الصفة بين الذكر والحذف
دور منزلة المعنى في التفسير
تقوم اللغة على الاحتياج المعنوي والأهمية المعنوية ، والإنسان يتحدث بمستويات متعددة وبلغات متعددة تحت رعاية الاحتياج المعنوي غالبا واللفظي نادرا مع علامات أمن اللبس ليكون بعيدا عن اللبس والتناقض وهو غاية كل لغة من لغات العالم ،كما هو الحال في قوله :" " الله الذي رفع السموات بغير عمد ترونها"يختلف المفسرون حول هذه الآية الكريمة ، فمنهم من يرى أن السموات مرفوعة بغير عمد ، ومنهم من يرى أن السماوات مرفوعة بعمد لا نراها ، فإذا كانت السموات مرفوعة بغير عمد ، فلماذا وصف الله العمد بأنها غير مرئية ؟ وماذا يفيد وصفها بكونها مرئية أو غير مرئية إذا كانت غير موجودة أصلا ؟ وما الفائدة من وجود الصفة ؟ أما كان يكفي أن يقال:الله الذي رفع السموات بغير عمد ؟ وهل هي مساوية في المعنى لقوله : "الله الذي رفع السموات بغير عمد ترونها "؟ الذي يبدو لي أن جملة الصفة "ترونها " مهمة جدا ، ووجودها ليس كعدمه ، وأنها جاءت في مكانها الصحيح تماما ، لأن جملة : الله الذي رفع السموات بغير عمد " تثبت عدم وجود العمد نهائيا ،أما جملة: " الله الذي رفع السموات بغير عمد ترونها " لا تنفي وجود العمد ،فالعمد موجود ،ولا تنفي وجود العمد غير المرئي ،وتنفي وجود العمد المرئي ،كما أن جملة " الله الذي رفع السموات بغير عمد ترونها " تساوي في المعنى جملة " الله الذي رفع السماوات بعمد لا ترونها " وإليك الدليل: نقول :جئتك بغير كتاب ، ونقول:جئتك بغير كتاب تريده ، فالجملة الأولى تثبت عدم وجود الكتاب نهائيا ،أما الثانية فلا تنفي وجود كتاب ،بل تنفي المجيء بكتاب يريده المخاطب ،ولكنها لا تنفي مجيئه بكتاب آخر لا يريده المخاطب ، وتحتمل أن المتكلم قد جاء بكتاب لا يريده المخاطب ،ونقول:هو يناقش بغير دليل ،وهو يناقش بغير دليل كاف ،فالأولى تنفي الدليل ،والثانية تثبته ولكنها تصفه بأنه غير كاف ٍ،لأنها بمعنى :هو يناقش بدليل غير كاف ،والصفة تثبت الموصوف وتوضحه وتخصصه .

ولهذا أقول:إن قول من قال بوجود العمد غير المرئية أصح من قول غيرهم ، وتقول النظريات العلمية الحديثة :إن السماء مرفوعة بواسطة الضغط الجوي ،وبقدرة الله طبعا .

وبهذا يتضح أن اللغة تقوم على الاحتياج المعنوي والأهمية المعنوية ، وأن الإنسان يتحدث بمستويات متعددة وبلغات متعددة تحت رعاية الاحتياج المعنوي غالبا واللفظي نادرا مع علامات أمن اللبس وأن الإنسان يتحدث بحسب الأهمية المعنوية في الأصل وفي العدول عن الأصل ،وباختصار:الإنس ن يتحدث تحت رعاية الأهمية المعنوية وعلامات أمن اللبس.