ملخص السؤال:فتاة تُعاني مِن ضيقٍ شديدٍ وانطواءٍ ورغبةٍ في الانعِزال والبكاء المستمر، ومن الكسَل الشديد وعدم الرغبة في القيام بأي شيء، وعدم التفرقة بين الخيال والحقيقة! تفاصيل السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.أنا فتاةٌ أُعاني مِن حالة ضيق شديدٍ وانطواء، ورغبة في الانعِزال والبكاء المستمر، والكسَل الشديد وعدم الرغبة في القيام بأي شيء!كما أُعاني مِن النسيانِ السريعِ (التوهان) والعصبيَّة الشديدة، وعدم التفرِقة بين الخيال والواقع؛ فأصدق الخيال على أنه حقيقة، وأصدق الحقيقة على أنها خيال، مع الرغبة في الانتحار.
ذهبتُ إلى طبيبةٍ وأعطتني أدويةً نفسيةً، لكنها لم تُجدِ نفعًا

الجواب

مرحبًا بك أختي الكريمة في شبكة الألوكة، ونتمنى أن نكونَ عند حُسن ظنك بنا، وأن نكونَ لك خير معينٍ بعد اللهِ في تجاوُز مشكلتك.هذه الأعراضُ التي تَشعرين بها هي أعراضُ الاكتئاب، وهو مرضٌ شائع يُصيب العديدَ مِن الناس، وله عدةُ أسبابٍ، وينتج عنه في النهاية احتقارُ الإنسان لنفسه، والانزواء والانطواء عمَّن حوله؛ مما يتسبَّب بشعوره في أنَّ موتَه خيرٌ مِن حياته، وهذا ما دَفَعَك للتفكير في الانتحار!في الغالب يُعالَج هذا المرضُ بالعلاجِ الدوائيِّ والعلاج النفسيِّ، وسأُركِّز على العلاجِ النفسي، أما الدوائي فيتطلَّب الذهاب للطبيب لتفصيل الحالة.أهم خطوة في العلاج النفسي: (كيف تنظرين لنفسك)، راجعي حياتك وما مرَّ بها، وتذكَّري الجوانبَ المُشرقةَ بها، والأشياء الجميلةَ التي مررتِ بها، ولحظات السعادة... وهكذا.تركيزُك على الأشياء الجميلة تُعيد لك التفاؤُل، والنظرةُ الجمالية للحياة تُعيد لك الأمل، وتُشعرك أنَّ ما تمرين به هو مرضٌ مؤقتٌ وستشفين منه بإذن الله، كما أنَّ نظرتك لنفسك لا شك أنها ستَنعكس عليك وعلى مَن حولك، ويُبنى عليها طريقة التعامل معك، وخاصة العلاقات الاجتماعية.اجلسي مع نفسك، واستشعري نِعَم الله عليك، وما مَيَّزك به عن غيرك مِن النعم، وأنا أجزم أن لديك صفات رائعةً، وفكرًا راقيًا، ولكن الآن وأنت بهذه الحالة لا يُمكن أنْ تكتشفي ذلك.ألديك كلُّ هذه المميزات وتُفكرين في الانتحار؟قِفي أختي الكريمة؛ إنَّ نفسك ملكٌ لله تعالى، وليستْ ملكًا لك؛ قال تعالى: ﴿ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا ﴾ [النساء: 29]، فاللهُ سبحانه وتعالى أرحمُ بنا مِن أنفسنا، وكل ما تَشعرين به مُقَدَّرٌ ومكتوبٌ عليك مِن قبل ولادتك، وكل هذه الأمور تُؤجَرين عليها إذا احتسبتِ الأجرَ مِن الله، وقد قدَّرها الله عليك لحكمةٍ هو يَعلمها؛ لذلك استبعدي فكرةَ الانتحار تمامًا مِن رأسك، واستبدلي بها الإنجاز وتحقيق الأهداف والأحلام، ولا تَسمحي للفراغِ أن يَقتُلَ حياتك.اجعلي لك دورًا في الحياة، ولو كان على المستوى البسيط في البداية، وفكري واسألي نفسك: هل يمكن أن أُقَدِّمَ شيئًا؟ وما الهدف الذي أسعى لتحقيقِه في الحياة؟ وذلك مِن خلال التدرج في الأعمال النافعة.شاركي مجتمعك في أيِّ نشاط اجتماعيٍّ تَستطيعين تقديمه، وحاولي إيجاد وظيفة مناسِبة لك، وانتسبي إلى دور تحفيظ القرآن، ومارسي هوايةً مُحبَّبة لك، واشغلي نفسَك بحضور الدورات التدريبيَّة وما أكثرها الآن ومجانية، وستجدينها على مواقع الإنترنت.ضَعي جدولًا ليومياتك، ورتِّبي الأهم فالمهم، لكي لا تسمَحي للفراغ أن يَتَسَلَّل إلى حياتك فيُدمِّرها.وختامًا - وإن كان هو البداية - راجعي علاقتَك مع الله سبحانه، وأكْثِري مِن الذِّكر، وحافِظي على الصلاة في وقتها، واستَعيني به سبحانه، واجعلي لك مع الله سريرةً لا يَعلمها إلا هو؛ كذكرٍ، أو صدقةٍ، أو صلاة ليل، وما أكثرَ أعمال الخير، وحافِظي على الأذكار اليومية، مع الإكثار مِن الاستعاذة، وذِكْر اللهِ سبحانه وتعالى.
أسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يَمُنَّ عليك بالشفاء العاجل وأن يكتبَ لك الأجر والمسلمين أجمعين