تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 9 من 9

الموضوع: كيف يُفهم المعنى؟ هل يُفهم بلازم الصفة؟ جواب الشيخ صالح ال الشيخ حفظه الله و رعاه

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Dec 2010
    المشاركات
    1,179

    افتراضي كيف يُفهم المعنى؟ هل يُفهم بلازم الصفة؟ جواب الشيخ صالح ال الشيخ حفظه الله و رعاه

    بسم الله الرحمن الرحيم


    السائل: من مذهب السلف في باب الصفات، فهم المعنى وتفويض الكيف،
    والسؤال هنا: كيف يُفهم المعنى؟ هل يُفهم بلازم الصفة؟
    فمثلا صفة اليد يُفهم معناها من خلال اللازم من كونها يدا وهو أنها تقبض وتبسط وتطوي، ومن صفة القدم أنها يوطأ بها، أم أنه لا يفهم ذلك باللازم؟
    فإن لم يُفهم المعنى باللازم فيكف يفهم؟ أبلغة العرب التي قد لا نجد معنىً واضحا في قواميسها، كأن يُقال مثلا في معنى اليد: اليد معروفة، أو تُفسر بما لا يمكن أن يكون معنىً لصفة من صفات الله تبارك وتعالى، كأن يُقال في اليد: هي الجارحة المعروفة.

    الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم.
    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه.

    أما بعد:
    فأرحب بالإخوة من أحبابنا من الإمارات، ولاشك أن التواصل العلمي والدعوي بين المهتمين بالمنهج السلفي أصل من الأصول؛ لأنه يحصل بهذا التواصل من الخيرات الدينية والعلمية ما لا يدخل تحت حصر.

    وطالب كثير من المشكلات، وفهم المشكل علم كما نص عليه القرافي في الفروق في أحد المسائل التي عرض لها قال فيها: (وحظي منها معرفة الإشكال؛ إذ معرفة الإشكال نوع من العلم). وهذا صحيح لأنهم الذي علم هو الذي يستشكل.
    والمقصود به الاستشكالات المهمة، أما استشكالات الطلبة والدارسين، الاستشكالات المعروفة المدرسية، فهذه ليست هي المقصودة، ولكن استشكالات التحرير تحرير المسائل، استشكالات وزن الأقوال، هذا لاشك أنه من العلم.

    فهذه المسالة التي ذكرتها هي من هذا القبيل، فإنها مما يُشكل ويستشكله كثير على مذهب السلف، ما المقصود بإثبات الصفة وتفويض الكيفية، والسلف لم يعبروا بإثبات المعنى كما عبّرت في السؤال، وإنما كان مذهبهم الإيمان بظاهر النصوص وأن لا يتجاوزوا القرآن والحديث فيها، وأن يكون هذا الإيمان إيمان في الصفات، إيمان بإثبات الصفة إثباتا مع قطع الطمع في إدراك الكيفية.

    فيكون معنى ذلك أن السلف يثبتون الصفات وهذا الإثبات هو إثبات معنى لا إثبات كيفية للصفة.

    وإثبات المعنى معناه أن الصفات الذاتية أو الصفات الفعلية للرب جل جلاله وتقدست أسماؤه، هذه الصفات لها معاني مختلفة، فليس معنى صفة الوجه هو معنى صفة اليد أو اليدين لله جل وعلا، وليس معنى صفة النزول هو معنى صفة الاستواء، وليس معنى صفة الاستواء هو معنى صفة الرحمة، وليس معنى صفة الرحمة هو معنى صفة الإرادة، وليس معنى صفة الغضب هو معنى صفةالانتقام، وهكذا... فهذه الصفات التي وصف الله جل وعلا بها نفسه أو وصفه بها رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تختلف، لـمَّا اختلفت ألفاظها اختلف صفات الله جل وعلا بها، بمعنى أنَّ كلَّ صفة تُثبَت كما وردت.

    فمن ذلك صفة الوجه لله جل جلاله كما في قوله: ﴿وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ[الرحمن:27]، وكما في قوله جل وعلا: ﴿فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجْهُ اللّهِ[البقرة:115]، عند من قال إنها من آيات الصفات، ونحو ذلك مما فيه إثبات هذه الصفة الجليلة. ويدل عليه من السنة قوله عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ «حجابه النور لو كشفه لأحرقت سَبُحَات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه» والأدلة في إثبات هذه الصفات كثيرة معروفة.

    فالوجه نقول فيه: إن الوجه معروف في اللغة، أو معروف عند الناس، والمعروف هو المعنى الكلي لا المعنى الإضافي؛ لأن الصفات بعامة -ليس المقصود صفات الله جل وعلا- ما يحصل في الناس أو في الخليقة في اللغات كها ثَم معاني كلية وثَم معاني إضافية، المعاني الكلية هذه ليست موجودة في الواقع؛ لكنها موجودة في اللغة موجودة في الإدراك؛ لكن المعاني الإضافية هذه هي التي تُدرك لأنّها رُئيت أو عُرفت إلى آخره، إذا نظرت مثلا لصفة الوجه بعامة، فإن كل أحد يسمع كلمة وجه، يُدرك المعنى الكلي له أنه صفة شريفة تحصل بها المواجهة، وأنها أشرف ما في الموجود ونحو ذلك، مما يكون بعامة يعني يحصل له معرفة للوجه يتصور الوجه هو شيء معين؛ يعني من حيث المعنى الكلي، إذا جاء غلى المعنى الإضافي، فإنه إذا قيل له وجه لا بد يُحدَّد هل هو وجه إنسان يتصور وجه الإنسان على نحو ما رأى، وجه حمار على وجه ما رأى، وجه عصفور فيتصوره على نحو ما رأى، ووجه كذا وكذا فيتصوره على نحو ما رأى.

    لهذا، المعنى الكلي هو الذي يثبت في الصفات؛ لأن المعنى الإضافي لا ندركه، المعنى الإضافي لا يدرك، وهذا المعنى الكلي ليس شرطا أن يكون موجدا في اللغة، لماذا؟ لأن كتب اللغة معنية ببيان الاضافيات لا ببيان الكليات، وقليل منها من يذكر أحيانا المعنى الكلي.
    ممن يذكر المعاني الكلي ابن فارس في مقاييس اللغة، ويذكرها وتارة يغلب عليه النظر في الإضافي؛ ولكن كثير يذكر المعنى الكلي.

    إذا تقرر هذا، فإذن لا نقول إن هذه الصفات إثبات المعنى فيها هو إثبات هو إثبات للازمها، وإنما نقول إثبات الصفة هو إمرارها كما جاءت على ظاهرها ولا نقول إن الوجه معناه كذا أو ينطبع في ذهني أن الوجه معناه كذا، إنما نقول الوجه لله جل وعلا صفة وهو غير صفة اليدين، إذا جاء في النصوص تفسير لآثار الوجه أو لعمل اليدين، مثل ما قلت في اليدين يقبض يبسط، يخفض ويرفع، بيده اليمنى القسط وبيده الأخرى كذا، مثل ما جاء في النصوص نمرها كما جاءت؛ ولكن لا تفسر بلازمها.

    وعدم التفسير باللازم لأجل أن لا يفضي إلى محظورين:
    المحظور الأول: أن تفسيرها باللازم يُذهب الكلية اللغوية، والكلية اللغوية هي الإمرار كما جاءت، والتفسير باللازم لاشك أنه سيفضي أنك تفسرها باللازم عند البشر، مثل ما قلت في القدم في السؤال هي التي يوطأ بها، القدم سميت بذلك لأنها هي التي تتقدم ما عند الانتقال هي التي تتقدم؛ ولكن هذا أيضا يدخل فيه الحس الإضافي.

    ولذلك نقول إن إثبات الصفات إثبات كما جاءت، والمهم فيها كوننا ما نقول أننا نفوض المعنى، إثبات المعنى معناه الإيقان بأن الوجه غير اليدين، واليدين غير القدم، والقدم غير الساق، والعينان غير السمع، والبصر غير السمع وغير الكلام، الرحمة غير الإرادة، الغضب غير الرضا، الغضب غير إرادة الانتقام، وهكذا... كل صفة مستقلة بمعنى من المعاني لا يُفسَّر، الغضب غير الرضا معروف يعني تدركه أنت أنه غضب؛ لكن قد يكون إدراك الإنسان له إدراك بآثاره؛ لكن هو يتصور أن الغضب غير الرضا، لكن هو الغضب على حقيقته في الله جلَّ وعلا لا يتصوره، لكنه يتصور الأثر فيما يعرف، فينطبع في ذهنه شيئان: الأمر الأول أن الغضب صفة غير الرضا لاشك بالمقابل لها تماما. الثاني أن آثار الغضب يحذرها ويخافه.

    فإذن إثبات الصفة هنا إثبات وجود وإثبات تمايز وتغاير بينها وبين الصفات الأخرى دون إثبات للوازم إلا إذا وردت النصوص.


    السائل: جزاك الله خيرا يا شيخ، الذي منعنا من مسألة الاضافة، الاضافة المعينة، أنها جزء من الحقيقة...
    الشيخ: المعنى الاضافي
    السائل: المعنى الاضافي، نعلم أنه جزء من الحقيقة
    الشيخ: إيش معناه أنه جزء من الحقيقة؟
    السائل: أنه يعني نفوض الحقيقة أو الكيف
    الشيخ: ما نفوض المعنى؛ لكن نفوض حقيقة الكيفية أما حقيقة اللفظ أو المعنى ما نفوضها.


    المصدر: شريط بعنوان: "جلسة في بيت الشيخ"، "سؤالات العبدان" لفضيلة الشيخ: صالح بن عبد العزيز آل الشيخ -حفظه الله تعالى






  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Dec 2010
    المشاركات
    1,179

    افتراضي

    قال ابن القيم رحمه الله في طريق الهجرتين /

    ( ..... فإن قلت: فهل من مسلك غير هذا الوادى الذى ذممته فنسلك فيه، أو من طريق يستقيم عليه السالك؟

    قلت: نعم، بحمد الله الطريق واضحة المنار بينة الأعلام مضيئة للسالكين وأولها أن
    تحذف خصائص المخلوقين عن إضافتها إلى صفات رب العالمين فإن هذه العقدة هى أصل بلاء الناس، فمن حلها فما بعدها أيسر منها، ومن هلك بها فما بعدها أشد منها. وهل نفى أحد ما نفى من صفات الرب ونعوت جلاله إلا لسبق نظره الضعيف إليها واحتجاجه بها عن أصل الصفة وتجردها عن خصائص المحدث، فإن الصفة يلزمها لوازم باختلاف محلها فيظن القاصر إذا رأى ذلك اللازم فى المحل المحدث أنه لازم لتلك الصفة مطلقاً فهو يفر من إثباتها للخالق سبحانه، حيث لم يتجرد فى ظنه عن ذلك اللازم .

    وهذا كما فعل من نفى عنه سبحانه الفرح والمحبة والرضى والغضب والكراهة والمقت والبغض، وردها كلها إلى الإرادة، فإنه فهم فرحاً مستلزماً لخصائص المخلوق من انبساط دم القلب وحصول ما ينفعه، وكذلك فهم غضباً هو غليان دم القلب طلباً للانتقام، وكذلك فهم محبة ورضى وكراهة ورحمة مقرونة بخصائص المخلوقين فإن ذلك هو السابق إلى فهمه، وهو المشهود فى علمه الذى لم تصل معرفته إلى سواه ولم يحط علمه بغيره.ولما كان ذلك هو السابق إلى فهمه لم يجد بداً من نفيه عن الخالق، والصفة لم تتجرد فى عقله عن هذا اللازم فلم يجد بداً من نفيها.

    ثم لأصحاب هذه الطريق مسلكان: أحدهما: مسلك التناقض البين، وهو إثبات كثير من الصفات، ولا يلتفت فيها إلى هذا الخيال، بل يثبتها مجردة عن خصائص المخلوق - كالعلم والقدرة والإرادة والسمع والبصر وغيرها- فإِن كان إثبات تلك الصفات التى نفاها يستلزم المحذور الذى فرّ منه فكيف لم يتسلزم إثبات ما أثبته وإن كان إثبات ما أثبته لا يستلزم محذوراً فكيف يستلزمه إثبات ما نفاه؟ وهل فى التناقض أعجب من هذا ؟

    والمسلك الثانى: [مسلك النفى العام والتعطيل المحض هرباً من التناقض والتزاماً] لأعظم الباطل وأمحل المحال، فإذا الحق المحض فى الإثبات المحض الذى أثبته الله لنفسه فى كلامه وعلى لسان رسوله من غير تشبيه ولا تمثيل ومن غير تحريف ولا تبديل ومنشأ غلط المحرّفين إنما هو ظنهم أن ما يلزم الصفة فى المحل المعين يلزمها لذاتها، فينفون ذلك اللازم عن الله، فيضطرون فى نفيه إلى نفى الصفة ، ولا ريب أن الأمور ثلاثة: أمر يلزم الصفة لذاتها من حيث هى، فهذا لا يجب- بل لا يجوز- نفيه، كما يلزم العلم والسمع والبصر من تعلقها بمعلوم ومسموع ومبصر فلا يجوز نفى هذه التعلقات عن هذه الصفات إذ لا تحقق لها بدونها، وكذلك الإرادة [مثلاً] تستلزم العلم لذاتها فلا يجوز نفى لازمها عنها، وكذلك السمع والبصر والعلم يستلزم الحياة فلا يجوز نفى لوازمها، وكذلك كون المرئى مرئياً حقيقة له لوازم لا ينفك عنها ولا سبيل إلى نفى تلك اللوازم إلا بنفى الرؤية، وكذلك الفعل الاختيارى له لوازم لا بد فيه منها، فمن نفى لوازمه نفى الفعل الاختيارى ولا بد.

    ومن هنا كان أهل الكلام أكثر الناس تناقضاً واضطراباً فإنهم ينفون الشيء ويثبتون ملزومه، ويثبتون الشيء وينفون لازمه، فتتناقض أقوالهم وأدلتهم، ويقع السالك خلفهم فى الحيرة والشك ...... )




  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jan 2015
    الدولة
    الجزائر
    المشاركات
    154

    افتراضي

    في كتاب قلب الأدلة لتميم القاضي - الجزء الثاني - بحث جيد حول هاذه المسألة.

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Mar 2016
    الدولة
    المغرب
    المشاركات
    166

    Question إذا كان هذا هذا كافياَ لِأن يكون المُسلم ممّن يُثبتُ المعنى، فَلِم نُسِب القاضي أبو يعلى إلى مفوضة المعنى؟

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الطيبوني مشاهدة المشاركة
    بسم الله الرحمن الرحيم

    إثبات المعنى معناه الإيقان بأن الوجه غير اليدين، واليدين غير القدم، والقدم غير الساق، والعينان غير السمع، والبصر غير السمع وغير الكلام، الرحمة غير الإرادة، الغضب غير الرضا، الغضب غير إرادة الانتقام، وهكذا...





    [/CENTER]



    إذا كان هذا هذا كافياَ لِأن يكون المُسلم ممّن يُثبتُ المعنى، فَلِم نُسِب القاضي أبو يعلى إلى مفوضة المعنى؟
    حيث يقول ابن تيمية رحمه الله في (درء تعارض العقل والنقل):
    ( .. وتارة يفوّضون معانيها ويقولون: تجري على ظواهرها، كما فعله القاضي أبو يعلى وأمثاله في ذلك .. ). اهـ
    ويقول الشيخ احمد القاضي في كتابه ( مذهب اهل التفويض في نصوص الصفات ) عن كتاب ابي يعلي هذا ص 207 :
    (وقد اراد ابو يعلى رحمه الله ابطال طريقة اهل التأويل , وتقرير مذهب السلف في الاثبات , فوفق في تحقيق الهدف الاول , ووجهت اليه بعض الانتقادات في الثاني . وتنحصر هذه الانتقادات في :
    رواية بعض الاحاديث الواهية واعتمادها في الدلالة على صفات الله، وشيء من التاويل والتفويض). اهـ


    وهنا أنقل فصلا من كتاب (إبطال التأويلات للقاضي أبو يعلى)، يتحقق فيه أنه رَحمه الله، كان على ما قلتموه من أن (إثبات المعنى معناه الإيقان بأن الوجه غير اليدين، واليدين غير القدم، والقدم غير الساق، والعينان غير السمع، والبصر غير السمع وغير الكلام، الرحمة غير الإرادة، الغضب غير الرضا، الغضب غير إرادة الانتقام، وهكذا ..):


    قال القاضي أبو يعلى في كتاب (إبطال التأويلات):


    إثبات السمع والبصر لله تَعَالَى:
    رَوَاهُ أَبُو محمد الحسن بْن محمد الخلال فيما خرجه من أخبار الصفات بِإِسْنَادِهِ، عَن أَبِي هريرة: " أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قرأ: {إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا} فوضع إصبعه الدعاء وإبهامه عَلَى عينه وإذنه " وَفِي لَفْظٍ آخَرَ: " فوضع إبهامه عَلَى أذنه والأخرى عَلَى عينه " قَالَ أَبُو محمد: هَذَا حديث إسناده شرط مسلم يلزمه إخراجه فِي الصحيح، وَهُوَ حديث ليس فِيهِ علة.
    اعلم أَنَّهُ ليس المراد بالإشارة إِلَى العضو والجارحة الَّتِي لا مدح فِي إثباتها، لأَنَّ القديم سُبْحَانَهُ يستحيل عَلَيْهِ ذلك، وإنما المراد بذلك تحقيق السمع والبصر الَّذِي فِي إثبات المقصود أن اللَّه عَزَّ وَجَلَّ يرى المرئيات برؤيته، ويسمع المسموعات بسمعه، فأشار إِلَى الأذن والعين تحقيقا للسمع والبصر لأجل أنهما محل للسمع والبصر، وقد يسمى محل الشيء باسمه لما بينهما من المجاورة والقرب ولأن هَذَا الخبر أفاد أن وصفه عَزَّ وَجَلَّ بأنه سميع بصير لا عَلَى مَعْنَى وصفه بأنه " عليم " كَمَا ذهب إِلَيْهِ بعض أهل النظر ولم يثبتوا لله عَزَّ وَجَلَّ فِي وصفنا لَهُ بأنه " سميع " مَعْنَى خاصا، وفائدة زائدة عَلَى وصفنا لَهُ بأنه عليم، فأفاد بذلك تحقيق مَعْنَى السمع والبصر، وأنه مَعْنَى زائد عَلَى العلم، إذ لو كان مَعْنَى ذلك العلم لكان يشير إِلَى القلب الَّذِي هُوَ محل العلم، لينبه بذلك عَلَى معناه، فلما أشار إِلَى العين والأذن - وهما محلان للسمع والبصر - حقق الفرق بين السمع والبصر وبين العلم.
    -انتهى كلام أبي يعلى.
    الرَّد على الزَّنادقة والجهمية لللإمام أحمد بن محمد بن حنبل:
    http://www.ajurry.com/vb/attachment....8&d=1370176387

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي

    فوائد جمعتها من كلام الشيخ صالح ال الشيخ لتبين المراد [بالكيفية - والمعنى الكلى -اصل المعنى - والحقيقة -والكنه-واصل الصفة- والشتراك فى اصل المعنى]---------------------------------------------------------------الذي يوافق طريقة أهل السنة والجماعة أن ينفى الأول وهو المراد بالتمثيل دون نفي الثاني؛ لأن إثبات الصفات إثبات للصفة مع المعنى، والمعنى يشترك المخلوق مع الخالق فيه في أصل الصفة، في أصل المعنى دون كماله، كما أنه المخلوق يوصف بالوجود والله جل وعلا يوصف بالوجود فبينهما اشتراك في أصل المعنى دون تمامه ودون حقيقته، كذلك يوصف المخلوق بالسمع، والله جل وعلا يوصف بالسمع وللمخلوق سمع يناسبه، ولله جل وعلا سمع كامل متنزه عن النقائص.. وما يليق بجلاله وعظمته جل وعلا.------------------------------ س1/ ما المقصود بالحقيقة والكنه في الصافات، هل يراد بها المعنى أو الكيفية؟ وجزاكم الله خيرا.
    ج/ الحقيقة والكنه هي من الألفاظ التي استعملت في الكلام على صفات الله جل وعلا، ويعنى بالحقيقة وبالكنه تمام المعنى والكيفية.
    وقد قال المعرفون: إن الكنه هو ما تنتهي إليه حقيقة الشيء يعني من جهة معناه ومن جهة كيفيته.
    ولهذا لا نعلم كنه صفات الله جل وعلا؛ لأن معنى ذلك أننا لا نعلم حقائقها التي تنتهي إليه، وإنما نعلم بعض المعنى، وأما الكيفية فلا نعلمها.
    لهذا فإن الحقيقة والكنه بالنسبة لصفات الله جل وعلا غير مطموع في إدراكها، وإنما نعلم أن الله جل وعلا اتصف بصفات وصف نفسه بتلك الصفات، ووصفه بها رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ونعلم معاني تلك الصفات، وأن لتلك الصفات معاني نفهمها باللسان العربي المبين؛ ولكن تمام المعنى لا نعلمه؛ لأن الأمر غيبي وكذلك الكيفية لا تُعلم.
    فإذن معنى الكنه والكيفية الكنه والحقيقة في صفات الله جل وعلا يعني الكيفية أو نهاية ما تدلّ عليه من المعاني. والله أعلم.--------------------------------------------------------نقول إذن كل باقي الصفات مثل هذا الأصل فكلام الله جل وعلا يختلف عن كلام المخلوق ورحمة الله تختلف عن رحمة المخلوق فإثبات الصفات إثبات وجود؛ إثبات لفظ ومعنى لا إثبات كيفية، فلا اشتراك في الكيفية، الله جل وعلا ?لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ?[الشورى:11]، فكما أنه سبحانه له سمع يليق بجلاله وعظمته فكذلك له بصر يليق بجلاله وعظمته، له كلام يليق بجلاله وعظمته، وسمع الإنسان وبصر الإنسان وكلام الإنسان هذا يليق بحال الإنسان.
    فإذن الاشتراك في أصل الصفة، أما الكيفية وتمام المعنى فهذه لا اشتراك فيها.----------------------------------------------- والقاعدة عامة عندنا أن اللغة في الأسماء لابد أن تكون دالة على معاني، الاسم يكون دال على معنى، أسماء الله الحسنى دالة على معاني فيها، فليس ثَم اسم ليس له دلالة على معنى، والدلالة على المعنى تارة تكون دلالة جامدة وتارة تكون دلالة مشتقة.
    وهذا في اسم الله الأعظم أو اسم الله (الله) لفظ الجلالة العظيم هذا مشتق من إله؛ لأن العرب تُسهل في مثل هذا كثيرا. --------------------------------- فإذا كان كذلك كان اشتراك المخلوقات التي لها سمع وبصر في السمع والبصر اشتراك في أصل المعنى، ولكل سمع وبصر بما قُدِّر له وما يناسب ذاته، فإذا كان كذلك ولم يكن وجود السمع والبصر في الحيوان وفي الإنسان مقتضيا لتشبيه الحيوان بالإنسان، فكذلك إثبات السمع والبصر للملك الحي القيوم ليس على وجه المماثلة للسمع والبصر في الإنسان أو في المخلوقات، فلله جل وعلا سمع وبصر يليق به، كما أن للمخلوق سمع وبصر يليق بذاته الحقيرة الوضيعة، فسمع الله كامل مطلق من جميع الوجوه لا يعتريه نقص، وبصره كذلك، واسم الله السميع هو الذي استغرق كل الكمال من صفة السمع، وكذلك اسم الله البصير هو الذي استغرق كل الكمال في صفة البصر.---------------------------وعن أبي هريرة ( أن رسول الله ( قرأ هذه الآية: ?إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا? إلى قوله ?إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً?[النساء:58]، ويضع إبهاميه على أذنيه والتي تليها على عينيه. رواه أبو داود وابن حبان وابن أبي حاتم.

    هذا الحديث مشهور من جهة دلالته على الصفة بالإشارة. وإثبات الصفة بالإشارة كان يفعله بعض السلف بأنه يشير إليها بيده فيشير إلى الأصابع بأصابعه ويشير إلى اليد بيده، يشير إلى السمع والبصر بهما، كما فعل هنا أبو هريرة (، قال: ?إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً? ووضع يده هكذا.
    وهذا عند أهل العلم معناه: إثبات الصفة بمعناها المتعارف عليه عند الإنسان؛ عند المخاطَب، ومعلوم أن المسلم يثبت الصفة مع قطع المماثلة على قاعدة ?لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ?[الشورى:11]، فإذا أشار إلى عينه أو أشار إلى سمعه فإنه لا يعني بذلك المماثلة وإنما يعني بها أنَّ العين هي ما تعلم أنها عين، والله جل وعلا له عين سبحانه لا تشبه الأعين ?لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ?، وكذلك له سمع ليس كمثل سمع المخلوق.
    فإذن الإشارة معناها: إثبات معنى الصفة بما يعهده المخاطَب من معناها، فيشير لأجل تحقيق ذلك.
    وبعض أهل العلم قال: الإشارة لأجل إثبات الحقيقة، وهذا ليس بجيد؛ لأنه يقتضي أن تقسيم الكلام إلى حقيقة ومجاز موجود عند الصحابة وهذا ليس بصحيح، فإن الكلام عند الصحابة حقيقة كله؛ لأن الكلام العربي حقيقة وظاهر، والمجاز المدَّعى نوع من الحقيقة التركيبية والظاهر التركيبي.
    فالمقصود هنا أنه:
    إذا قيل لبيان الحقيقة، فإنه لبيان حقيقة المعنى، فلا بأس.
    وإذا ظُنَّ أن الحقيقة هنا يعني: الحقيقة المقابِلة للمجاز، فهذا غلط ولا يصح أن ينسب إلى الصحابة؛ لأنه لا تقسيم للكلام عندهم إلى حقيقة ومجاز.
    إذا تبين هذا فلا يناسب -عند الناس وعند العوام- أن يشار بالأصابع أو يشار باليد أو يشار إلى العين أو نحو ذلك؛ لأن العامة قد تفهم من هذا التمثيل والتشبيه، ولهذا أنكروا على كثيرين ممن قال: إن الله يقبض السماوات بيده ولو أشار لا إرادياً ينكر عليه العامة لعدم قبولهم مثل هذا. وهذا أوجه من الإشارة لأن الزمن مختلف.
    ... هذا الذي أشار الحَبر اليهودي ليس هو النبي عليه الصلاة والسلام قال: إن الله يضع السموات على دِهْ، والأرض على ده، والشجر على ده. إلى آخره، وفي بعضها أنه قال على أصبع وعلى أصبع عدّ خمسة وفي بعضها ستة وفي بعضها أقل، فضحك النبي عليه الصلاة والسلام تصديقا لقول الحبر، وهذا لا إشكال فيه لأنه مثل ما ذكرنا؛ لأنه من أجل بيان المعنى مع قطع المماثلة.

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Oct 2012
    المشاركات
    13,372

    افتراضي

    جزاكم الله وجزى العلامة صالح آل الشيخ خير الجزاء على هذا التبيين وتوضيح المشكلات.
    لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله
    الرد على الشبهات المثارة حول الإسلام

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Oct 2012
    المشاركات
    13,372

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو المجد الفراتي مشاهدة المشاركة
    إذا كان هذا هذا كافياَ لِأن يكون المُسلم ممّن يُثبتُ المعنى، فَلِم نُسِب القاضي أبو يعلى إلى مفوضة المعنى؟
    حيث يقول ابن تيمية رحمه الله في (درء تعارض العقل والنقل):
    ( .. وتارة يفوّضون معانيها ويقولون: تجري على ظواهرها، كما فعله القاضي أبو يعلى وأمثاله في ذلك .. ). اهـ
    ويقول الشيخ احمد القاضي في كتابه ( مذهب اهل التفويض في نصوص الصفات ) عن كتاب ابي يعلي هذا ص 207 :
    (وقد اراد ابو يعلى رحمه الله ابطال طريقة اهل التأويل , وتقرير مذهب السلف في الاثبات , فوفق في تحقيق الهدف الاول , ووجهت اليه بعض الانتقادات في الثاني . وتنحصر هذه الانتقادات في :
    رواية بعض الاحاديث الواهية واعتمادها في الدلالة على صفات الله، وشيء من التاويل والتفويض). اهـ


    وهنا أنقل فصلا من كتاب (إبطال التأويلات للقاضي أبو يعلى)، يتحقق فيه أنه رَحمه الله، كان على ما قلتموه من أن (إثبات المعنى معناه الإيقان بأن الوجه غير اليدين، واليدين غير القدم، والقدم غير الساق، والعينان غير السمع، والبصر غير السمع وغير الكلام، الرحمة غير الإرادة، الغضب غير الرضا، الغضب غير إرادة الانتقام، وهكذا ..):


    قال القاضي أبو يعلى في كتاب (إبطال التأويلات):


    إثبات السمع والبصر لله تَعَالَى:
    رَوَاهُ أَبُو محمد الحسن بْن محمد الخلال فيما خرجه من أخبار الصفات بِإِسْنَادِهِ، عَن أَبِي هريرة: " أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قرأ: {إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا} فوضع إصبعه الدعاء وإبهامه عَلَى عينه وإذنه " وَفِي لَفْظٍ آخَرَ: " فوضع إبهامه عَلَى أذنه والأخرى عَلَى عينه " قَالَ أَبُو محمد: هَذَا حديث إسناده شرط مسلم يلزمه إخراجه فِي الصحيح، وَهُوَ حديث ليس فِيهِ علة.
    اعلم أَنَّهُ ليس المراد بالإشارة إِلَى العضو والجارحة الَّتِي لا مدح فِي إثباتها، لأَنَّ القديم سُبْحَانَهُ يستحيل عَلَيْهِ ذلك، وإنما المراد بذلك تحقيق السمع والبصر الَّذِي فِي إثبات المقصود أن اللَّه عَزَّ وَجَلَّ يرى المرئيات برؤيته، ويسمع المسموعات بسمعه، فأشار إِلَى الأذن والعين تحقيقا للسمع والبصر لأجل أنهما محل للسمع والبصر، وقد يسمى محل الشيء باسمه لما بينهما من المجاورة والقرب ولأن هَذَا الخبر أفاد أن وصفه عَزَّ وَجَلَّ بأنه سميع بصير لا عَلَى مَعْنَى وصفه بأنه " عليم " كَمَا ذهب إِلَيْهِ بعض أهل النظر ولم يثبتوا لله عَزَّ وَجَلَّ فِي وصفنا لَهُ بأنه " سميع " مَعْنَى خاصا، وفائدة زائدة عَلَى وصفنا لَهُ بأنه عليم، فأفاد بذلك تحقيق مَعْنَى السمع والبصر، وأنه مَعْنَى زائد عَلَى العلم، إذ لو كان مَعْنَى ذلك العلم لكان يشير إِلَى القلب الَّذِي هُوَ محل العلم، لينبه بذلك عَلَى معناه، فلما أشار إِلَى العين والأذن - وهما محلان للسمع والبصر - حقق الفرق بين السمع والبصر وبين العلم.
    -انتهى كلام أبي يعلى.
    قد يكون لأبي يعلى كلامًا آخر يدل على التفويض، فلينظر إلى جميع كلامه لا إلى موضع واحد من كلامه؛ فمن أراد الحكم بإنصاف نظر إلى جميع الكلام، وهو ما يفعله أصحاب الاستقراء التام كشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله؛ وهو - بلا شك - أوسع اطلاعًا منا، وأدق نظرًا، وأكثر إنصافًا.
    لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله
    الرد على الشبهات المثارة حول الإسلام

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Mar 2016
    الدولة
    المغرب
    المشاركات
    166

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد طه شعبان مشاهدة المشاركة
    جزاكم الله وجزى العلامة صالح آل الشيخ خير الجزاء على هذا التبيين وتوضيح المشكلات.
    وجزاكم مثله.
    الرَّد على الزَّنادقة والجهمية لللإمام أحمد بن محمد بن حنبل:
    http://www.ajurry.com/vb/attachment....8&d=1370176387

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Dec 2010
    المشاركات
    1,179

    افتراضي

    لم يتبين لي وجه التفويض في كلام القاضي رحمه الله
    اذ يقول في العبارة التي سقتها

    " سميع " مَعْنَى خاصا، وفائدة زائدة عَلَى وصفنا لَهُ بأنه عليم، فأفاد بذلك تحقيق مَعْنَى السمع والبصر، وأنه مَعْنَى زائد عَلَى العلم.

    هو يثبت للسمع معنى خاص غير معنى العلم .
    و هذا حق
    و المفوضة لا تقول بذلك

    الاشكال في اول الكلام الذي يظهر منه انه يثبت المعنى مع نفي محل الصفة
    التي نسميها نحن ذاتية خبرية

    وهي في حقنا جورارح و ابعاض

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •