تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 8 من 8

الموضوع: شروط الشفاعة

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي شروط الشفاعة

    الشفاعة لا تنفع عند الله جل وعلا مطلقا كما قال سبحانه ﴿فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ﴾[المدثر:48]، فليس كل شافع يُشفَّع وليست كل شفاعة تُقبل بل لا تنفع الشفاعة لا من الأنبياء ولا من الملائكة إلا بوجود شرطين فيها:
    الشرط الأول: أي يأذن الله للشافع أن يشفع.
    الثاني: رضا الرحمن جل جلاله عن المشفوع له.
    كما قال سبحانه ﴿وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى﴾[النجم:26]، وقال سبحانه ﴿إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾[الزخرف:86]، يعني فيمن تنفعه الشفاعة، لهذا قال العلماء يُشترط لحصولها وقبول الشفاعة:
    أولا: إذن الرحمن جل وعلا.
    الثاني:الرضا.
    إذا تبين ذلك:
    فالمقصود بالإذن الإذن الشرعي والإذن الكوني، فإن العبد لا يبتدئ بالشفاعة كونا إلا بعد أن يشاء الله جل وعلا أن تقع منه الشفاعة كونا؛ يعني في الدنيا وفي الآخرة، وكذلك لا بد لتحقيق هذا الشرط من الإذن الشرعي، فإذا شفع فيمن لم يؤذن شرعا بالشفاعة فيه، فإن الشفاعة لا تقبل.
    مثاله شفاعة إبراهيم في أبيه قال ﴿لَأَسْتَغْفِرَن َّ لَكَ﴾[الممتحنة:4] فلم تنفعه، وقال سبحانه في حقه ﴿وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ﴾[التوبة:114]، فلما تبين له أنه عدوٌّ لله تبرأ منه.
    كذلك شفع نوح عليه السلام في ابنه ﴿فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ﴾[هود:45] فأجابه الرحمن جل وعلا فـ﴿قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ﴾[هود:46].
    وكذلك شفع النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ في عمِّه وقال «لأستغفرنَّ لك ما لم أُنْهَ عن ذلك»، فنزل قول الله جل وعلا ﴿مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ﴾[التوبة:113].
    فإذن: ولو وقعت الشفاعة بإذن الله الكوني فإنها لا تنفع حتى يكون إذن الله الشرعي؛ يعني حتى تكون الشفاعة موافقة للشرع؛ موافقة للشرع يعني الإذن الشرعي في صفتها وفي المشفوع له وفيما يكون في ذلك، وهذا الشرط مهم فيما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى.
    الثاني الرضا: كما قال سبحانه ﴿وَيَرْضَى﴾[النجم:26]، وقال جل علا في سورة الأنبياء في ذكر الملائكة ﴿وَلاَ يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنْ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ﴾[الأنبياء:28]، هذا الرضا هو رضا الله جل وعلا عن الشافع ورضا الله جل وعلا عن المشفوع له:
    رضا الله عن الشافع في قوله ﴿إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾[الزخرف:86].
    ورضا الله عن المشفوع له في قوله ﴿وَلاَ يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنْ ارْتَضَى﴾، وآية النجم في قوله ﴿وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى﴾[النجم:26] كذلك.
    إذن فالرضا شرط:
    ¨ رضاه سبحانه عن الشافع ولذلك الكافر لا يشفع.
    ¨ الثاني رضا الله جل وعلا عن المشفوع له.
    ويرد على هذا شفاعته عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ لعمه أبي طالب، فهي مستثناة من هذا الشرط لأجل أن الله جل وعلا رضي نصرته للنبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ، فحصل من أبي طالب من الفعل ما فيه نوع رضا لله جل وعلا عن الفعل لا عن الفاعل.
    فإذن هو إيراد على الشرط، والجواب أن هذا استثناء وسبب الاستثناء ما ذُكر.[شرح الطحاوية]

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي

    أن الشفاعة قسمان في القرآن والسنة: شفاعة منفية وشفاعة مثبتة.
    أما الشفاعة المنفية: فهي التي نفاها الله جل وعلا عن أهل الإشراك، كما ساق الشيخ رحمه الله أول الدليل قال (وقول الله عز وجل- وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلَى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلَا شَفِيعٌ﴾[الأنعام: 51])- فهذه الشفاعة منفية، وهي منفية عن الجميع، عن الذين يخافون؛ عن أهل التوحيد وعن غيرهم.
    أما عن أهل التوحيد فهي منفية إلا بشروط وهي إذن الله للشافع أن يشفع ورضاه جل وعلا عن الشافع وعن المشفوع له.
    فإذن قوله هنا (لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلَا شَفِيعٌ) يعني أنَّ الشفيع في الحقيقة هو الله جل جلاله دون ما سواه، ولهذا أعقبها بالآية الأُخرى ﴿قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا﴾[الزمر:44]، فالشفاعة جميعا ملك لله، وأهل الإيمان وغيرهم في الحقيقة ليس لهم من دون الله ولي ولا شفيع، ليس أحد يشفع لهم من دون الله جل وعلا؛ بل لابد أن تكون الشفاعة بالله؛ يعني بإذنه وبرضاه.
    فإذن إذا تقرر ذلك، فإنه إذا نُفيت الشفاعة عن أحد سوى الله جل وعلا وأن الذي يملك الشفاعة إنما هو الله جل وعلا وحده، فإذن بطل التعلق -تعلق قلوب أهل الذين يسألون الموتى الشفاعة- بطل تعلقهم بمسألة الشفاعة لأن الشفاعة ملك لله وهذا لا يملكها.
    هل تنفع الشفاعة مطلقا أم لابدَّ أيضا من قيود؟ نعم الشفاعة تنفع؛ لكن لا بدَّ من شروط، ولهذا أورد الآيتين بعدها، قال جل وعلا ﴿مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ﴾[البقرة:255]، قال (وقوله: ﴿وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى﴾[النجم:26]) فوجه الاستدلال من الآية الأولى أن فيها قيد الإذن؛ فليس أحد أن يشفع إلا بشرط أن يأذن الله له (مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ) يعني لا أحد يشفع عند الله إلا بإذنه لا الملائكة ولا الأنبياء ولا المقربون، وإنما الله جل وعلا هو الذي يملك الشفاعة.
    إذا كان كذلك وأنه لا بد من إذنه جل وعلا، فمن الذين يأذن الله جل وعلا لهم؟
    لا أحد -إذن- يبتدئ بالشفاعة دون أن يؤذن له، فإذا كان كذلك فإذن رجع الأمر إلى أنَّ الله هو الذي يوفق للشفاعة وهو الذي يأذن بها، ولا أحد يبتدئ بالشفاعة.
    كذلك الآية الأخرى قال(إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ) يعني من الشافعين (وَيَرْضَى) يرضى قول الشافع ويرضى أيضا عن المشفوع له.
    هذه الشروط فائدتها -وهي فائدة هذا الباب- أنه لا أحد يتعلق -إذن- بأنّ هذا الذي طُلبت منه الشفاعة أن له مقاما عند الله يملك به أن يشفع كما يعتقد أهل الشرك في أنّ آلهتهم تشفع ولا بد أن تشفع، فاعتقاد المشركين الذين بُعث إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم سواء أكانوا من الأميين أو من أهل الكتاب يعتقدون أن من توجهوا له بالشفاعة من الآلهة أنه يشفع جزما، إذا تُوجه إليه وكل له وتقرب إليه بالعبادات وطُلبت فيه الشفاعة عند الله فانه يشفع جزما، وأن الله جل وعلا لا يرد شفاعته.
    فهذه الآيات فيها إبطال لدعوى أولئك المشركين في أنه ثَم أحد يملك الشفاعة بدون إذن الله وبدون رضاه عن المشفوع له.

    وإذا ثبت انه لا أحد يملكها وأن من يشفع إنما يشفع بإكرام الله له وبإذنه جل وعلا له، فإذن كيف يتعلق المتعلق بهذا المخلوق؟ إنما يتعلق بالذي يملك الشفاعة، ولهذا شفاعة النبي عليه الصلاة والسلام يوم القيامة حاصلة لكن نطلبها ممن؟ نطلبها من الله؛فنقول: اللهم شفِّع فينا نبيك. لأنه هو الذي يفتح ويُلهم النبي عليه الصلاة والسلام أن يشفع في فلان وفي فلان؛ في من سألوا الله أن يشفع لهم النبي عليه الصلاة والسلام.[كفاية المستزيد]

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Dec 2010
    المشاركات
    1,179

    افتراضي رد: شروط الشفاعة


    .............................. .............................

    روى مسلم في صحيحه عن ابي هريرة رضي الله عنه قال: ‏قال رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم:
    ‏"‏ ‏ ‏لكل نبي دعوة مستجابة فتعجل كل نبي دعوته وإني اختبأت دعوتي
    شفاعة لأمتي يوم القيامة فهي نائلة إن شاء الله من مات من أمتي لا يشرك بالله شيئا "

    استدل اهل السنة على الخوارج و المعتزلة بهذا الحديث في ان اهل الكبائر لا يخلدون في النار لدخولهم في عموم الحديث

    و استدل اهل التوحيد بقوله صلى الله عليه وسلم
    (لا يشرك بالله شيئا ) على ان من مات و هو يشرك بالله فلا تناله شفاعة الشافعين

    و الفائدة من وراء هذا ان بعض من ينتسب للسنة يوافق في تسمية عبادة غير الله بالشرك . فيقول عمل الرجل شرك و هو يشرك بالله و نحو ذلك من الكلام . لكنه يمتنع من تسمية من يشرك بالله باسم المشرك ؟

    فنقول له تنزلا اتفقنا على ذلك . لكن اليس هذا الذي امتنعت من تسميته بالمشرك و مات يشرك بالله غيره لا يدخل في الامة الموعودة بالشفاعة ؟

    فان اقر بذلك فقد حكم لمن مات يشرك بالله باحكام المشركين و الكفار الذين لا تنالهم شفاعة الرسول صلى الله عليه و سلم ؟!
    و ان زعم ان من مات يشرك بالله قد يدخل في الشفاعة فقد وقع في مناقضة مكشوفة لكلام صاحب الشفاعة و المقام المحمود





  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: شروط الشفاعة

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الطيبوني مشاهدة المشاركة

    و الفائدة من وراء هذا ان بعض من ينتسب للسنة يوافق في تسمية عبادة غير الله بالشرك . فيقول عمل الرجل شرك و هو يشرك بالله و نحو ذلك من الكلام . لكنه يمتنع من تسمية من يشرك بالله باسم المشرك ؟

    فنقول له تنزلا اتفقنا على ذلك . لكن اليس هذا الذي امتنعت من تسميته بالمشرك و مات يشرك بالله غيره لا يدخل في الامة الموعودة بالشفاعة ؟

    فان اقر بذلك فقد حكم لمن مات يشرك بالله باحكام المشركين و الكفار الذين لا تنالهم شفاعة الرسول صلى الله عليه و سلم ؟!
    و ان زعم ان من مات يشرك بالله قد يدخل في الشفاعة فقد وقع في مناقضة مكشوفة لكلام صاحب الشفاعة و المقام المحمود
    بارك الله فى بصيرتك يا طيبونى ما أعلمك وأفقهك -إن هو الا فهم يؤتيه الله من يشاء من عباده -يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ ۚ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا ۗ وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: شروط الشفاعة

    كذلك من الوازم لهؤلاء ان يكون الشرك الاكبر عديم التأثير - قال الإمام محمد بن عبد الوهاب: (فأعلم؛ أن تصور هذه المسألة تصوراً حسناً يكفي في إبطالها من غير دليل خاص، لوجهين: الأول: أن مقتضى قولهم أن الشرك بالله وعبادة الأصنام لا تأثير لها في التكفير، لأن الإنسان إن انتقل عن الملة إلى غيرها وكذب الرسول والقرآن؛ فهو كافر، وإن لم يعبد الأوثان - كاليهود - فإذا كان من انتسب إلى الإسلام لا يكفر إذا أشرك الشرك الأكبر، لأنه مسلم يقول؛ لا إله إلا الله ويصلي ويفعل كذا... وكذا... لم يكن للشرك وعبادة الأوثان تأثير، بل يكون ذلك كالسواد في الخلقة أو العمى أو العرج، فإذا كان صاحبها يدعي الإسلام فهو مسلم، وإن ادعى ملة غيرها فهو كافر، وهذه فضيحة عظيمة كافية في رد هذا) [مفيد المستفيد في كفر تارك التوحيد].

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: شروط الشفاعة

    قال شيخ الاسلام بن تيمية رحمه الله تعالى: (لا رَيْبَ أنه لابُدَّ أن يكون لكل صفةً تأثير في الحكم، وإلاّ فالوصفُ العديمُ التأثير لا يجوز تعليقُ الحكم به، كمن قال: مَنْ زَنَى وأَكَلَ جُلِدَ، ثم قد يكون كلّ صفة مستقلة بالتأثير لو انفردت، كما يقال: يقتل هذا لأنه مُرتد زانٍ، وقد يكون مجموعُ الجزاء مرتباً على المجموع ولكل وصفٍ تأثيرٌ في البعض، كما قال: {والَّذينَ لا يَدْعُون مَعَ اللَّهِ إلهاً آخَرَ}، وقد تكون تلك الصفاتُ متلازمة، كل منها لو فرض تجرُّدُهُ لكان مؤثراً على سبيل الاستقلال أو الاشتراك، فيذكر إيضاحا وبياناً للموجب، كما يقال: كَفَرُوا باللّه وبرسوله، وعَصَى اللّه ورسوله، وقد يكون بعضها مستلزماً للبعض من غير عكس، كما قال: {إنَّ الَّذِينَ يَكفُرُونَ بآياتِ اللَّهِ ويقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَق} [الصارم: 45 - 46

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: شروط الشفاعة

    قال الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن --(ولأجل عدم تصوره أنكر هذا، وردّ إلحاق المشركين في هذه الأزمان بالمشركين الأولين،ومنع إعطاء النظير حكم نظيره،وإجراء الحكم مع علته،واعتقد أن من عبد الصالحين ودعاهم وتوكل عليهم وقرَّب لهم القرابين مسلم من هذه الأمة، لأنه يشهد أن لا إله إلاَّ الله ويبني المساجد ويصلي،وأن ذلك يكفي في الحكم بالإسلام ولو فعل ما فعل من الشركيات، وحينئذ فالكلام مع هذا وأمثاله في بيان الشرك الذي حرَّمه الله ورسوله،وحكم بأنه لا يغفر، وأن الجنة حرام على أهله، وفي بيان الإيمان والتوحيد الذي جاءت به الرسل، ونزلت به الكتب، وحرَّم أهله على النار،فإذا عرف هذا وتصوره تبيَّن له: أن الحكم يدور مع علَّته،وبطل اعتراضه من أصله، وانهدم بناؤه . قال الله تعالى: {إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ}1 [المائدة/72].
    وقال تعالى حاكياً على أهل النار أنهم يقولون لآلهتهم التي عبدت مع الله: {تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ} [الشعراء/97-98].
    ومعلوم أنهم ما سووهم بالله 3 في الخلق والرزق والتدبير، وإنما هو في المحبة والخضوع والتعظيم والخوف والرجاء، ونحو ذلك من العبادات.
    وقال تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ
    اللَّهِ} [البقرة/165]. وهذا حب العبادة وتأله وتعظيم؛ ولهذا ونحوه كفَّرهم الله تعالى ، وأباح دماءهم وأموالهم ونساءهم لعباده المؤمنين حتى يسْلموا، ويكون الدين كله لله، فالنزاع في هذا.
    فمن عرف هذا الشرك وحقيقته، وعرف مسمى الدعاء لغةً وشرعاً، وعرف أن تعليق الحكم في هذه الآيات على الشرك والدعاء
    يؤذن بالعلة ، تبين له الأمر، وزال عنه الإشكال، ومن يهد الله فلا مضلَّ له، ومن يضلل فلا هادي له.
    فمن عبد غير الله، وعدل بربه، وسوّى بينه وبين غيره في خالص حقه: صدق عليه أنه مشرك ضال غير مسلم، وإن عمَّر المدارس،ونصَّب القضاة،وشيَّد المنار، ودعا بداعي الفلاح،لأنه لا يلتزمه، وبَذْل الأموال، والمنافسة على صورة العمل،مع ترك حقيقته لا تقتضي الإسلام؛ولأهل الكتاب في عمارة البيع والكنائس والصوامع اجتهاد عظيم، ومحبة شديدة.
    وقد قال تعالى: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالْأِنْجِيلَ}7 [المائدة/68].
    قال الله تعالى: {أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ}1 [التوبة/19].
    وقد أجمع العلماء: أن الإيمان الذي دلَّت عليه شهادة أن لا إله إلا الله شرط في كل عمل، فالاحتجاج بهذه الأفعال - أعني بناء المساجد والمدارس ونصب القضاة - لا يصدر إلاَّ عن جاهل أو ملبِّس.
    قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا اسْتُجِيبَ لَهُ حُجَّتُهُمْ دَاحِضَةٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ} [الشورى/16].[مصباح الظلام - للشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن]

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: شروط الشفاعة

    سئل الشيخ صالح ال الشيخ/ إذا مات عالم يروج شبهة فما موقف أهل السنة منه ؟
    هذه الشبهة التي يروجها إن كانت في الشرك يحسّن الشرك فهو مشرك، فهذا يُتبرأ منه، وليس بموحِّد؛ لأن كل عالم حسن الشرك ودعا إليه فهو مشرك لأن الحجة قامت عليه بكونه عالما بالقرآن أو بالسنة والقوة عنده قريبة فلا يعذر لعدم بحثه أو يعذر إذا كان حسن الشرك أو دعا إليه، مثل تحسين الاستغاثة بغير الله، ومثل الدعاء إلى الإشراك بالموتى وأشباه ذلك.

    بخلاف من عنده شبهة راجت عليه في مسائل يحرم الاشتباه فيها مثل مسألة الشفاعة في سؤال النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك، وهذا لا يتبع فيما وقع فيه وما أروده وإن دعا إلى ذلك فيرد عليه إلا إذا كانت الشبهة كما ذكرنا في التوحيد فإنه يخرج من الدين إذا كان حسّن الشرك رد على التوحيد.[كشف الشبهات]

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •