فضيلة الشيخ -صالح ال الشيخ -
هل كلام شيخ الإسلام ابن تيمية في الكفر المعرَّف بالألف واللام هو المخرج من الملة ، وإذا كان مُنَكَّرًا المقصود به الزجر عن ذلك ، هل يُطَبَّقُ على مثل قوله -صلى الله عليه وسلم- في إتيان الكهان وتَصْدِيقهم : «مَنْ أَتَى كَاهِنًا ، أَوْ عَرَّافًا ، فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ ، فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ» ؟
فهل هو كفر مُخْرِجٌ من الملة ؟
الشيخ :

أولًا :
البحث فيها من الثلاث جهات التي ذكرت ، القول بأن الكفر إذا عُرفت بالألف واللام يُراد بها الكفر الْمُخْرِجُ من الملة ، هذا فيه نظر من جهتي اللغة ، ومن جهة الحقيقة الشرعية .
فالحقيقة اللغوية لا تساعد ؛ لأن الكفر مصدر ، و( ال ) الداخلة عليه لا تشمل أنواع الكفر ، فهو لا بُدَّ من تعريفه

فشيخ الإسلام -رحمه الله- دخل إليه من أجل مسألة الصلاة ، حديث الصلاة : «بَيْنَ الْعَبْدِ وَبَيْنَ الْكُفْرِ -أَوِ الشِّرْكِ- تَرْكُ الصَّلَاةِ» ، وفي قوله : «فَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ كَفَرَ» في حديث بُرَيْدَةَ الذي في السُّنَنِ ، فجعل : «فَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ كَفَرَ» كُفْرًا أكبر ، لأنه عَرَّفه في حديث جابر -رضي الله عنه- المتقدم عند مسلم : «الْكُفْر» ، وهذا التَّعْرِيفُ يَدُلُّ على أنه كُفْرٌ أَكْبَرُ بِضَمِيمَةِ قول عبد الله بن شَقِيقٍ : «كَانَ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَا يَرَوْنَ شَيْئًا مِنَ الأَعْمَالِ تَرْكُهُ كُفْرٌ غَيْرَ الصَّلَاةِ» ، لكن اللغة والحقيقة الشرعية لا تساعدان ، ولا توجد قرائن أخرى تدل على أن كلمة الكفر تدل على الكفر الأكبر ، هذا من جهة .
المسألة الثانية :

حديث الكهان «مَنْ أَتَى كَاهِنًا ، أَوْ عَرَّافًا ، فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ ، فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ» قال : «فَقَدْ كَفَرَ» ، فمسألة التعريف غير متحققة في ذلك .
والمسألة الثالثة :
قد ذكرت لكم عدة مرات أن الصحيح فيها : أن إتيان الكاهن مع التصديق ليست كفرًا أكبر مخرجًا من الملة ، وذلك لسببين :
أولاً : لِلْشُبْهَةِ ، اشتباه أنه أخذها ، يعني : صَدَّقَهَا لا لادعاء الغيب ، يقول : لعله مما أخذه مسترقو السمع .
الثاني : أنه جاء في حديث بإسناد صحيح في مسند أحمد : «مَنْ أَتَى عَرَّافًا فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةٌ أَرْبَعِينَ يَوْمًا» ، وعدم قُبُولِ الصلاةِ هذه المدة دليل على أنه لم يَخْرُجْ مِنَ الْمِلَّةِ لأنه لو خرج من الملة لم تُقْبَلْ له صلاة حتى يعود إلى إسلامه ، وقد ذكرته في شرح كتاب التوحيد ، وهناك عدد من المشايخ المعاصرين يخالفون في هذا ، منهم الشيخ صالح الفوزان ، يرى أنها كفر أكبر .
والإمام أحمد له ثلاث روايات في المسألة ، رواية بالكفر الأكبر ، ورواية بالكفر الأصغر ، والرواية الثالثة بالتوقف ، قال : أقول كفر ولا أقول . لأنَّ المقصود منها الوعيد والتهديد .
http://salehalshaikh.com/wp2/?p=823