تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 20 من 38

الموضوع: شرك القبوريين والوثنيين واحد

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Oct 2007
    المشاركات
    17,333

    افتراضي شرك القبوريين والوثنيين واحد

    [بعث الله الرسل لإخلاص توحيده]

    فنقول: اعلم أن الله لم يبعث رسله، وينزل كتبه لتعريف خلقه بأنه الخالق لهم، والرازق، ونحو ذلك، فإن هذا يقر به كل مشرك قبل بعثة الرسل: {ولئن سألتَهم مَن خلقهم ليَقُولنَّ اللهُ} [الزخرف: 87]، {ولئن سألتَهم مَن خلق السماوات والأرض ليقولن خلقهن العزيز العليم} [الزخرف: 9]، {قل مَن يرزقكم من السماء والأرض أمن يملك السمع والأبصار ومن يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ومن يدبر الأمر فسيقولون الله فقل أفلا تتقون} [يونس:31], {قل لمن الأرض ومن فيها إن كنتم تعلمون سيقولون لله قل أفلا تذكرون قل من رب السماوات السبع ورب العرش العظيم سيقولون لله قل أفلا تتقون قل من بيده ملكوت كل شيء وهو يجير ولا يجار عليه إن كنتم تعلمون سيقولون لله قل فأنى تسحرون} [المؤمنون:84 - 89].
    ولهذا تجد كل ما ورد في الكتاب العزيز في شأن خالق الخلق ونحوه في مخاطبة الكفار مُعَنْوَناً باستفهام التقرير: {هل مِن خَالِق غير الله} [فاطر: 3]، {أفي الله شك فاطر السماوات والأرض} [إبراهيم: 10]، {أغيرَ اللهِ أتخذ وليّا فاطِرِ السماوات والأرضِ} [الأنعام:14]، {فأروني ماذا خلق الذين من دونه} [لقمان:11].
    بل بعث الله رسله، وأنزل كتبه لإخلاص توحيده، وإفراده بالعبادة {يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره} [الأعراف:59]، {ألا تعبدوا إلا الله} [فصلت:14]، {أن اعبدوا الله واتقوه} [نوح: 3], {قالوا أجئتنا لنعبد الله وحده ونذر ما كان يعبد آبآؤنا} [الأعراف 70]، {اعبدوا الله ما لكم من إله غيره} [المؤمنون:32]، {فإياي فاعبدون} [العنكبوت:56].
    وإخلاص التوحيد لا يتم إلا بأن يكون الدعاء كله لله، والنداء، والاستغاثة، والرجاء، واستجلاب الخير، واستدفاع الشر له ومنه لا لغيره ولا من غيره {فلا تدعوا مع الله أحدا} [الجن:18]، {له دعوة الحق والذين يدعون من دونه لا يستجيبون لهم بشيء} [الرعد:14]، {وعلى الله فليتوكل المؤمنون} [التوبة:51]، {وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين} [المائدة:23].
    وقد تقرر أن شرك المشركين الذين بعث الله إليهم خاتم رسله لم يكن إلا باعتقادهم أن الأنداد التي اتخذوها تنفعهم وتضرهم وتقربهم إلى الله، وتشفع لهم عنده، مع اعترافهم بأن الله -سبحانه وتعالى- هو خالقها وخالقهم، ورازقها ورازقهم، ومحييها ومحييهم، ومميتها ومميتهم، {ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى} [الزمر:3]، {فلا تجعلوا لله أندادا وأنتم تعلمون} [البقرة:22]، {إن كنا لفي ضلال مبين إذ نسويكم برب العالمين} [الشعراء:97 - 98]، {وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون} [يوسف:106]، {هؤلاء شفعاؤنا عند الله} [يونس:8]. وكانوا يقولون في تلبيتهم: لبيك لا شريك لك إلا شريكا هو لك، تملكه وما ملك**.
    _________________
    ** صحيح مسلم 1185
    الفتح الرباني من فتاوى الإمام الشوكاني- ص336-339

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Oct 2007
    المشاركات
    17,333

    افتراضي رد: شرك القبوريين والوثنيين واحد


    [شِرْكُ القبُوريين والوثَنيين واحدُُ]
    وإذا تقرر هذا فلا شك أن من اعتقد في ميت من الأموات، أو حي من الأحياء أنه يضره أو ينفعه، إما استقلالا أو مع الله تعالى، وناداه أو توجه إليه أو استغاث به في أمر من الأمور التي لا يقدر عليها المخلوق، فلم يخلص التوحيد لله، ولا أفرده بالعبادة؛ إذ الدعاء بطلب وصول الخير إليه، ودفع الضر عنه هو نوع من أنواع العبادة. ولا فرق بين أن يكون هذا المدعو من دون الله، أو معه حجرا، أو شجرا، أو ملكا، أو شيطانا كما كانت تفعل ذلك الجاهلية، وبين أن يكون إنسانا من الأحياء، أو الأموات كما يفعله الآن كثير من المسلمين. وكل عالم يعلم هذا ويقر به فإن العلة واحدة، وعبادة غير الله وتشريك غيره معه تكون للحيوان كما تكون للجماد وللحي كما تكون للميت ... فمن زعم أن ثم فرقا بين من اعتقد في وثن من الأوثان أنه يضر وينفع وبين من اعتقد من ميت من بني آدم، أو حي منهم أنه يضر أو ينفع أو يقدر على أمر لا يقدر عليه إلا الله فقد غلط غلطا بينا، وأقر على نفسه بجهل كبير؛ فإن الشرك هو دعاء غير الله في الأشياء التي تختص به، أو اعتقاد القدرة لغيره فيما لا يقدر عليه سواه، أو التقرب إلى غيره بشيء مما لا يتقرب به إلا إليه.
    ومجرد تسمية المشركين لما جعلوه شريكا بالصنم والوثن والإله، ليس فيه زيادة على التسمية بالولي والقبر والمشهد، كما يفعله كثير من المسلمين، بل الحكم واحد إذا حصل لمن يعتقد في الولي والقبر ما كان يحصل لمن كان يعتقد في الصنم والوثن؛ إذ ليس الشرك هو بمجرد إطلاق بعض الأسماء على بعض المسميات، بل الشرك هو أن يفعل لغير الله شيئا يختص به -سبحانه [وتعالى]،- سواء أطلق على ذلك الغير ما كان تطلقه عليه الجاهلية، أو أطلق عليه اسما آخر فلا اعتبار بالاسم قط. ومن لم يعرف هذا فهو جاهل لا يستحق أن يخاطب بما يخاطب به أهل العلم.
    وقد علم كل عالم أن عبادة الكفار للأصنام لم تكن إلا بتعظيمها، واعتقاد أنها تضر وتنفع الاستغاثة بها عند الحاجة، والتقريب لها في بعض الحالات بجزء من أموالهم، وهذا كله قد وقع من المعتقدين في القبور، فإنهم قد عظموها إلى حد لا يكون إلا لله -سبحانه-، بل ربما يترك العاصي منهم فعل المعصية إذا كان في مشهد من يعتقده أو قريبا منه، مخافة تعجيل العقوبة من ذلك الميت، وربما لا يتركها إذا كان في حرم الله، أو في مسجد من المساجد، أو قريبا من ذلك. وربما حلف بعض غُلاتهم بالله كاذبا، ولم يحلف بالميت الذي يعتقده، وأما اعتقادهم أنها تضر وتنفع فلولا اشتمال ضمائرهم على هذا الاعتقاد لم يدع أحد منهم ميتا أو حيا عند استجلابه لنفع، أو استدفاعه لضر قائلا: يا فلان افعل لي كذا أو كذا، وعلى الله وعليك، وأنا بالله وبك، وأما التقريب للأموات فانظر ما يجعلونه من النذور لهم، وعلى قبورهم في كثير من المحلات، ولو طلب الواحد منهم أن يسمح بجزء من ذلك لله -عز وجل- لم يفعل، وهذا معلوم يعرفه من عرف أحوال هؤلاء.

    الفتح الرباني من فتاوى الإمام الشوكاني- ص339-341
    https://archive.org/details/frfesfrfes

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Oct 2007
    المشاركات
    17,333

    افتراضي رد: شرك القبوريين والوثنيين واحد


    قال الإمام محمود الآلوسي مفتي الحنفية ببغداد (1270هـ) - وتبعه العلامتان ابنه نعمان الآلوسي (1317هـ)، وحفيده شكري الآلوسي (1342 هـ)، والشيخان: الأديب الأريب الرباطي الملقب بجامع المعقول والمنقول، والرستمي الملقب بشيخ القرآن والحديث- في تفسير قوله تعالى:... {دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} ...[يونس: 22] ، واللفظ للأول:
    (.. الآية دالة على أن المشركين [السابقين كانوا] لا يدعون غيره تعالى في تلك الحال [من الشدة]، وأنت خبير بأن الناس [القبورية] اليوم- إذا اعتراهم أمر خطير* وخطب جسيم* في بر أو بحر- دعوا من لا يضر ولا ينفع* ولا يرى ولا يسمع * فمنهم من يدعو الخضر وإلياس* ومنهم من ينادي أبا الخميس والعباس* ومنهم من يستغيث بأحد الأئمة* ومنهم من يضرع إلى شيخ من مشايخ الأمة* ولا ترى فيهم أحدا يخص مولاه* بتضرعه ودعاه* ولا يكاد يمر له ببال* أنه لو دعا الله تعالى وحده ينجو من هاتيك الأهوال* فبالله تعالى عليك: قل لي: أي الفريقين [القبورية والوثنية] من هذه الحيثية [في الاستغاثة عند الشدائد] أهدى سبيلا*؟، وأي الداعيين [المشرك المستغيث بالله في الشدة، أو القبوري المستغيث بالميت في الشدة] أقوم قيلا *؟ وإلى الله المشتكى من [أهل] زمان عصفت فيه ريح الجهالة* وتلاطمت [فيه عليهم] أمواج الضلالة* وخرقت سفينة الشريعة* واتخذت الاستغاثة بغير الله للنجاة ذريعة* وتعذر على العارفين الأمر بالمعروف* وحالت دون النهي عن المنكر صنوف الحتوف*) .

    جهود علماء الحنفية في إبطال عقائد القبورية ج2 ص1172-1173

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Oct 2007
    المشاركات
    17,333

    افتراضي رد: شرك القبوريين والوثنيين واحد


    لقد قام كثير من علماء الحنفية بالمقارنة والمقابلة بين القبورية الوثنية الحديثة في هذه الأمة وبين الوثنية القديمة من المشركين السابقين، فحققوا أنَّ كلّاً مِنهم أهل الشرك وأن القبورية الحديثة على طريقة الوثنية القديمة في الشرك وعبادة غير الله، حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة والشبر بالشبر.

    جهود علماء الحنفية في إبطال عقائد القبورية ج1 ص 481


  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Oct 2007
    المشاركات
    17,333

    افتراضي رد: شرك القبوريين والوثنيين واحد

    \
    بل للحنفية تحقيقات بديعة في أن القبورية الحديثة أشد شركًا من الوثنية القديمة .
    وأن القبورية الحديثة أعظم خوفًا وعبادة للقبور وأهلها منهم عند الكربات * لرب البريات وخالق الكائنات. وذلك بعرض علماء الحنفية لعقائد المشركين السابقين وأنهم كانوا معترفين بتوحيد الربوبية وإنما كان إشراكهم باستغاثتهم بآلهتهم والنذور لهم وجعلهم وسائط بينهم وبين الله. بل صرح علماء الحنفية: بأن الشرك والقبورية قد عما وطما إلى حد - لم يقتصرا في العوام والطغام فحسب بل سريا في كثير من أهل العلم والفضل والعقل والزهد والفقه وهم لا يشعرون. فوصل الأمر إلى أن :
    (تعذر على العارفين الأمر بالعرف * وحالت دون النهي عن المنكر صنوف الحتوف) .
    (حتى نسج العالم الخبير على فيه من السكوت اللثام * وترك الأمر بالمعروف خوفًا من اللئام *) .

    جهود علماء الحنفية في إبطال عقائد القبورية
    ج1 ص 481و482


  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Oct 2007
    المشاركات
    17,333

    افتراضي رد: شرك القبوريين والوثنيين واحد


    الحاصل:
    أن القبورية أهل الشرك صدقًا وهم وثنية حقًا، عباد الأوثان بلا شك، عبد الأنصاب بلا امتراء، وأنهم أتباع المشركين الأولين بلا ريب، وأن الشرك الأكبر الصراح موجود واقع فيهم .


    جهود علماء الحنفية في إبطال عقائد القبورية
    ج1 ص 483


  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Oct 2007
    المشاركات
    17,333

    افتراضي رد: شرك القبوريين والوثنيين واحد


    أول شرك وقع في حياة البشرية كان بسبب الغلو في الصالحين وتعظيم آثارهم، والعكوف على قبورهم، ومن هنا بدأ شرك القبوريين حتى أصبح من أبرز أنواع الشرك في حياة الناس، وحقيقته هو عبادة أصحاب القبور من دون الله تعالى، وللقبوريين شبهات يتعلقون بها ويسوغون بها شركهم وباطلهم، وقد أجاب عنها علماء أهل السنة والجماعة بما يشفي العليل ويروي الغليل.



  8. #8

    افتراضي رد: شرك القبوريين والوثنيين واحد

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أحمد البكري مشاهدة المشاركة

    أول شرك وقع في حياة البشرية كان بسبب الغلو في الصالحين وتعظيم آثارهم، والعكوف على قبورهم، ومن هنا بدأ شرك القبوريين حتى أصبح من أبرز أنواع الشرك في حياة الناس، وحقيقته هو عبادة أصحاب القبور من دون الله تعالى، وللقبوريين شبهات يتعلقون بها ويسوغون بها شركهم وباطلهم، وقد أجاب عنها علماء أهل السنة والجماعة بما يشفي العليل ويروي الغليل.



    بورك فيكم


    ======================

    داعية الشرك محمد علوي مالكي الصوفي


    http://majles.alukah.net/t132151/

    الحمد لله رب العالمين

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Oct 2010
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    418

    افتراضي رد: شرك القبوريين والوثنيين واحد

    بارك الله فيك

    لاشك ان الوثنيه الحاليه اكثر شناعه من عهدها القديم
    كذلك كل انواع المعاصى تفشت بشده
    وقل الحياه وساد جهل وخبط كبير
    فكلما بعدنا عن مصدر النور الالهى
    كلما زاد الجهل
    حتى يعود الاسلام غريبا

  10. #10

    افتراضي رد: شرك القبوريين والوثنيين واحد

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابن الصديق مشاهدة المشاركة
    بارك الله فيك

    لاشك ان الوثنيه الحاليه اكثر شناعه من عهدها القديم
    كذلك كل انواع المعاصى تفشت بشده
    وقل الحياه وساد جهل وخبط كبير
    فكلما بعدنا عن مصدر النور الالهى
    كلما زاد الجهل
    حتى يعود الاسلام غريبا

    بورك فيكم


    ======================


    داعية الشرك محمد علوي مالكي الصوفي


    http://majles.alukah.net/t132151/

    الحمد لله رب العالمين

  11. #11
    تاريخ التسجيل
    Oct 2007
    المشاركات
    17,333

    افتراضي رد: شرك القبوريين والوثنيين واحد



    بَلْ إنَّ شِرْكَ هَؤُلاءِ أَعْظمُ مِنْ شِرْكِ الجاهِلِيِّيْنَ ، فإنَّ شِرْكَ الجاهِلِيِّيْنَ : كانَ في رَخائِهمْ، أَمّا إذا عَظمَتْ بهمُ الخطوْبُ، وَتكالبتْ عَليْهمُ الكرُوْبُ: دَعُوْا اللهَ مُخْلِصِيْنَ لهُ الدِّينَ، كمَا قالَ سُبْحَانهُ: {فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوْا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ}.
    أَمّا مُشْرِكوْ زَمَانِنَا: فشِرْكهُمْ مُطرِدٌ مَعَهُمْ في رَخائِهمْ وَشدَائدِهِمْ، بَلْ إنَّ كثِيْرًا مِنْهُمْ يَدْعُو اللهَ وَمَعَهُ غيْرَهُ في الرَّخاءِ، فإذا اشْتدَّ بهِ البلاءُ: أَخْلصَ الدَّعَاءَ لِغيْرِ الله!
    حَتَّى أَنَّ مِنْهُمْ جَمَاعَة ً رَكِبوْا سَفِيْنةً في البحْرِ، فتلاطمَتْ بهمُ الأَمْوَاجُ، وَكادُوْا يَغرَقوْنَ: فلجُّوْا جَمِيْعًا باِلدُّعاءِ مُتضَرِّعِيْنَ قائِلِيْنَ: «يَا بْنَ عِيْسَى (1)! يَا بْنَ عِيْسَى! حُلهَا يَا عَمُوْدَ الدِّيْن»!
    ثمَّ أَخَذُوْا يَتَسابَقوْنَ بنذْرِ النُّذُوْرِ لهُ، وَالتَّعَهُّدِ بتقدِيْمِهَا عِنْدَ قبْرِهِ إنْ هُمْ نجَوْا مِنَ الغرَقِ وَنَجَّاهُمْ، عِيَاذاً باِلله.
    فلمّا أَنكرَ عَليْهمْ مُوَحِّدٌ كانَ مَعَهُمْ، وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَدْعُوْا اللهَ مُخْلِصِيْنَ لهُ الدِّينَ، وَيَتْرُكوْا غيْرَهُ مِنَ المخْلوْقِيْنَ: كادُوْا يَفتِكوْنَ بهِ، وَيُلقوْنَ بهِ في اليمّ!
    فحِيْنَ أَذِنَ اللهُ بنجَاتِهمْ، وَنجَوْا مِمّا كانوْا فِيْهِ، وَتفرَّجَتْ عَنْهُمْ كرُبَاتهُمْ: وَبَّخُوْا ذلِك َ الموَحِّدَ! وَاسْتَدَلوا بنَجَاتِهمْ عَلى صِحَّةِ فِعْلِهمْ! وَاسْتِقامَةِ أَعْمَالهِمْ! وَأَنَّ تِلك َ الأَفعَالَ القبيْحَة َ، كانتْ سَبَبَ نَجَاتِهمْ وَنَجَاتِهِ، نَسْأَلُ اللهَ السَّلامَةَ مِنَ الخذْلان (2).
    وَآخَرُوْنَ لجوْا باِلدُّعَاءِ وَالتَّضَرُّعِ وَالاسْتِغاثةِ بعبْدِ القادِرِ الجِيْلانِيِّ، وَآخرُوْنَ باِلبدَوِيِّ، وَغيْرُهُمْ بأَبي العَبّاسِ المرْسِيّ.
    وَهَكذَا يَسِيْرُ رَكبهمْ مُتَرَسِّمًا خطى الشَّيْطانِ، فأَوْرَدَهُمُ النارَ، فبئْسَ الوِرْدُ الموْرُوْد.
    وَقدْ ذكرَ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْن ِ الصِّدِّيق ِ الغمارِيُّ (ت1380هـ) في كِتابهِ الفاسِدِ «إحْيَاءِ المقبوْرِ، مِنْ أَدِلةِ اسْتِحْبَابِ بناءِ المسَاجِدِ وَالقِبَابِ عَلى القبوْر» (ص21 - 22): شَيْئًا مِنْ ذلِك َ، وَكفرَ - هُوَ- فاعِلِيْهَا.
    وَمَعَ فسَادِ كِتَابهِ ذلِك َ، إلا َّ أَنهُ ذكرَ ذلِك َ، وَحَكمَ بكفرِ فاعِلِيْه.
    وَهَذَا أَمْرٌ رَأَيناهُ وَسَمِعْنَا بَعْضَهُ، وَقرَأْنا بَعْضَه.
    بَلْ قدْ سَمِعْتُ شَيْطانا مِنْ شَيَاطِينِهمْ، يقرِّرُ لأُوْلئِك َ المشْرِكِيْنَ صِحَّة َ أَعْمَالهِمْ، وَيزَينُ لهمْ سُوْءَ أَفعالهِمْ، فقالَ: (قدْ جَعَلَ الله ُ لِلأَوْلِيَاءِ كرَامَاتٍ وَمُعْجزَاتٍ، وَخَوَارِقَ لِلعادَاتِ. فهُمْ يجيْبُوْنَ المضْطرَّ وَيَكشِفوْنَ السُّوْءَ! وَيرْفعُوْنَ البأْسَ! وَهُمْ مَيتوْنَ في قبوْرِهِمْ! وَمَا ذاك َ إلا َّ لِعِظمِ جَاهِهمْ عِنْدَ اللهِ، وَرِفعَةِ مَنْزِلتِهمْ لدَيه.
    فمَنْ رَكِبَ في الفلكِ وَخَشِيَ الغرَقَ فدَعَاهُمْ، وَنادَاهُمْ، وَاسْتغاثَ بهمْ فقالَ «يا عَبْدَ القادِرِ» أَوْ «يا جِيْلانِيّ» أَوْ غيْرَ ذلِكَ: نفعهُ ذلِكَ بلا رَيب)!
    ثمَّ قالَ مُنْكِرًا مُتعَجِّبًا مِمَّنْ يُنكِرُ ذلِك َ: (وَمَنْ يَسْتَطِيْعُ أَنْ يُنْكِرَ ذلِك َوَيَجْحَدُهُ؟! أَلا يَسْتَطِيْعُ الله ُ أَنْ يَجْعَلَ لِرُوْحِ ذلِك َ الوَلِيِّ قدْرَة ً في إغاثةِ الملهُوْفِيْنَ، وَإجَابةِ المضْطرِّين؟!).
    هَكذَا قالَ هَذَا المشْرِك ُ الضّالُّ، وَهَكذَا يُزَينُ لهِؤُلاءِ مِلةَ أَبي لهَبٍ وَأَبي جَهْل. وَلمّا لمْ يَجِدْ دَلِيْلاً عَلى صِحَّةِ مَزَاعِمِهِ تِلكَ: نقلَ المسْأَلةَ مِنْ حُكمِ الاسْتِغاثةِ وَدُعَاءِ أُوْلئِكَ العِبَادِ الضُعَفاءِ المقبوْرِيْنَ مِنْ دُوْنِ اللهِ، إلىَ بيانِ قدْرَةِ اللهِ وَاسْتِطاعَتِهِ !
    وَكأَنَّ المخالِفَ لهمْ مِنَ الموَحِّدِيْنَ ينازِعُ في اسْتِطاعَةِ اللهِ وَقدْرَتهِ أَنْ يَهَبَ أَحَدًا مِنْ أُوْلئِكَ الأَمْوَاتِ قدْرَةً عَلى إغاثةِ أَهْلِ الكرُوْبِ، وَكشْفِ الكرْبِ عَنِ المكرُوْب!
    ______
    (1) - يَعْنُوْنَ سَعِيْدَ بْنَ عِيْسَى بْن ِ أَحْمَدَ العَمُوْدِيّ الحضْرَمِيّ (ت671هـ).
    (2) - قِصَّة ٌ حَكاهَا الشَّيْخُ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بَا شْمِيْل - شَفاهُ الله ُ وَعَافاهُ - في كِتَابهِ «لهيْبِ الصَّرَاحَةِ يُحْرِقُ المغالطات» (ص31 - 36)، ثمَّ أَفرَدَ مِنْهُ مَا يَتَعَلقُ باِلتَّوْحِيْدِ في كِتَابهِ «كيْفَ نفهَمُ التَّوْحِيْد»، وَأَعَادَهَا فِيْه (ص15 - 19).
    وَكانَ - هُوَ- مَعَ أُوْلئِك َ المفتوْنِيْنَ في تِلك َ السَّفِيْنَةِ قبْلَ نَحْوِ سِتِّينَ سَنَة ً، وَلما رَأَى مِنْهُمْ ذلِك َ وَسَمِعَهُ: أَنكرَ عَليْهمْ، فكانَ مِنْهُمْ مَا سَبَقَ، وَلهُ مَعَهُمْ قِصَّة ٌوَجِدَالٌ حَسَنٌ، ذكرَهُ في كِتَابهِ المذْكوْر.


    مجانبة أهل الثبور المصلين في المشاهد وعند القبور- عبد العزيز بن فيصل الراجحي
    ص241-244

  12. #12
    تاريخ التسجيل
    Oct 2007
    المشاركات
    17,333

    افتراضي رد: شرك القبوريين والوثنيين واحد


    من الصعب على الباحث أن يحصر آثار تقديس القبور والأضرحة، ولكن هناك آثاراً يمكن إبرازها لخطورتها، ولكونها تعتبر أمهات لانحرافات أخرى نتجت عن هذا الداء، ويقف على رأس هذه الآثار: أظلم الظلم؛ الشرك بالله تعالى، فالراصد لأحوال القبوريين يلحظ بوضوح انتشار الشرك بينهم بجميع أنواعه وصوره ودرجاته .. شرك في الربوبية، وشرك في الألوهية، وشرك في الأسماء والصفات .. شرك أكبر، وشرك أصغر .. .
    وما أدراك ما يحدثه الشرك من آثار نفسية واجتماعية على الفرد والمجتمع! فمن شرك الربوبية ظهر واضحاً اعتقاد القبوريين في الأضرحة وأصحابها؛ أنهم يسمعون ويبصرون ويجيبون من يتوجه إليهم، وأنهم يعلمون الغيب الذي لا يعلمه إلا الله، وأن لهم قدرة في التصرف والتأثير في الكون بما ليس في طاقة البشر: كالخلق والإفناء، والإحياء والإماتة، وشفاء الأمراض، والنفع والضر، والعطاء والمنع، والإغناء والإفقار، وتحويل الأشياء عن حقيقتها.
    كما زعم القبوريون أن في الأضرحة وأصحابها القدرة على الرفع والوضع في الدنيا والآخرة، وتفريج الكربات، وقضاء الحاجات، ومحو الذنوب وغفرانها.

    دمعة على التوحيد-حقيقة القبورية وآثارها في واقع الأمة
    تهذيب: عبد الباسط بن يوسف الغريب
    http://whatsappcards.com/grave/tawheed.htm



  13. #13
    تاريخ التسجيل
    Oct 2007
    المشاركات
    17,333

    افتراضي رد: شرك القبوريين والوثنيين واحد



    فحقيقة الأمر: أن ما يفعله القبوريون عند القبر والضريح هو بعينه الذي تفعله الجاهلية الوثنية، وإنما كانوا يفعلونه لما يسمونه وثناً وصنماً، وفعله القبوريون لما يسمونه ولياً وقبراً ومشهداً، والأسماء لا أثر لها ولا تغير المعاني.

    دمعة على التوحيد-حقيقة القبورية وآثارها في واقع الأمة
    تهذيب: عبد الباسط بن يوسف الغريب
    http://whatsappcards.com/grave/tawheed.htm

  14. #14

    افتراضي رد: شرك القبوريين والوثنيين واحد

    بورك فيكم


    *************
    قال الشافعي رحمه الله تعالى :

    ( لو أن رجلاً تصوَّف من أول النهار

    لم يأت عليه الظهر إلا وجدته أحمق .)
    رواه البيهقي في مناقب الشافعي (2 / 208)
    *************

    ======================


    داعية الشرك محمد علوي مالكي الصوفي

    http://majles.alukah.net/t132151/ (هذه مفاهيمنا - ردًا على شركيات وضلالات
    محمد علوي مالكي)


    الحمد لله رب العالمين

  15. #15
    تاريخ التسجيل
    Oct 2007
    المشاركات
    17,333

    افتراضي رد: شرك القبوريين والوثنيين واحد

    \
    لقد تبين من كلام علماء الحنفية:
    أن الإشراك بالله تعالى أول ما ظهر وبدأ - إنما ظهر وبدأ في قوم نوح بمكر الشيطان وحيله الخفية المزخرفة اللطيفة وكيده لبني آدم في الإغواء والإضلال بسبب عبادة القبور وأهلها:
    فصار قوم نوح أول فرقة مشركة قبورية وثنية - ظهرت على وجه الأرض في تاريخ البشرية، وانشقت عن المسلمين الموحدين، فقبورية قوم نوح هم السلف الشرير السوء الطالح لكل مشرك قبوري ولجميع الفرق القبورية في شرق الأرض وغربها، عجمها، وعربها، تركها، وبربرها، هندها، وغيرها؛ سواء تنتمي إلى الإسلام أم إلى الرفض أم إلى الفلسفة، أم إلى الصوفية، أم إلى الكلام، أم إلى ملة من ملل الكفر ونحله.
    فعبادة القبور هي أصل شرك العالم، وقبورية قوم نوح هي أم القبوريات؛ ثم انتشرت القبورية في اليهود والنصارى والعرب والعجم من الهند والترك والبربر وغيرهم؛ فقد قال الإمام ابن أبي العز (792هـ)، والعلامة نعمان الآلوسي (1317هـ)، واللفظ للأول، في بيان مبدأ عبادة القبور وتطور القبورية في العالم:
    (فإن المشركين من العرب كانوا يقرون بتوحيد الربوبية ...؛ ولم يكونوا يعتقدون في الأصنام أنها مشاركة لله في خلق العالم؛ بل كان حالهم فيها كحال أمثالهم من مشركي الأمم:
    من الهند، والترك والبربر، وغيرهم؛ تارة يعتقدون: أن هذه تماثيل قوم صالحين من الأنبياء والصالحين، ويتخذونهم شفعاء ويتوسلون بهم إلى الله؛ وهذا أصل شرك العرب؛ قال الله تعالى حكاية عن قوم نوح؛ {وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا} [نوح: 23]؛ وقد ثبت في صحيح البخاري وكتب التفسير، وقصص الأنبياء وغيرها، عن ابن عباس رضي الله عنهما، وغيره من السلف:
    أن هذه أسماء قوم صالحين في قوم نوح؛ فلما ماتوا عكفوا على قبورهم، ثم طال عليهم الأمد، فعبدوهم، وأن هذه الأصنام بعينها - صارت إلى قبائل العرب؛ ذكرها ابن عباس رضي الله عنهما قبيلة قبيلة) .
    وقال الإمامان: محمد البركوي (981هـ) وأحمد الرومي (1043هـ) ، والشيخان: سبحان بخش الهندي، وإبراهيم السورتي - في تحقيق مبدأ عبادة القبور وأهلها، ونشأة القبورية وتطورها وانتشارها في العالم، مبينين أن القبورية قديمًا وحديثًا يعبدون الصالحين دون الأحجار، واللفظ للأول: (ومن أعظم مكائده - أي الشيطان - التي كاد بها أكثر الناس، وما نجا منها إلا من لم يرد الله تعالى فتنته - ما أوحاه قديمًا وحديثًا إلى حزبه وأوليائه- من الفتنة بالقبور، حتى آل الأمر فيها إلى أن عبد أربابها من دون الله تعالى، وعبدت قبورهم، واتخذت أوثانًا، وبنيت عليها الهياكل، وصورت صور أربابها فيها، ثم جعلت تلك الصور أجسادًا لها ظل، ثم جعلت أصنامًا، وعبدت مع الله تعالى، وكان ابتداء هذا الداء العظيم في قوم نوح) ، ثم ساقوا أثر ابن عباس رضي الله عنهما في تفسير الآية المذكورة كما نقلته عن ابن أبي العز آنفًا، ثم قالوا: (وكان هذا مبدأ عبادة الأصنام, فهؤلاء جمعوا بين الفتنتين:
    فتنة القبور، وفتنة التماثيل؛ وهما الفتنتان اللتان أشار إليهما رسول الله صلى الله عليه وسلم ..،: «أولئك قوم إذا مات فيهم العبد الصالح، أو الرجل الصالح - بنوا على قبره مسجدًا وصوروا فيه تلك الصور؛ أولئك شرار الخلق عند الله». ففي هذا الحديث: ما ذكر من الجمع بين التماثيل والقبور) .
    قلت: لقد ظهر من كلام هؤلاء الأعلام من الحنفية:
    أن القبورية نشأت في قوم نوح، ثم تطورت وانتشرت فيمن بعدهم من الأقوام والأمم حتى جاءت نوبة اليهود والنصارى؛ فهم صاروا من أعظم فرق القبورية وشرارها حتى آل الأمر إلى جزيرة العرب؛ فكان العرب في الجاهلية من أعظم قبورية العالم؛ وكانوا جميعًا قد جمعوا بين فتنتين:
    فتنة الشرك بعبادة القبور.
    وفتنة الصور والتماثيل.
    كما تبيَّن من ذلك أنهم كانوا يعبدون الصالحين دون الأحجار لا كما يزعم القبورية.

    جهود علماء الحنفية في إبطال عقائد القبورية - ج1 ص407-411

  16. #16
    تاريخ التسجيل
    Oct 2007
    المشاركات
    17,333

    افتراضي رد: شرك القبوريين والوثنيين واحد

    بالنسبة إلى مشركي العرب في الجزيرة وكونهم قبورية فالأمر أوضح وأشهر من أن يبرهن عليه ويذكر؛ فإنهم كانوا قبورية يعبدون القبور وأهلها، فقد صرح الإمام محمود الآلوسي (1170هـ) :
    أن ((اللات)) كان رجلًا من ثقيف يلت السويق بالزيت؛ فلما توفي جعلوا قبره وثنًا، وأنه كان يلت السويق على الحجر؛ فلا يشرب منه أحد إلا سمن، فعبدوه، وعبدوا ذلك الحجر إجلالًا.
    وذكر الشيخ جوهر الرحمن عن الحافظ ابن كثير (774هـ) قوله: (فلما مات عكفوا على قبره فعبدوه) .
    قلت: فإن قيل ماذا كان نوع عبادة العرب لللات؟
    قلت: لقد صرح الحنفية بأنهم كانوا يستعينون به عند الشدائد كدأب قبورية اليوم وبذلك كفروا وأشركوا بالله في عبادته؛ قال الإمام ولي الله الدهلوي (1176هـ) :
    (وكفر الله مشركي مكة لقولهم لرجل سخي كان يلت السويق للحاج: إنه نصب منصب الألوهية؛ فجعلوا يستعينون به عند الشدائد) .
    قلت: هذا كله برهان بل براهين على أن مشركي العرب من أعظم فرق القبورية في العالم، وأنهم أقحاح في القبورية، ومنه تبين أن المشركين كانوا يعبدون الصالحين دون الأحجار لا كما هو زعم القبورية الآن.
    ومن أعظم الحجج الباهرة القاهرة على أن مشركي العرب كانوا قبورية يعبدون القبور وأهلها - نهي النبي صلى الله عليه وسلم في بداية الإسلام عن زيارة القبور؛ فقد قال صلى الله عليه وسلم: «نهيتكم عن زيارة القبور، فزوروها». وقال صلى الله عليه وسلم:«نهيتكم عن زيارة القبور، فزوروها ولا تقولوا هجرا» .
    قلت: ولقد علل كثير من علماء الحنفية نَهْيَ النبي صلى الله عليه وسلم هذا عن زيارة القبور في بداية الإسلام؛ أنه صلى الله عليه وسلم كان يخاف عليهم، لكون القبور مبدأ لعبادة الأصنام في العرب وقبلهم، فنهاهم أولًا لكونهم حديثي عهد بالشرك سدا لذريعة الشرك وحماية لحمى التوحيد؛ لأن زيارة القبور كانت تفتح عليهم باب عبادة القبور وأهلها؛ ثم لما تمكن التوحيد في قلوبهم واطمأنت نفوسهم على تحريم عبادة غير الله - أذن لهم في زيارة القبور للتزهيد في الدنيا وتذكير الآخرة والدعاء للأموات بالمغفرة.
    أقول: انتبه أخي المسلم إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم أذن لهم فيما بعد في زيارة القبور، ولكن حذرهم من الشرك وشوائبه بقوله صلى الله عليه وسلم: «ولا تقولوا هجرا» .
    وقد صرح علماء الحنفية في شرح كلام النبي صلى الله عليه وسلم هذا: ((هجرا)): (هجرًا: أي فحشًا: وأي فحش أعظم من الشرك عندها قولًا وفعلًا؟!) .
    قلت: بعد هذا لا حاجة إلى البرهنة على أن مشركي العرب كانوا قبورية أقحاح بأكثر من هذه البراهين القاهرة الباهرة؛ فلقد تبين من هذه النصوص أن المشركين كانوا يعبدون الصالحين المقربين عند الله على زعمهم أنهم شفعاؤهم عند الله تعالى، ولم يكونوا يعبدون الأحجار لذاتها؛ لا كما هو زعم القبورية الكذبة مبررين شركهم بالأكاذيب؛ ولذلك قال الشيخ ابن آصف الفنجفيري الملقب عند الحنفية بشيخ القرآن بعد سرد أقوال المفسرين: (فاتفقت كلمتهم على أن المشركين [كانوا] يدعون العباد الصالحين ويتوسلون بهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله ... ويعطون النذور لهم باعتقاد أنهم يقربونا إلى الله زلفى فكان شركهم العبادة للمقبورين والدعاء من الغائبين والأموات أن أصحاب القبور يسمعون الدعاء والنداء ويعلمون السر وأخفى ويتصرفون في الأمور كيف يشاءون).

    جهود علماء الحنفية في إبطال عقائد القبورية - ج1 ص 411-414

  17. #17
    تاريخ التسجيل
    Oct 2007
    المشاركات
    17,333

    افتراضي رد: شرك القبوريين والوثنيين واحد


    فإن قيلَ: فما الذي أوقع عبَّادَ القبورِ في الافتتان بها مع العلم بأن ساكنيها أموات لا يَملِكُون لهم ضراً ولا نفعاً ولا موتاً ولا حياتاً ولا نشوراً قيلَ: أوقعهم في ذلك أمور: منها: الجهل بحقيقة ما بعث الله به رسوله بل جميع الرسل: مِن تحقيقِ التوحيد وقطع أسباب الشرك فقلَّ نصيبَهم جداً من ذلك ودعاهم الشيطان إلى الفتنة ولم يكن عندهم من العلم ما يبطل دعوته فاستجابوا له بحسب ما عندهم من الجهل وعصموا بقَدر ما معهم من العلم.
    ومنها: أحاديث مكذوبة مختلقة وضعها أشباه عباد الأصنام: من المقابرية على رسول اللهaتناقض دينه وما جاء به كحديث: إذا أعيتكم الأمور فعليكم بأصحاب القبور وحديث: لو أحسن أحدكم ظنه بحجر نفعه وأمثال هذه الأحاديث التي هي مناقضة لدين الإسلام وضعها المشركون وراجت على أشباههم من الجهال الضلال والله بعث رسوله يقتل من حسن ظنه بالأحجار وجنب أمته الفتنة بالقبور بكل طريق كما تقدم.
    ومنها: حكايات حُكيَتْ لهم عن تلك القبور: أن فلانا استغاث بالقبر الفلاني في شدة فخلص منها وفلانا دعاه أو دعا به في حاجة فقضيت له وفلانا نزل به ضرفاسترجى صاحب ذلك القبر فكشف ضره, وعند السدنة والمقابرية من ذلك شيء كثير يطول ذكره, وهم مِن أكذب خلق الله تعالى على الأحياء والأموات, والنفوس مولعة بقضاء حوائجها وإزالة ضروراتها ويسمع بأن قبر فلان ترياق مجرب والشيطان له تلطف في الدعوة فيدعوهم أولاً إلى الدعاء عنده فيدعو العبد بحرقة وانكسار وذلة فيجيب الله دعوته لما قام بقلبه لا لأجل القبر فإنه لو دعاه كذلك في الحانة والخمارة والحمام والسوق أجابه, فيظن الجاهل أن للقبر تأثيرا في إجابة تلك الدعوة والله سبحانه يجيب دعوة المضطر ولو كان كافرا وقد قال تعالى: {
    كُلًّا نُّمِدُّ هَٰؤُلَاءِ وَهَٰؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ ۚ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا} [ الإسراء: 20] وقد قال الخليل: {وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُم بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ} [البقرة: 126] فقال الله سبحانه وتعالى : {وَمَن كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} [البقرة: 126]. فليس كل من أجاب الله دعاءه يكون راضيا عنه ولا محبّاً لَهُ ولا راضياً بفعله فإنه يُجيب البَرَّ والفاجِرَ والمؤمنَ والكافرَ, وكثير من الناس يدعو دعاء يعتدى فيه أو يشترط في دعائه أو يكون مما لا يجوز أن يسأل فيحصل له ذلك أو بعضه فيظن أن عمله صالح مرضي لله ويكون بمنزلة من أملى له وأمد بالمال والبنين وهو يظن أن الله تعالى يسارع له في الخيرات وقد قال تعالى: {فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء} [ الأنعام: 44].



    ابن قيم الجوزية - إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان
    مج1: ص214-216

  18. #18
    تاريخ التسجيل
    Oct 2007
    المشاركات
    17,333

    افتراضي رد: شرك القبوريين والوثنيين واحد

    إن قلتَ: أفيصير هؤلاء الذين يعتقدون في القبور والأولياء والفسقة والخلعاء مشركين كالذين يعتقدون في الأصنام؟
    قلتُ: نعم! قد حصل منهم ما حصل من أولئك وساووهم في ذلك، بل زادوا عليهم في الاعتقاد والانقياد والاستعباد، فلا فرق بينهم.
    فإن قلتَ: هؤلاء القبوريون يقولون: نحن لا نشرك بالله تعالى ولا نجعل له ندًّا، والالتجاءُ إلى الأولياء والاعتقاد فيهم ليس شركاً!
    قلتُ: نعم! {يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ} ، لكن هذا جهل منهم بمعنى الشرك، فإنَّ تعظيمَهم الأولياء ونحرَهم النحائر لهم شركٌ، والله تعالى يقول: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} أي: لا لغيره، كما يفيدُه تقديم الظرف1، ويقول تعالى: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُو مَعَ اللَّهِ أَحَداً}, وقد عرفتَ بما قدَّمناه قريباً أنَّه صلى الله عليه وسلم قد سمَّى الرياءَ شركاً، فكيف بما ذكرناه؟!
    فهذا الذي يفعلونه لأوليائهم هو عين ما فعَلَه المشركون وصاروا به مشركين، ولا ينفعهم قولهم: نحن لا نشركُ بالله شيئاً، لأنَّ فِعْلَهم أَكْذبَ قولَهم.
    فإن قلتَ: هم جاهلون أنهم مشركون بما يفعلونه.
    قلتُ: قد صرَّح الفقهاء في كتب الفقه في باب الرِّدة أنَّ مَن تكلَّم بكلمة الكفر يَكفر وإن لَم يقصد معناها، وهذا دالٌّ على أنَّهم لا يعرفون حقيقةَ الإسلام، ولا ماهية التوحيد، فصاروا حينئذ كفاراً كفراً أصليَّا، فإنَّ الله تعالى فَرَضَ على عباده إفرادَه بالعبادة {أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ اللَّهَ}، وإخلاصها له: {وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ}، ومَن نادى الله ليلاً ونهاراً وسرًّا وجهاراً وخوفاً وطمعاً، ثمَّ نادى معه غيرَه فقد أشرك في العبادة، فإنَّ الدعاءَ من العبادة، وقد سمَّاه الله تعالى عبادةً في قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} بعد قوله: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ}.
    فإن قلتَ: فإذا كانوا مشركين وجَب جهادُهم، والسلوك فيهم ما سلَكَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم في المشركين.
    قلتُ: إلى هذا ذهب طائفةٌ من أئمَّة العلم، فقالوا: يَجب أوَّلاً دعاؤهم إلى التوحيد، وإبانةُ أنَّ ما يعتقدونه ينفعُ ويَضر، لا يغني عنهم من الله شيئاً وأنَّهم أمثالهم، وأنَّ هذا الاعتقاد منهم فيه شركٌ لا يتم الإيمانُ بما جاءت به الرسلُ إلاَّ بتركه والتوبة منه، وإفراد التوحيد اعتقاداً وعملاً لله وحده.
    وهذا واجبٌ على العلماء، أي: بيان أنَّ ذلك الاعتقاد الذي تفرَّعت عنه النذور والنحائر والطواف بالقبور شركٌ محرَّم، وأنَّه عينُ ما كان يفعله المشركون لأصنامهم، فإذا أبان العلماءُ ذلك للأئمَّة والملوك،
    وَجَبَ على الأئمة والملوك بعثُ دعاة إلى الناس يَدعونهم إلى إخلاص التوحيد لله، فمَن رجع وأقرَّ حقن عليه دمه وماله وذراريه، ومَن أصَرَّ فقد أباح الله منه ما أباح لرسوله صلى الله عليه وسلم من المشركينَ.

    الأمير الصنعاني- تطهير الاعتقاد عن أدران الإلحاد: ص 24 -27
    http://d1.islamhouse.com/data/ar/ih_books/single8/ar_Tatheer_Ale3tqad.pdf

  19. #19

    افتراضي رد: شرك القبوريين والوثنيين واحد

    بورك فيكم

    الحمد لله رب العالمين

  20. #20
    تاريخ التسجيل
    Oct 2007
    المشاركات
    17,333

    افتراضي رد: شرك القبوريين والوثنيين واحد


    قال الآلوسي في أثناء تفسيره لقول الله تعالى: {
    وَكَأَيِّن مِّنْ آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ} :
    ((وقد يقال نظرا إلى مفهوم الآية: إنهم من يندرج فيهم كل من أقر بالله تعالى وخالقيته مثلا وكان مرتكبا ما يعدُّ شركا كيفما كان، ومن أولئك عبدة القبور
    الناذرون لها المعتقدون للنفع والضر ممن الله تعالى أعلم بحاله فيها وهم اليوم أكثر من الدود)).

    روح المعاني: مج13 ص67
    https://archive.org/details/waq0094

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •