قال البخاري في صحيحه :
32- باب الأرنب.
5535- حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ زَيْدٍ ، عَنْ أَنَسٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : أَنْفَجْنَا أَرْنَبًا وَنَحْنُ بِمَرِّ الظَّهْرَانِ فَسَعَى الْقَوْمُ فَلَغِبُوا فَأَخَذْتُهَا فَجِئْتُ بِهَا إِلَى أَبِي طَلْحَةَ فَذَبَحَهَا فَبَعَثَ بِوَرِكَيْهَا ، أَوْ قَالَ بِفَخِذَيْهَا - إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَبِلَهَا.
وقال مسلم في صحيحه :
53 - ( 1953 ) حدثنا محمد بن المثنى حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن هشام بن زيد عن أنس بن مالك قال : مررنا فاستنفجنا أرنبا بمر الظهران فسعوا عليه فلغبوا قال فسعيت حتى أدركتها فأتيت بها أبا طلحة فذبحها فبعث بوركها وفخذيها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتيت بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقبله .
قال النووي رحمه الله في شرح مسلم للنووي :
" وَأَكْل الْأَرْنَب حَلَال عِنْد مَالِك وَأَبِي حَنِيفَة وَالشَّافِعِيّ وَأَحْمَد وَالْعُلَمَاء كَافَّة , إِلَّا مَا حُكِيَ عَنْ عَبْد اللَّه بْن عَمْرو بْن الْعَاصِ وَابْن أَبِي لَيْلَى أَنَّهُمَا كَرِهَاهَا . دَلِيل الْجُمْهُور هَذَا الْحَدِيث مَعَ أَحَادِيث مِثْله , وَلَمْ يَثْبُت فِي النَّهْي عَنْهَا شَيْء ".اهــ
وقال الحافظ ابن حجر في فتح الباري 9 / 661 :
( قوله باب الأرنب )
هو دويبة معروفة تشبه العناق لكن في رجليها طول بخلاف يديها والأرنب اسم جنس للذكر والأنثى ويقال للذكر أيضا الخزز وزن عمر بمعجمات وللانثى عكرشة وللصغير خرنق بكسر المعجمة وسكون الراء وفتح النون بعدها قاف هذا هو المشهور وقال الجاحظ لا يقال ارنب الا للانثى ويقال أن الأرنب شديدة الجبن كثيرة الشبق وإنها تكون سنة ذكرا وسنة أنثى وإنها تحيض وسأذكر من خرجه ويقال أنها تنام مفتوحة العين .
5215 - قوله: انفجنا بفاء مفتوحة وجيم ساكنة أي اثرنا وفي رواية مسلم استنفجنا وهو استفعال منه يقال: نفج الأرنب إذا ثار وعدا وانتفج كذلك وانفجته إذا أثرته من موضعه ويقال أن الانتفاج الإقشعرار فكأن المعنى جعلناها بطلبنا لها تنتفج والانتفاج أيضا ارتفاع الشعر وانتفاشه ووقع في شرح مسلم للمازري بعجنا بموحدة وعين مفتوحة وفسره بالشق من بعج بطنه إذا شقه وتعقبه عياض بأنه تصحيف وبأنه لا يصح معناه من سياق الخبر لأن فيه إنهم سعوا في طلبها بعد ذلك فلو كانوا شقوا بطنها كيف كانوا يحتاجون إلى السعي خلفها .
قوله : بمر الظهران مر بفتح الميم وتشديد الراء والظهران بفتح المعجمة بلفظ تثنية الظهر اسم موضع على مرحلة من مكة وقد يسمى بإحدى الكلمتين تخفيفا وهو المكان الذي تسميه عوام المصريين بطن مرو والصواب مر بتشديد الراء قوله فسعى القوم فلغبوا بمعجمة وموحدة أي: تعبوا وزنه ومعناه ووقع بلفظ: تعبوا، في رواية الكشميهني، وتقدم في الهبة بيان ما وقع للداودي فيه من غلط قوله فأخذتها زاد في الهبة فأدركتها فأخذتها ، ولمسلم : فسعيت حتى أدركتها، ولأبي داود من طريق حماد بن سلمة عن هشام بن زيد: وكنت غلاما حزورا - وهو بفتح المهملة والزاي والواو المشددة بعدها راء ، ويجوز سكون الزاي وتخفيف الواو - وهو المراهق.
قوله : إلى أبي طلحة ، وهو زوج أمه.
قوله: فذبحها ، زاد في رواية الطيالسي: بمروة، وزاد في رواية حماد المذكورة فشويتها قوله : فبعث بوركيها أو قال: بفخذيها - هو شك من الراوي - وقد تقدم بيان ذلك في كتاب الهبة ووقع في رواية حماد بعجزها.
قوله: فقبلها، أي الهدية، وتقدم في الهبة من هذا الوجه قلت : وأكل منه ؟ قال : وأكل منه، ثم قال: فقبله.
وللترمذي من طريق أبي داود الطيالسي فيه فأكله قلت: أكله قال قبله وهذا الترديد لهشام بن زيد وقف جده أنسا على قوله أكله فكأنه توقف في الجزم به وجزم بالقبول. وقد أخرج الدارقطني من حديث عائشة: أهدى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أرنب وأنا نائمة فخبأ لي منها العجز فلما قمت أطعمني.
وهذا لو صح لأشعر بأنه أكل منها لكن سنده ضعيف ووقع في "الهداية" للحنفية أن النبي صلى الله عليه وسلم أكل من الأرنب حين أهدى إليه مشويا وأمر أصحابه بالأكل منه وكأنه تلقاه من حديثين فأوله من حديث الباب وقد ظهر ما فيه والآخر من حديث أخرجه النسائي من طريق موسى بن طلحة عن أبي هريرة جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم بأرنب قد شواها فوضعها بين يديه فأمسك وأمر أصحابه أن يأكلوا.
ورجاله ثقات الا أنه اختلف فيه على موسى بن طلحة اختلافا كثيرا ، وفي الحديث جواز أكل الأرنب وهو قول العلماء كافة الا ما جاء في كراهتها عن عبد الله بن عمر ( كذا ، ولعلها عمرو ) من الصحابة وعن عكرمة من التابعين وعن محمد بن أبي ليلى من الفقهاء واحتج بحديث خزيمة بن جزء قلت: يا رسول الله، ما تقول في الأرنب ؟ قال : لا آكله ولا أحرمه . قلت : فإني أكل ما لا تحرمه ولم يا رسول الله ؟ قال : نبئت أنها تدمى. وسنده ضعيف ، ولو صح لم يكن فيه دلالة على الكراهة كما سيأتي تقريره في الباب الذي بعده، وله شاهد عن عبد الله بن عمرو بلفظ: جيء بها إلى النبي صلى الله عليه وسلم فلم يأكلها ولم ينه عنها زعم أنها تحيض أخرجه أبو داود، وله شاهد عن عمر عند إسحاق بن راهويه في مسنده وحكى الرافعي عن أبي حنيفة أنه حرمها وغلطه النووي في النقل عن أبي حنيفة ... إلخ .
وجاء في الموسوعة الفقهية 5 / 134 :
" الأرنب حلال أكلها عند الجمهور ، وقد صح عن أنس أنه قال : ... وذكروا الحديث المتقدم ... ، وعن محمد بن صفوان (أو صفوان بن محمد) أنه قال : (صدت أرنبين فذبحتهما بمروة , فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمرني بأكلهما) ، ثم إنها من الحيوان المستطاب , وليست ذات ناب تفترس به , ولم يرد نص بتحريمها , .. وقد أكلها سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه ورخص فيها أبو سعيد الخدري وعطاء وابن المسيب والليث وأبو ثور وابن المنذر ". أهـ