تبادل الأهمية المعنوية بين الأقارب
تقوم اللغة على الاحتياج المعنوي والأهمية المعنوية ، والإنسان يتحدث بمستويات متعددة تحت رعاية الاحتياج المعنوي غالبا واللفظي نادرا مع علامات أمن اللبس ليكون بعيدا عن اللبس والتناقض وهو غاية كل لغة من لغات العالم كما هو الحال في قوله تعالى:"يودُّ المجرم لو يفتدي من عذاب يومئذٍ ببنيه*وصاحبته وأخيه*وفصيلته التي تؤويه *ومن في الأرض جميعا ثم ينجيه *فهذه الآية الكريمة مبنية على افتداء المجرم بأفراد العائلة من العذاب الشديد،وقد ترتب الأقارب من الخاص إلى العام ،ومن الأهم إلى الأقل أهمية ،فمن شدة العذاب يتمنى هذا المجرم لوأنه استطاع الخلاص ولو أُلقي أعزُّ أقاربه في النار، وذلك لبيان شدة العذاب ، فهو يفتدي بأغلى ما عنده من أجل الخلاص ، ولهذا تقدم الابن وارتبط بالمبني عليه بحسب الأهمية المعنوية لأنه أعزُّ الأهل ، يليه الزوجة فالأخ فالعشيرة ،وتأخر الناس لضعف منزلة المعنى بينهم وبين المجرم ، فهو لا يهمهم ولا يهمهم العذاب الذي يلقاه ، ولكن الله تعالى يقول أيضا:"فإذا جاءت الصاخة*يوم يفرُّ المرء من أخيه *وأمه وأبيه *وصاحبته وبنيه *لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه *وهذه الآية الكريمة مبنية على الفرار من الأقارب يوم القيامة ،وهم مرتبون من الأبعد إلى الأقرب ،ومن الأهم إلى الأقل أهمية كذلك ،لأن الإنسان يهرب من الأباعد أولا ،ويلتصق بأعز أقاربه ،ولهذا تقدم الأخ نحو المبني عليه بحسب الأهمية المعنوية ،لأنه أبعدهم ،وتأخر الولد والزوجة بسبب ضعف منزلة المعنى مع المبني عليه ، لأنهم آخر من يفر منهم، فهم أعز أقاربه .وبهذا يتضح أن اللغة تقوم على الأهمية المعنوية ، وأن الإنسان يتحدث بمستويات تحت رعاية الاحتياج المعنوي في الأصل وفي العدول عن الأصل .