تمايز مستوى نظم التراكيب في إطار الصيغة
تقوم اللغة على الاحتياج المعنوي والأهمية المعنوية ، والإنسان يتحدث بمستويات متعددة وبلغات متعددة تحت رعاية الاحتياج المعنوي غالبا واللفظي نادرا مع علامات أمن اللبس ليكون بعيدا عن اللبس والتناقض وهو غاية كل لغة من لغات العالم ،كما هو الحال في هذه التراكيب التي تتمايز من حيث مستوى النظم في إطار الصيغة نظرا لتغير منزلة المعنى بين أجزاء التراكيب :
يقول العرب:إنَّ زيداً حاضرٌ=مستوى المستقيم الحسن ،ويقوله غالبية العرب".
ويقولـون: إنَّ زيداً حاضراً=مستوى المستقيم القبيح،ويقوله بعض العرب ".
ويقولـون:إنَّ زيدٍ حاضرٌ=مستوى المستقيم الرديء ،ويقوله أقل العرب ".
هذه التراكيب الثلاثة مفهومة ، وتعني توكيد حضور زيد ،وهي بعيدة عن اللبس والتناقض ، إلا أنَّ التركيب الأول يقوله غالبية العرب ،وهو من مستوى الكلام المستقيم الحسن بسبب توافر منزلة المعنى والاحتياج المعنوي بين أجزاء التركيب ،حيث أن "إنَّ" حرف مُشبَّه بالفعل ،بمعنى "أكَّدْتُ" وقد جاء بعده "زيد" منصوبا ،وهو اسم "إنَّ" وحاضرٌ" خبرها مرفوع .
أما التركيب الثاني فيقوله بعض العرب ،وهو من مستوى الكلام المستقيم القبيح لانخفاض منسوب منزلة المعنى بين أجزاء التركيب ،حيث نجد الخبر منصوبا من أجل الضابط اللفظي وهو القافية ،كقول الشاعر:
.............................. .................إنّ َ حراسَنا أسداً .
وكقول آخر:
.............................. .........يا ليت أيامَ الصبا رواجعا.
أما التركيب الثالث فيقوله أقل العرب،وهو من مستوى الكلام المستقيم الرديء بسبب انخفاض منسوب منزلة المعنى كثيرا بين أجزاء التركيب ،بسبب الجر بـ "إنَّ" ،بينما هي حرف مُشبَّه بالفعل ،وهي بمعنى "أكَّدْتُ"" ،ولا يأتي بعدها المجرور بل المنصوب ،كقول الشاعر:
.............................. .....لعلَّ أبِـي المغوارِ منك قريبُ.
فقد جرَّ بـ"لعلَّ" وهي حرف مشبَّه بالفعل بمعنى "رَجَوْتُ" وكان ينبغي أن يأتي بعدها المنصوب، ولهذا لا يتوافر الاحتياج المعنوي ومنزلة المعنى بين أجزاء التركيب .
وبهذا يتضح أن اللغة تقوم على الاحتياج المعنوي والأهمية المعنوية ، وأن الإنسان يتحدث بمستويات متعددة وبلغات متعددة تحت رعاية الاحتياج المعنوي غالبا واللفظي نادرا مع علامات أمن اللبس ، وأن الإنسان يتحدث بحسب الأهمية المعنوية في الأصل وفي العدول عن الأصل ،وأن منزلة المعنى هي الضابط والمعيار في تمايز مستوى نظم التراكيب ، وباختصار:الإنسا يتحدث تحت رعاية الأهمية المعنوية وعلامات أمن اللبس،ويكفي المتكلم أن يقول كلاما مفهوما بعيدا عن اللبس والتناقض