تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: اللف والنشر

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,804

    افتراضي اللف والنشر

    قال السيوطي رحمه الله في الإتقان في علوم القرآن 2 / 251 :
    اللف والنشر
    هو أن يذكر شيئان أو أشياء إما تفصيلا بالنص على كل واحد، أو إجمالا بأن يؤتى بلفظ يشتمل على متعدد ثم يذكر أشياء على عدد ذلك ،كل واحد يرجع إلى واحد من المتقدم ويفوض إلى عقل السامع رد كل واحد إلى ما يليق به.

    فالإجمالي كقوله تعالى: { وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى }
    أي: وقالت اليهود لن يدخل الجنة إلا اليهود، وقالت النصارى لن يدخل الجنة إلا النصارى ، وإنما سوغ الإجمال في اللف ثبوت العناد بين اليهود والنصارى فلا يمكن أن يقول أحد الفريقين بدخول الفريق الآخر الجنة فوثق بالعقل في أنه يرد كل قول إلى فريقه لأمن اللبس وقائل ذلك يهود المدينة ونصارى نجران.
    قلت: وقد يكون الإجمال في النشر لا في اللف بأن يؤتى بمتعدد ثم بلفظ يشتمل على متعدد يصلح لهما كقوله تعالى: { حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر } على قول أبي عبيدة: إن الخيط الأسود أريد به الفجر الكاذب لا الليل وقد بينته في أسرار التنزيل .

    والتفصيلي قسمان:

    أحدهما: أن يكون على ترتيب اللف كقوله تعالى: { جعل لكم الليل والنهار }
    لتسكنوا فيه ولتبتغوا من فضله ) فالسكون راجع إلى الليل والإبتغاء راجع إلى النهار.

    وقوله تعالى: { ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا } فاللوم راجع إلى البخل ومحسورا راجع إلى الإسراف؛ لأن معناه منقطعا لا شيء عندك.


    وقوله: { ألم يجدك يتيما } الآيات .
    فإن قوله: { فأما اليتيم فلا تقهر } راجع إلى قوله { ألم يجدك يتيما فآوى } و { وأما السائل فلا تنهر } راجع إلى قوله { ووجدك ضالا } فإن المراد السائل عن العلم كما فسره مجاهد وغيره و { وأما بنعمة ربك فحدث } راجع إلى قوله { ووجدك عائلا فأغنى }.
    رأيت هذا المثال في شرح الوسيط للنووي المسمى بالتنقيح.

    والثاني: أن يكونعلى عكس ترتيبه كقوله: { يوم تبيض وجوه وتسود وجوه فأما الذين اسودت وجوههم }.
    وجعل منه جماعة قوله تعالى: { حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب } قالوا: ( متى نصر الله ) قول الذين آمنوا ( ألا إن نصر الله قريب ) قول الرسول.
    وذكر الزمخشري قسما آخر كقوله تعالى: { ومن آياته منامكم بالليل والنهار وابتغاؤكم من فضله }
    قال: هذا من باب اللف، وتقديره: ( ومن آياته منامكم وابتغاؤكم من فضله بالليل والنهار ) إلا أنه فصل بين ( منامكم ) ( وابتغاؤكم ) بالليل والنهار لأنهما زمانان والزمان الواقع فيه كشيء واحد مع إقامة اللف على الاتحاد .

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,804

    افتراضي

    ومن المرتب ، قوله تعالى : (مثل الفريقين كالأعمى والأصم والبصير والسميع) ، فقابل كل صنف بنظيره مع التزام الترتيب ، فأتى بالأعمى ثم الأصم ، ثم ذكر نقيض الأعمى وهو البصير ثم نقيض الأصم وهو السميع .

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,804

    افتراضي

    ومبحث اللف والنشر من مباحث علم البديع الذي هو قسم من أقسام علم البلاغة الثلاثة (المعاني، والبيان، والبديع).
    وهذه الآية الكريمة التي سأذكرها من النوع الثاني اللف والنشر غير المرتب ( وهو المعكوس أو المشوش ) ، وعدم الترتيب فيها لنكتة بيانية، ذكرها المفسرون،
    كأبي السعود، حيث قال: فَأَمَّا ٱلَّذِينَ ٱسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ تفصيلٌ لأحوال الفريقين بعد الإشارةِ إليها إجمالاً، وتقديمُ بـيانِ هؤلاءِ لما أن المَقام مقامُ التحذيرِ عن التشبه بهم مع ما فيه من الجمع بـين الإجمال والتفصيلِ والإفضاءِ إلى ختم الكلامِ بحسن حالِ المؤمنين كما بُدىء بذلك عند الإجمالِ.
    وقال العلامة الألوسي:
    فَأَمَّا ٱلَّذِينَ ٱسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ تفصيل لأحوال الفريقين وابتدأ بحال الذين اسودت وجوههم لمجاورته وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ وليكون الابتداء والاختتام بما يسر الطبع ويشرح الصدر.
    وجاء في التحرير والتنوير:
    وقوله تعالى: فأما الذين اسودّت وجوههم أكفرتم بعد إيمانكم تفصيل للإجمال السابق، سُلك فيه طريق النشَّر المعكوس، وفيه إيجاز لأنّ أصل الكلام، فأمّا الَّذين اسودّت وجوههم فهم الكافرون يقال لهم أكفرتم إلى آخر: وأمّا الَّذين ابيضّت وجوههم فهم المؤمنون وفي رحمة الله هم فيها خالدون.
    قدّم عند وصف اليوم ذكر البياض، الَّذي هو شعار أهل النَّعيم، تشريفاً لذلك اليوم بأنَّه يوم ظهور رحمة الله ونعمته، ولأنّ رحمة الله سبقت غضبه، ولأنّ في ذكر سمة أهل النَّعيم، عقب وعيد بالعذاب، حسرةً عليهم، إذ يعلم السَّامع أنّ لهم عذاباً عظيماً في يوم فيه نعيم عظيم، ثُمّ قُدّم في التفصيل ذكر سمة أهل العذاب تعجيلاً بمساءتهم.

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •