تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: قال إبليس: "وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ" كيف علم ذلك؟

  1. #1

    افتراضي قال إبليس: "وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ" كيف علم ذلك؟

    بسم الله الرحمن الرحيم

    قال إبليس: "وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ" كيف علم ذلك؟


    قال تعالى حكاية عن إبليس اللعين: ﴿ قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ * ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ ﴾ [الأعراف: 16، 17].
    وأنا أقرأ في سورة الأعراف استوقفتني هذه الآية مُتسائلاً: كيف علم عدو الله إبليسُ أن أكثر بني آدم لن يكونوا شاكِرين؛ حيث قال: ﴿ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ ﴾، وهذا ما وقع فعلاً، وأخبَر به ربُّنا - جل في علاه - بقوله: ﴿وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ﴾ [سبأ: 13]، وقوله: ﴿ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ ﴾ [المائدة: 49].

    • ولعل من الأجوِبة ما يشير إليه حديث أنس - رضي الله عنه - مرفوعًا: ((لما صور الله - تعالى - آدم في الجنة ترَكه ما شاء الله أن يَتركه، فجعل إبليس يُطيف به ينظر إليه، فلما رآه أجوف عرف أنه خَلقٌ لا يَتمالك))؛ رواه الإمام مسلم وغيره.
    وفي رواية: ((لما صوَّر الله - تبارك وتعالى - آدم - عليه السلام - تركه، فجعل إبليس يطوف به يَنظر إليه، فلما رآه أجوف، قال: ظَفرتُ به، خَلقٌ لا يتمالك))؛ السلسلة الصحيحة: 2158.
    وقد بوَّب الإمام مسلم على هذا الحديث بقوله: "باب خُلق الإنسان خَلقًا لا يتمالك"، قال الإمام النووي - رحمه الله تعالى - في شرحه: "قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((فلما رآه أجوف)) علم أنه خُلق خلقًا لا يَتمالك، الأجوف صاحب الجَوف، وقيل: هو الذي داخِلُه خالٍ، ومعنى لا يَتمالك: لا يَملِك نفسه، ويَحبِسها عن الشهوات، وقيل: لا يَملِك دَفع الوسواس عنه، وقيل: لا يَملِك نفسه عند الغَضب، والمراد جنس بني آدم"؛ اهـ.
    فلعلَّ ما رآه إبليس مِن صِفة خَلقِ آدم - عليه السلام - حيث خُلق أجوف، وبالتالي فهو لا يتمالك، والمقصود بالطبع كما قال الإمام النووي جِنس بني آدم - هو الذي جعله يَعلم أن أكثر بني آدم لن يَتمالَكوا أمام الشهوات والمُغريات، وأنهم يَثقُلون عن الطاعات والقُربات، وبالتالي يقلُّ شُكرهم لله - تعالى - ويَكثُر كفْرهم وفُجورهم.
    وهذه الحقيقة نَجدها واضِحة في أكثر من آية، من ذلك قول البارئ سبحانه: ﴿ وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ﴾ [الأنعام: 116]، وقوله: ﴿ قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلُ كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُشْرِكِينَ ﴾ [الروم: 42].
    • وهناك جواب آخَر ذكرَه بعض أهل العلم كالحافظ ابن كثير - رحمه الله تعالى - وغيره، وهو أن هذا القول من إبليس كان على وجه الظنِّ لا اليَقين، وشاء الله - تعالى - أن يصدُق ظنُّه؛ كما قال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [سبأ: 20].
    قال الإمام الألوسي - رحمه الله تعالى -: "وإنما قال ذلك ظنًّا كما رُوي عن الحسن وأبي مُسلم؛ لقوله تعالى: ﴿ وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ ﴾ [سبأ: 20]، لما رَأى أن للنفسِ تسع عشرة قوة، الحواس الظاهرة والباطنة، والشهوة والغضب، والقوى السبع النباتية الجاذِبة والماسكة والهاضمة والدافعة والغاذية والنامية والمولدة، وأنها بأسرها تدعو النفس إلى عالَم الجسم، وأن ليس هناك ما يدعو إلى عالم الأرواح إلا قوة واحدة وهي العقل، وما يصنع واحد مع مُتعدِّد؟
    أرى ألف بانٍ لا يقوم بهادم
    فكيف ببانٍ خلفَه ألف هادم." اهـ من "روح المعاني".
    • ومن الأقوال في ذلك أيضًا: أنه رأى ذلك في اللوح المَحفوظ، وقيل: إنه سمعه من الملائكة؛ ذكرَهما الإمام شهاب الدين الألوسي، ونسب الثاني للجبائي المعتزلي.

    والله أعلم وأحكم.

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,804

    افتراضي

    قال الرازي في تفسيره "مفاتيح الغيب" 14 / 36 :
    .. قال تعالى حكاية عن إبليس أنه قال: ( وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ ) وفيه سؤال وهو أن هذا من باب الغيب فكيف عرف إبليس ذلك ؟
    فلهذا السبب اختلف العلماء فيه فقال بعضهم: كان قد رآه في اللوح المحفوظ فقال له على سبيل القطع واليقين. وقال آخرون: إنه قاله على سبيل الظن لأنه كان عازماً على المبالغة في تزيين الشهوات وتحسين الطيبات وعلم أنها أشياء يرغب فيها غلب على ظنه أنهم يقبلون قوله فيها على سبيل الأكثر والأغلب ويؤكد هذا القول بقوله تعالى: ( وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلاَّ فَرِيقاً ) ( سبأ 20 )
    والعجب أن إبليس قال للحق سبحانه وتعالى: ( وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ ) فقال الحق ما يطابق ذلك ( وَقَلِيلٌ مّنْ عِبَادِى َ الشَّكُورُ ) ( سبأ 13 )
    وفيه وجه آخر وهو أنه حصل للنفس تسع عشرة قوة وكلها تدعو النفس إلى اللذات الجسمانية والطيبات الشهوانية فخمسة منها هي الحواس الظاهرة وخمسة أخرى هي الحواس الباطنة واثنان الشهوة والغضب وسبعة هي القوى الكامنة وهي الجاذبة والماسكة والهاضمة والدافعة والغاذية والنامية والمولدة فمجموعها تسعة عشر وهي بأسرها تدعو النفس إلى عالم الجسم وترغبها في طلب اللذات البدنية وأما العقل فهو قوة واحدة وهي التي تدعو النفس إلى عبادة الله تعالى وطلب السعادات الروحانية ولا شك أن استيلاء تسع عشرة قوة أكمل من استيلاء القوة الواحدة لا سيما وتلك القوى التسعة عشر تكون في أول الخلقة قوية ويكون العقل ضعيفاً جداً وهي بعد قوتها يعسر جعلها ضعيفة مرجوحة فلما كان الأمر كذلك لزم القطع بأن أكثر الخلق يكونون طالبين لهذه اللذات الجسمانية معرضين عن معرفة الحق ومحبته فلهذا السبب قال: ( وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ ) والله أعلم. اهــ

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Dec 2009
    المشاركات
    94

    افتراضي

    الذي أراه أن هذا القول حصل بعد إخراج آدم (عليه السلام) من الجنةـ فأبليس عرف ضعف الإنسان واستسلامه للمغريات قياسا على آدم.

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •