تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 4 من 4

الموضوع: توجيه قراءة ابن مسعود رضي الله عنه : (أن يضعن من ثيابهن غير متبرجات بزينة

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,804

    افتراضي توجيه قراءة ابن مسعود رضي الله عنه : (أن يضعن من ثيابهن غير متبرجات بزينة

    السؤال:
    قرأت في تفسير ابن كثير لسورة النور الآية رقم 60 قوله تعالى : (وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) أنه ذكر في تفسيره: " وَقَالَ سَعِيد بْن جُبَيْر وَغَيْره فِي قِرَاءَة عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود " أَنْ يَضَعْنَ مِنْ ثِيَابهنَّ " وَهُوَ الْجِلْبَاب مِنْ فَوْق الْخِمَار " . وأشار إلى أن عبد الله بن مسعود قرأ الآية بشكل يختلف عما هي موجودة عليه في القرآن بشكله الحالي (أن يضعن ثيابهن) حيث أن ابن مسعود قرأها (أن يضعن من ثيابهن) . قرأت بعد ذلك فتواكم رقم : (141849) ردا على سؤال "هل كان ابن مسعود يجوز قرآة القرآن بالمعنى" والتي قلتم فيها : " كذلك أجمعت الأمة على أنه لا مدخل لبشر في نظم هذا القرآن ، لا من ناحية أسلوبه ، ولا من ناحية ألفاظه ، بل ولا من ناحية قانون أدائه " .


    سؤالي هنا:

    أي القراءتين هي الصحيحة (أن يضعن ثيابهن) أم (أن يضعن من ثيابهن) وإذا كانت الأولى هي الصحيحة فهل قراءة ابن مسعود خاطئة لإدخالة حرف الجر ( من ) على الآية ؟ وأليست قراءة حفص عن عاصم هي بالتواتر عن عبد الله بن مسعود ، فهل للآية قرائتان وكلاهما جائز؟

    الجواب :
    الحمد لله
    أولاً :
    هذه القراءة نسبها بعض المفسرين إلى عبد الله بن مسعود رضي الله عنه .
    انظر : " تفسير ابن أبي حاتم " (8/2642) ، " تفسير القرطبي" (12/309) ، "تفسير ابن كثير" (6/84) .
    والظاهر أنه رضي الله عنه كان يقصد بذلك تفسير الآية ، ولا يقصد أنها نزلت كذلك .
    فقد كان من عادة بعض الصحابة – لاسيما عبد الله بن مسعود – أنهم يكتبون في مصاحفهم تفسيرا لبعض الآيات ، ولا يميزونها عن الآيات ، اعتمادا منهم على أن لفظ الآية معروف ومحفوظ .
    وقد شبه السيوطي رحمه الله ذلك بـ "الإدراج" في الحديث النبوي ، فقال :
    "وظهر لي سادس ( أي من أنواع القراءات ) نوع شبه من أنواع الحديث المدرج ، وهو ما زِيد في القراءات على وجه التفسير كقراءة سعد بن أبي وقاص : "وله أخ أو أخت من أم " أخرجها سعيد بن منصور .
    وقراءة ابن عباس : " ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلاً من ربكم في مواسم الحج " . أخرجها البخاري ....
    قال ابن الجزري في آخر كلامه : وربما كانوا يدخلون التفسير في القراءة ، إيضاحاً وبياناً ، لأنهم محققون لما تلقوه عن النبي صلى الله عليه وسلم قرآنا ، فهم آمنون من الالتباس ، وربما كان بعضهم يكتبه معه" انتهى من " الإتقان " (1/265-266).
    وقال النووي في شرح "صحيح مسلم" (6/109) :
    "قال المازري : وأما ابن مَسْعُودٍ : فَرُوِيَتْ عَنْهُ رِوَايَاتٌ كَثِيرَةٌ ، مِنْهَا مَا لَيْسَ بِثَابِتٍ عِنْدَ أَهْلِ النَّقْلِ ، وَمَا ثَبَتَ مِنْهَا مُخَالِفًا لِمَا قُلْنَاهُ [يعني أنه مخالف لمصحف عثمان] : فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يَكْتُبُ فِي مُصْحَفِهِ بَعْضَ الْأَحْكَامِ وَالتَّفَاسِيرِ ، مِمَّا يَعْتَقِدُ أَنَّهُ لَيْسَ بِقُرْآنٍ ، وَكَانَ لَا يَعْتَقِدُ تَحْرِيمَ ذَلِكَ ، وَكَانَ يَرَاهُ كَصَحِيفَةٍ يُثْبِتُ فِيهَا مَا يَشَاءُ ، وَكَانَ رَأْيُ عُثْمَانَ وَالْجَمَاعَةِ مَنْعَ ذَلِكَ ، لِئَلَّا يَتَطَاوَلَ الزَّمَانُ ، وَيَظُنَّ ذَلِكَ قُرْآنًا " انتهى .
    ويؤيد أن ابن مسعود رضي الله عنه كان يقرأ الآية كذلك ، على سبيل التفسير : أنه ورد عنه أنه كان يقرآ الآية القراءة المشهورة (أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة) ، ثم يتبع ذلك بأن المراد وضعُ بعض الثياب وهي الجلباب ، وليس الخمار .
    روى ابن أبي حاتم (15638) بإسناده , عَنْ مُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ : فِي قِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ : " ( وَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ " : أَنْ يَضَعْنَ الْجِلْبَابَ ، وَلا يَضَعْنَ الْخِمَارَ " .
    وروى أيضا (15643) عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ, فِي قَوْلِهِ: ( فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ) : قِرَاءَةُ ابْنِ مَسْعُودٍ : " أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ , وَهُوَ الْجِلْبَابُ مِنْ فَوْقِ الْخِمَارِ ، فَلا بَأْسَ أَنْ يَضَعْنَ عِنْدَ غَرِيبٍ أَوْ غَيْرِهِ ، بَعْدَ أَنْ يَكُونَ عَلَيْهَا خِمَارٌ صَفِيق [هو الثوب الذي لا يصف البشرة]".
    فهذا يدل على أن قراءته للآية (من ثيابهن) : هي قراءة تفسيرية .

    ثانيا :
    قراءة حفص هي عن عاصم بن أبي النجود عن أبي عبد الرحمن السلمي عن علي بن أبي طالب .
    وقراءة شعبة هي عن عاصم عن زر بن حبيش عن عبد الله بن مسعود .
    جاء في " جامع البيان في القراءات السبع " للداني (1/261) : " قال حفص : قال لي عاصم : ما كان من القراءة التي أقرأتك بها ، فهي القراءة التي قرأت بها على أبي عبد الرحمن عن عليّ بن أبي طالب .
    وما كان من القراءة التي أقرأت بها أبا بكر بن عيّاش ، فهي القراءة التي كنت أعرضها على زرّ بن حبيش ، عن عبد الله بن مسعود " انتهى .

    وينظر للفائدة جواب السؤال رقم : (178209) .

    والله أعلم .
    https://islamqa.info/ar/227648

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jul 2016
    المشاركات
    1,348

    افتراضي

    والظاهر أنه رضي الله عنه كان يقصد بذلك تفسير الآية ، ولا يقصد أنها نزلت كذلك .
    فقد كان من عادة بعض الصحابة – لاسيما عبد الله بن مسعود – أنهم يكتبون في مصاحفهم تفسيرا لبعض الآيات ، ولا يميزونها عن الآيات ، اعتمادا منهم على أن لفظ الآية معروف ومحفوظ .
    وقد شبه السيوطي رحمه الله ذلك بـ "الإدراج" في الحديث النبوي ............
    بارك الله فيك

    لكن ثبت عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه , أن له قراءات خالفت ما في مصحف عثمان رضي الله عنه وليس ذلك تفسيرا منه للقرآن
    وهذا لعدة اعتبارات
    أولها
    أنه أسقط المعوذتين من المصحف و ثبت عنه حكهما من مصحفه لأنه لم يكن يراهما قرآنا
    وهذا يبين أنه لم يكن يكتب في مصحفه الا ما ثبت عنده أنه من كلام الله
    وروى الطبراني وابن شبة حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، قَالَ: " رَأَيْتُ ابْنَ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَحُكُّ الْمُعَوِّذَتَي ْنِ مِنَ الْمُصْحَفِ، وَيَقُولُ: لَا يَحِلُّ قِرَاءَةُ مَا لَيْسَ مِنْهُ "وفي رواية للطبراني عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، قَالَ: رَأَيْتُ عَبْدَ اللهِ يَحُكُّ الْمُعَوِّذَتَي ْنِ، وَيَقُولُ: «لِمَ تَزِيدُونَ مَا لَيْسَ فِيهِ؟»وروى الطحاوي عن أبي بكر بن عياش: إن عبد الله يقول في المعوذتين: لا تُلحقوا بالقرآن ما ليس منه.)
    وهذه أسانيد حسنة
    فكيف يصح بعد ذلك أن يلحق هو من كلامه ما ليس من كلام الله عزوجل؟
    ثانيا
    ثبت عن غيره من الصحابة أنه قرأ بمثل ما قرأ هو , فكيف يتفق مع غيره على تفسير الآية ثم يتفقان ويتواطأن على كتابة هذا التفسير في مصحفيهما ؟
    ومن ذلك قراءته هو وأبي بن كعب (ثلاثة أيام متتابعات ) بزيادة لفظ (متتابعات )
    وقال ابن عبد البر (
    وقراءة أبي بن كعب وبن عَبَّاسٍ وَ أَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ كَافِرًا وَكَانَ أبواه مؤمنين ) انتهى
    وفي تفسير أبي حيان (وكَانَ كَافِرًا كَذَا وُجِدَ فِي مُصْحَفِ أُبَيٍّ. وَقَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَأَمَّا الْغُلامُ فَكانَ كَافِرًا وَكَانَ أَبَواهُ مُؤْمِنَيْنِ) انتهى
    وفي تفسير البغوي وابن كثير , (قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقْرَأُ: "وَكَانَ أَمَامَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ صَالِحَةٍ غَصْبًا" وَكَانَ يَقْرَأُ: "وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ كَافِرًا وَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ" )) انتهى
    والقراءة عن ابن عباس رواها البخاري
    فهذا تصريح بأنه كان يقرأهما كذلك , ولو كان تفسيرا ما جاز أن يقرأ به
    و لم يكونوا بحاجة الى كتابة التفسير لأنهم أفهم لكلام الله من غيرهم
    وكذلك في التمهيد (وَقِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْإِنْسُ أَنْ لَوْ كَانَ الْجِنُّ يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ..)
    وروى مالك ومسلم عن عَنْ أَبِي يُونُسَ مَوْلَى عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّهُ قَالَ: أَمَرَتْنِي عَائِشَةُ أَنْ أَكْتُبَ لَهَا مُصْحَفًا. ثُمَّ قَالَتْ: «إِذَا بَلَغْتَ هَذِهِ الْآيَةَ فَآذِنِّي» {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى، وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ}- بَلَغْتُهَا آذَنْتُهَا فَأَمْلَتْ عَلَيَّ «حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ، وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى، وَصَلَاةِ الْعَصْرِ، وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ»، قَالَتْ عَائِشَةُ: «سَمِعْتُهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ»)
    وكذلك روى مالك عن حفصة رضي الله عنها .
    فهذه القراءة ليست تفسيرا لأنها صرحت أنها سمعتها من النبي عليه السلام و أيضا ظاهرها يقتضي أنها ليست صلاة العصر ولو كانت تفسيرا لقالت (وهي صلاة العصر )

    ثالثا
    أن التفسير يصح اذا كان في القراءة زيادة على القراءة المتواترة , لكن قد ثبت عنهم أنهم قرؤوا بأحرف مختلفة تماما عن المتواتر وأحيانا بأنقص منها
    كقراءة عبد الله وأبي الدرداء الثابتة في الصحيحين ( والليل اذا يغشى وَالنَّهَارِ إذَا تَجَلَّى وَالذَّكَرِ وَالْأُنْثَى..)
    و مثل ما قرأ عمر رضي الله عنه وابن مسعود فامضوا بدل (فاسعوا الى ذكر الله )
    قال ابن عبد البر وغيره (فَمِنَ الْأَحْرُفِ السَّبْعَةِ الَّتِي هِيَ فِي مَعْنَى وَصَلَاةِ الْعَصْرِ قِرَاءَةُ عُمَرَ (بْنِ الْخَطَّابِ) وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ فَامْضُوا إِلَى ذكر الله ) انتهى
    ورواه مالك عن عمر في الموطأ
    وقال ابن عبد البر (وَذَكَرَ ابْنُ وَهْبٍ فِي كِتَابِ التَّرْغِيبِ مِنْ جامعه قال قيل لمالك أَتَرَى أَنْ يُقْرَأَ بِمِثْلِ مَا قَرَأَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَامْضُوا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ فَقَالَ ذَلِكَ جَائِزٌ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُنْزِلَ الْقُرْآنُ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ فاقرأوا مِنْهُ مَا تَيَسَّرَ) انتهى
    وهذه احدى الروايتين عن مالك في جواز القراءة بالأحرف الشاذة , وعن أحمد رواية مثل هذه والرواية الثانية الموافقة للجمهور بالمنع من القراءة بها في الصلاة واتفاقهم على الجواز خارج الصلاة

    والله أعلم

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,804

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أحمد القلي مشاهدة المشاركة

    بارك الله فيك
    وفيك بارك الله .

    للشيخ عبدالرحمن الدمشقية بحث جيد في هذه المسألة في كتابه: (أحاديث يحتج بها الشيعة صـ 108):
    (أن عبد الله بن مسعود كان يحك المعوذتين من المصحف 21226 حدثنا عبد الله حدثني محمد بن الحسين بن أشكاب ثنا محمد بن أبي عبيدة بن معن ثنا أبي عن الأعمش عن أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن يزيد قال: (كان عبد الله يحك المعوذتين من مصاحفه ويقول إنهما ليستا من كتاب الله).
    رواه أحمد في المسند5/129 والطبراني في المعجم الكبير9/234 من طريق أبي إسحاق السبيعي والأعمش وهو سليمان بن مهران وكلاهما ثقة مدلس من رجال الصحيحين وقد اختلط السبيعي بأخرة. فإذا أتيا بالرواية معنعنة تصير معلولة (العلل للدارقطني).
    وهذه الرواية معلولة بالعنعنة. وحكي عن كليهما الميل إلى التشيع.
    وقد أنكر ابن حزم والنووي والباقلاني ثبوت شيء عن ابن مسعود في ذلك. وذهب ابن حزم إلى ضعف الرواية بأنه قد صحت قراءة عاصم عن زر بن حبيش عن عبد الله بن مسعود وفيها أم القرآن والمعوذتان (المحلى1/13).
    وقال النووي: (أجمع المسلمون على أن المعوذتين والفاتحة وسائر السور المكتوبة في المصحف قرآن. وأن من جحد شيئا منه كفر. وما نقل عن ابن مسعود في الفاتحة والمعوذتين باطل ليس بصحيح عنه) (المجموع شرح المهذب3/396).
    وهذا وعلى افتراض صحة الرواية عن ابن مسعود فإنها أقل من حيث درجة الصحة من قراءة عاصم المتواترة. فقد تواترت عن ابن مسعود قراءته بطريق أصحابه من أهل الكوفة، وتلقاها عاصم عن زر بن حبيش عنه رضِى الله عنه. وهِى التِى يرويها أبو بكر بن عياش عن عاصم, وتواترها البالغ مما لا يتناطح فيه, (أنظر كتاب الأصول المقارنة لقراءات أبي عمرو البصري وابن عامر الشامي وعاصم بن أبي النجود للدكتور غسان بن عبد السلامحمدون).
    وجاء في البخاري 4693 حدثنا علي بن عبد الله حدثنا سفيان حدثنا عبدة بن أبي لبابة عن زر بن حبيش وحدثنا عاصم عن زر قال: (سألت أبي بن كعب قلت يا أبا المنذر إن أخاك ابن مسعود يقول كذا وكذا فقال أبي سألت رسول الله ? فقال لي: قيل لي: قل.. فقلت. قال فنحن نقول كما قال رسول الله ؟).
    وهذا كلام مجمل أعني قوله كذا وكذا.
    موقف للحافظ ابن حجر
    قال الحافظ في الفتح: (وقد تأول القاضي أبو بكر الباقلاني في كتاب الانتصار وتبعه عياض وغيره ما حكى عن ابن مسعود فقال لم ينكر ابن مسعود كونهما من القرآن وإنما أنكر إثباتهما في المصحف فإنه كان يرى أن لا يكتب في المصحف شيئًا إلا إن كان النبي؟ أذن في كتابه فيه وكأنه لم يبلغه الإذن في ذلك قال فهذا تأويل منه وليس جحدا لكونهما قرآنًا وهو تأويل حسن إلا أن الرواية الصحيحة الصريحة التي ذكرتها تدفع ذلك حيث جاء فيها ويقول أنهما ليستا من كتاب الله نعم يمكن حمل لفظ كتاب الله على المصحف فيتمشى التأويل المذكور) (فتح الباري8/472).
    قلت: قد سبق أن الرواية من طريق أبي إسحاق السبيعي والأعمش وكلاهما مدلسان وقد جاءت روايتهما معنعنة، ولولا مجيئهما معنعنة لقبلت. وعنعنة المدلس علة في الحديث يصعب المسارعة إلى تصحيح سندها فضلا عن أن تغلب القراءة المتواترة عن عبد الله بن مسعود والمتضمنة للمعوذتين.
    وعلى افتراض ثبوت السند إلى عبد الله بن مسعود في إنكاره للمعوذتين فإن لذلك توجيهات مهمة:
    - أن هذا الصحيح المفترض لا يبلغ في درجة صحته قراءة عاصم عن ابن مسعود المتواترة والتي تضمنت المعوذتين والفاتحة.
    ومن المعلوم أن القراءات الثلاث ترجع إلى عدد من الصحابة، فقراءة أبي عمرو - رحمه الله تعالى - ترجع بالسند إلى الصحابي الجليل أبي بن كعب، وترجع قراءة عاصم بالسند إلى الصحابيين الجليلين علي رضي الله عنه وابن مسعود رضي الله عنه، وترجع قراءة ابن عامر الشامي بالسند إلى الصحابيين الجليلين عثمان بن عفان وأبي الدرداء رضي الله عنهما.
    أن هذا كان منه في فترة وجيزة بين موت رسول الله ( إلى أن تم جمع الصحابة على القرآن بالإجماع. فأما بعد هذا فلم يحك عنه شيء من الإصرار على ذلك. وكان يدرس القرآن ويفسره على الناس طيلة حياته بعد رسول الله ( إلى أن توفاه الله. ولم يحك عنه بعد الجمع أي إصرار أو استنكار. ولو أنه بقي على موقفه لبلغنا ذلك كما بلغنا إصرار بعض الصحابة كابن عباس الذي بقي حتى خلافة عمر وهو يظن أنه لم يرد من النبي كلام حول تحريم متعة النساء.
    - أن هذا القول قد صدر منه ولم يكن الإجماع قد استقر بعد. فأما لو ثبت عن أحد المنازعة فيه بعد إجماع الصحابة عليه فهو منهم كفر. ولهذا حكمنا بالكفر في حق كل من شكك في القرآن من الرافضة بعد استقرار الإجماع علىهذا القرآن الذي بين أيدينا.
    أن عبد الله بن مسعود لم يقل ما قاله المجلسي والعاملي والمفيد من أن القرآن قد وقع فيه التحريف مادة وكلاما وإعرابا.
    أن هذا يؤكد ما نذهب إليه دائمًا من أن الصحابة ليسوا غير معصومين في آحادهم، وإنما هم معصومون بإجماعهم. وهم لن يجمعوا على ضلالة.
    أين هذا من طعن الشيعة بعلي حيث وصفوه بباب مدينة العلم وأنه بقي ستة أشهر يجمع القرآن ثم زعموا أنه غضب من الصحابة فأقسم أن لا يروا هذا القرآن الذي جمعه هو. وبقي القرآن إلى يومنا هذا غائبا مع الإمام الغائب.
    أين هذا من ادعاء الشيعة بعد انقراض جيل الصحابة على أن هذا القرآن الذي بأيدينا اليوم وقع فيه التحريف وحذف منه اسم علي وأسماء أهل البيت.
    أن من استنكر من ابن مسعود هذا الموقف من سورتين صغيرتين فيكون عليه من باب أولى أن يستنكر ما هو أعظم منه وهو قول الرافضة بأن الظاهر من ثقة الإسلام الكليني أنه كان يعتقد بالتحريف والنقصان في كتاب الله (مقدمة تفسير الصافي ص 14 و47 طبع سنة 1399هـ)!
    - أن عبد الله بن مسعود كان يرى المعوذتين أنهما ليستا من القرآن. وأنما كانتا رقية كان النبي يرقي بهما الحسن والحسن.
    قال علي بن بابويه: (أجمع علماؤنا وأكثر العامة على أن المعوذتين من القرآن العزيز.. وعن ابن مسعود أنهما ليستا من القرآن وإنما نزلتا لتعويذ الحسن والحسين قد انقرض واستقر الإجماع الآن من الخاصة والعامة على ذلك). (الذكرى للشهيد الأول ص196 بحار الأنوار82/42 فقه الرضا ص36 جامع المقاصد2/263 للكركي الحدائق الناضرة للمحقق البحراني8/231).
    بل اعترف الرافضة بأن ابن مسعود لم ينكر لكونهما من القرآن وإنما كان لا يسمح لنفسه بإثبات شيء من مصحفه الخاص به إلا أن يأذن له رسول الله ( بذلك. وكأنه لم يبلغه الإذن. قال المحقق البحراني: (فهذا تأويل حسن). (الحدائق الناضرة8/231).


    كل هذا تعرضنا له ولغيره هنا :
    http://majles.alukah.net/t72798/
    http://majles.alukah.net/t139094/#post816100
    http://majles.alukah.net/t137957/

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Jul 2016
    المشاركات
    1,348

    افتراضي

    هذا الذي نفاه الحافظ ابن حزم لم يسبقه الى تكذيبه أحد
    , والرواية في البخاري وان كانت مبهمة فهي مفهومة , وانما حذف البخاري اللفظ المصرح تعظيما وتوقيرا للصحابي الجليل
    وهكذا فعل لما روى في صحيحه عن ابن عمر في يبب نزول آية (فأتوا حرثكم أنى شئتم ) , فقد حذف لفظ ابن عمر وبيض له
    فأهل الكوفة لما رؤوا عبد الله لا يثبت السورتين في مصحفه , سألوا أخاه أبي أعلم الصحابة بالقرآن ليتثبتوا هل هي من القرآن أم لا .
    وهذه رواية البخاري عَنْ زِرٍّ-قَالَ: سَأَلْتُ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ فَقُلْتُ: أَبَا الْمُنْذِرِ، إِنَّ أَخَاكَ ابْنَ مَسْعُودٍ يَقُولُ كَذَا وَكَذَا. فَقَالَ: إِنِّي سَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: "قِيلَ لِي، فَقُلْتُ". فَنَحْنُ نَقُولُ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ))
    فزر سأله عن المعوذتين , ولم يسأله عن تفسيرهما , و أبي أجابه أنه سأل النبي عليه السلام عن المعوذتين التين تبدآن بلفظ (قل ) فنحن نقول كما قال
    و ذهب الحافظ أن الذي أبهم هو سفيان وقد فسر غيره ما أبهمه هو بأسانيد حسنة

    (قال الحافظ: هكذا وقع هذا اللفظ مبهماً، وكأن بعض الرواة أبهمه استعظاماً له، وأظن ذلك من سفيان، فإن الإسماعيلي أخرجه من طريق عبد الجبار بن العلاء بن سفيان كذلك على الإبهام، وكنت أظن أولاً أن الذي أبهمه البخاريُّ، لأنني رأيت التصريح به في رواية أحمد عن سفيان ولفظه قلت لأُبي: إن أخاك يحكها من المصحف، وكذا أخرجه الحميدي عن سفيان، ومن طريق أبو نعيم في "المستخرج"، وكأن سفيان كان تارةً يصرح بذلك، وتارةً يُبهمه. وقد أخرجه أحمد أيضاً، وابن حبان من رواية حماد بن سلمة بن عاصم بلفظ إن عبد الله بن مسعود كان لا يكتب المعوذتين في مصحفه.) انتهى
    فقد كان سفيان يصرح تارة ويبهم تارة أخرى
    وفي المصنف وعند الطبراني
    حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، أَخْبَرَنَا عَاصِمُ بْنُ بَهْدَلَةَ، عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ، قَالَ: قُلْتُ لِأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ: إِنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ كَانَ لَا يَكْتُبُ الْمُعَوِّذَتَي ْنِ فِي مُصْحَفِهِ، فَقَالَ: " أَشْهَدُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَنِي: " أَنَّ جِبْرِيلَ قَالَ لَهُ: قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ..)
    ومثله
    حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ، عَنْ أُبَيٍّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ...نحوه
    وهو اسناد صحيح
    وروى مثله ابن حبان وصححه الألباني
    أَخْبَرَنَا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى بْنِ مُجَاشِعٍ حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ زِرٍّ قَالَ:
    قُلْتُ لِأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ: إِنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ لَا يَكْتُبُ فِي مُصْحَفِهِ الْمُعَوِّذَتَي ْنِ فَقَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
    (قَالَ لِي جِبْرِيلُ: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} فقُلْتُها وَقَالَ لِي: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} فَقُلْتُهَا)
    فَنَحْنُ نَقُولُ مَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ))


    وفي المصنف
    حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ زَائِدَةَ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ، قَالَ: قُلْتُ لِأُبَيٍّ: إِنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ لَا يَكْتُبُ الْمُعَوِّذَتَي ْنِ فِي مُصْحَفِهِ، فَقَالَ: إِنِّي سَأَلْتُ عَنْهُمَا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «قِيلَ لِي»، فَقُلْتُ: فَقَالَ أُبَيٌّ: وَنَحْنُ نَقُولُ كَمَا قِيلَ لَنَا

    ويؤيده أيضا ما رواه الطبراني والبزار باسناد حسن
    حَدَّثَنَا الْأَزْرَقُ بْنُ عَلِيٍّ، ثنا حَسَّانُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثنا الصَّلْتُ بْنُ بَهْرَامَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عن علقمة قَالَ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَحُكُّ الْمُعَوِّذَتَي ْنِ مِنَ الْمُصْحَفِ، وَيَقُولُ: أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ يُتَعَوَّذَ بهما. ولم يكن عبد الله رضي الله عنه يقرؤهما)


    وروى أيضا ابن أبي شيبة باسناد صحيح
    (حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ: «كَانَ ابْنُ مَسْعُودٍ لَا يَكْتُبُ الْمُعَوِّذَتَي ْنِ»))
    ومثلها أيضا عن ابي اسحاق عن عبد الرحمن بن يزيد , رواه الطبراني واسناده صحيح
    وكل هذه الأسانيد تفسر الرواية المبهمة عند البخاري
    قال ابن كثير (هَذَا مَشْهُورٌ عِنْدَ كَثِيرٍ مِنَ الْقُرَّاءِ وَالْفُقَهَاءِ: أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ كَانَ لَا يَكْتُبُ الْمُعَوِّذَتَي ْنِ فِي مُصْحَفِهِ، فَلَعَلَّهُ لَمْ يَسْمَعْهُمَا مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَمْ يَتَوَاتَرْ عِنْدَهُ، ثُمَّ لَعَلَّهُ قَدْ رَجَعَ عَنْ قَوْلِهِ ذَلِكَ إِلَى قَوْلِ الْجَمَاعَةِ، فَإِنَّ الصَّحَابَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، كَتَبُوهُمَا (4) فِي الْمَصَاحِفِ الْأَئِمَّةِ، وَنَفَّذُوهَا إِلَى سَائِرِ الْآفَاقِ كَذَلِكَ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ.)
    وقال السيوطي (أخرج أَحْمد وَالْبَزَّار وَالطَّبَرَانِي ّ وَابْن مرْدَوَيْه من طرق صَحِيحَة عَن ابْن عَبَّاس وَابْن مَسْعُود أَنه كَانَ يحك المعوّذتين من الْمُصحف وَيَقُول: لَا تخلطوا الْقُرْآن بِمَا لَيْسَ مِنْهُ إنَّهُمَا ليستا من كتاب الله إِنَّمَا أَمر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن يتعوّذ بهما وَكَانَ ابْن مَسْعُود لَا يقْرَأ بهما
    قَالَ الْبَزَّار: لم يُتَابع ابْن مَسْعُود أحد من الصَّحَابَة وَقد صَحَّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَرَأَ بهما فِي الصَّلَاة وأثبتتا فِي الْمُصحف))

    وقال شيخ الاسلام
    ((وقد وقع الخطأ كثيراً لخلق من هذه الأمة واتفقوا على عدم تكفير من أخطأ، مثل ما أنكر بعض الصحابة .....
    ..وبعضهم كان حذف المعوذتين، وآخر يكتب سورتي القنوت، وهذا الخطأ معفو عنه بالإجماع،..) انتهى


الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •