من كتاب ((دوربعض الدعاة في ضعف التوحيد وانتشار الفكر الليبرالي ))ص26 تأليف /فالح بن جبر التليعة
"علاقتهم بالتكفيرين والخوارج "



( أماتوجهاتهم وكلامهم الذي يصب في مصلحة التكفيرين والتفجيرين فهو بين لكل ذي عينين ليس فيه خفاء ، فهم بلاشك من أهم أسباب وجود ظاهرة التفجيرفي المجتمع والتي استغلها أهل الفكر الليبرالي في محاربة الدين والفضيلة .
وفي الآونة اﻷخيرة لهم تلميحات كثيرة ، بل وبعض التصريحات في التحريض على الفوضى والمظاهرات والمناداة المريبة إلى (التغيير )!
ويحاولون بطرق ذكية تهيئة الشباب على الوثوب والانفلات على أنظمة البلاد وأمنها نسأل الله أن يرد كيدهم في نحورهم وماهذا إلا دليل آخر على مدى بعدهم عن السنة ، وعلى إصرارهم على المخالفة وعما يقتضيه العقل والمنطق السليم .
فأهدافهم المريبة إن تمت لا قدر الله ستؤدي إلى فرط عقد اﻷمن بالكلية وانتشار الخوف والهلع والجرائم بشتى أشكالها ، بل وستؤدي إلى مجازر ،
وعواقب لا يعلمها إلا الله عزوجل .
أفلا يتعظون بما يحصل حولهم ، قال تعالى (أولم يروا أنا جعلنا حرما آمنا ويتخطف الناس من حولهم أفبالباطل يؤمنون وبنعمة الله يكفرون ) العنكبوت 67
وقال تعالى ممتنا على كفار قريش :(فليعبدوا رب هذا البيت ، الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف )
وإلا فهل يظنون أن المسألة تسلية ورحلة سياحية ؟!.
يحرضون الشباب على الفوضي وعلى الخروج وعلى المطالبات غير الشرعية وبأساليب مخالفة للسنة ...فهل تظنون أن اﻷمر يقف عند حد معين ؟!
إن الفتنة إذا بدأت تعظم بسرعة فائقة ، نعم أيها المغفلون :
الحرب أول ماتكون فتية ***سعى بزينتها لكل جهول
حتى إذا استعرت وشب ضرامها ***عادت عجوزا غير ذات حليل
شمطاء ينكر لونها وتغيرت ***مكروهة للشم والتقبيل
يا هؤلاء ! إنكم تغامرون باﻷعراض والدماء ، وإن أعراض ودماء أبناء المجتمع أمانة عظيمة لا يجوز أبدا المغامرة فيها ، وليس هناك أعظم منها سوى الدين ، إن اﻷموال والرئاسات ومطالب الدنيا كلها لاتساوي شيئا بجانب اﻷعراض والدماء واﻷمن واﻷمان ...
فهل تريدون أن يكون الشباب وأبناء المجتمع سببا لذهابها وحطبا لنارها ؟
هل تريدون أن تقودوا البلاد إلى الهاوية ؟
وإذا تنكر للبلاد رجالها ***صاروا أضر لها من اﻷعداء
فياشباب اﻹسلام ! ياعقلاء اﻷمة ! احذروا المترفين الذين بطرت معيشتهم وانغمسوا في الترف وملوا الراحة وكثرة النعمة ؛
نعم إن النفس البشرية فيها غرائب وعجائب ، فقد تتمنى استبدال النعمة بغيرها ضجرا ومللا ، والدليل قصة سبأ ، حيث قال تعالى (لقد كان لسبأ في مسكنهم آية جنتان عن يمين وشمال كلو من رزق ربكم واشكروا له بلدة طيبة ورب غفور )
فملوا هذه النعمة (فقالو ربنا باعدبين أسفارنا وظلموا أنفسهم )
فعاقبهم الله عزوجل (فجعلناهم أحاديث ومزقناهم كل ممزق إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور )
فهل يريد هؤلاء حياة الشقاء كأهل سبأ ؟ هل يريدون أن يعودوا إلى حياة الخوف والسلب والحروب والمرض..؟!
أليس من أعظم النعم على العباد أن يرزقهم الله اﻷمن والراحة ورغد العيش والتفرغ للعبادة والعلم والدعوة إلى الله عزوجل بكل سهولة ويسر (وأتاكم من كل ماسألتموه وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها إن اﻹنسان لظلوم كفار )
وقال الرسول صلى الله عليه وسلم :(من أصبح منكم آمنا في سربه معافى في جسده عنده قوت يومه ؛ فكأنما حيزت له الدنيا )
رواه الترمذي وحسنه اﻷلباني

نعم ، لقد ثبت في علم النفس والاجتماع أن النفس البشرية إذا وصلت إلى البطر وكمال النعم واﻹسراف تبدأ تتطلع إلى العلو والترؤس وإلى التغيير ، فهذه من غوائل النفوس وأمراضها الخفية ، قال تعالى (ولاتطيعو أمر المسرفين ، الذين يفسدون في اﻷرض ولا يصلحون ) الشعراء 151-152
وقد يكون اﻹنسان في نعمة عظيمة ومع ذلك لايشعر بها ، ولايقدرها قدرها بسبب إلفه لها ، وتعوده عليها ،
كما قيل :(شدة القرب حجاب )!.


قال ابن القيم -رحمه الله - :(من اﻵفات الخفية العامة أن يكون العبد في نعمة أنعم الله بها عليه واختيارها له فيملها العبد ويطلب الانتقال منها إلى مايزعم لجهله أنه خير له منها ، وربه برحمته لايخرجه من تلك النعمة وسخطها وتبرم منهاواستحكم ملله منها ؛ سلبه الله إياها ؛ فإذا انتقل إلى ماطلبه ورأى التفاوت بين ماكان فيه وصار إليه ؛ اشتد قلقه وندمه وطلب العودة إلى ماكان فيه ، فإذا أراد الله بعبده خيرا ورشدا؛ أشهده أن ماهو فيه نعمة من نعمة عليه ورضاه به وأوزعه شكره عليه ...)
ونذكر هؤلاء ، فنقول :لقد ثبت أن بعض الناس يفسد في اﻷرض وهو لايشعر فاحذروا أن تكونوا منهم ، قال تعالى :(وإذا قيل لهم لاتفسدوا في اﻷرض قالو إنما نحن مصلحون ) البقرة 11))