تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: الحجة على استحالة رؤية النبي يقظة

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jun 2014
    المشاركات
    4

    Lightbulb الحجة على استحالة رؤية النبي يقظة

    مقدمة:
    حضرت مؤخرا في مجلس بمناسبة عقيقة. و دار الحديث حول السياسة و الدين، فحكيت للحضور هاته القصة الغريبة و لكن حقيقية. و هي حول رؤية النبي صلى الله عليه و سلم يقظة لمهندس من مدينة القنيطرة و هو من أتباع جماعة عبد السلام ياسين.
    و هاته القصة سمعتها بالصوت و الصورة من المهندس مباشرة من موقع جماعة العدل و الإحسان على الأنترنت في يوم من أيام الأحد و ذلك من بضع سنوات. و هي كالتالي:
    المشهد بدأ بخطبة الشيخ عبد السلام ياسين في أصحابه الحاضرين و الذين يتتبعونه عبر الأنترنت. و في حديثه حول البشائر التي يرونها أتباعه ذكر الشيخ ما وقع للمهندس من كرامة رؤية النبي صلى الله عليه و سلم يقظة. ثم طلب من المهندس (الذي كان حاضرا) أن يحكي "كرامته". تكلم المهندس بصوت جد متأثر و قال أنه ما كاد أن ينهي صلاة العصر حتى ظهر له رسول الله صلى الله عليه و سلم يقظة.
    فلمى انتهى المهندس، قال الشيخ عبد السلام ياسين : هذا أمر لا غرابة فيه، و إن كل من ينضم إلينا (أي للجماعة) نعطيه أذكارا و أورادا يواظب عليها و بعد زمن قصير يرى رسول الله صلى الله عليه و سلم يقظة.
    بعدما أنهيت سرد القصة للحاضرين بمناسبة العقيقة، أبديت استيائي من تصريح الشيخ ياسين، فصاح في وجهي صاحب العقيقة و هو يتنفض غضبا :
    "و أنت ما شأنك و ما أدراك ! الرؤية يقظة أمر ثابت بالعلم !! " و هذا الشاب أعهده هادئ الطبع، و على جانب من الأدب، و جلي أنه فقد صوابه لإنكاري على ما قاله الشيخ عبد السلام ياسين.
    فبدى لي واجبي في تغيير المنكر في هاته المسألة الخطيرة على عقيدتنا و ديننا. فما زالت الأمة الإسلامية تعاني من فساد العقيدة و التفرقة بسبب الأحاديث المكذوبة على رسول الله صلى الله عليه و سلم، فأصبح فينا شيعة و فرق و نحل. و عندما ضبط العلماء بعض الوضاعين للحديث، اعتذروا بأنهم "يكذبون على رسول الله، لرسول الله صلى الله عليه و سلم". يا للعجب!!
    فكيف بنا إذا تغاضينا على من يزعم أنه يرى النبي يقظة و يصحح عنه الحديث الموضوع و يأخذ منه أوامر جديدة و عبادة جديدة، فتلزم من يتبعه. و كل هذا قد حصل و ما زال يحصل. و الله أنزل في القرآن " الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا " (المائدة 3).
    ولم ينزل بعد هاته الآية تشريع، و توفي رسول الله صلى الله عليه و سلم 81 يوما بعد نزولها.
    هذا، و أشهد الله بأن ليس لي حزازات و لا حسابات مع جماعة العدل و الإحسان و لا شيخها رحمه الله. بل أشاطرهم الهدف الأسمى و هو إحياء الدين و العمل به. و لكن لا أشاطرهم الوسيلة و لا سيما إذا كانت من البدع. و لا حاجة لهاته "المبشرات" لجمع الناس حول هذا الهدف السامي. و لنتذكر ما عاناه رسول الله صلى الله عليه و سلم و أصحابه في نشر الدعوة. و لنتدبر كلام الله في هاته الآيات:
    أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (سُورَةِ الْعَنْكَبُوت 2)ِ

    أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ (البقرة 214)


    ادعى الكثير من الناس رؤية رسول الله صلى الله عليه و سلم يقظة بعد موته. و بعضهم ادعى تصحيح الحديث الشريف عنه، و آخرون استعملوا ذلك لأغراض و أهداف أخرى.
    رؤية رسول الله صلى الله عليه و سلم يقظة بعد موته، لم يتحقق لأفضل الناس هم الصحابة. كم اشتاقوا إليه، و كم احتاجوا إليه في قضايا تهم الأمة، اختلفوا فيها، ثم اجتهدوا و جمعوا رأيهم، و لم يقول أحد منهم رأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقظة (و حتى مناما) و قال لي افعلوا كذا و كذا.
    مع أن رؤيته مناما حق. و قد كانوا يرونه مناما. قال الإمام أحمد رحمه الله في مسنده :حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا الْمُثَنَّي، قَالَ:
    سَمِعْتُ أَنَسًا يَقُولُ: " قَلَّ لَيْلَةٌ تَأْتِي عَلَيَّ إِلَّا وَأَنَا أَرَى فِيهَا خَلِيلِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " ، وَأَنَسٌ يَقُولُ ذَلِكَ وَتَدْمَعُ عَيْنَاهُ (رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ).
    فإن قال قائل : ربما رأوه يقظة و لم يتكلموا بذلك. الجواب هو أنه مستحيل بنص القرآن و كلام رسول الله صلى الله عليه و سلم وبيانه فيما يلي.

    الحجة على استحالة الرؤيا يقظة
    رؤية ميت يقظة بعد موته، أمر مستحيل في حق كل البشر بما فيهم رسول الله صلى الله عليه و سلم و سائر الأنبياء. و هذا قول جمهور العلماء المبنية على الحجج التالية :
    القرآن
    قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا (الكهف 110 )

    قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوه ُ وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ (فصلت 6)

    قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَرًا رَسُولًا (الإسراء 93)

    إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ (الزمر:30)
    في تفسير القرطبي

    وهو خطاب للنبي - صلى الله عليه وسلم - أخبره بموته وموتهم ، فاحتمل خمسة أوجه :
    [ أحدها ] أن يكون [ ص: 227 ] ذلك تحذيرا من الآخرة . [ الثاني ] أن يذكره حثا على العمل . [ الثالث ] أن يذكره توطئة للموت . [ الرابع ] لئلا يختلفوا في موته كما اختلفت الأمم في غيره ، حتى إن عمر - رضي الله عنه - لما أنكر موته احتج أبو بكر - رضي الله عنه - بهذه الآية فأمسك . [ الخامس ] ليعلمه أن الله تعالى قد سوى فيه بين خلقه مع تفاضلهم في غيره ، لتكثر فيه السلوة وتقل فيه الحسرة .
    و َمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ (آل عمران:144)
    في تفسير ابن كثير: و َمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ

    أي : له أسوة بهم في الرسالة وفي جواز القتل عليه .
    في تفسير الطبري

    وما محمد إلا رسول كبعض رسل الله الذين أرسلهم إلى خلقه، داعيا إلى الله وإلى طاعته ، الذين حين انقضت آجالهم ماتوا وقبضهم الله إليه . يقول جل ثناؤه:
    فمحمد صلى الله عليه وسلم إنما هو فيما الله به صانع من قبضه إليه عند انقضاء مدة أجله، كسائر رسله إلى خلقه الذين مضوا قبله ، وماتوا عند انقضاء مدة آجالهم
    في تفسير القرطبي

    فأعلم الله تعالى في هذه الآية أن الرسل ليست بباقية في قومها أبدا، وأنه يجب التمسك بما أتت به الرسل وإن فقد الرسول بموت أو قتل.

    وَ لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (سورة آل عمران 69)


    أخرج ابن كثير في تفسير هاته الآية حديث عَنْ جَابِرٍ قَالَ : قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ اللَّهَ أَحْيَا أَبَاكَ فَقَالَ لَهُ : تَمَنَّ عَلَيَّ ، فَقَالَ لَهُ : أُرَدُّ إِلَى الدُّنْيَا ، فَأُقْتَلُ مَرَّةً أُخْرَى ، فَقَالَ : إِنِّي قَضَيْتُ الْحُكْمَ أَنَّهُمْ إِلَيْهَا لَا يُرْجَعُونَ " رواه الْإِمَامُ أَحْمَدُ
    لا يوجد بيان لرسول الله صلى الله عليه و سلم بعد نزول هاته الآيات يستثني فيه طبيعة موته عن باقي الناس، فإذن تكون هاته الآيات من القرآن قاطعة الدلالة على أن موته صلى الله عليه و سلم كموت باقي الناس. و لا أحد من الناس يرى يقظة بعد موته، و هاته من خصائص طبيعة الموت؛ إذ لو رأى الناس أحدا يقظة بعد أن حسبوه ميتا، فسيعدوه حيا لم يمت بعد. إذ الرؤيا يقظة لبشر يكلم الناس و يكلمونه تعد فاصلا بين الحياة و الموت


    الحديث
    قوله صلى الله عليه و سلم : إنما أنا بشر مثلكم أنسى كما تنسون ، فإذا نسيت فذكروني . رواه البخاري ومسلم
    قَالَ عَبْدُ اللَّهِ : دَخَلْتُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يُوعَكُ ، فَوَضَعْتُ يَدِي عَلَيْهِ ، وَقُلْتُ : إِنَّكَ تُوعَكُ وَعْكًا شَدِيدًا ؟ قَالَ " إِنِّي أُوعَكُ كَمَا يُوعَكُ رَجُلَانِ مِنْكُمْ " ، قَالَ قُلْتُ ذَاكَ بِأَنَّ لَكَ أَجْرَيْنِ ؟ قَالَ " أَجَلْ ، مَا مِنْ مُؤْمِنٍ يُصِيبُهُ مَرَضٌ فَمَا سِوَاهُ إِلَّا حَطَّ اللَّهُ بِهِ خَطَايَاهُ ، كَمَا تَحُطُّ الشَّجَرَةُ وَرَقَهَا " مسند الإمام أحمد
    لا يوجد حديث عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يبين فيه أن طبيعته البشرية أو موته يختلف عن باقي الناس. بل إن الصحابة رضي الله عنهم، أقروا بموته بحجة الآيات القرآنية السالفة الذكر و التي تلاها عليهم أبو بكر الصديق حينئذ.
    كان الصحابة بالحاجة الضرورية لأخذ تعاليم رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمور شتى، وخلافات بينهم أدت إلى حروب و إراقة الدماء و لم يره أحدا يقظة قط.

    بيان

    ثم إني لا أتهم من يدعي رؤية رسول الله صلى الله عليه و سلم يقظة بتعمد الكذب. و لا شك أنه رأى صورة بشر، و لكن ليست صورته صلى الله عليه و سلم. ربما كانت لشيطان.
    إذ كل من ادعى رؤيته صلى الله عليه و سلم يقظة لم يسبق له أن رأى رسول الله صلى الله عليه و سلم في حياته، فهو إذن لا يعرفه.
    و تصور صورته صلى الله عليه و سلم من أحاديث الصحابة (في الشمائل المحمدية مثلا)، لا يمكن أن تكون إلا تخيلا. و لو طلبنا من مجموعة من الناس درست أوصافه، أن يرسم كل واحد صورته صلى الله عليه و سلم على الورق، لرسموا حتما صورا مختلفة كلا حسب تخيله الذهني.

    و بقي أن ننبه على أن كل من نسب إليه في الكتب أنه ادعى رؤية رسول الله صلى الله عليه و سلم يقظة، أنه ادعى حقيقة ذلك. فالكتب كانت تتناقل بالنسخ اليدوي، و يقع فيها إسقاطات و تحريف.
    هذا مثلا حال صاحب الطريقة التجانية، الذي تبرأ من كل ما يمكن أن ينسب إليه بقولته الشهيرة " إذا بلغكم عني أمر مخالف للشريعة فإني لم أقله، و إذا بلغكم عني أمر مطابق للشريعة فقد قلته " و الغريب أن أصحابه ينسبون إليه أنه لقي النبي صلى الله عليه و سلم و ضمن له دخول الجنة بلا حساب ولا عقاب لكل من له علاقة به، أو أحسن بخدمة له، أو من أخذ عنه ذكراً، ...
    و المتبصر يرى أن هذا لا يستقيم مع روح الشريعة. لأن رسول الله صلى الله عليه و سلم، لا يمكن أن يضمن هذا لأحد، فليس هو الذي يحاسب الناس يوم القيامة، بل الله. و قد صرح بذلك، فقال:
    " يَا فَاطِمَةُ بِنْتَ مُحَمَّدٍ ، اشْتَرِي نَفْسَكِ مِنَ النَّارِ فَإِنِّي لا أَمْلِكُ لَكِ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا ، يَا صَفِيَّةُ بِنْتَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ، يَا صَفِيَّةُ عَمَّةُ رَسُولِ اللَّهِ اشْتَرِي نَفْسَكِ مِنَ النَّارِ ، فَإِنِّي لا أَمْلِكُ لَكِ شَيْئًا ، يَا عَائِشَةُ ، اشْتَرِي نَفْسَكِ مِنَ النَّارِ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ ، يَا عَائِشَةُ لا يَرْجِعُ مِنْ عِنْدِكَ سَائِلٌ وَلَوْ بِظِلْفٍ مُحْرَقٍ
    ثم إن هذا لا يستقيم مع نص القرآن: وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ (البقرة 124)
    ******************************
    هذا و من أراد المزيد من الحجة أتيناه بها، و اللهم، أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلا ووفقنا لاجتنابه ، ولا تجعله ملتبسا علينا فنضل ، واجعلنا للمتقين إماما.

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,804

    افتراضي رد: الحجة على استحالة رؤية النبي يقظة

    عدم رؤية النبي صلى الله عليه وسلم يقظة أمر أجمع عليه العقلاء والعلماء ، إلا من طمس الله قلبه ، وأعمى بصيرته ممن يدعي رؤيته يقظة من غلاة المتصوفة الجهلة .

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •