تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 20 من 27

الموضوع: إشكال في باب القدر؟

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Dec 2014
    المشاركات
    145

    Question إشكال في باب القدر؟

    بسم الله الرحمن الرحيم

    استمعت إلى درسين اثنين في باب القدر للشيخ د. سلطان العميري (حفظه الله) ، الدرس 32 - والدرس33 من شرحه على العقيدة الواسطية، وعندي إشكال أريد من الأحباب الكرام الإجابة عنه، ولكن قبل ذلك أريد أن ألخص ما أريد السؤال عنه، فأقول:
    ذكر الشيخ أن هناك أصلين ضروريين يقينيين لا بد من الأخذ بهما معًا، فالقول الذي يجمع بينهما هو القول الحق والصواب، والذي يُهمل أحدهما فهو خطأ، والأصلان هما:
    - الأصل الأول: خلْق الله (سبحانه وتعالى) لكل شيء، ومشيئته الشاملة المستوعبة لكل الموجودات، وهذا الأصل ضروري يقيني، دلت عليه الضرورة العقلية والنقلية،
    أمّا الضرورة العقلية: فهي الأدلة التي دلت على أن كل موجود في هذا الكون مفتقر إلى خالق، وأفعال العباد جزء من هذا الكون، إذن فهي فهي مفتقرة إلى الخالق (سبحانه وتعالى) ، فلا يمكن أن تخرج عن قدرته ومشيئته وإرادته.
    وأما الضرورة الشرعية: فهي النصوص الشرعية الكثيرة التي دلت أن الله على كل شيء قدير.

    - الأصل الثاني: أن الإنسان مختار في أفعاله وأن له قدرة وإرادة يُقرر بها ما يفعل وما لا يفعل، وهو أصل ضروري يقيني، دلّ عليه دليلان: فطري وشرعي،
    أما الفطري: فهو أن كل إنسان يُفرق بين الأفعال التي يفعلها باختياره وبين الأفعال التي يفعلها بغير اختياره.
    وأما الشرعي: فهي النصوص الشرعية الكثيرة التي تنسب أفعال العباد إليهم.
    فأهل السنة والجماعة جمعوا بين هذين الأصلين وأخذوا بهما معًا عبر ثلاثة أصول وجودية، والمرد بالأصول الوجودية: هي الأصول والمعاني التي تتعلق بطبيعة الوجود.
    1- استحالة حدوث مقدور من قادرين من جهة واحدة، ومعنى هذا الأصل: أن التأثير في الحوادث الموجودة يجب أن تتحد جهته، فلا يصح عقلا ووجودا أن يؤثر في الحوادث مؤثرين من جهة واحدة.
    2 - أن حدوث المقدور معنى متعدد الجهات، ومعنى هذا الأصل: أن الحدوث الذي هو الانتقال من العدم إلى الوجود ليس جهة واحدة، وإنما هو حقيقة مركبة من عدد من الجهات، وبناء عليه يُمكن أن يُنظر إليه من عدد من الجهات، ويمكن أن يؤصل لهذا الأصل الوجودي بأن يُقال: إن الوجود من حيث وجود يتعذر فيه التوحد في الصفات، ومعنى هذا الكلام أنه يستحيل أن يوجد موجود له صفة واحدة، ما من موجود إلا وله صفتين وأكثر، ومعنى ذلك: أي أنه ما من موجود إلا وله جهتين فأكثر، بناء على تعدد الصفات، لماذا ما من موجود إلا له صفتين فأكثر؟، هذا قائم على معنى آخر وهو أنه ما من موجود إلا وهو يشترك مع غيره في شيء، وينفرد عنه بشيء، إذ لو لم ينفصل عنها بشيء لما كان غيرها، فتحقق الغيرية يستلزم بالضرورة وجود وصف خاص، وبناء عليه ما من موجود إلا وله جهتين فأكثر، وهذا الكلام مبني على أصل وجودي آخر وهو استحالة وجود الكليات في الخارج، الكليات مثلًا: الوجود من حيث هو وجود، أو الإنسانية من حيث هي إنسانية، أو الكرم من هو كرم، لا توجد في الخارج كلية، وإنما توجد في الخارج جزئية، ومعنى هذا الكلام أنه لا يوجد في الخارج شيء يسمى كرم أو إنسانية هكذا، وإنما هي تتمثل في الجزئيات، وتمثلها في الجزئيات يكون باعتبار كل جزء وما يناسبه، فوجود الكليات في الخارج أمر مستحيل، ولا يوجد في الخارج إلا الجزئيات، وبناء على هذا الأصل فلا يوجد في الخارج وجود من حيث هو وجود تشترك فيه كل الأشياء الموجودة، وإنما الأمر المتحقق في الخارج وجود خاص، فالوجود الذي تحقق لي غير الذي تحقق لغيري، فلكلٍّ وجوده الذي يخصه، فلا تشترك في شيء موجود ، وإنما تشترك في معنى كلي موجود في الذهن لا في الخارج، وبناء عليه فلا يوجد شيء يسمى وجودا هكذا بإطلاق في الخارج، بناء على هذا الأصل ما من موجود إلا وتتعدد جهاته، ولا يوجد شيء محقق في الخارج مشترك بين كل الموجودات، وبناء على هذا الأصل ننتهي إلى النتيجة إلى أنه ما من موجود إلا وله جهات متعددة، جهات يشترك بها مع غيره، وجهات ينفصل بها عن غيره، وهذا الأصل هو الأصل الذي انفصل أهل السنة والجماعة عن غيرهم في باب أفعال العباد.
    3 - أن فعل العبد يمكن أن يقع بقدرتين؛ لأن فعل العبد فرد من أفراد الموجودات، وتقرر معنا أن أفراد الموجودات متعددة الجهات، إذن فعل العبد متعدد الجهات، إذن يمكن أن تؤثر فيه قدرتين، فجنس تأثير قدرة الله تعالى في فعل العبد ليس من جنس تأثير قدرة العبد في فعله، فتأثير قدرة الله في فعل العبد داخل في معنى الخلق والإيجاد من العدم، وتأثير قدرة العبد في فعله داخل في معنى تأثير وعلاقة السبب بمسببه.
    ثم ذكر الشيخ في آخر الدرس بعد أن بيّن مذاهب المخالفين في أفعال العباد، وأنهم فارقوا أهل السنة أهل السنة والجماعة في الأصل الوجود الثاني، علل ذلك بأن الأصل الذي بنى عليه المخالفون هو قولهم بوجود الكليات في الخارج، فقال: أنهم يقولون أن هناك معنى واحد تشترك فيه كل الموجودات لا تفاضل فيه ولا نقص ولا زيادة ، وبناء عليه القدرة على موجود لابد أن يكون من جهة واحدة؛ لأنه معنى واحد، وأيضا القدرة على أي موجود معناه القدرة على أي موجود آخر.
    الإشكال عندي: عدم فهم ما يتعلق الأصل الوجودي الثاني، ومسألة وجود الكليات في الخارج، فلو يتكرم الإخوة بالتوضيح،
    وجزاكم الله خيرًا

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,804

    افتراضي

    لو وضعت رابطا لكلام الشيخ ، جزاكم الله خيرا .

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Dec 2014
    المشاركات
    145

    افتراضي

    الكلام الذي ذُكر قمت بتفريغه من درسي الشيخ على شرحه للواسطية المذكور في الموضوع، فقمت بتجميع كلامه في بيان مذهب أهل السنة والجماعة في أفعال العباد؛ لأن الشيخ وضح بيان مذهبهم في الدرسين ثم انتقل إلى مذاهب المخالفين

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Dec 2014
    المشاركات
    145

    افتراضي

    هذا رابط الدرس 32 على اليوتيوب ، وتجد الدرس 33 في القناة

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Dec 2014
    المشاركات
    145

    افتراضي

    لو يتكرم الإخوة بالإفادة والتوضيح والبيان.
    جزاكم الله خيرا

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Jul 2016
    المشاركات
    1,348

    افتراضي

    علل ذلك بأن الأصل الذي بنى عليه المخالفون هو قولهم بوجود الكليات في الخارج، فقال: أنهم يقولون أن هناك معنى واحد تشترك فيه كل الموجودات لا تفاضل فيه ولا نقص ولا زيادة ، وبناء عليه القدرة على موجود لابد أن يكون من جهة واحدة؛ لأنه معنى واحد، وأيضا القدرة على أي موجود معناه القدرة على أي موجود آخر.
    يقصد أن القدرة لا تتعدد فلا بد أن تكون لها جهة واحدة أي من حيث التأثير اما قدرة الرب أو قدرة العبد
    فالمعتزلة أثبتوا قدرة العبد ونفوا أن يكون الله قادرا على مقدور العبد , فالقدرنان منفصلتان
    فاذا أراد الله مثلا أن يحرك شيئا و وأراد العبد عدم تحريكه ,فلو اجتمع المقدوران لكان الجسم متحركا وساكنا في آن واحد وهذا محال
    فلا يمكن اذا أن يكون مقدور العبد هو مقدورا للرب
    وعاكسهم الجبرية فأثبتوا قدرة الرب ونفوا قدرة العبد , وقالوا باستحالة اجتماع القدرتين على الشيء الواحد وسلبوا من العبد كل ارادة وقدرة
    وهذا معنى قوله (القدرة على الموجود لا بد أن يكون من جهة واحدة )
    فاما قدرة الرب واما قدرة العبد ولا يمكن أن يجتمعا
    لكن مذهب السلف هو المذهب الحق الوسط , فقد أثبتوا ما نفته كل طائفة , وأقروا بما أثبتته كل واحدة منهما
    فاذا أراد الله تحريك ذلك الشيء جعل الله بقدرته العبد مريدا لذلك التحريك شائيا له
    واذا أراد أن يسكنه جعله مريدا لذلك قادرا بفعله على ما قدره الله تعالى
    فأثبتوا لله المشيئة المطلقة التي ليس لها حد , وعلموا أن الله هو خالق كل شيء , وخالق كل مخلوق وما يفعله وما يريده
    وأثبتوا للعبد مشيئة , خلقها الله بقدرته وصيرها فيه بارادته
    وهذه المشيئة لا تكون الا بعد مشيئة الله تعالى
    (لمن شاء منكم أن يستقيم
    وما تشاؤون الا أن يشاء الله رب العالمين )
    فهذا استثناء مفرغ من عموم الأحوال , فلا يمكن بحال من الأحوال أن تقع مشيئة العبد الا بمشيئة الله رب كل شيء
    فالله تعالى خلق للعبد القدرة على الفعل وعلى الترك
    وجعل له ارادة بشعر بها في نفسه , وهي مناط التكليف وبها يقوم الحساب والعقاب والجزاء


  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Dec 2014
    المشاركات
    145

    افتراضي

    جزاك الله خيرًا أخي أحمد على التوضيح،
    لكن ما علاقة ما ذُكر بالقول بوجود الكليات في الخارج؟

    وما معنى قول الشيخ:
    (ما من موجود إلا وهو يشترك مع غيره في شيء، وينفرد عنه بشيء، إذ لو لم ينفصل عنها بشيء لما كان غيرها، فتحقق الغيرية يستلزم بالضرورة وجود وصف خاص؟)
    ...
    ومعنى قوله: (ولا يوجد شيء محقق في الخارج مشترك بين كل الموجودات)؟
    بارك الله فيك

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,804

    افتراضي

    بمعنى أن الموجودات قد تشترك في بعض الصفات وتفترق في أخرى ، إذ لو لم تكن هناك صفات تميزه عن غيره لما انفصل كل عن الآخر ولصارا واحدا ، وهذا يدل على الغيرية - أي كل واحد غير الآخر - وهذا يستلزم بالضرورة أيضا وجود وصف خاص بكل واحد منهم .
    وكذلك لا يوجد شيء يشترك بين جميع الموجودات ؛ إذ هذا ينافي الغيرية ؛ لأن الموجودات في الخارج لا يشارك أحدها الأخر في شيء موجود فيه، بل كل موجود متميز عن غيره بذاته وصفاته وأفعاله.
    فإنه ما من موجودين إلا وبينهما اتفاق من وجه واختلاف من وجه آخر.

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Dec 2014
    المشاركات
    145

    افتراضي

    جزاك الله خيرا أبا مالك،
    ولعل الإخوة يتحفوننا بمزيد فائدة في الموضوع.

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Jul 2016
    المشاركات
    1,348

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عمر محمد الشاعر مشاهدة المشاركة
    جزاك الله خيرًا أخي أحمد على التوضيح،
    لكن ما علاقة ما ذُكر بالقول بوجود الكليات في الخارج؟

    وما معنى قول الشيخ:
    (ما من موجود إلا وهو يشترك مع غيره في شيء، وينفرد عنه بشيء، إذ لو لم ينفصل عنها بشيء لما كان غيرها، فتحقق الغيرية يستلزم بالضرورة وجود وصف خاص؟)
    ...
    ومعنى قوله: (ولا يوجد شيء محقق في الخارج مشترك بين كل الموجودات)؟
    بارك الله فيك
    بارك الله فيك , هذا المسلك المتبع في الاستدلال هنا لا يتماشى مع مذهب المبتدعة
    و مسألة اثبات الكليات في الخارج مجردة عن الأعيان هي من كلام الفلاسفة أفلاطون وأتباعه كابن سينا والفارابي
    وقصدوا بها نفي الصفات عن الله تعالى , فالكليات لا توجد الا في الذهن

    أما اذا وجدت في الخارج فانها توجد بأوصاف مختلفة غير متحدة
    فاذا نظرنا الى صفة السمع أو البصر ككلية في الذهن فانها صفة مشتركة في جميع الأحياء
    أما وجودها في الواقع -أي خارج الذهن - فيختلف حسب الأعيان المتصفة بها
    فليس بصر الحيوان كبصر الانسان
    فالصفة تختلف حسب الموصوف بها
    وكذلك الوجود المطلق فانه لا يوجد الا في الذهن , أما في الخارج فانه يوجد مقيدا بصفاته المميزة له عن غيره
    فاذا قيل (انسان مطلق بشرط الاطلاق ) حيث تنتفي عنه كل صفة , فهذا لا يوجد الا في الذهن
    أما في الحقيقة -الخارج - فانه يوجد موصوفا مقيدا , منفصلا بصفاته عن موجود آخر ولولا وجود هاته الصفات فيه لما سميناه انسانا ,
    فاثبات قدرة واحدة يشترك فيها كل الأحياء لا توجد هذه الكلية الا في الأذهان
    أما في الخارج فالقدرة تختلف وتنفصل حسب المتصف بها
    وبهذا الأصل يبطل مذهب من نفى تعدد جهات القدرة وأثبت لها جهة واحدة
    فاما أن يكون وجودها من جهة الرب كما يقوله الجبرية وينفونها عن المكلف
    واما من جهة العبد كما تقول المعتزلة وينفونها عن الخالق
    وكلا المذهبين بين البطلان لنفيهم تعدد جهات التأثير واثباتهم لكلية واحدة



  11. #11
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عمر محمد الشاعر مشاهدة المشاركة
    بسم الله الرحمن الرحيم

    فجنس تأثير قدرة الله تعالى في فعل العبد ليس من جنس تأثير قدرة العبد في فعله، فتأثير قدرة الله في فعل العبد داخل في معنى الخلق والإيجاد من العدم، وتأثير قدرة العبد في فعله داخل في معنى تأثير وعلاقة السبب بمسببه.
    -يقول الشيخ صالح ال الشيخ---معنى خلق الله جل وعلا لفعل العبد، وتحقيق مذهب أهل السنة والجماعة في ذلك.
    قلنا: إن الإنسان عمله من خير أو شر يضاف إليه حقيقة، فهو الذي عمل الخير حقيقة وهو الذي عمل الشر حقيقة، ومع ذلك لا يقال: إنه خلق فعله. بل هو عمله ويضاف إليه لأنه كسبه وعمله، وأما خلق الفعل فالله جل وعلا هو الذي خلق سبحانه وتعالى.
    وبيان ذلك في الفرق ما بين أهل السنة والجماعة وما بين مذهب القدرية أو المعتزلة وأشباه هؤلاء أن العبد كسب العمل وعمل العمل حقيقة؛ لأن ذلك العمل نتج عن شيئين فيه من الصفات لا يمكن له أن يحدث العمل إلا بوجود هاتين الصفتين:
    الصّفة الأولى: هي صفة القدرة التامة.
    والصّفة الثانية: هي الإرادة الجازمة.
    فإذا كان عند العبد قدرة تامة وإرادة جازمة حصل له الفعل، توجهت قدرته التامة يعني ليس بعاجز وإرادته الجازمة يعني ليس بمتردد، توجه للشيء فعمله، فيكون الفعل حدث بقدرة العبد وبإرادته بقدرته التامة وبإرادته الجازمة، فالذي تكون قدرته ناقصة لا يُحْدث الفعل والذي تكون إرادته مترددة لا يحدث الفعل.
    يعني مثلا الإتيان إلى المسجد للصلاة شخص ما يستطيع أن يأتي إما لمرض أو لغير ذلك فهذا ربما عنده إرادة لكن ليس عنده قدرة، ولذلك لا يحصل منه الفعل العمل الكسب وهو إتيان المسجد، آخر عنده قدرة تامة ولكن ليس عنده إرادة البتة ليس عنده إرادة لإتيان المسجد فلا يمكن بالقدرة أن يحدث بالإتيان، وقد يكون عنده إرادة لكن عنده تردد ما جزم على الإتيان فلا تتحرك جوارحه وآلاته؛ لأن إرادته ليست جازمة.
    فإذن العمل -فعل العبد- عند أهل السنة والجماعة لا يمكن أن يحدث إلا بقدرة تامة وإرادة جازمة، وقدرة العبد صفة من صفاته لم يُقدر هو نفسه باتفاق الناس، وإرادة العبد صفة من صفاته لم يُحدث إرادة نفسه ويختار الإرادة يعني أن يكون مريدا لنفسه، وإنما الله جل وعلا هو الذي خلق فيه القدرة وآلات القدرة وخلق فيه الإرادة وله الإرادة ومقتضيات الإرادة.
    فإذن ما نتج عن خلق الله جل وعلا في الأمرين فهو مخلوق لله جل وعلا، ففعل العبد نتج عن الإرادة والقدرة وهما مخلوقان، فنتج شيء عن خلق الله جل وعلا، فإذن هو مخلوق لله جل وعلا؛ لأن الله سبحانه وتعالى جعل العمل نتيجة للقدرة والإرادة.
    مثل النبات: أنزل الله جل وعلا من السماء ماء فأنبت به أزواجا من نبات شتى، الماء نزل، الأرض موجودة، بالماء بسبب الماء وبسبب الأرض خرج النبات، فهل يقال: إن النبات خلقه الماء والأرض؟ ليس كذلك باتفاق المسلمين، باتفاق الناس، لم؟ لأنه نتيجة لنزول الماء الذي هو مخلوق باتفاق القدرية وأهل السنة، ونتيجة لنزول الماء على الأرض والتراب، والتراب والأرض مخلوق باتفاق أهل السنة والجماعة والقدرية والناس جميعا، فإذا كان كذلك كان ما ينتج عنهما وهو النبات مخلوق؛ لأنه نتج عن شيئين اجتمعا الماء والتراب، وما نتج عن مخلوقين فإذن له نفس الحكم. ----- ويقول ايضا الشيخ صالح ال الشيخ
    لاتحصل النتيجة بفعل العبد وحده؛ بل لابد من إعانة من الله جل وعلا
    ----: لأن الله جل وعلا قال ﴿وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ﴾ يعني حين رميت فإن الله جل وعلا هو الذي رمى، وظاهر الآية كما هو واضح أنه أثبت للنبي r رمية فقال ﴿إِذْ رَمَيْتَ﴾، ونفى عنه رميا بقوله ﴿وَمَا رَمَيْتَ﴾، والنظر الصحيح يدلّ على أنه لا بد من الجمع ما بين الرمي المنفي والرمي المثبت، وهذا يتضح بأن العبد إذا فعل الفعل فإن الفعل الذي يفعله سبب في حدوث المسبَّب، ولا يحصل المسبب لا تحصل النتيجة بفعل العبد وحده في أكثر أو في جل المسائل؛ بل لابد من إعانة من الله جل وعلا، وهذا ظاهر في الرمي بخصوصه؛ لأن الرمي عن بعد له ابتداء وله انتهاء، فابتداء الرمي من النبي عليه الصلاة والسلام لكن الانتهاء بأن يصيب رمي النبل أو رمي الحصاة أن يصيب فلانا المشرك ويموت منه هذا من الله جل وعلا؛ لأن العبد ما يملك أن تكون رميته ماضية فتصيب، ولهذا فيكون العبد هنا متخلصا مِن رؤيته لنفسه ومِن حَوْلِه وقوته مع فعله، فأراد جل وعلا أن يعلم نبيّه والمؤمنين أن يتخلصوا من إعجابهم ورؤيتهم لأفعالهم وأنفسهم، فقال: افعلوا ولكن الذي يمكن عليكم ويسدد رميكم هو الله جل جلاله.
    فيكون إذن معناه أصاب فيما أعان على التسديد.
    الجواب الثاني: أنه لو قيل على قول الجبرية: إن الله هو الذي يفعل الأشياء. لكان تقدير الآية كما قاله جماعة أن يقال في كل فعل فعله العبد: ما فعله ولكن الله فعله. كأن تقول: ما صليت إذ صليت ولكن الله صلى، وما زكيت إذ زكيت ولكن الله زكى، وما مشيت إذ مشيت ولكن الله مشى. وهكذا في الأعمال القبيحة المشينة التي يُنزه الله جل وعلا عنها بالإجماع قول القائل -أعوذ بالله - وما سرقت إذ سرقت ولكن الله سرق، وما زنيت إذ زنيت ولكن الله... إلى آخره، تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا.
    والقول إذا كان يلزم منه اللازم الباطل يدل على فساده وعدم اعتباره؛ لأن القول الحقيق القول الصحيح القول الحق لا يلزم منه لوازم باطلة، والقول الباطل هو الذي ينشأ عنه لوازم باطلة ما الفرق بين هذه وهذه.
    الفرقة الثانية من الجبرية هم الجبرية المتوسطة: والجبرية المتوسطة أو يعني الذين هم ليسوا بالغلاة، هم الذين يتوسطون، فيقولون: العبد مجبور باطنا لكنه في الظاهر مختار؛ يعني ظاهرا هو يختار يمشي ويروح ويأتي للمسجد ويذهب إلى المكان الثاني باختياره؛ لكنه في الباطن مجبر، وهذا قول كثير من أهل الكلام والأشاعرة والماتريدية وجماعة ممن ينحون هذا المنحى بأن الإنسان مجبور لكنه في الظاهر ليس بمجبور.
    فإذا كان كذلك فإنهم يجعلون أفعال الإنسان له ولكنها عديمة الفائدة، لا معنى لها، هؤلاء هم الذين يقال عنهم نفاة الأسباب؛ يعني يقولون إن الإنسان جامع زوجته فحملت، يقولون لم يحدث الحمل بالجماع، إذن كيف حدث الحمل؟ يقولون: أحدث الله الحمل عند التقاء الرجل بالمرأة؛ لكن ماء الرجل يلتقي بماء المرأة أو ببويضة المرأة ويحدث منهما حمل بما أجرى الله الأسباب عليه فينفون ذلك، ويطردون هذا في كل شيء فيقولون فعل الإنسان فيما يفعله كحركة السّكين في قطعها للورق أو قطعها للخبز أو قطعها لما تقطع، فيقولون بالتمثيل إن الله هو الذي كأنه يحمل السكين والسكين تتحرك هي التي تقطع؛ لكن في الواقع هي مجبورة على القطع وإن كانت ظاهرا تتحرك وقطعت.
    وهذا القول وهو قول هؤلاء مع زعمهم أنهم عقلاء أنهم متكلمون وأنهم فلاسفة إلى آخره، هؤلاء قولهم هذا ينفيه العقل البسيط، فضلا عن العقل الرصين، -----------[شرح الطحاوية]

  12. #12
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي

    ويقول الشيخ صالح ال الشيخ----(وَأَفْعَالُ الْعِبَادِ خَلْقُ اللَّهِ، وَكَسْبٌ مِنَ الْعِبَادِ) يريد أن فعل العبد ليس مخلوقا له -بل الله جل وعلا هو الذي خلق فعل العبد،- وهذا يعني أن العبد يفعل ولا ينفى عنه الفعل؛ بل هو يفعل ويعمل، وأفعاله منه صدرت، وهو الذي فعلها وهو الذي اختارها، وهو الذي أنتجها بإرادته وقدرته، وأما نتيجة الفعل؛ يعني مع اجتماع الأسباب والقدرة والإرادة إلى آخره، فالله جل وعلا هو الذي خلق الفعل، وهذا يخالف مذهب القدرية الذين يقولون إن العبد يخلق فعل نفسه.
    وقوله (خَلْقُ اللَّهِ، وَكَسْبٌ مِنَ الْعِبَادِ) يعني فعل وعمل من العباد، فالعبد ينسب إليه الفعل ولا ينسب إليه خلق الفعل، وهو يفعل حقيقة، والله جل وعلا هو الخالق في فعله، ودليل ذلك لأهل السنة والجماعة قول الله جل وعلا ﴿اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ﴾[الزمر:62]، وقال ﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ﴾[البقرة:286]، وقال جل وعلا ﴿وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ﴾[البقرة:281].
    فإذن إثبات عمل العبد وكسب العبد وأنه هو الذي حصّل الفعل هذا واضح، وكذلك إثبات أن الله جل وعلا خلق كل شيء، هذا دليل هذه المسألة.
    ونذكر عدة مسائل تفصيلية:
    المسألة الأولى: خلْق الله جل وعلا لأفعال العباد اختلف الناس فيه على أقوال ثلاثة:
    القول الأول: هو قول أهل الحق والهدى هو أن الله جل وعلا خلق العبد وخلق عمله أيضا، أعمال العبد من الخير والشر من الحسنات والسيئات هي خلق من الله جل وعلا؛ لأنه لا يحدث في ملك الله شيء إلا وهو خالقه سبحانه وتعالى.
    القول الثاني: قول المعتزلة بأن الله جل وعلا لا يخلق فعل المكلفين أما غير المكلف فهو خالق كل شيء أما فعل المكلف فلا يخلقه سبحانه وتعالى؛ بل العبد هو الذي يخلق فعل نفسه، ويستدلون لذلك بأدلة عقلية واضحة على مذهبهم، وأدلة نقلية محتملة، أما الأدلة العقلية فهم يقولون: إن الله لا يوصف بأن الله يخلق فعل العبد لسببين:
    الأول: أن فعل العبد فيه الأشياء المشينة فيه الكفر وفيه الزنا وفيه السرقة وفيه القتل وفيه إلى آخره، ولو قيل أن أهل هو الذي يخلق هذه الأشياء لصار نسبة للأشياء السيئة إلى الله وهو منزه عنها.
    والسبب الثاني: أن خلق الفعل من الله يقتضي التفريق بين المكلفين، هذا خلق فعل طاعته فأدخله الجنة، وهذا خلق فعل معصيته فأدخله النار، وهذا ظلم لأنه لم يساوي بينهم في خلقه وفعله.
    والمذهب الثالث: قول الجبرية بأن العبد لا يخلق فعل نفسه، بل الله يخلق فعله وهو ليس له فعل حقيقة، وليس له تصرف حقيقة، ولا كسب حقيقة، وإنما هذه أمور مجازية، وهو فعل العبد وفي الحقيقة فعل الله جل وعلا لكن أضيف للعبد اقترانا ولم يضف إليه حقيقة، وأخرجوا لفظ الكسب كما سيأتي وعللوا به.
    المسألة الثانية: قول أهل السنة إن العبد فعله مخلوق لله جل وعلا استدلوا له بأدلة نقلية وبأدلة عقلية:
    أما الأدلة النقلية فقوله تعالى ﴿اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ﴾[الرعد:16، الزمر:62] وهذا عموم؛ لأن كلمة ﴿كُلِّ﴾ في الأصول من الألفاظ الظاهرة في العموم، وهي في عموم كل شيء بحسبه، فهنا لم يدخل في ذلك وصف الله جل وعلا صفات الرب سبحانه وتعالى، يعني الله جل وعلا وذاته وصفاته لن تدخل لأنه سبحانه ليس بمخلوق بذاته وصفاته وأفعاله جل جلاله؛ لأن المخلوق حادث والله جل وعلا متنزه عن أن يكون حادثا بل هو جل وعلا هو الأول والآخر والظاهر والباطن.
    ويستدل أيضا له بقوله تعالى بقصة إبراهيم ﴿وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ﴾[الجاثية:96]، الى ان قال---------أما الدليل العقلي فهو أن الفعل لا يكون مثل ما ذكرنا إلا بقدرة وإرادة، وقدرة العبد لم يخلقها هو وإنما خلقها الله، والإرادة نفسها وجودها في العبد لم يخلقها هو وإنما خلقها الله، ثم الثالث وهو مشيئة الله، هذه الثلاث يحصل بها الفعل والأول والثاني مخلوقة لله جل وعلا والثالث هو فعل الله جل وعلا مشيئته صفته سبحانه وتعالى.
    فإذن ما ينتج عنها فإذن يكون مخلوقا، فإذا كان عمل حصل بقدرة وإرادة، القدرة مخلوقة والإرادة مخلوقة فإذن العمل مخلوق، وهذا استدلال عقلي صحيح وهو موافق للأدلة ------------ويقول الشيخ صالح فى موضع اخر-------------------------------------------------------------القدرة في نفسها -قدرة العبد على الفعل- هل هو الذي أوجبها في نفسه أم الله الذي خلقها فيه؟ الله جل وعلا الذي خلقها فيه.
    الإرادة الجازمة للفعل، توجه العبد للفعل هذا اختيار منه أم هو مفروض عليه؟ هو اختيار منه.
    ولذلك جاءت الجبرية وقالت: القدرة منفية لا قدرة له. والإرادة هو مرغم على أن يريد. والمشيئة العبد خضع للمشيئة فعمل ما يريده الرب.
    فإذن الفعل كله فعل الرب جل وعلا بلا اختيار فصار فعل العبد بعد أن حدث كحركات الأشجار والورقة في الماء والريشة في مهب الريح إلى آخره.
    جاءت القدرية في المقابل وقالت: القدرة في يد العبد. والإرادة عنده هو. ولا علاقة لفعل الله جل وعلا؛ بل العبد هو الذي يقدر، فالقدرة خلقه هو الذي خلق الفعل بقدرته، والإرادة توجهت إليه، والقدرة والإرادة يستوي الناس فيها.
    فهذا خلق أفعال الطاعات وهذا خلق أفعال المعاصي، فنفوا الجزء الثاني.
    أما أهل السنة والجماعة فنظروا إلى الأدلة فوجدوا فيها الثلاثة جميعا فأثبتوها.
    فأهل السنة والجماعة ووسط في المذاهب﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا﴾[البقرة:143]، وسط في الملل ووسط في المذاهب قالوا: الفعل لا يوجد إلا بهذه الثلاثة أشياء. [شرح الطحاوية]

  13. #13
    تاريخ التسجيل
    Dec 2014
    المشاركات
    145

    افتراضي

    بارك الله فيكم جميعًا،
    الإخوة الأفاضل أحمد ومحمد وأبو مالك،
    كتب الله أجركم، ونفع بكم.

  14. #14
    تاريخ التسجيل
    Nov 2010
    الدولة
    المغرب/الدار البيضاء
    المشاركات
    1,504

    افتراضي

    اظن ان العقيدة سهلة لا تحتاج الى كل هذه المتاهات التي لا ينتفع بها البليد, ولا يحتاج إليها الذكي و خير دليل علي ضررها أنه كلما تعمقت فيها زدت شكا
    و عقيدة السلف سهلة يفهمها الامي و العالم و الصبي و كل كلام تحتاج لقاموس الفلاسفة لفهمه فلا خير فيه
    اللهم ارحم والدي كما ربياني صغيرا، رب اغفر لي ولوالدي و للمومنين يوم يقوم الحساب

  15. #15
    تاريخ التسجيل
    Jul 2016
    المشاركات
    1,348

    افتراضي

    نعم طريقة السلف هي الأسلم والأحكم
    لكن لما أظهر المبتدعة أقوالا لم تكن في عهد السلف وأقاموا عليها أدلة وأوردوا عليها الشبهات , احتاج الأئمة الى بيان باطلهم بالاستدلال العقلي الذي يلزمهم الحجة , أو ببيان ضعف استنباطهم الذي فهموه من النصوص الصحيحة
    وهذا ما وقع للامام أحمد في مناظراته حين كان مسجونا أمام أئمة المعتزلة حول مدهبهم في خلق القرآن
    فمثلا يوردون هنا شبهة في باب القدر , أن الله تعالى هو الذي خلق العبد وهو الذي خلق فعله وعمله
    فاذا كان الأمر كذلك , فلم يعذبه على عمل هو سبحاته أراده وقدره عليه قبل أن يخلقه ؟
    فمثل هاته الشبه هي التي كان شيخ الاسلام يجتهد ويرد ويدحض ويفحم كل من تعلق بها




  16. #16
    تاريخ التسجيل
    Dec 2014
    المشاركات
    145

    افتراضي

    نفع الله بكم ، ولا حرمكم الأجر

  17. #17
    تاريخ التسجيل
    Jul 2016
    المشاركات
    1,348

    افتراضي

    و وفقكم الله الى كل خير

  18. #18

    افتراضي

    اعتقد أن هذه الإجابة الموافقة :اظن ان العقيدة سهلة لا تحتاج الى كل هذه المتاهات التي لا ينتفع بها البليد, ولا يحتاج إليها الذكي و خير دليل علي ضررها أنه كلما تعمقت فيها زدت شكا (وهي من الإجابات السابقة )

  19. #19
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي

    كلام مهم فى القَدَر -لكى لا ينفى القدْر الواجب فى تعلم القَدَر---------------------يقول الشيخ صالح ال الشيخ على كلام الطحاوى رحمه الله-- أن القدر سرّ الله تعالى وغيبه الذي لم يطلع عليه ملك مقرب ولا نبي مرسل، ولهذا أمر نبيُّنا ( بأنه إذا ذُكر القدر أمسكنا فقال عليه الصلاة والسلام «وإذا ذكر القدر فأمسكوا» يعني أمسكوا عن الخوض فيه بما لم توقفوا فيه على علم.
    فعلم القدر نوعان:
    * علم في الخلق موجود.
    * وعلم في الخلق مفقود.

    فإذن نقول: إن الطحاوي رحمه الله أراد أن علم القدر العلم به على نوعين:
    علم في الخلق موجود: وهو ما علمنا الله جل وعلا إياه في كتابه وما علمنا رسوله (، وهذا كما قال (فَإِنْكَارُ الْعِلْمِ الْمَوْجُودِ كُفْرٌ) إذا تبين أنه من عند الله جل وعلا وليس ثم شبهة ولا تأويل فإنّ إنكار العلم الموجود كفر؛ لأنه تكذيب لله جل وعلا ولرسوله (.
    والعلم الموجود في القَدَر مما رأيت مما جاء في الكتاب والسنة يعلمه الراسخون في العلم، وأما من ليس بذي رسوخ في العلم فإنه في مسائل القدر لا يزال على اشتباه وعلى عدم وضوح،
    فالواجب على من لم يكن من الراسخين في العلم من عامة أهل الإيمان أن يقول: ربنا آمنا به كل من عند ربنا، كما وصف ربنا جل وعلا الراسخين مع علمهم أنهم قالوا ذلك ليقتدي بهم الناس فيما لم يعلموا،

  20. #20
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي

    ويقول الشيخ صالح- قال سبحانه ﴿وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا﴾[آل عمران:7]، يعني آمنا بالمحكم وآمنا بالمتشابه كلّ من عند الله جل وعلا لا نفرق بين كلام الله جل وعلا.
    ﴿وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِهم أهل الثّبوت والقوة في العلم الموروث عن النبي عليه الصلاة
    فإذن أهل الرسوخ في العلم يعلمون أن العلم علمان علم في الخلق موجود يعني جعله الله جل وعلا في القدر جعله موجودا في الخلق لما أنزل في كتابه أو على لسان رسوله r.
    وشيء كثير من مسائل القدر حجبه الله جل وعلا، لهذا فإن أهل الرسوخ في العلم يبسطون من مسائل القدر بما جاء في الأدلة، ويطوون من مسائل القدر ما لم يأتِ في الأدلة.
    فإذن كل ما لم يكن مبسوطا عند أهل العلم الراسخين من أهل الحديث والسنة والجماعة، فإن هذا العلم يعني الذي تكلم فيه الآخرون ينبغي أن لا يتكلم فيه كل أحد؛ لأن ما طوى الله جل وعلا عنا علمه فإن الخير في أن لا نبحث فيه، لهذا قال (وَالتَّعَمُّقُ وَالنَّظَرُ فِي ذَلِكَ) يعني في النوع الذي هو من العلم المفقود (ذَرِيعَةُ الْخِذْلَانِ، وَسُلَّمُ الْحِرْمَانِ، وَدَرَجَةُ الطُّغْيَانِ، فَالْحَذَرَ كُلَّ الْحَذَرِ مِنْ ذَلِكَ نَظَرًا وَفِكْرًا وَوَسْوَسَةً، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى طَوَى عِلْمَ الْقَدَرِ عَنْ أَنَامِهِ، وَنَهَاهُمْ عَنْ مَرَامِهِ).
    قال الطحاوي رحمه الله (وَادِّعَاءُ الْعِلْمِ الْمَفْقُودِ كُفْرٌ) لأنه غيبي ومن ادّعى الغيب الذي اختصّ الله جل وعلا به فإنه كافر، وذلك لقوله جل وعلا ﴿عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا(26)إِلَّا مَنْ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدَا(27) لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغَ رِسَالاَتِ رَبِّهِمْ وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَدَا﴾[الجن:26-28]، جل جلاله وقال سبحانه ﴿وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ﴾[الأنعام:59]. وقال جل وعلا ﴿إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الأَرْحَامِ([1]) وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾[لقمان:34]، فهذه الخمس اختصّ الله جل وعلا بها، لهذا علم القدر من علم الغيب، وعلم الغيب عام يشمل القدر ويشمل غيره، لهذا قال رحمه الله (وَلَا يَثْبُتُ الْإِيمَانُ إِلَّا بِقَبُولِ الْعِلْمِ الْمَوْجُودِ، وَتَرْكِ طَلَبِ الْعِلْمِ الْمَفْقُودِ.)المؤمن الحق لا يخوض في القدر إلا بحثا عن العلم الموجود فيؤمن به وأما العلم المفقود فيترك طلبه.



الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •