الصُّور: بضم أوله ، وهو قرَن ينفخ فيه ، والمراد به النفخة الثانية ؛ كذا في المرقاة ، وفي النهاية : الصُّور هو القَرن الذي ينفخ فيه إسرافيل - عليه السلام - عند بعث الموتى من المحشر .

وقال بعضهم : إن الصُّور جمع صورة ، يريد به صور الموتى ينفخ فيه الروح ، والصحيح الأول ؛ لأن الأحاديث تعاضدت عليه تارة بالصور وتارة بالقَرن .

قال الأردبيلي : (قال مجاهد وغيره : الصور على هيئة البُوق يجعل فيه الأرواح وينفخ) . عون المعبود (7/96).

فعلينا أن نؤمِن بالنفخ في الصور ، وهو ضمن الإيمان باليوم الآخر ؛ إذ ورد ذلك في كتاب ربِّنا وصحَّ من سنة نبيِّنا - صلى الله عليه وسلم - ومن ذلك قوله - تعالى -: ﴿ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ ﴾ [الزمر: 68]، وقوله - تعالى -: ﴿ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُمْ مِنَ الْأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ ﴾ [يس: 51] ، وقوله - تعالى -: ﴿ فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ ﴾ [الحاقة: 13] ، وقوله - تعالى -: ﴿ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعًا * وَعَرَضْنَا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِلْكَافِرِينَ عَرْضًا ﴾ [الكهف : 99، 100] ، وقوله: ﴿ فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ ﴾ [المؤمنون: 101].
وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (إن طَرْفَ صاحبِ الصُّور مُذْ وكِّل به مستعدٌّ ينظرُ نحو العرش مخافةَ أن يُؤمَر قبل أن يرتدَّ إليه طَرْفُه، كأن عينيه كوكبانِ دُرِّيَّانِ) . الحاكم (4/603)، وصححه، ووافقه الذهبي، وقال الحافظ في الفتح (11/368): سنده حسن، وصححه الألباني في الصحيحة (1078).

وعن أبي سعيد - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (كيف أَنْعمُ وصاحبُ القَرن قد الْتَقَم القرن، واستمع الإذن متى يؤمَر بالنفخ فينفخ؟) ، فكأن ذلك ثقُل على أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال لهم : (قولوا : حسبنا الله ونعم الوكيل، على الله توكَّلْنا) . الترمذي (3334)، وحسنه، وأحمد (11334)، وصححه الألباني في الصحيحة (1079).

وعن عبدالله بن عمرو - رضي الله عنهما - أنه سَمِع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : (ثم ينفخُ في الصور ، فلا يسمعه أحدٌ إلا أصغى لِيتًا ورفَعَ لِيتًا ، قال : وأوَّل مَن يسمعه رجل يَلُوط حوضَ إبله ، قال : فيَصعَقُ ويَصعق الناسُ ، ثم يرسل الله - أو قال : يُنْزِل الله - مطرًا كأنه الطَّل أو الظل ، فتنبت منه أجساد الناس، ثم ينفخ فيه أخرى ، فإذا هم قيام ينظرون) . مسلم (2940)، ومعنى لِيتًا ؛ أي : أمال صفحة عنقه ليسمع الصوت .