تقديم الحال على الفعل وصاحب الحال
تقوم اللغة على الاحتياج المعنوي والأهمية المعنوية ، والإنسان يتحدث بمستويات متعددة وبلغات متعددة تحت رعاية الاحتياج المعنوي غالبا واللفظي نادرا مع علامات أمن اللبس ليكون بعيدا عن اللبس والتناقض وهو غاية كل لغة من لغات العالم كما هو الحال في قوله تعالى :"*خشعاً أبصارهم يخرجون"*وفي هذه الآية الكريمة عدة أمور منها :
الأول:الأصل في الآية الكريمة السابقة هوجملة:"يخرجون خشعا أبصارهم "وهي جملة تترتب بحسب الأهمية المعنوية من الخاص إلى العام ،إلا أن الأهمية المعنوية عند المتكلم قد دعت إلى تقديم العام على الخاص لتصبح الجملة "خشعا أبصارهم يخرجون" حيث تقدم الحال وصاحب الحال على الفعل وذلك من أجل الهدف المعنوي،وهو بيان هيئة الأبصار وذلها وخشوعها ولو كان الحال متأخرا لعدمنا ذلك التصوير الفني لهيئة الأبصار ،كناية عن الذلة التي غالبا ما تظهر في العيون أكثر منها في بقية الجوارح ،لأن ذلة الذليل وعزة العزيز تظهران في عيونهما،فقد تمت إعادة توزيع الرتبة وتقدم العام على الخاص من أجل الهدف المعنوي ،وهذا يدل على أن المتكلم يتكلم بحسب الأهمية المعنوية في الأصل وفي العدول عن الأصل.
الثاني:أرجو أن تلاحظ معي كيف أن تقديم الحال إلى المقدمة أدَّى إلى تقديم ما يرتبط به معنويا وهو فاعله "أبصارهم" بسبب الاحتياج المعنوي بين الحال وصاحب الحال "الفاعل"،فالكل ام يترتب بحسب الأهمية المعنوية في الأصل وفي العدول عن الأصل .
الثالث:أرجو أن تلاحظ معي كذلك كيف أن المتكلم يقوم بنصب الحالِ والفعلُ الطالبُ له ما زال في الذاكرة ، ويربط بينهما برابط الاحتياج المعنوي ،ويدلل على هذه العلاقة بواسطة علامة الإعراب أو علامة المنزلة والمكانة المانعة من اللبس ،وهذا يعني أن المتكلم يتكلم تحت رعاية الاحتياج المعنوي وعلامات أمن اللبس ،وهناك علاقة احتياج معنوي بين أجزاء التركيب سواء أتقدم الكلام أم تأخر.
وبهذا يتضح أن اللغة تقوم على الاحتياج المعنوي ، وأن الإنسان يتحدث بمستويات تحت رعاية الاحتياج المعنوي وعلامات أمن اللبس ،وأن الإنسان يتحدث بحسب الأهمية المعنوية في الأصل وفي العدول عن الأصل .