حقيقة الخلاف في قضايا المرأة المسلمة
لاشَكَّ أنَّ الحَدِيْثَ هَذِهِ الأيَّامَ عَمَّا يَخْتَصُّ بِالمَرْأةِ المُسْلِمَةِ كَقِيَادَتِهَا لِلسَّيَّارَةِ، وجِلبَابِهَا، وكَشْفِهَا لِلوَجْهِ، ومُشَارَكَتِهَا في العَمَلِ، ودَعْوَى مُسَاوَاتِهَا... وغَيْرَ ذَلِكَ مِنَ الدَّعَوَاتِ الجَائِرَةِ، الَّتِي تَرْمِي بِسِهَامِهَا في نَحْرِ الفَضِيْلَةِ لِقَتْلِ الحَيَاءِ، وخُرُوْجِ المُسْلِمَاتِ مُتَبَرِّجَاتٍ مُتَهَتِّكَاتٍ مُتَبَذِّلاتٍ كَمَا يُرِيْدُهُ لَهُنَّ أعْدَاءُ الدِّيْنِ، وأذْنَابُهُم مِنَ المُسْتَغْرِبِي ْنَ والعَلْمَانِيِّ ينَ؛ لهو مِنَ الشَّرِّ العَظِيْمِ، والجِنَايَةِ النَّكْرَاءِ.
* * *
كَما أنَّها لَمْ تَعُدْ مَسَائِلَ فَرْعِيَّةً كَمَا كَانَتْ في العَهْدِ الأوَّلِ مِمَّا تَقْبَلُ النَظَرَ؛ ولَوْ بِاسْمِ الرَّاجِحِ والمَرْجُوْحِ؛ كَلاَّ! إنَّهَا غَدَتْ هَذِهِ الأيَّامَ مِنْ مَسَائِلِ أصُوْلِ الدِّيْنِ الَّتِي لا يَحِلُّ لأحَدٍ أيًّا كَانَ قَصْدُهُ، أوْ ظَهَرَ اجْتِهَادُهُ أنْ يَجْرِيَ فِيْهَا خِلافًا بَيْنَنَا ساعَتَئِذٍ؛ لأنَّ الخَلافَ في مَنْظُوْمَةِ المَسَائِلِ المُتَعَلِّقَةِ بِالمرْأةِ صَائِرٌ هَذِهِ الأيَّامَ بَيْنَ المُؤْمِنِيْنَ والكَافِرِيْنَ لا كَمَا يَظُنُّهُ مَنْ لَيْسَ لَهُ حَظٌ مِنَ مَعْرِفَةِ المُؤَامَرَاتِ الدُّوَلِيَّةِ، والمُخَطَّطَاتِ العَالَمِيَّةِ الَّتِي تُحَاكُ حَوْلَ المَرْأةِ المُسْلِمَةِ؛ بِأيْدٍ يَهُوْدِيَّةٍ ونَصْرَانِيَّةٍ ؛ فَتَأمَّلْ!
نَاهِيْكَ أخِي المُسْلِمُ أنَّ سَلَفَنَا الصَّالِحَ قَدْ نَظَمُوا بَعْضَ المَسَائِلِ الفَرْعِيَّةِ في عِقْدِ أُصُوْلِ الدِّيْنِ؛ ومَا ذَاكَ إلَّا حِيْنَمَا أصْبَحَتْ هَذِهِ المَسْألَةُ الفَرْعِيَّةُ مَيْزَةً بَيْنَ السَّلَفِ وأهْلِ البِدَعِ؛ مِثْلُ مَسْألَةِ: المَسْحِ على الخُفَّيْنِ، وغَيْرِها!
* * *
لِذَا وَجَبَ التَنْبِيْهُ على كَافَّةِ المُسْلِمِيْنَ أنْ يُدْرِكُوْا حَقِيْقَةَ الخِلافِ حِيْنَئِذٍ بَيْنَنَا وبَيْنَ دُعَاةِ تَحْرِيْرِ المَرْأةِ، كَمَا يَجِبُ عَلَيْهِم أنْ يُمْسِكُوا أقْلامَهُم، ويَحْفَظُوا آراءَهُم حَوْلَ أيِّ قَضِيَّةٍ لَهَا تَعُلُقٌ بِالمَرْأةِ هَذِهِ الأيَّامَ؛ حَتَّى تَتَمَيَّزَ الصُفُوْفُ، ويَصْفُوَ الطَّيِّبُ مِنَ الخَبِيْثِ كَي نَعْرِفَ عَدُوَّنا مِنْ صَدِيْقِنَا، والحَرْبُ لَمْ تَزَلْ سِجَالاً!
حَتَّى إذَا أثْخَنَّا فِيْهِمُ الجِرَاحَ، وشَدَدْنا حَوْلَهُمُ الوَثَاقَ فَإمَّا مَنًّا بَعْدُ، وإمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الحَرْبُ أوْزَارَهَا، وعِنْدَئِذٍ لا ضَيْرَ أنْ نُجْرِيَ الخِلافَ بَيْنَنَا إنْ وُجِدَ!
اللَّهُمَّ بَلَّغْتُ اللَّهُمَّ فاشْهَدْ

وهذا مقال مستل من كتاب
قيادة المرأة للسيارة
ص ١٣٠
الشيخ د/ ذياب بن سعد الغامدي.