تمايز معنى التراكيب في إطار الرتبة
تقوم اللغة على الاحتياج المعنوي والأهمية المعنوية ، والإنسان يتحدث بمستويات متعددة وبلغات متعددة تحت رعاية الاحتياج المعنوي غالبا واللفظي نادرا مع علامات أمن اللبس ليكون بعيدا عن اللبس والتناقض وهو غاية كل لغة من لغات العالم كما هو الحال في هذين التركيبين اللذين يتمايزان من حيث المعنى في إطار الرتبة ،نظرا لتغير منزلة المعنى بين أجزاء التركيب:
قال تعالـى{لَقَدْ وُعِدْنَا هَذَا نَحْنُ وَآبَاؤُنَا }
وقال تعالى {لَقَدْ وُعِدْنَا نَحْنُ وَآبَاؤُنَا هذا }
في التركيب الأول تقدم يوم البعث على المبعوثين وارتبط بالفعل أولا برابط الأهمية المعنوية لأن التركيز منصب عليه ، وليرتبط الوعد مع يوم الوعيد وهو يوم البعث ،فالذي وُعِدوه هو يوم البعث ،وأهمية البعث مرتفعة بينما أهمية المبعوثين منخفضة ، أما في التركيب الثاني فقد تقدم المبعوث على يوم البعث نحو الفعل ،ليرتبط معه برابط الاحتياج المعنوي ،وليرتبط الوعد مع الموعودين بالبعث ، فالذين وُعِدوا هم المبعوثون ، والأهمية لهم لا ليوم البعث ، واختلاف منزلة المعنى بين أجزاء التركيب تؤدي إلى اختلاف المعنى واختلاف درجة التركيز وتسليط الأضواء على هذا أو ذاك ،لأنه ينتقل من منطقة الظلام إلى منطقة النور ، والمتقدم في المنزلة والمكانة متقدم في الموقع والمتأخر في المنزلة والمكانة متأخر في الموقع كذلك .
وهذا يعني أن اللغة تقوم على الاحتياج المعنوي وأن الإنسان يتحدث تحت رعاية الأهمية المعنوية وعلامات أمن اللبس ،وأن منزلة المعنى هي الضابط والمعيار في تمايز معنى التراكيب .