26-12-2014 | مركز التأصيل للدراسات والبحوث
فمثل هذه المسألة من المسائل الخطيرة في باب الاعتقاد، فالأعياد الإسلامية توقيفية كالعبادات؛ لذا لا يجوز استحداث يوم أو مناسبة، ثم جعلها عيداً للمسلمين، ويشتد خطر هذا الفعل إن وافق يوماً من الأعياد الشركية؛ كعيد شم النسيم، أو يومٍ من أعياد النصارى أو اليهود أو غيرهم، كما هو حاصل الآن فيما يعرف بـ"عيد الميلاد".


في كل عام في مثل هذا التوقيت يتجدد الحديث عن حكم الاحتفال بما يعرف بعيد "رأس السنة الميلادية"، أو "الكريسماس"، حيث ابتلي كثير من المسلمين، وصاروا يهتمون بهذه المناسبة بدرجة كبيرة، تكاد تتشابه مع النصارى، وصار الإنكار عليهم ضربا من ضروب التشدد والكراهية، حتى صارت مثل هذه الأمور مقياساً لدى البعض على درجة تحضر الشخص وسماحته، ورقي فهمه للدين!!
لذا وجب التنبيه مرات ومرات، سيما وسط إعلام مضلل، وعلماء سوء استجاروا المحرمات، وباعوا آخرتهم بعرض من الدنيا، فصارا يفتون الناس بحسب أهوائهم، وبما يرضي من يدفع لهم، ويصفق لهم، وهي ورطة شديدة لأصحاب التوجه الصحيح، والفهم الصافي للدين ولصحيح الاعتقاد.
فمثل هذه المسألة من المسائل الخطيرة في باب الاعتقاد، فالأعياد الإسلامية توقيفية كالعبادات؛ لذا لا يجوز استحداث يوم أو مناسبة، ثم جعلها عيداً للمسلمين، ويشتد خطر هذا الفعل إن وافق يوماً من الأعياد الشركية؛ كعيد شم النسيم، أو يومٍ من أعياد النصارى أو اليهود أو غيرهم، كما هو حاصل الآن فيما يعرف بـ"عيد الميلاد".
وتهنئة الكفار بأعيادهم كالاحتفال معهم كلاهما محرم ومنكر من القول والفعل، ولقد تواترت الفتاوى المحرمة لهذين الفعلين من العلماء المعتبرين ولم يخالف في هذا الأمر إلا من جهل أو تلبس ببدعة.
ولا عبرة بمن يقول: إن الأمر لا يعدو التلفظ بكلمات؛ لبيان سماحة الإسلام، وردٍ بالمثل على ما يفعلونه في أعيادنا من تهنئتنا. وذلك لأن إظهار السماحة لا ينبغي أن يكون على حساب المعتقد، أما تهنئتهم لنا فهي حق لأن أعيادنا حق، ولا وجه للمقارنة بين عيد شركي تُرتكب فيه الموبقات والشركيات- كعيد رأس السنة-، وبين عيد هو في حد ذاته عبادة وقربة إلى الله تعالى.
وفيما يخص تهنئة الكفار بأعيادهم- كعيد الميلاد الذي نحن بصدده- يقول ابن القيم– رحمه الله– في كتابه "أحكام أهل الذمة": "وأما التهنئة بشعائر الكفر المختصة به فحرام بالاتفاق، مثل أن يهنئهم بأعيادهم وصومهم، فيقول: عيد مبارك عليك. أو تهنأ بهذا العيد ونحوه، فهذا إن سلم قائله من الكفر فهو من المحرمات، وهو بمنـزلة أن يهنئه بسجوده للصليب، بل ذلك أعظم إثماً عند الله، وأشد مقتاً من التهنئة بشرب الخمر، وقتل النفس، وارتكاب الفرج الحرام ونحوه، وكثير ممن لا قدر للدين عنده يقع في ذلك، ولا يدري قبح ما فعل، فمن هنأ عبداً بمعصية، أو بدعة، أو كفر فقد تعرض لمقت الله وسخطه "[أحكام أهل الذمة: (ص:441)].
ويشتد الأمر بمشاركة المشركين لأعيادهم، ففضلاً عن احتواء المشاركة على التهنئة الضمنية، فإن هذا- كما توضح فتاوى اللجنة الدائمة- من مشابهة أعداء الله المحرمة، ومن التعاون معهم على الباطل، وقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ منهم)[رواه أبو داود في سننه (4/44/403)، والحديث حسنه الألباني].
وفي ذلك يقول شيخ الإسلام ابن تيمية- رحمه الله-: "فلا فرق بين مشاركتهم في العيد وبين مشاركتهم في سائر المناهج، فإن الموافقة في جميع العيد موافقة في الكفر، والموافقة في بعض فروعه موافقة في بعض شعب الكفر، بل إن الأعياد من أخص ما تتميز به الشرائع، ومن أظهر ما لها من الشعائر، فالموافقة فيها موافقة في أخص شرائع الكفر وأظهر شعائره، ولا ريب أن الموافقة في هذا قد تنتهي إلى الكفر في الجملة بشروطه" [اقتضاء الصراط المستقيم: (1/528)].