تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 4 من 4

الموضوع: ثم يستدلون

  1. #1

    افتراضي ثم يستدلون

    بسم الله الرحمن الرحيم

    لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .

    ثم يستدلون


    في شرح ( نظم الورقَات للعَمْريطِي ) ألقى الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله رحمة واسعة ـ بإحدى الدُّرر قال : أصحاب الباطل يعتقدون ثم يستدلون .

    رحتُ أتتبع شبهات النصارى حول الإسلام ونبي الإسلام ـ صلى الله عليه وسلم ـ وجَرّني البحث لأهل الجاهلية الأولى . . النضر بن الحارث والوليد بن المغيرة وأمية بن خلف .. ، وكذا من أنكروا السنة النبوية ... مَنْ تسموا بـ ( القرآنيون ) .
    وجدت القوم في صعيد واحد ـ وإن اختلفت أماكنهم بين قريب وبعيد ـ نفسية واحدة . ( يعتقدون ثم يستدلون ) كما قال الشيخ ـ رحمه الله ـ .

    ( القرآنيون ) أجمعوا أمرهم على أن لا يأخذوا بالسنة النبوية المطهرة ، هذه آخيتهم ، شدوا حبالهم إليها ، وراحوا يلوون أعناق النصوص ويؤولون مالا يصح تأويله من كتاب الله كي يستدلوا على باطلهم الذي اعتقدوه مبدئيا . ويرسم لي الخيال صورتهم وهم أقزام سود الوجوه بجوار آيات الله الشمّ الراسيات يحاولون حملها ولا يستطيعون . ( وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون)[ النحل من الآية 41] . ( ليبين لهم الذي يختلفون فيه وليعلم الذين كفرا أنهم كانوا كاذبين ) [ النحل : 39] ( وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا ) [ الحشر من الآية 7 ] ( .. وإن تطيعوه تهتدوا وما على الرسول إلا البلاغ المبين ) [ النور من الآية 54 ] ، ( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ) [ آل عمران:من الآية 31 ]

    وعبادُ الصليب اشتروا الكفر بالإيمان ، وشاقّوا الله ورسوله ، فراحوا بأيديهم يسترون الشمس وبعقولهم البليدة ولسانهم الأعجمي يشوهون كل الكمال وجملة الجمال ـ صلى الله عليه وسلم ، يقولون ما كان نبيا ، بل كان عاقلا صَفَتْ نفسه من كثرة خلوته فأتى بهذا من أمِّ رأسه ، وكذبوا فقد كان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يتكلم بقرآن معجز في لفظه وكلام عادي مثل غيره ، ولو كان كله من عنده لكان كلامه واحدا قرآنا أو سنة ، وقد أنبأ في الوحيين ( القرآن والسنة ) عن قصص الأولين وأخبار الآخرين وأنى للخيال بمثل هذا ؟!
    وقالوا : بل اتصلت به الجن فأوحت إليه ، وكذبوا فأنىَّ للشياطين بمثل هذا ( وما تنزلت به الشياطين . وما ينبغي لهم وما يستطيعون ) [ الشعراء : 210 ، 211 ] .
    وقالوا : بل تعلم من بعض أتباعه ( صهيب الرومي ) و ( عبد الله بن سلام ) اليهودي ، و( سلمان ) الفارسي . فخلط شيئا من النصرانية بشيء من اليهودية بشيء من الوثنية فأخرج لهم الإسلام .
    وما كان صهيب عربيا بل كان أعجميا بالكادِ يُبين ، وما رأى رسولُ الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ( عبدَ الله بن سلام ) ولا ( سلمان الفارسي ) إلا بعد الهجرة ، وكلهم كانوا أتباعا له ـ صلى الله عليه وسلم ـ متعلمين منه وليس معلمين له . وقد كفّر الإسلام بالنصرانية واليهودية كما كفر بالوثنية . فكيف يكون قد استوقد من نارها ؟!

    إنهم أهل الباطل يعتقدون ثم يستدلون . رضوا بالكفر بداية ثم راحوا يستدلون كي يَبْقَوْنَ على آخية الكفر والضلال في الوحل والطين والظلام والبهيم .

    وسبحان الله ذات الأباطيل التي يتكلم بها الحقدة من كفار اليوم هي هي بأمِّ عينها الأباطيل التي تكلم بها أهل الجاهلية الأولى ، ( بل قالوا أضغاث أحلام بل افتراه بل هو شاعر ) [ الأنبياء : من الآية 5 ].(ولقد نعلم أنهم يقولون إنما يعلمه بشر . لسان الذي يلحدون إليه أعجمي وهذا لسان عربي مبين ) .[ النحل : 103 ]
    ( أتواصوا به . بل هم قوم طاغون )[ الذاريات : 53 ] . ( كذلك قال الذين من قبلهم مثل قولهم تشابهت قلوبهم )[البقرة من الآة 118 ] .

    ويفضح ربك هؤلاء وأولئك بقوله ( فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون ) [ الأنعام : 33 ] . ( ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون ) [ آل عمران : من الآية 78] ( وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون ) [ البقرة : 75 ]
    ومن أصدق من الله قيلا ؟ . ومن أصدق من الله حديثا ؟

    والمنافقون والمنافقات كرهوا ما أنزل الله ، أحبوا الكافرين وتملك حب الكافرين من قلوبهم فتشبهوا بهم ، وأرادوا أن تكون ديار المسلمين كديار الكافرين ، والعفيفات الطاهرات كالكافرات المتبرجات المائلات المميلات ، فجردوا أقلامهم وراحوا يسبون ويسخرون ويشككون بدعوى( الإصلاح ) وهي حجة المنافقين الأُول ( وإذا قيل لهم لا تفسدوا في قالوا إنما نحن مصلحون ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون ) [ البقرة : 11 ،12 ] ، ولكنها قرود تتقافز على جبالٍ شُمّ ، تأخذ منها الحجر والحجرين ولكنها ستبقى . . . قرود . . وجبال .

    هذا هو حال أهل الباطل جميعا من المشككين والمنافقين والكافرين يعتقدون ثم يستدلون .

    أما صاحب الحق فإنه يجعل الحق مقصده يذهب للنصوص ينظر ماذا تقول وكيف فهمها السلف الصالح رضوان الله عليهم ثم هو معها قبولا ومحبة وإذعانا .

    سمع سعدُ بن معاذ ـ رضي الله عنه ـ أن مصعب بن عمير ـ رضي الله عنه ـ على بئرٍ يدعوا قومه لدين غير دينه ... ( يفسد ) قومه ، فأخذ حربته ، وجدّ السير يريد وأد ( الفتنة ) في مهدها ،وقام على رأس مصعب يهدده ، فناداه مصعب : اجلس إلي فإن أعجبك قولي وإلا قمت عنك ، فخنس كل شيطان وجلس هذا الوقور الطيب ولم تمض ساعة حتى عاد بحربته يبشر قومه بالإسلام . وجنَّ الليل على بني عبد الأشهل وهم يسبحون ويحمدون ويهللون فرحين بما آتاهم الله من فضله .

    لم يُردْ سعدُ مبدئيا الدفاع عن باطله ، ولم يكن حاقدا على المسلمين ، بل كان يريد الإنصاف ويدافع عن ما يراه حقا لذا اتبع النور حين رآه .

    وهو حال كثير من علماء الغرب الذين يدرسون الإسلام فيسلمون .

    نفوس مريضة تعتقد ثم تستدل . . . ونفوس سليمة تسمع أو تقرأ ثم تتبع . وشتان .

    وبعد :

    في الداخل الإسلامي ـ وأقول في الداخل الإسلامي .. أصفه بالداخل وأعتبره إسلامي ـ شيء من هذا ، أدى إلى تفريق الصفوف وكثرة الخلاف ، وذهاب جهد كبير في القيل والقال .

    يخطب أحدهم خطبة أو خطبتين ، أو يكتب رسالة أو مقالا فيرى أنه قد بلغ شأنا وأنه قد ركب طريق العلماء فصار منهم فتجده يعقب على هذا ويتتبع عثرات هذا ، وتنزل النازلة فيقول ويبحث عن من يسمع .
    نعم أمرنا بالتناصح ، ولكننا نهينا عن التفرق . وتدبر هذه الآية الكريمة .
    ( ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات )[ آل عمران : من الأية 105 ] .
    فهم بداية تفرقوا . ثم اختلفوا .
    كانت النيّة مُبَيَّتَةٌ على الفرقة كل يريد أن يكون صاحب الرأي ، ثم جاء الاختلاف مبررا لهذه الفرقة المبيتة . وتدبر كثيرا مما يحدث اليوم تجد أن الآية تخاطبنا وكأنها نزلت اليوم علينا ( ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا ) .

    فمن لي بمن يبحث عن الحق ليقبله ويحبه ثم يذعن إليه ؟
    من لي بمن ينصح وهو على الطريق ـ وإن اشتد في النصح ـ إلا أنه لا يخط خطا جديدا بل يسدد ويقارب ويعين ويعذر وهو معهم على السبيل ؟
    صفحتي الخاصة في صيد الفوائد ، ويسرني نقد أصحح به خطئا .
    http://saaid.net/Doat/alkassas/index.htm

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Sep 2007
    الدولة
    تلمسان / الجزائر
    المشاركات
    27

    افتراضي رد: ثم يستدلون

    مقال موفق و يمس صميم المعتقد، و يكشف مسلكا رهيبا من مسالك من زاغ عن الجادّة، و لو راح قلمي يشرح هذا المتن لتجلّت درر الفقه المبثوثة في طيات المقال، و لعل غور درره جعل طلبها عسيرا، فقلّ المعلّقون.

    تحياتي أيها المبارك.
    شرف العلم تابع لشرف معلومه.. اِبن قيّم الجوزية

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Apr 2007
    المشاركات
    749

    افتراضي رد: ثم يستدلون

    والله بحق رؤية حاذقة وربط بين الوقائع والأحداث وكشف لواقع مستشري له جذور قديمة
    فلب المعضلات أن يعتقد المرء شيئا ويبحث عما يناسبه وقد لا يناسبه فيستدل به تأييدا لما يعتقده و ما لا يعتقده
    بارك الله فيك يا شيخ محمد وفي قلمك الذي يستحق التقدير فلله درك
    والله إن مقالاتك كشف لزيغهم وبطلان لما ينشرونه من ضلالات قد نغتر بها ليس بكلامهم المنمق المكشوف بل بالدليل المأخوذ بظاهره
    شكر الله سعيك وأجزل مثوبتك وفرج كرباتك في الدنيا والأخرة ونصرك الله على كل ظالم
    (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله على نصرهم لقدير)
    ((إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِ ين))

  4. #4

    افتراضي رد: ثم يستدلون

    شكر الله لكما .
    صفحتي الخاصة في صيد الفوائد ، ويسرني نقد أصحح به خطئا .
    http://saaid.net/Doat/alkassas/index.htm

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •