الله عليه وسلم .
    قال الطَّيبي : الآية تحتمل وجوهًا كثيرة من التأويل لكن الواجب أن يصار إلى وجه يوافق الحديث؛ لأنه حديث صحيح فالمعنى أقم الصلاة لذكرها يعني وقت ذكرها، قال لأنه إذا ذكرها فقد ذكر الله يعني أقم الصلاة إذا ذكرتنا .(
    [3])




    ([1]) البخاري (597)، كتاب الصلاة ، باب من نسى صلاة فليصل إذا ذكرها ولا يعيد إلا تلك الصلاة ، ومسلم (684)، كتاب الصلاة، باب قضاء الصلاة الفائتة واستحباب تعجيل قضائها، دون السؤال، والنسائي (614)، كتاب الصلاة، باب فيمن نام عن صلاة، واللفظ له، وابن ماجه (695)، كتاب الصلاة، باب من نام عن الصلاة أو نسيها، وأحمد (13262).

    ([2]) قلت : ما عند مسلم من طريق هدَّاب بن خالد، حدثنا همام بن يحيى، حدثنا قتادة، وعلَّ ما وقع في كلام ابن حجر سقط من النسخة أو انتقال نظر من الناسخ والعلم عند الله .

    ([3]) انظر معالم السنن للخطابي (1/140)، وشرح مسلم للنووي (5/269 – 270)، وفتح الباري لابن حجر (2/103)، ومرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (2/531) .
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي

    المسألة الثانية : هل يقضي المتعمد ترك الصلاة :
    دلَّ حديث الباب بمنطوقه على أن القضاء على الناسي والنائم؛ لكن من ترك الصلاة متعمدًا حتى خرج وقتها، هل عليه القضاء أيضًا أم لا ؟
    اختلف العلماء في هذه المسألة على أقوال منها :
    وجوب القضاء عليه، وحجتهم أن العامد بالترك يقضي من باب أولى فإنه لم يقع المسامحة مع العذر بالنوم والنسيان فلأن لا تقع مع عدم العذر أولى . قاله ابن دقيق العيد .
    وقيل يستفاد من قوله : (فليصلها إذا ذكرها) وجوب القضاء؛ لأنه بغفلته عنها وعمده كالناسي ومتى ذكر تركه لها لزمه قضاؤها . حكاه القاضي عياض عن بعض المشايخ .
    وأجيب بضعفه لأن قوله (فليصلها إذا ذكرها) كلام مبني على ما قبله وهو قوله (من نام عن صلاة أو نسيها) والضمير في قوله (فليصلها إذا ذكرها) عائد على الصلاة المنسية أو التي يقع النوم عنها، فكيف يحمل ذلك على ضد النوم والنسيان وهو الذكر واليقظة .
    أما قوله : (كالناسي)، فإذا أريد مثله في الحكم فهي دعوى ولو صحت لما كان ذلك مستفادًا من اللفظ بل من القياس أو من مفهوم الخطاب الذي أشدنا إليه .
    وقالوا : قوله (لا كفارة لها إلا ذلك) والكفارة إنما تكون من الذنب والنائم والناسي لا ذنب لهما وإنما الذنب للعامد، فالجواب أنه لا يصح أيضًا لأن الكلام كله مسوق على قوله (من نام عن صلاة أو نسيها) والضمائر عائدة إليها فلا يجوز أن يخرج عن الإدارة ولا أن يحمل اللفظ ما لا يحتمله، أما عدم وقوع الكفارة على الناسي والنائم لأنهما لا إثم عليهما فيرده وقوع الكفارة على القاتل الخطأ مع عدم الإثم والذنب وكذا وقوع الكفارة على الحانث في حلفه مع عدم الإثم والذنب أيضًا . قاله ابن دقيق العيد .
    قلت : من قال بكفر تارك ولو صلاة واحدة قال بعدم القضاء عليه لكفره، قال ابن رجب الحنبلي في فتحه: (وقد اعترف([1]) بأن القياس يقتضي أنه لا يجب القضاء على من تركها متعمدًا، فإنه إن كان كافرًا بالترك متعمدًا، فالقياس أن لا قضاء على الكافر، وإن كان مرتدًا، وإن لم يكن كافرًا بالترك، فالقياس أنه لا قضاء بعد الوقت؛ لأن القضاء يحتاج إلى أمر جديد، وليس فيه أمر جديد، وإنما أمر بالقضاء من يكون القضاء كفارة له، وهو المعذور، والعامد لم يأت نص بأن القضاء كفارة له، بل ولا يدل عليه النظر؛ لأنه عاص آثم يحتاج إلى توبة، كقاتل العمد، وحالف اليمني الغموس .
    وكيف ينعقد الإجماع مع مخالفة الحسن، مع عظمته وجلالته، وفضله وسعة علمه، وزهده وورعه ؟
    ولا يعرف عن أحد من الصحابة في وجوب القضاء على العامد شيء، بل ولم أجد صريحًا عن التابعين - أيضًا - فيه شيئًا، إلا عن النخعي) .(
    [2])
    قلت : ويشهد لعدم القضاء على العامد قوله تعالى : (إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا) النساء : 103
    فكما لا تصح الصلاة قبل وقتها كذا لا تصح بعدها إلا بعذر، قال ابن تيمية : (وتارك الصلاة عمدًا لا يشرع له قضاؤها ولا تصح منه، بل يكثر من التطوع .....) .(
    [3])



    ([1]) يشير إلى كلام الحسن البصري : (إذا ترك الرجل صلاة واحدة متعمدًا، فإنه لا يقضيها) .

    ([2]) فتح الباري لابن رجب (5/138) .

    ([3]) الاختيارات الفقهية (16) .
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي

    مسألة : من ذكر صلاة منسية وهو في صلاة :
    إذا صلى العبد صلاة ثم ذكر صلاة أخرى، هل يعيد الصلاة التي صلَّها إذا بقي من وقتها شيء بعد قضاء الفائتة أم لا ؟
    اختلف العلماء في هذه المسألة على أقوال منها :
    يتم التي هو فيها، ثم يصلي الفائتة ليس عليه غير ذلك، به قال ابن المنذر عن طاووس والحسن البصري والشافعي وأبي ثور، قالوا قوله : (من نسي صلاة فليصلها إذا ذكرها) فلم يقل فليعد ما كان في وقته بعد الفراغ منها فليس عليه شيء إلا إعادة المنسية فقط .
    ومنهم من قال يصلي التي نسي، ثم يُعيد ما كان في وقته مما كان قد صلَّها، وبه قال مالك وحجته قوله :
    (وأقم الصلاة لذكري)، فدَّل هذا أن وقت الذكر وقت للصلاة المنسية .
    ومنهم من فرَّق بين صلاة الفرد والإمام والمأموم وبين أن يكون الذكر بعد ركعة أو لا ؟ قاله بعذ المالكية .(
    [1])
    قلت : أصل المسألة ومنشؤها هل يجب الترتيب في قضاء الفوائت أم لا ؟
    فمن قال بوجوب الترتيب قالوا بوجوبه في الفوائت أيضًا وهو أبو حنيفة ومالك وأحمد، ثم اختلفوا في العدد الذي يجب فيه الترتيب، فقال أبو حنيفة ومالك يجب فيما دون ست صلوات ولا يجب في ست صلوات فصاعدًا، وقال أحمد يجب بكل حال، وهل يسقط الترتيب عندهم بالنسيان أم لا يسقط ؟
    فيه قولان أحدهما : أنه يسقط وهو قول النخعي كما ذكره البخاري عنه وقول الحسن البصري وحماد بن أبي سليمان والحكم وأبي حنيفة والحسن بن حيّ وأحمد في ظاهر مذهبه وإسحاق بن راهوية .
    والثاني: أنه لا يسقط فيعيد الفائتة وما صلى بعدها .(
    [2])
    ومن قال باستحباب الترتيب لا بوجوبه قال بعدم الإعادة وهو قول الشافعي استدلالًا بإجماع الأمة على أن رتبة رمضان فرض فإذا أفطره أحد بمرض أو نسيان سقط عنه الترتيب ولهذا نظائر كثيرة في القياس .



    ([1]) انظر شرح البخاري لابن بطال (2/219) .

    ([2]) انظر فتح الباري لابن رجب (5/127) .
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي

    وهل من صلى الصلاة المنسية يعيدها مرة ثانية أم لا ؟

    ذهب جمهور العلماء أنه يصليها إذا ذكرها لا كفارة لها إلا ذلك وليس عليه شيء أخر .
    أما من ذهب إلى صلاتها مرة ثانية مع وقتها من الغد فقول ضعيف، ومعتمدهم ما روي عن أبي قتادة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
    (إنه لا تفريطَ في النَّومِ، إنَّما التَّفريطُ في اليَقَظَةِ، فإذا سَهَا أحدُكم عن صَلاةٍ فليُصَلِّها حين يَذكُرُها، ومِن الغَدِ للوَقتِ) .([1])
    وعَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
    (مَنْ نَسِيَ صَلَاةً فَلْيُصَلِّهَا حِينَ يَذْكُرُهَا، وَمِنَ الْغَدِ لِلْوَقْتِ) .([2])
    وقوله (وَمِنَ الْغَدِ لِلْوَقْتِ) على فرض صحتها فمعناها : أي: يصلي صلاة الغد في وقتها المعتاد، وليس معناه أنه يقضي الفائتة مرتين: مرة في الحال ومرة في الغد،
    قال السندي: (أحسن ما قيل في معناه: أن المراد أنه يصلي الوقتية في اليوم الثاني في الوقت، ولا يتخذ الإخراج عن الوقت عادة، وليس المراد أنه يقضي الفائتة مرة ثانية في الوقت، فقد جاء في حديث عمران، أنهم حين قالوا: نقضيها مرة ثانية في الوقت ؟ قال لهم صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إن الله تعالى قد نهى عن الرَّبا فكيف يقبلُه منكم؟! )([3])، والله تعالى أعلم) .([4])
    وذهب الخطيب البغدادي إلى أن معنى الحديث أنه يقضيها مرتين إلا أنه منسوخ،
    وقال: والأمر بإعادة الصلاة المنسية بعد قضائها حال الذكر من غَدِ ذلك الوقت منسوخ، لإجماع المسلمين أن ذلك غير واجب ولا مستحب .
    قلت : أما ما روي بلفظ (فمَن أدرَكَ منكم صلاةَ الغَدَاةِ من غَدٍ صالحاً فليَقضِ مَعَها مِثلَها) فهو مما روي بالمعنى أخطأ فيه خالد بن سُمَيْر، ويدل على خطئه : أن هذه القصة قد رواها جماعة غير خالد هذا عن عبد الله بن رباح- منهم ثابت البناني وبكر بن عبد الله وقتادة-، فلم يذكر أحد منهم ما روى خالد، ويدل على خطئه كذلك ما روي عن عمران بن حصين وهو ممن حضر الواقعة، وفيه : (فقالوا: يا رسول الله! ألا نعيدها في وقتها من الغد؟ قال: (أينهاكم ربكم تبارك وتعالى عن الربا ويقْبلُهُ منكم؟!)، وبهذا استدل البيهقي على ضعف هذه الكلمة، والصواب فيها: (فإذا سها أحدكم عن صلاة؛ فليصلِّها حين يذكرها، ومن الغد للوقت)؛ أي: ليصل غدًا الصلاة الحاضرة في وقتها.([5])




    ([1]) أبو داود (437)، وأصله عند البخاري (595)، ومسلم (681) .

    ([2]) أحمد (20257)، فيه بشر بن حرب ضعفه أحمد، وتابعه سليمان بن سمرة متابعة تامة عند البزار (397)؛ لكن لا يفرح بها ففي إسناده يوسف بن خالد السمتي ضعيف جدًا، كذا تابعه سليمان بن سمرة عند الطحاوي (2675)، وعند الطبراني (7034)، لكن فيه محمد بن إبراهيم بن خُبيب بن سليمان ذكره ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل ولم يذكر فيه جرحًا وتعديلًا .

    ([3]) أحمد (19964)، وفيه الحسن- وهو البصري- لم يسمع من عمران، وقد تابعه أبو رجاء العطاردي - و هو عمران بن ملحان العطاردي – ولم يذكر (نهى عن الرَّبا فكيف يقبلُه منكم)، والحديث صححه الألباني في تحقيقه لأبي داود ((1/152 – 154) ، وأشار إلى تصحيح البيهقي للحديث .

    ([4]) انظر حاشية مسند أحمد طبعة الرسالة (33/393) .

    ([5]) سنن البيهقي (2/217)، وانظر كلام الألباني على الحديث في تحقيقه لسنن أبي داود (1/152 – 154) .
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي

    - وهل قضاء الصلوات الفائتة على الفور أم على التراخي ؟
    ذهب جمهور العلماء إلى أن القضاء على الفور مستدلين بظاهر حديث الباب الذي مرَّ معنا وفيه :
    (فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا)، فظاهره يدل على الفورية فقد أمر صلى الله عليه وسلم بالصلاة بمجرد الذكر متى زال عنه النسيان أو استيقظ من النوم فيجب عليه أن يصلي الصلاة فورًا .
    بينما ذهب الشافعية أنه على التراخي، واستدلوا بفعل النبي صلى الله عليه وسلم لما فاتته صلاة الصبح فلم يصليها حتى خرج من الوادي، فقالوا لو كانت على الفور لما أخَّرها .
    وحكى البغوي وجهًا آخر عن الشافعي أنه على الفور، وأما الفائتة بلا عذر فالأصح قضاؤها على الفور، وقيل على التأخير .
    والراجح قول الجمهور، أنه على الفور لصراحة الحديث، أما ما ذهب إليه الشافعية من تأخير النبي صلى الله عليه وسلم للصلاة حتى خرج من الوادي، فكان من أجل الانتقال من المكان الذي فيه وعلَّته ما جاء في الحديث : (لِيَأْخُذْ كُلُّ رَجُلٍ بِرَأْسِ رَاحِلَتِهِ، فَإِنَّ هَذَا مَنْزِلٌ حَضَرَنَا فِيهِ الشَّيْطَانُ) .([1])
    ففعله هذا صلى الله عليه وسلم يصحُّ الاحتجاج به على التأخير لغرض صحيح؛ لأجل مصلحة الصلاة فإن هذا موضع غفلة وحضر فيه الشيطان، فمن مصلحة الصلاة وتمامها وتمام خشوعها أن ينتقل لموضع أخر، فكان هذا لمصلحة الصلاة، وعليه يصح لو أخرها يسيرًا لانتظار اجتماع الناس ليصلوها جماعة أو من أخرها لتجهيز وضوئه أو غسله وهكذا .(
    [2])







    ([1]) جزء من حديث عند مسلم (680)، من حديث أبي هريرة .

    ([2]) انظر المجموع للنووي (3/68)، وشرح مسلم للنووي (5/182)، وشرح سنن أبي داود للعيني (2/321) .


    نقلًا من كتابي: (الصراط السوي في سؤالات الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم) -جزء الصلاة- يسر الله إتمامه
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •