قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (نَادَتْ امْرَأَةٌ ابْنَهَا وَهُوَ فِي صَوْمَعَةٍ، قَالَتْ: يَا جُرَيْجُ، قَالَ: اللَّهُمَّ أُمِّي وَصَلَاتِي، قَالَتْ: يَا جُرَيْجُ، قَالَ: اللَّهُمَّ أُمِّي وَصَلَاتِي، قَالَتْ: يَا جُرَيْجُ، قَالَ: اللَّهُمَّ أُمِّي وَصَلَاتِي، قَالَتْ: اللَّهُمَّ لَا يَمُوتُ جُرَيْجٌ حَتَّى يَنْظُرَ فِي وَجْهِ الْمَيَامِيسِ، وَكَانَتْ تَأْوِي إِلَى صَوْمَعَتِهِ رَاعِيَةٌ تَرْعَى الْغَنَمَ فَوَلَدَتْ، فَقِيلَ لَهَا مِمَّنْ هَذَا الْوَلَدُ، قَالَتْ: مِنْ جُرَيْجٍ نَزَلَ مِنْ صَوْمَعَتِهِ، قَالَ جُرَيْجٌ: أَيْنَ هَذِهِ الَّتِي تَزْعُمُ أَنَّ وَلَدَهَا لِي، قَالَ: يَا بَابُوسُ مَنْ أَبُوكَ قَالَ رَاعِي الْغَنَمِ). البخاري (3466)، ومسلم (2550).
هنا مسألة في قصة جريج العابد: هي أن أمَّ جريج دعت عليه بمعصية –وهي أن يرى المومسات وهنَّ الزانيات- واستجاب لها الله، مع العلم أن جريجًا العابد كان في الصلاة، فكيف هذا؟
فنقول: أجاب عن هذه الإشكالية القاضي عياض، فقال: (وهذا مما ينبغي أن يتأصل؛ لأنه إن كان تماديه على الصلاة: هو أولى من إجابة أمه، فإنه غير عاصٍ فى فعله، ولا ملوم فكيف تدعو عليه فيستجاب دعوتها فيه؟ وهولم يظلمها، إن كان عنده قطع الصلاة هو الواجب فى شرعه، فحينئذ يكون ملومًا.
على أن قوله: (اللهم أمي وصلاتي)، يؤذن بتردده فى هذا، إنه لم يكن ذلك عنده شرعًا بيِّنًا، ولعل أمه تأولت أنه عقها؛ فدعت عليه فوافق القدر.
وكذلك قوله - عليه الصلاة والسلام - : (وَلَوْ دَعَتْ عَلَيْهِ أَنْ يُفْتَنَ لَفُتِنَ)، يكون ذلك بمعنى أنه كان سبق في معلوم الله تعالى أن يفتن بدعائها، إلا أن يكون عاصيًا بالتمادى فلا يحتاج ذلك إلى اعتذار). انظر: إكمال المعلم شرح صحيح مسلم (8/5).