ظفر بهفوةٍ من خصمه أثناء (الحوار) عذرًا (المراء) فعدّها انتصارًا وطار بها وله ضجيجٌ وعجيج، مدّعيًا أنّ الله أظهره عليه وحكم له بالفَلَج على خصمه الذي أتاني يشرح ما حدث، فقلتُ له:
أوقف نقاشك إذا رأيت خصمك يبحث عن عثرتك؛ فإنّه لا فائدة من نقاشه، وهذا دليلٌ على أنّ خصمك لا يبحث عن الحقّ وإنّما يريد الانتصار لنفسه، قال ابن حزم رحمه الله عن أمثالهم: (فهذه أفعال الأرذال الذين لا يفلحون في العلم أبدا)¹
أوقف نقاشك فخصمك لئيم الظفر، دنيء التمكّن، نذل الانتصار لو ظفر بزلّتك، فهو لا يبحث إلّا عن الغلبة ليصرف بها وجوه الناس إليه، ورحم الله ابن الجوزي فقد قال: (أيذهب زمانكم يا فقهاء في الجدل والصياح؟ وترتفع أصواتكم عند اجتماع العوام تقصدون المغالبة؟ ثمّ ذكر حديث: من طلب العلم ليباهي به العلماء ...)²
أوقف نقاشك ولو دفعك هواك لجداله، فبيتٌ في ربض الجنّة خيرٌ من الدنيا وما فيها.
أوقف نقاشك وكما قال مطرف: لا تطعم طعامك من لا يشتهيه، قال ابن قتيبة رحمه الله: أي لا تُقْبِل بحديثك على من لا يقبل عليك بوجهه.³
أخوكم: ماهر مصطفى.
ـــــــــــــــ ـــــ
1.الأخلاق والسير، ابن حزم، ص193.
2.صيد الخاطر، ابن الجوزي، ص385، وقد ذكرها ابن مفلح رحمه الله لشدّة جمالها وأثرها في القلب كاملة ولم يزد عليها واكتفى بها في كتابه: الآداب الشرعيّة، ج2/ص100، والحديث صححه الألباني رحمه الله في صحيح الجامع (5930).
3.عيون الأخبار، ابن قتيبة، ج1/ ص346.