قناة د/ سلطان العميري:
كيف نحقق التقارب بين طوائف الأمة ؟
لا شك أن تحقيق التقارب ومقتضيات الأخوة الإيمانية بين طوائف الأمة المختلفة أمر ملح ومطلب شرعي لا بد فيه في هذه الأيام , التي تشهد الأمة فيها تكالب الأعداء من كل جهة .
ولكن تحقيق ذلك التقارب يجب أن يكون قائما على بيان الحقوق الإيمانية وفقه التعامل مع الاختلاف وتعزيز مقتضيات ذلك بين المسلمين .
فلا يلزم من وصف الطائفة أو المعين بالبدعة أن يكون خارجا عن الإسلام أو أن تنتفي عنه كل الحقوق الإيمانية أو أن تقطع العلاقة معه من كل جهة , أو أن يكون عدوا في كل الأحوال , وإنما غاية ما يعني أنه لم يوفق لإصابة السنة التي كان عليها النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه , وأنه أضحى بذلك واقعا في البدعة على اختلاف درجاتها .
فالخلاف بين أهل السنة والأشاعرة والماتريدية , دائر بين وصف البدعة والسنة , ومن تجاوز ذلك إلى الوصف بالكفر والخروج من الإسلام فقد أخطأ وبغى .
وفي سياق الحديث عن ذلك التقارب لا بد من التنبيه على أمرين مهمين :
الأمر الأول : أن تحقيق التقارب بين الأمة لا يكون أبدا بتغيير الحقائق الشرعية والتاريخية , فالخلاف بين أئمة السلف وبين الأشعرية خلاف حقيقي في الأصول وليس في الفروع , ويجب أن يبقى الخلاف كما هو , وتغيير أو تحريف حقيقته نوع من التزييف وتغيير الحقائق .
وتحقيق التقارب والأخوة بين تلك الطوائف لا يشترط فيه الإقدام على تغيير تلك الحقائق , وإنما يجب أن يكون قائما على الاعتراف بالخلاف الأصولي مع التربية على الحقوق الإيمانية وتفعيل أسباب الإعذار وموانع التكفير والتفسيق .
الأمر الثاني : أن تحقيق التقارب بين تلك الطوائف يجب أن يستبعد منه المجرمون القتلة , الذي أسهموا في قتل إخواننا المسلمين وسفك دمائهم وهتك أعراضهم وتخريب ديارهم , وشرعوا ذلك , هؤلاء يجب أن ينبذوا ويكونوا في خانة الاتهام دائما , ويحب أن تطاردهم الأمة بلعناتها ودعواتهم وقصاصها .
إن من يشارك في شرعنة قتل الأمة يعد قاتلا , مشاركا في سفك دماء الأبرياء , وهتك أعراضهم , ويجب أن يبقى مجرما خائنا للأمة .
إذا خلت محاولات التقريب بين أهل السنة والأشاعرة والماتريدية من هذين الأمرين , فأهلا وسهلا به , بل هو مطلب شرعي لا بد من الدعوة إليه والأخذ به وحث الناس عليه .