تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 6 من 6

الموضوع: الأشاعرة والتكفير .. رمتني بدائها !

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jul 2015
    المشاركات
    4

    Lightbulb الأشاعرة والتكفير .. رمتني بدائها !

    لو سألت مسلمًا عن أول واجبٍ أوجبه الله عليه حين أوجده في الدنيا ، لأجابك بلا تلعثم : أن أكون له وحده عبدا ..
    وربما دار حولها إن أعياه التعبير ، وربما عبر عنها بلسان حاله وسعيه الدائب في مضمار العبودية .
    وفي فطرته مركوزٌ أن للكون رب خالق بديع ، بحيثُ أنك لو خاطبت هذه الفطرة وساءلتها لم تكد أجوبتها تحيد عن الحق المبين :
    فطرت الله التي فطر الناس عليها ، فما من مولود إلا ويولد على الفطرة ، إلا من أضله أبواه ، فهوداه أو نصراه ، ونكسا فطرته .
    ..
    لكن لو سألت أشعريا عن أول واجبٍ في حق المكلف فستختلف إجابته حسب قربه وبعده من الوحي ، وبالتالي حسب قربه وبعده من مضادات الوحي ، وهي أصول منهجه وقوانينه !
    سيقول بعضهم : أول واجب هو النظر في الكون ، المفضي إلى العلم بحدوثه وقدم صانعه !
    وبعضهم : لا ، بل الواجب إرادة هذا النظر فحسب
    وبعضهم : لا ، بل يجب أن يعتقد فقط أن النظر واجب عليه ، فإذا نظر فهو خير
    وبعضهم : لا لا ، بل أول جزء من النظر هو الواجب ، وما سوى ذلك نفلٌ وكمال !
    ويتطرف البعضُ ممعنا في الاعتزال (الذي هو أصلُ هذه البدعة) فيقول :
    بل الواجبُ الأول هو الشك ، أن ينخلع من كل علمٍ سابق ، ويبحث عن الحق بين العقائد !
    ومنهم من اعتقد كفر من لم يعرف الله ويستدل عليه على طريقته هو التي كتبها بيده ، كابن تومرت تلميذ الغزالي !
    وإن كان القولان الأخيران مردودا عليهما في المذهب بعنفٍ يصلُ إلى التكفير !
    فهذا الغزالي نفسه يقول -كما نقل الإمام ابن حجر في الفتح 13/349 - :
    " ... أَسْرَفَتْ طَائِفَةٌ ، فَكَفَّرُوا عَوَامَّ الْمُسْلِمِينَ وَزَعَمُوا أَنَّ مَنْ لَمْ يَعْرِفِ الْعَقَائِدَ الشَّرْعِيَّةَ بِالْأَدِلَّةِ الَّتِي حَرَّرُوهَا فَهُوَ كَافِرٌ ، فَضَيَّقُوا رَحْمَةَ اللَّهِ الْوَاسِعَةَ وَجَعَلُوا الْجَنَّةَ مُخْتَصَّةً بِشِرْذِمَةٍ يَسِيرَةٍ مِنَ الْمُتَكَلِّمِي نَ " !
    ...
    ونقل عن الْقُرْطُبِيُّ أيضا قوله :
    وَلَوْ لَمْ يكن فِي الْكَلَام الا مسئلتان هُمَا مِنْ مَبَادِئِهِ لَكَانَ حَقِيقًا بِالذَّمِّ إِحْدَاهُمَا :
    قَوْلُ بَعْضِهِمْ إِنَّ أَوَّلَ وَاجِبٍ الشَّكُّ ، إِذْ هُوَ اللَّازِمُ عَنْ وُجُوبِ النَّظَرِ أَوِ الْقَصْدِ إِلَى النَّظَرِ .....
    و ثَانِيَتُهُمَا قَوْلُ جَمَاعَةٍ مِنْهُمْ إِنَّ مَنْ لَمْ يَعْرِفِ اللَّهَ بِالطُّرُقِ الَّتِي رَتَّبُوهَا وَالْأَبْحَاثِ الَّتِي حَرَّرُوهَا لَمْ يَصِحَّ إِيمَانُهُ ، حَتَّى لَقَدْ أَوْرَدَ عَلَى بَعْضِهِمْ أَنَّ هَذَا يَلْزَمُ مِنْهُ تَكْفِيرُ أَبِيكَ وَأَسْلَافَكَ وَجِيرَانَكَ فَقَالَ لَا تُشَنِّعُ عَلَيَّ بِكَثْرَةِ أَهْلِ النَّارِ !
    ثم قَالَ -القرطبي- : فان الْقَائِل بالمسئلتين كَافِرٌ شَرْعًا لِجَعْلِهِ الشَّكَّ فِي اللَّهِ وَاجِبًا وَمُعْظَمُ الْمُسْلِمِينَ كُفَّارًا !
    ..
    وهكذا وصلت شطحات بعض الأشعرية في مسألة كهذه ، رغم وضوح الأدلة الشرعية من نصوص الوحيين في شأنها ، حتى ترتب عليها تكفير كل المسلمين إلا عددا قليلا ممن يحسنون قراءة كتب المعتزلة والمتكلمين ، ويستدلون بألغازهم على وجود صانع قديم يتصارعون بعد ذلك على ما يجوز له وما لا يجوز بعقولهم ! .
    لكن هل وقف الأمر عند هذا الحد ؟
    بالطبع لا ..
    فطبيعة البدعة أنها تجر خلفها بدعا أخرى ، ويتفرع من القول الفاسد الواحد عشرات الأقوال واللوازم الفاسدة والأفسد ..
    فمثلا :
    ما حكم عوام المسلمين الذين "لا يستطيعون حيلة " في النظر في الأدلة العقلية ليخرجوا منها بعلم يقيني على حدوث العالم وقدم صانعه ، (وهم المسمون بالمقلدين في عرف الأشاعرة ) وإن آمنوا بما جاءهم من آيات وأحاديث الاعتقاد وفتاوى العلماء ؟
    الجواب :
    من الأشاعرة من كفرهم ، ومنهم من فسقهم ، ومنهم فصل فيهم على حسب أهليتهم للنظر من عدمها ، ومنهم حكم لهم بالإيمان مع عدم اكتماله إلا بالنظر ، إلى آخر الأقوال ..
    وإلى هذا النقل من "شرح العقائد الكبرى" للسنوسي الأشعري ، وهو شرح لمتن في العقائد للشارح نفسه ، يقول :
    " ... ويسمى الأول من قسمي الجزم علما ومعرفة ويقينا ، و(يسمى) الثاني : اعتقادا ، ،
    ويسمى الأول من أقسام غير الجزم : ظنا ، والثاني وهما ، والثالث : شكا ..
    إذا عرفت هذا : فالإيمان إن حصل عن أقسام غير الجزم الثلاثة (!) فالإجماع على بطلانه ، وإن حصل عن القسم الأول من قسمي الجزم : وهو العلم = فالإجماع على صحته ..
    وأما القسم الثاني وهو الاعتقاد ، فينقسم قسمين : مطابقٌ لما في نفس الأمر ، ويسمى الاعتقاد الصحيح ، كاعتقاد عامة المؤمنين المقلدين ، وغير مطابق ويسمى الاعتقاد الفاسد والجهل المركب ، كاعتقاد الكافرين .
    فالفاسد : أجمعوا على كفر صاحبه ، وأنه آثمٌ غير معذور ، مخلد في النار ، اجتهد أو قلد ولا يعتد بخلاف من خالف ذلك من المبتدعة .
    واختلفوا في الاعتقاد الصحيح الذي حصل بمحض التقليد :
    فالذي عليه الجمهور والمحققون من أهل السنة -
    يعني طائفته- كالشيخ الأشعري والأستاذ-يعني الإسفراييني- والقاضي-يعني الباقلاني- وإمام الحرمين-يعني الجويني- ، وغيرهم من الأئمة : أنه لا يصح الاكتفاء به في العقائد الدينية ، وهو الحق الذي لا شك فيه ، وقد حكى غير واحد الإجماع عليه .. وكأنه لم يعتد بخلاف الحشوية -يعني بهم أهل السنة- .
    ثم قال :
    وحصّل ابنُ عرفة في المقلد ثلاثة أقوال :
    الأول : أنه مؤمنٌ غير عاص بترك النظر
    الثاني : أنه مؤمن عاص إن ترك النظر مع القدرة
    الثالث : انه كافر " ..
    ثم نقل السنوسي عن الآمدي رده على من قال أن اكتفاء النبي صلى الله عليه وسلم بنطق الشهادتين ممن جاء مسلما ينقض هذا الكلام ، وقولَ الآمدي أن ذلك إنما هو في الأحكام الظاهرة ، وليس في النجاة من النار يوم القيامة !
    ثم نقل قولَ الجويني في "الشامل" :

    من مات بعد مضي ما يسعُ نظره ، وتركه اختيارا = كافر !
    وإن مات قبل مضي ما يسعُ ذلك مع تركه النظر اختيارا ، ففيه قولان للقاضي ، والأصح كفره
    " !!
    انتهى من شرح العقائد الكبرى للسنوسي ، ص 13 .
    ..
    ويلاحظ :
    1-أن تكفير من لم ينظر يلزم منه تكفير السلف والصحابة ممن لم يسيروا على ذات النهج في النظر والاستدلال ، كما في كتاب "الأشاعرة عرضٌ ونقض" .
    2- القول بتكفير "من لم ينظر" هو قولٌ في المذهب على الحقيقة ليس مجرد لازم ، وهناك أقوال أخرى منها القول بالإثم مع القدرة كما تقدم ..
    ومنهم من يرى النظر شرط كمال لا صحة كالغزالي ، رحمه الله .
    3- وبالطبع لا نجزم أن هذا الكلام الشنيع هو قولُ كل أشعري في عموم المسلمين ممن لا يحسنون أحجياتهم ، لكنها أقوال موجودة لدى قدماءهم ومحدثيهم ، بحيثُ لا يمكن إنكارها ولا التخلص منها ..
    ...
    وهنا يطرأ سؤال :
    هل الأشعرية هي سلفُ داعش والتنظيمات التكفيرية وجماعات التوقف والتبين التي لا تتورع عن وصف آلاف المسلمين بالكفر إن خالفوا معتقدا أو فعلوا محرما في نظرهم ؟
    الملاحظ أن كلا منهما يسمى نفسه "أهل السنة والجماعة " ، وكلا منهما يزعم احتكار الحق والالتصاق به ..
    و كلا منهما يتجرأ على وصف أهل السنة أتباع السلف بذات الداء الذي هو فيهم أو في نقيضهم :
    فالأشاعرة يسمونهم تكفيريين ومجسمة
    والدواعش يسمونهم جهمية ومرجئة !
    ...
    كتب بعض الأشاعرة -رحمه الله - وهو من معاصريهم :
    " لقد نصّ فقهاء الحنفية على أن بنت المسلم إذا تزوجت قبل البلوغ من مسلم=فالزواج صحيح ، ويحكم بإسلامها تبعا لوالديها ..
    فإذا بلغت وسئلت عن الاسلام فلم تعرف أن تصفه : فإن العقد يعتبر لاغيا بسبب تبين عدم إسلامها ..
    وعلى هذا فإن فقهاء الحنفية يعتبرون عدم معرفة الإسلام كفرا !!
    ".
    ..
    وكلام بعض الأشاعرة مضطردٌ على القول بالتكفير الذي ذكره السنوسي التلمساني وتوضيح له ، وهو يعني بفقهاء الحنفية بالطبع أبناء مذهبه الأشاعرة ، وإلا فأبو حنيفة وأصحابه وكثيرٌ من علماء مذهبهم كانوا على جادة السنة .
    والله المستعان على ما يصفون .

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي

    بارك الله فيك، أحسنت النقل.
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jul 2015
    المشاركات
    4

    افتراضي

    وفيكم بارك الله تعالى

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ناجي الرشيدي مشاهدة المشاركة
    وفيكم بارك الله تعالى
    آمين وإياكم

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Jul 2015
    المشاركات
    4

    افتراضي

    أعتذر لإخواني عن الخطأ اللغوي غير المقصود في قولي "عن القرطبي" برفعها ، أردت تعديله فلم أستطع ، وهو سبق كتابة .

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ناجي الرشيدي مشاهدة المشاركة
    أعتذر لإخواني عن الخطأ اللغوي غير المقصود في قولي "عن القرطبي" برفعها ، أردت تعديله فلم أستطع ، وهو سبق كتابة .
    زادك الله حرصًا، ولا تَعُدْ

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •