الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
قد اختلف السلف في اطلاق هذا الاسم على الله تعالى , وقد ورد هذا اللفظ في صحيح مسلم في بعض طرق حديث المغيرة بن شعبة في غيرة سعد , رضي الله عنهما ,
وروى القصة البخاري أيضا وترجم بهذه العبارة
(باب قول النبي صلى الله عليه وسلم لا شخص أغير من الله)
ثم ساق الحديث لكنه بلفظ (لا أحد ) بدل (لا شخص )
ثم قال عقبه تعليقا (قال البخاري وقال عبيد بن عمرو عن عبد الملك لا شخص أغير من الله))
وورد أيضا في حديث ثان طويل لأبي رزين صريحا (قال قلت يا رسول الله كيف وهو شخص واحد ونحن ملء الأرض ننظر إليه وينظر إلينا..))
شيخ الاسلام في الرد على الرازي
قال ( وقد تنازع أهل الحديث من أصحاب أحمد وغيرهم في إطلاق اسم الشخص عليه قال القاضي أبو يعلى فغير ممتنع إطلاقها عليه ...لأنه ليس في ذلك ما يمثل صفاته.
ولا يخرجها عما يستحقه لأن الغيرة هي الكراهة للشيء وذلك جائز في صفاته قال تعالى وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ قال وأما لفظ الشخص فرأيت بعض أصحاب الحديث يذهب إلى جواز إطلاقه ووجهه أن قوله لا شخص نفي من إثبات وذلك يقتضي الجنس كقوله لا رجل أكرم من زيد يقتضي أن زيدًا يقع اسم رجل كذلك قوله لا شخص أغير من الله يقتضيأنه يقع عليه هذا الاسمقال وقد ذكر أبو الحسن الدارقطني في كتاب الرؤية ما يشهد لهذا القول وذكر حديث لقيط بن عامر المتقدم وقوله للنبي صلى الله عليه وسلم كيف ونحن ملء الأرض وهو شخص واحد فأقره النبي صلى الله عليه وسلم على قوله قال وقد ذكر أحمد هذا الحديث في الجزء الأول من مسند الكوفيين فقال عبد الله يعني ابن أحمد رحمه الله قال عبيد الله القواريري ليس حديث أشد على الجهمية من هذا الحديث قوله لا شخص أحب إليه المدحة من الله
قال القاضي ويحتمل أن يمنع من إطلاق ذلك عليه لأن لفظ الخبر ليس بصريح فيه لأن معناه لا أحد أغير من الله لأنه قد روي ذلك في لفظ آخر فاستعمل لفظ الشخص في موضع أحد ويكون هذا استثناء من غير جنسه ونوعه كقوله تعالى مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وليس الظن من نوع العلم )) انتهى
ويقصد القاضي أنه استثناء منقطع مما يمنع الاستدلال به على المطلوب
وأدل من هذا المثال الذي ضربوه , قولك (لا انسان أشجع من الأسد ) فلا يمكن اطلاق اسم (انسان ) على الأسد
فيمكن عقد المقارنة بين جنسين مختلفين لاتعلق لأحدهما بالآخر
ومما يوضحه أيضا قولك (ان الله أمر كل الملائكة أن يسجدوا لآدم , فسجدوا كلهم غير ابليس امتنع)
فتقول (لا أحد أعصى لله من ابليس ))
و لفظ (أحد) يدخل فيه جنس الملائكة وكذا آدم عليه السلام , وجنس ابليس مختلف عن جنسيهما كل الاختلاف ,
قال الله (واذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا الا ابليس كان من الجن ...))
وان صح اطلاق لفظ (شخص ) على الله عزوجل فلن يبلغ هذا اللفظ أن يكون اسما لله عزوجل , ولا حتى صفة من صفاته
لكن يمكن أن يدخل هذا في باب الاخبار وهو أوسع من باب الأسماء والصفات ويتجوز فيه ما لا يتجوز فيهما
وكتب البخاري عقب الحديث السابق
ابُ {قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ} ، «فَسَمَّى اللَّهُ تَعَالَى نَفْسَهُ شَيْئًا )) انتهى
لكن هذا اللفظ (شيء) لا يصلح أن يكون اسما لله عزوجل , وانما يصح الاخبار به عن الله عزوجل تماما كما وقع في سياق الخبر الذي دلت عليه الآية
ولو صح اسما لجاز أن يقال عنه (الشيء) , والشيء اسم جامع يدخل تحت مسماه كل شيء
قال الله تعالى ( الله خالق كل شيء)
فشيء هو اسم لما سواه سبحانه
وما ذكر في الآية انما ذكر جوابا للسؤال , وهذا كما يقع في بعض الصفات التي يوصف بها على سبيل المقابلة
(ويمكرون ويمكر الله , والله خير الماكرين) فلا يصح أن يوصف عزوجل بهذا الوصف مطلقا ولكن مقيدا كما ورد في سياق الآية
وأيضا (يخادعون الله وهو خادعهم ) ....
قال شيخ الاسلام
(وقد يفرق بين اللفظ الذي يدعى به الرب، فإنه لا يدعى إلا بالأسماء الحسنى، وبين ما يخبر به عنه لإثبات حق أو نفي باطل.....
فالفرق بين مقام المخاطبة ومقام الإخبار فرق ثابت بالشرع والعقل، وبه يظهر الفرق بين ما يدعى الله به من الأسماء الحسنى، وبين ما يخبر به عنه وجل مما هو حق ثابت، لإثبات ما يستحقه سبحانه من صفات الكمال، ونفي ما تنزه عنه عز وجل من العيوب والنقائص، فإنه الملك القدوس السلام، سبحانه وتعالى عما يقول الظالمون علواً كبيراً.
وقال تعالى {ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه} مع قوله {قل أي شيء أكبر شهادة قل الله شهيد بيني وبينكم}، ولا يقال في الدعاء: يا شيء.)) انتهى كلامه
وللحديث بقية