المطلب الثاني: هل الخلاف بين أهل السنة ومرجئة الفقهاء حقيقي أم لفظي؟
ومنشأ النزاع في ذلك أن هؤلاء المرجئة، مع قولهم بإخراج العمل من الإيمان، ونفي الزيادة والنقصان عنه، ومنع الاستثناء فيه، إلا أنهم كانوا (مع سائر أهل السنة متفقين على أن الله يعذب من يعذبه من أهل الكبائر بالنار، ثم يخرجهم بالشفاعة، كما جاءت الأحاديث الصحيحة بذلك. وعلى أنه لابد في الإيمان أن يتكلم بلسانه، وعلى أن الأعمال المفروضة واجبة، وتاركها مستحق للذم والعقاب) (1) .
ولهذا ذهب بعض أهل العلم إلى أن الخلاف بينهم وبين أهل السنة خلاف في الاسم واللفظ دون الحكم، وذهب آخرون إلى أنه خلاف حقيقي في الاسم واللفظ والحكم.
تحقيق قول شيخ الإسلام في هذه المسألة:
عزا بعض الباحثين إلى شيخ الإسلام أنه ممن يرى النزاع بين أهل السنة ومرجئة الفقهاء نزاعًا لفظيًا، على ما هو المتبادر من بعض كلامه.
والتحقيق في ذلك أن شيخ الإسلام له عبارات متنوعة في تناول هذه المسألة:
1- فتارة يقول عن الخلاف في الأعمال هل هي من الإيمان وفي الاستثناء ونحو ذلك: إن عامته نزاع لفظي.
2- وتارة يقول: هذه البدعة أخف البدع فإن كثيرًا من النزاع فيها نزاع في الاسم واللفظ دون الحكم (2) .
3- وتارة يشير إلى أن ذلك من بدع الأقوال والأفعال لا العقائد. قال: (ولهذا دخل في إرجاء الفقهاء جماعة هم عند الأمة أهل علم ودين، ولهذا لم يكفر أحد من السلف أحدًا من (مرجئة الفقهاء) بل جعلوا هذا من بدع الأقوال والأفعال، لا من بدع العقائد؛ فإن كثيرا من النزاع فيها لفظي، لكن اللفظ المطابق للكتاب والسنة هو الصواب. فليس لأحد أن يقول بخلاف قول الله ورسوله، لاسيما وقد صار ذلك ذريعة إلى بدع أهل الكلام من أهل الإرجاء وغيرهم، وإلى ظهور الفسق، فصار ذلك الخطأ اليسير في اللفظ سببا لخطأ عظيم في العقائد والأعمال، فلهذا عظم القول في ذم الإرجاء حتى قال إبراهيم النخعي: لفتنتهم يعنى المرجئة أخوف على هذه الأمة من فتنة الأزارقة) وذكر آثارا في ذم المرجئة (3) .
وهذه المواضع الثلاثة لا تعارض بينها، فإنَّ فيها إقرارًا بأن هذا النزاع منه ما هو حقيقي، ومنه ما هو لفظي وهو الغالب والأكثر (4) .
4- وتارة يبيِّن شيخ الإسلام أن الخلاف إنما يكون لفظيًا مع من أقرَّ بأن أعمال الجوارح لازمة لإيمان القلب، بحيث إذا انتفى اللازم انتفى الملزوم.
وهذا يذكره في مواضع، ومع هذا فقد غفل كثير من الباحثين عن الإشارة إليه.
ومن هذه المواضع قوله: (وقيل لمن قال دخول الأعمال الظاهرة في اسم الإيمان مجاز: نزاعك لفظي، فإنك إذا سلمت أن هذه لوازم الإيمان الواجب الذي في القلب وموجباته، كان عدم اللازم موجبًا لعدم الملزوم، فيلزم من عدم هذا الظاهر عدم الباطن، فإذا اعترفت بهذا كان النزاع لفظيًا. وإن قلت ما هو حقيقة قول جهم وأتباعه، من أنه يستقر الإيمان التام الواجب في القلب مع إظهار ما هو كفر وترك جميع الواجبات الظاهرة، قيل لك: فهذا يناقض قولك أن الظاهر لازم له وموجب له، بل قيل: حقيقة قولك أن الظاهر يقارن الباطن تارة، ويفارقه أخرى، فليس بلازم له ولا موجب ومعلول له، ولكنه دليل إذا وجد دل على وجود الباطن، وإذا عدم لم يدل عدمه على العدم، وهذا حقيقة قولك) (5) .
وقال: (وهذا يلزم كل من لم يقل إن الأعمال الظاهرة من لوازم الإيمان الباطن. فإذا قال: إنها من لوازمه وأن الإيمان الباطن يستلزم عملًا صالحًا ظاهرا، كان بعد ذلك قوله: إن تلك الأعمال لازمة لمسمى الإيمان أو جزءًا منه نزاعا لفظيا كما تقدم) (6) .
وقال: (وللجهمية هنا سؤال ذكره أبو الحسن في كتاب (الموجز)، وهو أن القرآن نفى الإيمان عن غير هؤلاء كقوله: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ [الأنفال:2]، ولم يقل إن هذه الأعمال من الإيمان. قالوا: فنحن نقول: من لم يعمل هذه الأعمال لم يكن مؤمنا؛ لأن انتفاءها دليل على انتفاء العلم من قلبه. والجواب عن هذا من وجوه:
أحدها: أنكم سلمتم أن هذه الأعمال لازمة لإيمان القلب فإذا انتفت لم يبق في القلب إيمان، وهذا هو المطلوب، وبعد هذا فكونها لازمة أو جزءا نزاع لفظي.
الثاني: أن نصوصا صرحت بأنها جزء كقوله: ((الإِيمَانُ بِضْعٌ وَسِتُّونَ أَوْ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ شُعْبَةً)) (7) . ) (8) .
وقال: (والمرجئة أخرجوا العمل الظاهر عن الإيمان، فمن قصد منهم إخراج أعمال القلوب أيضًا وجعلها هي التصديق، فهذا ضلال بين. ومن قصد إخراج العمل الظاهر، قيل لهم: العمل الظاهر لازم للعمل الباطن لا ينفك عنه، وانتفاء الظاهر دليل انتفاء الباطن، فبقي النزاع في أن العمل الظاهر هل هو جزء من مسمى الإيمان يدل عليه بالتضمن أو لازم لمسمى الإيمان؟
والتحقيق أنه تارة يدخل في الاسم، وتارة يكون لازمًا للمسمى، بحسب إفراد الاسم واقترانه..) (9) .
وقال: (ولما كان إيمان القلب له موجبات في الظاهر، كان الظاهر دليلًا على إيمان القلب ثبوتا وانتفاء، كقوله تعالى: لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ [المجادلة:22]، وقوله عز وجل: وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِالله والنَّبِيِّ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاء وَلَكِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ [المائدة:81] وأمثال ذلك. وبعد هذا فنزاع المنازع في أن الإيمان في اللغة هل هو اسم لمجرد التصديق دون مقتضاه، أو اسم للأمرين يؤول إلى نزاع لفظي. وقد يقال: إن الدلالة تختلف بالإفراد والاقتران. والناس منهم من يقول: إن أصل الإيمان في اللغة التصديق، ثم يقول: والتصديق يكون باللسان ويكون بالجوارح، والقول يسمى تصديقا، والعمل يسمى تصديقا، كقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((العَيْنَانِ تَزْنِيَانِ وَزِنَاهُمَا النَّظَرُ وَالْأُذُنُ تَزْنِي وَزِنَاهَا السَّمْعُ وَالْيَدُ تَزْنِي وَزِنَاهَا الْبَطْشُ وَالرِّجْلُ تَزْنِي وَزِنَاهَا الْمَشْيُ وَالْقَلْبُ يَتَمَنَّى وَيَشْتَهِي وَالْفَرْجُ يُصَدِّقُ ذَلِكَ أَوْ يُكَذِّبُهُ)) (10) ، وقال الحسن البصري: ليس الإيمان بالتمني ولا بالتحلي ولكن بما وقر في القلب وصدقه العمل (11) .
ومنهم من يقول: بل الإيمان هو الإقرار وليس هو مرادفا للتصديق... وإنما المقصود أن فقهاء المرجئة خلافهم مع الجماعة خلاف يسير، وبعضه لفظي، ولم يعرف بين الأئمة المشهورين بالفتيا خلاف إلا في هذا، فإن ذلك قول طائفة من فقهاء الكوفيين كحماد بن أبي سليمان وصاحبه أبي حنيفة وأصحاب أبي حنيفة) (12) .
وقال: (وهذا التصديق له لوازم داخلة في مسماه عند الإطلاق، فإن انتفاء اللازم يقتضي انتفاء الملزوم، ويبقى النزاع لفظيًا: هل الإيمان دال على العمل بالتضمن أو باللزوم؟
ومما ينبغي أن يعرف أن أكثر التنازع بين أهل السنة في هذه المسألة هونزاع لفظي، وإلا فالقائلون بأن الإيمان قول من الفقهاء، كحماد بن أبى سليمان، وهو أول من قال ذلك، ومن اتبعه من أهل الكوفة وغيرهم متفقون مع جميع علماء السنة على أن أصحاب الذنوب داخلون تحت الذم والوعيد، وإن قالوا: إن إيمانهم كامل كإيمان جبريل (13) ، فهم يقولون: إن الإيمان بدون العمل المفروض ومع فعل المحرمات يكون صاحبه مستحقا للذم والعقاب كما تقوله الجماعة. ويقولون أيضا بأن من أهل الكبائر من يدخل النار كما تقوله الجماعة. والذين ينفون عن الفاسق اسم الإيمان من أهل السنة متفقون على أنه لا يخلد في النار، فليس بين فقهاء الملة نزاع في أصحاب الذنوب إذا كانوا مقرين باطنا وظاهرا بما جاء به الرسول وما تواتر عنه أنهم من أهل الوعيد وأنه يدخل النار منهم من أخبر الله ورسوله بدخوله إليها ولا يخلد منهم فيها أحد ولا يكونون مرتدين مباحي الدماء) (14) .
ومن خلال هذه النقولات يتضح أن شيخ الإسلام يرى الخلاف لفظيًا مع من أقر بالتلازم بين الظاهر والباطن،وأن العمل الظاهر لازم للإيمان الباطن لا ينفك عنه، بحيث إذا انتفى اللازم انتفى الملزوم. وأما من يرى العمل ثمرة تقارن الباطن تارة وتفارقه أخرى، فهذا قائل بقول جهم، والنزاع معه حقيقي بلا ريب.
وقول شيخ الإسلام: (خلافهم مع الجماعة خلاف يسير، وبعضه لفظي)، وقوله: (أن أكثر التنازع بين أهل السنة في هذه المسألة هو نزاع لفظي) ونحو هذا من كلامه، يدل على أن الخلاف مع مرجئة الفقهاء- وإن قالوا بالتلازم- حقيقي في بعض المسائل، ولعله يشير إلى قولهم في الاستثناء، أو تجويزهم أن يقول أفسق الناس: إن إيمانه كإيمان جبريل عليه السلام !
وقد ترتب على قولهم في الاستثناء مذهب شنيع، وهو تكفير المستثني، بحجة أنه شاك في إيمانه، ولهذا منع بعض الحنفية من تزويج القائل بالاستثناء؛ لكن المحققين منهم على خلافه.
قال ابن نجيم: (وقال الرستغفني: لا تجوز المناكحة بين أهل السنة والاعتزال. وقال الفضل: لا يجوز بين من قال: أنا مؤمن إن شاء الله تعالى؛ لأنه كافر. ومقتضاه منع مناكحة الشافعية، واختلف فيها هكذا، قيل: يجوز، وقيل: يتزوج بنتهم ولا يزوجهم بنته، وعلله في البزازية بقوله: تنزيلًا لهم منزلة أهل الكتاب. وقد قدمنا في باب الوتر والنوافل إيضاح هذه المسألة، وأن القول بتكفير من قال: أنا مؤمن إن شاء الله غلط، ويجب حمل كلامهم على من يقول ذلك شاكا في إيمانه، والشافعية لا يقولون به، فتجوز المناكحة بين الحنفية والشافعية بلا شبهة. وأما المعتزلة فمقتضى الوجه حل مناكحتهم؛ لأن الحق عدم تكفير أهل القبلة، كما قدمنا نقله عن الأئمة في باب الإمامة) (15) .
والحاصل أن إرجاء الفقهاء يحتمل أمرين:
الأول: عدم إثبات التلازم بين الظاهر والباطن، والقائل بهذا خلافه مع أهل السنة خلاف حقيقي جوهري.
والثاني: إثبات التلازم بين الظاهر والباطن، والتسليم بأن انتفاء اللازم يدل على انتفاء الملزوم، والقائل بهذا خلافه مع أهل السنة أكثره لفظي، وبدعته في إخراج العمل من مسمى الإيمان، من بدع الأقوال والأفعال، لا من بدع العقائد.
هذا تحرير مذهب شيخ الإسلام، في هذه المسألة، حسبما ظهر لي من تتبع كلامه في مواطن كثيرة من كتبه.
وممن ذهب إلى أن الخلاف بين أهل السنة ومرجئة الفقهاء خلاف صوري:
ابن أبي العز الحنفي في شرحه على الطحاوية، حيث قال: (والاختلاف الذي بين أبي حنيفة والأئمة الباقين من أهل السنة خلاف صوري؛ فإن كون أعمال الجوارح لازمة لإيمان القلب، أو جزءا من الإيمان، مع الاتفاق على أن مرتكب الكبيرة لا يخرج من الإيمان، بل هو في مشيئة الله إن شاء عذبه وإن شاء عفا عنه: نزاع لفظي لا يترتب عليه فساد اعتقاد) (16) .
وهذا موافق لما قرره شيخ الإسلام، من جعل الخلاف مع هؤلاء المرجئة لفظياً، إذا أقروا بأن أعمال الجوارح لازمة لإيمان القلب.
ومنهم: الحافظ الذهبي، فقد قال: (قال معمر: قلت لحماد: كنت رأسا وكنت إماما في أصحابك، فخالفتهم فصرت تابعا. قال: إني أن أكون تابعا في الحق، خير من أن أكون رأسا في الباطل.
قلت: يشير معمر إلى أنه تحول مرجئًا إرجاء الفقهاء، وهو أنهم لا يعدّون الصلاة والزكاة من الإيمان، ويقولون: الإيمان إقرار باللسان، ويقين في القلب، والنزاع على هذا لفظي إن شاء الله، وإنما غلو الإرجاء من قال: لا يضر مع التوحيد ترك الفرائض. نسأل الله العافية) (17) .
وصرح بعض أهل العلم بأن الخلاف حقيقي جوهري، بإطلاق:
قال الشيخ ابن باز معلقًا على قول الطحاوي في عقيدته المشهورة: (والإيمان هو الإقرار باللسان، والتصديق بالجنان): (هذا التعريف فيه نظر وقصور، والصواب الذي عليه أهل السنة والجماعة أن الإيمان قول وعمل واعتقاد، يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية، والأدلة على ذلك من الكتاب والسنة أكثر من أن تحصر، وقد ذكر الشارح ابن أبي العز جملة منها فراجعها إن شئت. وإخراج العمل من الإيمان هو قول المرجئة، وليس الخلاف بينهم وبين أهل السنة فيه لفظيًا، بل هو لفظي ومعنوي، ويترتب عليه أحكام كثيرة، يعلمها من تدبر كلام أهل السنة وكلام المرجئة، والله المستعان) (18) .
وقال الشيخ الألباني معلقا على كلام الطحاوي أيضًا: (هذا مذهب الحنفية والماتريدية، خلافاً للسلف وجماهير الأئمة كمالك والشافعي وأحمد والأوزاعي وغيرهم، فإن هؤلاء زادوا على الإقرار والتصديق: العمل بالأركـان.
وليس الخلاف بين المذهبين اختلافًا صوريًا كما ذهب إليه الشارح رحمه الله تعالى، بحجة أنهم جميعاً اتفقوا على أن مرتكب الكبيرة لا يخرج عن الإيمان، وأنه في مشيئة الله، إن شاء عذبه وإن شاء عفا عنه. فإن هذا الاتفاق وإن كان صحيحاً، فإن الحنفية لو كانوا غير مخالفين للجماهير مخالفة حقيقية في إنكارهم أن العمل من الإيمان، لاتفقوا معهم على أن الإيمان يزيد وينقص وأن زيادته بالطاعة، ونقصه بالمعصية، مع تضافر أدلة الكتاب والسنة والآثار السلفية على ذلك، وقد ذكر الشارح طائفة طيبة منها (ص342-344) ولكن الحنفية أصروا على القول بخلاف تلك الأدلة الصريحة في الزيادة والنقصان، وتكلفوا في تأويلها تكلفاً ظاهراً، بل باطلاً، ذكر الشارح (ص342) نموذجاً منها، بل حكى عن أبي المعين النسفي أنه طعن في صحة حديث: ((الإيمان بضع وسبعون شعبة..)) مع احتجاج كل أئمة الحديث به، ومنهم البخاري ومسلم في صحيحيهما، وهو مخرج في (الصحيحة) (1769) وما ذلك إلا لأنه صريح في مخالفة مذهبهم!
ثم كيف يصح أن يكون الخلاف المذكور صوريًا، وهم يجيزون لأفجر واحد منهم أن يقول: إيماني كإيمان أبي بكر الصديق! بل كإيمان الأنبياء والمرسلين وجبريل وميكائيل عليه الصلاة والسلام! كيف وهم بناء على مذهبهم هذا لا يجيزون لأحدهم - مهما كان فاجراً فاسقاً - أن يقول: أنا مؤمن إن شاء الله تعالى، بل يقول: أنا مؤمن حقاً! والله عز وجل يقول: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَّهُمْ دَرَجَاتٌ عِندَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ [الأنفال:2-4]، وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلا [النساء:122] وبناء على ذلك كله اشتطوا في تعصبهم، فذكروا أن من استثنى في إيمانه فقد كفر! وفرعوا عليه أنه لا يجوز للحنفي أن يتزوج بالمرأة الشافعية! وتسامح بعضهم– زعموا – فأجاز ذلك دون العكس، وعلل ذلك بقوله: تنـزيلاً لها منـزلة أهل الكتاب! وأعرف شخصاً من شيوخ الحنفية خطب ابنته رجل من شيوخ الشافعية، فأبى قائلاً: لولا أنك شافعي! فهل بعد هذا مجال للشك في أن الخلاف حقيقي؟ ومن شاء التوسع في هذه المسألة فليرجع إلى كتاب شيخ الإسلام ابن تيمية: (الإيمان) فإنه خير ما ألف في هذا الموضوع) (19) . (
http://www.dorar.net/enc/aqadia/3269