قال تعالى:*"والله يُؤتي ملكَه مَن يشاء"*
تقوم اللغة على الاحتياج المعنوي والأهمية المعنوية ، والإنسان يتحدث بمستويات متعددة وبلغات متعددة ،تحت رعاية الاحتياج المعنوي غالبا واللفظي نادرا مع علامات أمن اللبس ليكون بعيدا عن اللبس والتناقض وهو غاية كل لغة من لغات العالم كما هو الحال في قوله تعالى:"والله يؤتي ملكه من يشاء"، فالأصل في ترتيب المفاعيل في باب أعطى أن تترتب من الخاص إلى العام ،ومن الأهم إلى الأقل أهمية ،وفي ذلك يقول ابن مالك :
والأصل سبق فاعل معنى كَمَن//مِن:ألبِسَنْ مَن زاركم نسجَ اليمن
ويلزم الأصل لموجب عرى//وترك ذاك الأصل حتما قد يرى
فنحن نقول:أعطيت زيدا درهما ،وزيد هو المفعول الأول لأنه الآخذ ،والدرهم هو المفعول الثاني لأنه المأخوذ، فالآخذ يتقدم على المأخوذ لأنه فاعل من جهة المعنى ،وعلى هذا يكون الأصل في الآية الكريمة :"والله يؤتي من يشاء ملكه " ولكن هذا التركيب ملبس إذ ستصبح "ملكه" مفعولا للفعل "يشاء" بسبب الاحتياج المعنوي بين أجزاء التركيب ،مما أدى إلى العدول عن الأصل وتقدم المفعول الثاني على المفعول الأول بالأهمية المعنوية من العام إلى الخاص ،نحو المبني عليه، من أجل أمن اللبس لأن "ملكه"مفعولا للفعل "يؤتي" لا للفعل "يشاء"،ومثل ذلك قوله تعالى :"يؤتي الحكمة من يشاء"*.
وبهذا فالكلام يترتب بحسب الأهمية المعنوية في الأصل وفي العدول عن الأصل ،والمتقدم في المنزلة والمكانة متقدم في الموقع نحو المبني عليه والمتأخر في المنزلة والمكانة متأخر في الموقع من المبني عليه كذلك .وبهذا يتضح أن اللغة تقوم على الأهمية المعنوية في الأصل وفي العدول عن الأصل ، وأن الإنسان يتحدث بمستويات تحت رعاية الاحتياج المعنوي وعلامات أمن اللبس.