قال تعالى:"*ويومَ تقومُ الساعةُ يقسمُ المجرمون ما لبثوا غيرَ ساعةٍ "*
تقوم اللغة على الاحتياج المعنوي والأهمية المعنوية ، والإنسان يتحدث بمستويات متعددة تحت رعاية الاحتياج المعنوي غالبا واللفظي نادرا مع علامات أمن اللبس ليكون بعيدا عن اللبس والتناقض وهو غاية كل لغة من لغات العالم كما هو الحال في قوله تعالى :"*ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة "*وفي هذه الآية الكريمة عدة أمور منها :
الأول:من المعروف أن الظرف يأتي متأخرا في ترتيب الجملة الفعلية ،فالأصل في هذه الآية الكريمة هو الجملة التالية:"يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة يوم تقوم الساعة "ولكن مجيء الأصل ملبس حيث يصبح اليوم ظرفا للَّبث والمُكث ،بحسب الاحتاج المعنوي بين أجزاء التركيب ، وهو في حقيقة الأمر ظرف للفعل " يقسم "ولهذا تقدم نحو الفعل الذي تربطه معه علاقة احتياج معنوي عدولا عن الأصل من أجل أمن اللبس .
الثاني :في الآية الكريمة جناس تام ،والساعة الأولى بمعنى يوم القيامة والساعة الثانية بمعنى مدة من الوقت وهو ستون دقيقة، ولا نستطيع عكس المعاني بسبب التنافر المعنوي وعدم الاحتياج المعنوي بين المبني عليه والمباني ،فالساعة الزمنية لا تقوم ،والقيامة ليست ظرفا للَّبث والمُكث .
الثالث:الظرف "يوم" مضاف للفعل أو للجملة وليس للاسم وذلك بحسب الأهمية المعنوية عند المتكلم ،وهذا كقوله تعالى"هذا يومُ ينفعُ الصادقين صدقهم"فالإضافة تكون للاسم أو للفعل ، بحسب الأهمية المعنوية عند المتكلم ،ومن الملاحظ أن تقديم الظرف"يوم"أدى إلى تقديم ما يرتبط معه معنويا وهو المضاف إليه ، وهو جملة "تقوم الساعة "
وقد انتقلا دفعة واحدة بحسب الاحتياج المعنوي بين المضاف والمضاف إليه ،وهذا يشبه انتقال"المقولة الكبرى"في اللغات الأخرى،فالاحتيا ج المعنوي فكرة عالمية .
وبهذا يتضح أن اللغة تقوم على الاحتياج المعنوي ، وأن الإنسان يتحدث بمستويات تحت رعاية الاحتياج المعنوي وعلامات أمن اللبس ،وأن الإنسان يتحدث بحسب الأهمية المعنوية في الأصل وفي العدول عن الأصل .