الإعلام بشكله ؛ وبأكله للجمهور , يمثل خطةً لرسم مشاهد ( بالملايين ) يحمل فكرا ما , وتوجهاً ما , ( واعلم أنه لن ينشئ منشئٌ وسيلة إعلام إلا لهدف سواء كان مطروحاً ذلك الهدف ومعروفاً , أو من خلال المتابعة والاستقراء ).
إذ تقرر ذلك , فمن الذي سيدعي أنه لن ينشئ وسيلة إعلام إلا للحرية ولتلمس الآراء وللبدء من ( الصفر )؟
هذا لا يعقل ؛ إلا بضابط قد حدد مسبقاً تسير عليه وسيلته الإعلامية , وإلا لكان إعلامه فوضى لم يبن على أسس , ولكان ضائعاً , من أين وكيف يبدأ ؟ فالناس كثيرون والأفكار بكثرتهم .
إذاً ستتطارح أسئلة كثيرة, أهمها هذا السؤال:
على ما ستبنى تلك الوسيلة الإعلامية ( لا بد لها من تشريع ونظام ) ؟
لا يمكن أن تنطلي على عاقل أنها لن تقوم على أساس, ولن تحلو الحملقة بممارسات إلا على مبدأ, وإن ادعيت الحرية فإن المصدر للترخيص سيصدر فسحاً مشروطاً , تنتهي الوسيلة بمخالفته, فأنت في بحر حده الساحل مهما كنت تدندن.
ومن ثم فإن الحرية منطق لا يمكن الاحتكام إليه, وجه ذلك: أن بعض متعاطي المخدرات يرى أنه حر فيما يفعل ؛ فهل منطق الحرية هنا مسلم به ؛ لا طبعاً؛ لأنه مكشوف الضرر , وليس كونك حراً أن تكون حراً فيما تفعل , لأن بتعاطيك السم تسبب ضرراً على نفسك وعلى من حولك وعلى المجتمع , وعلى ممتلكات الناس وأرواحهم , وراحتهم.
إذاً فمن أين يستقى المبدأ والأساس وأين يكمن ضبط ( الحرية ):
هل يُشَرِّعُ بآراء الناس ؛ فهو من جنس من لا يعقل, -ومن على زلقاً عن غرة زلجا -, كيف بآراء الناس وهي ( متضاربة ) ؟!.
هل يُشَرِّعُ بهواه ؟, فالناس لهم أهواء تخالفه بالتأكيد, فما يراه هو حرية في الطرح (مثلاً) يراه الغير تهجماً, وما يراه سيئاً قد يراه غيره حسناً, فما هي الحرية التي يتحاكم إليها , إذا كان ليس هناك ضابط , وإذا كانت بفهمك فأنت تمارس حرية خاصة بك !.
هل من الحرية أن يترك المجال لمن أراد سب دين الله ! سب رسل الله ! سب الله عز وجل (الله والشيطان وجهان لعملة واحدة ) عياذاً بالله عياذاً.
إذاً : (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك في شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً).
الآية تفسيراً : أي فلا يؤمنون حتى يحكموك أيها النبي فيما شجر بين الناس والنبي حاكم بشرعة الله , ثم أعقب ذلك بقوله ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت به من حكم, ويسلموا تسليما به , والإسلام هو :الاستسلام والانقياد .
ولعفو الخاطر : أحب أن أرسل للقارئ أن هذا خطاب لمن يؤمن بالله واليوم الآخر وبرسوله , وللعفو مرة أخرى : أن هذا ليس حكمي , بل حكم ربي الله – آمنت بالله -.
غير أن المشاهد لكثير من الأطروحات الإعلامية بل أكثرها , تبقي نصيب الجنس وإثارة الغرائز ذا حظ وافر فيها ومن خلال عناصرها!
لا تعجب فانظر .. واحكم ؟!.
إن تلك الأطروحة لم توضع عبثاً , إن من يَرْقُب لينظر ( حقائق), ليس كمن ينظر ليستمتع .
ليست مشكلة أن تبدي وجهة نظرك مهما كانت (بعقلانية), لكن المشكلة أن تجعل بث المشكل (المتخلخل) وسيلة لجذب زبائنك (المشاهدين)!.
إن تلك الطريقة فيها من التخلف الحضاري والانصياع للتقليد بدون تفكير !؛ لا عجباً .. فلقد قال رسول الهدى –صلى الله عليه وسلم –
( لتتبعن سَنَنَ من كان قبلكم حذو القذة بالقذة , شبر بشبر وذراعاً بذراع , حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه ) قيل يا رسول الله : اليهود والنصارى ؟ قال : ( فمن ؟). --- ونحن في انتظار دخول جحر الضب ( لو دخلوه ) !. ---
اللهم رد المسلمين إليك رداً ( جميلاً ).
استدراك: الحرية ليست هي (العدل)؛ فالحرية (تحكم شخصي, قد يرى الغير أنها ليست هي مظنته) والعدل وضع الشيء موضعه,
والمرد فيمن ادعى الإسلام أن يبرمج حواره وفق الشرع, وأن يكون عادلا عند الطرح, راجياً مظان الشرع (الإسلامي).
وإلا فلنبدأ الحديث من جديد للدعوة إلى الإسلام!