تمايز مستوى نظم التراكيب في إطار الصيغة
تقوم اللغة على الاحتياج المعنوي والأهمية المعنوية ، والإنسان يتحدث بمستويات متعددة وبلغات متعددة تحت رعاية الاحتياج المعنوي غالبا واللفظي نادرا مع علامات أمن اللبس ليكون بعيدا عن اللبس والتناقض وهو غاية كل لغة من لغات العالم ،كما هو الحال في هذين التركيبين اللذين يتمايزان من حيث مستوى النظم في إطار الصيغة نظرا لتغير منزلة المعنى بين أجزاء التركيب:
يقول العرب:كسر الزجاج َ الحجرُ – مستقيم حسن .
ويقولـون:كسر الزجاجُ الحجرَ – مستقيم أقل حسنا .
التركيب الأول من مستوى الكلام المستقيم الحسن ، فهذه الجملة مبنية على الفعل "كسر" الذي يدل على الفاعل "الحجر" والمفعول "الزجاج" ،وقد أعطيت له ما يحتاجه من الكلام لتكون الجملة مفهومة ومفيدة ،وبين المبني والمبني عليه علاقة احتياج معنوي ،ودللت على هذه العلاقة بواسطة علامة أمن اللبس حيث رفعت الفاعل ونصبت المفعول ليكون الكلام مفهوما مفيدا ،وقدمت المفعول به على الفاعل بحسب الأهمية المعنوية من أجل التخصيص .
أما في التركيب الثاني فقد رفعت المفعول ونصبت الفاعل ،وعلامات أمن اللبس أو علامات المنزلة والمكانة لم تعط لأصحابها على الوجه الأفصح ،وهذا ما سبب انخفاض درجة جودة التركيب ،فالفعل "كسر" لا يقوم به الزجاج ، والفعل "كسر" لا يدل على الزجاج بوصفه فاعلا بل بوصفه مفعولا ، والحجر لا يقع عليه فعل الكسر ، والفعل "كسر" لا يدل على الحجر بوصفه مفعولا بل بوصفه فاعلا ، وقد اختلفت منزلة المعنى بين أجزاء التركيب ، ولا يوجد احتياج معنوي بين أجزاء التركيب على هذا الشكل، ولكن بما أن المعنى مفهوم والزجاج لا يمكن أن يكون إلا مكسورا والحجر لا يمكن أن يكون إلا كاسرا فقد تصرف العرب بعلامات الإعراب كما يريدون لأن المعنى واضح ولا حاجة إليها هنا ، والمعنى يدل على الفاعل والمفعول ،ولكن عدم تشكيل هذه الجملة بالشكل الصحيح أدى إلى انخفاض درجة جودة التركيب ،ومثل هذا قول العرب :خرق الثوبُ المسمارَ.
فالعربي يستخدم العلامات من أجل الإعراب عن المعنى وأمن اللبس ، وإن ظهر المعنى وأُمِن اللبس تصرف في هذه العلامات كما يشاء ، وإن أدى تصرفه إلى انخفاض جودة التركيب،فالأهم هو وضوح المعنى .
وبهذا يتضح أن اللغة تقوم على الاحتياج المعنوي والأهمية المعنوية ، وأن الإنسان يتحدث بمستويات متعددة وبلغات متعددة تحت رعاية الاحتياج المعنوي غالبا واللفظي نادرا مع علامات أمن اللبس وأن الإنسان يتحدث بحسب الأهمية المعنوية في الأصل وفي العدول عن الأصل ، وأن منزلة المعنى هي الضابط والمعيار في تمايز مستوى نظم التراكيب وباختصار:الإنسا يتحدث تحت رعاية الأهمية المعنوية وعلامات أمن اللبس ،ويكفي المتكلم أن يقول كلاما مفهوما بعيدا عن اللبس والتناقض .