قال العلامة ابن القيم رحمه الله:
((وَفِي نَهْيِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ كَلَامِ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةِ مِنْ بَيْنِ سَائِرِ مَنْ تَخَلَّفَ عَنْهُ دَلِيلٌ عَلَى صِدْقِهِمْ وَكَذِبِ الْبَاقِينَ، فَأَرَادَ هَجْرَ الصَّادِقِينَ وَتَأْدِيبَهُمْ عَلَى هَذَا الذَّنْبِ، وَأَمَّا الْمُنَافِقُونَ فَجُرْمُهُمْ أَعْظَمُ مِنْ أَنْ يُقَابَلَ بِالْهَجْرِ، فَدَوَاءُ هَذَا الْمَرَضِ لَا يَعْمَلُ فِي مَرَضِ النِّفَاقِ، وَلَا فَائِدَةَ فِيهِ، وَهَكَذَا يَفْعَلُ الرَّبُّ سُبْحَانَهُ بِعِبَادِهِ فِي عُقُوبَاتِ جَرَائِمِهِمْ، فَيُؤَدِّبُ عَبْدَهُ الْمُؤْمِنَ الَّذِي يُحِبُّهُ وَهُوَ كَرِيمٌ عِنْدَهُ بِأَدْنَى زَلَّةٍ وَهَفْوَةٍ، فَلَا يَزَالُ مُسْتَيْقِظًا حَذِرًا، وَأَمَّا مَنْ سَقَطَ مِنْ عَيْنِهِ وَهَانَ عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ يُخَلِّي بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَعَاصِيهِ، وَكُلَّمَا أَحْدَثَ ذَنْبًا أَحْدَثَ لَهُ نِعْمَةً، وَالْمَغْرُورُ يَظُنُّ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ كَرَامَتِهِ عَلَيْهِ، وَلَا يَعْلَمُ أَنَّ ذَلِكَ عَيْنُ الْإِهَانَةِ، وَأَنَّهُ يُرِيدُ بِهِ الْعَذَابَ الشَّدِيدَ وَالْعُقُوبَةَ الَّتِي لَا عَاقِبَةَ مَعَهَا، كَمَا فِي الْحَدِيثِ الْمَشْهُورِ: ( «إِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِعَبْدٍ خَيْرًا عَجَّلَ لَهُ عُقُوبَتَهُ فِي الدُّنْيَا، وَإِذَا أَرَادَ بِعَبْدٍ شَرًّا أَمْسَكَ عَنْهُ عُقُوبَتَهُ فِي الدُّنْيَا، فَيَرِدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِذُنُوبِهِ» ))اهـ.
زاد المعاد 506/3