بسم الله الرحمن الرحيمالدعاء .. من أسمي العبادات وأدومها ... فيمكنك أن تؤديها في أي وقت .. وفي أي مكان .. أمام الناس أو منفرداً ..طاهراً أم غير طاهر ..
تلك اللحظة التي ترفع فيها يديك إلى مولاك .. وكل جوارحك تشهد أن لا إله إلا هو ... ولا ملجأ منه إلا إليه ...
هي بحق عبادة شريفة و ممتعة لأقصى درجة .
ولكن ... في كثير من الاستشارات الإسلامية التى يشكو فيها المرء ظلماً واقعاً عليه .. رأيت المستشار ينصح المظلوم بالصبر و بالدعاء لهداية من ظلمه ..
معللاً ذلك بأنه من أقوى أسلحة المؤمنين ... حتى قرأت فتوى .. يقول فيها الشيخ .. أن الصبر الذى يدعو إليه المشايخ .. ليس صبراً سلبياً .. ولا يعني السكوت
عن الظلم أو الرضا به .. بل المقصود .. هو الصبر مع إصلاح الوضع ... الصبر بنية الإمهال حتى تتم التوبة ... وليس الصبر بمشاعر الضحية التي تكاد تنفجر وقرأت
في أكثر من فتوى هذا القول : (( لا يتصور أن تقف الشريعة عاجزة أمام هذا الفساد )) ..
والذي أريد أن أعرفه ...
عندما يقع الظلم على المسلم ... ما الذي يجب عليه فعله ؟!
أو بمعني أصح ... ما الفعل الأقرب للدين ؟! ..
هل يكون التنازل عن الحق هو الأقرب لروح الإسلام السمحة ؟!
أم المطالبة بالحق والسعى وراءه مهما كلف الأمر هو الأقرب لروح الدين الذي احترم الكرامة الإنسانية احتراماً لم يرد مثله في جميع الأديان ؟!
وهل الأفضل أن يلتجأ المسلم إلى ربه ويدعوه للخلاص من الظلم الواقع عليه وأن يكتفي بذلك عملاً بقوله تعالى : (( ومن يتوكل على الله فهو حسبه ))؟!
أم أن هذا من التواكل والكسل والضعف ؟! ... وعلى المسلم أن يثب وينهض للدفاع عن حقوقه دون توان أو خنوع حتى يستردها كاملة حتى وإن كان ضعيفاً ؟!!
سأضرب لكم مثالاً :
في احدي المنتديات .. كان السائل يشكو حال زوجته التي تؤذيه بلسانها بل وتتطاول عليه بيدها .. كان أكثر الناصحين له .. أن يقوم بضربها ضرباً شديداً بالحزام ونحوه والبعض نصحه بالزواج عليها دون علمها ثم مفاجئتها بذلك حتى تنكسر أنفها (( فمن المعروف عرفاً في بلدي أن المرأة لا تقبل بإدخال ضرة عليها )) ...
والبعض نصحه بتطليقها .. وأحدهم نصحه بقتلها !!
إلا أن أحد الناصحين .. أخبره أن يصبر عليها .. وأن يحاول ملاطفتها وجذبها لحبه .. متخذاً معها سبل اصلاح المرأة الناشز ..
فذمه الآخرون .. قائلين بسخرية : وهل مثل تلك المرأة يؤثر فيها الوعظ أو الهجر أو الضرب غير المبرح ؟!
فدافع عن رأيه بأنهم ينصحونه بما يفرق بينه وبين زوجته للأبد .. وهذا ليس علاجاً .. فالدين أمرنا أن ننصح بالجمع لا بالتفريق ..
وبأن المرأة إن لم يكن توقيرها لزوجها توقير حب ومودة .. بل توقير خوف وبغض .. فإنه لن يدوم .. ولابد أنها ستتحين الفرصة ..
لكي تقصم ظهره .. حتى تسترد كرامتها .. أي أن الحياة الزوجية التى وصفها الله بالسكن والمودة والرحمة .. ستتحول لحالة حرب ..
بين عدوين ينتظر كل منهما لحظة ضعف من الآخر .. حتى يقضى عليه ... وهذا لا يرتضيه ديننا الحنيف أبداً!!
بصراحة .. لم أستطع أن أكون رأياً في هذا الأمر .. فهو محير للغاية ...
لو كان هذا السائل أخى أو ابني .. يا آلهي .. لكان قد أصابني الجنون .. وبالتأكيد لما اختلف رأيي عن رأي معظم الناصحين ..
بالطبع ما كنت لأنصحه بما يخالف شرع الله .. أو بغشها بالزواج دون علمها (( فالمسلمون على شروطهم )) .. ولكن على الأقل بتطليقها وفوراً ..
وما كنت لأجادل ... ولكن رأي ذلك الناصح الأخير وتبريره لوجهة نظره ...... حطم كل آرائي وأفكاري ... وما عدت أستطيع جمع شتاتها !!!
وبقيت الأسئلة تدور وتدور .. دون أن أجد إجابة شافية لها ..
فهل يمكن أن تتكرموا على وتعلمونني مما علمكم الله ؟!
أفادكم الله ونفع بكم .